أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - الإصلاح يحتاج يد صارمة و تفويض شعبي















المزيد.....

الإصلاح يحتاج يد صارمة و تفويض شعبي


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2008 - 2007 / 8 / 15 - 11:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عندما أشبه مصر اليوم بالدولة العثمانية في أطوارها الأخيرة، و ما أصابها من ضعف، و ما نخر في عظامها من فساد وصل إلى النخاع، و لم يعد يجدي في علاجه سوى البتر، فإنني لا أعاكس الحقيقة، ففي كل أمر أتخذه مجالاً للمقارنة، أجد هذا التطابق المريع، مع حفظ الفارق - لصالح الدولة العثمانية بالطبع – عند المقارنة، حتى في مرحلة ضعفها و شيخوختها.
المشكلة هي أن هذا النمط من الأنظمة يتعايش مع الفساد، تعايش يسمح بإستمرار النظام، و الذي يصبح فيه الفساد جزء من بنيان النظام، إنه التعايش بين الجرثومة و الجسد، في شكل يسمح بحياة الإثنين، فلا الجرثومة تقضي على المريض، و لا المريض – أو النظام – قادر على القضاء على الجرثومة – أي الفساد، و تصبح العملية أشبه بعلاقة التعايش غير العدواني بين الطرفين، أو حتى التكافل و تبادل المصالح، فيبقى بموجبها الطرفان على قيد الحياة، و إن أُنهك جسد العائل، و أصبح مريضاً مزمنا لا رجاء فيه، كما كانت الدولة العثمانية رجل أوروبا المريض، و ظلت على هذا الحال من الضعف و الشلل حتى تقوضت، و بالمثل أصبحت مصر رجل الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و أفريقيا و البحر المتوسط المريض.
الحال في مصر في الوقت الراهن لا يختلف عن الوضع الداخلي في الدولة العثمانية في أيامها الأخيرة، فالحديث عن تغلغل الفساد بكافة أشكالة، من وساطة و محسوبية و رشاوي و عمولات غير مشروعة… ألخ، على كافة المستويات، أصبح الحديث عنها حديث من زائد القول و مكرره، الدافع لدي إذا للحديث، هو ما أستجده نظام آل مبارك، في سياسته التربوية الجديدة، مع الأجيال الغضة الناشئة، من الجامعيين، ممن هم في سن الآمال العريضة، و الحماس المتدفق، و إعتناق المثاليات كالوطنية الحارة و الحب الفياض لمصر و تمني الخير لشعبها، و الإيمان المطلق بالعدالة، و اليقين الذي لا يتزعزع في أهمية الشفافية و تكافؤ الفرص، و محاولة تطبيق تلك المثاليات في المجتمع، النظام الفاسد الحالي يدرك خطورة إستمرار الشباب في إعتناق تلك المثاليات التي يفتقدها النظام، و لا يبشر الوريث بأنه سوف يتبناها في عهده، لهذا فكان من الضروري تدميرها، بتلقين الشباب أهمية التعايش مع الفساد، ليصبحوا فيما بعد فاسدين مثلهم مثل غيرهم، و لا يصبح حد أحسن من حد، كما يقول المثل الشعبي، و كل من على رأسه بطحة يتحسسها.
اللقاء الذي عقده أسامة الباز - مستشار السوء و أحد أعضاء الحلقة الضيقة المحيطة بالسلطان مبارك العثماني منذ أكثر من ربع قرن - مع طالبات جامعات العالم الإسلامي بالأسكندرية هذا الشهر، أغسطس 2007، هو مثال ممتاز يوضح بجلاء السياسة التربوية للدولة المباركية، فبلا أدنى حياء تفضل سيادته بتلقين الطالبات، و بعضهن من خارج مصر - و كأنه لم يسمع بقول: إذا بُليتم بإستتروا - ضرورة التعايش مع الواسطة ، التي تعد أحد أشكال الفساد الأكثر شيوعاً في مصر، و الأكثر لمساً من أفراد الشعب، فليس كل أفراد الشعب تابعوا البنوك و هي تنهب، و لا الرشاوي بالملايين و هي تدفع، كتلك التي دفعت في وزارة الثقافة.
سيادته تفضل بالقول، و بكل ثقة و بجاحة: أن نظام العمل في البلاد قائم على الواسطة منذ زمن بعيد، و إنه لا سبيل لمنع الواسطة بالكامل. على إن سيادته أراد تخفيف وقع كلمات درسه الأخلاقي و التربوي، ربما لأنه شاهد نظرات تتراوح بين الذهول و الغضب في عيون الطالبات، فأردف ملاحظاً ضرورة التقليل من أثارها - أي الواسطة - لخطورتها على المجتمع.
حسن فعل مستشار السوء الأستاذ أسامة الباز حين إعترف بخطورتها على المجتمع، و لكن تظل هذه الملاحظة العابرة، بضرورة تقليل أثار الواسطة، دون إستئصالها، لا شيء، لأن لا علاج لمثل تلك الأفة، و غيرها، سوى الإستئصال، و لا مجال للتحجج بأنها عادة قديمة تأصلت في مجتمع العمل المصري، فالفساد من الممكن إستئصاله، فقط الأمر يحتاج إلى نية صادقة صافية، و يد قوية، و عزيمة لا تلين، و كل هذا لا يمكن أن يتوافر دون الإستناد إلى تفويض شعبي، أي دعم شعبي يحظى به النظام الذي يريد إستئصال الفساد.
الأنظمة الضعيفة - كما ذكرت سابقاً في مقال بعنوان: حتى في أزمة الدواجن إبحث عن الديمقراطية الغائبة - هي فقط التي لا تستطيع أن تتخذ إجراءات صارمة حتى لو كانت تلك الإجراءات لصالح شعوبها، لأن الكثير من تلك الإجراءات الضرورية، على سبيل المثال، لإستئصال الفساد أو حتى التعامل مع بعض الكوارث الطارئة، مثل فيروس أنفلونزا الطيور في مصر، تستلزم إجراءات صارمة غير محبوبة من الذين ستمسهم، و إن كانت ستنفع المجتمع ككل، و ربما حتى المضرورين من تلك الإجراءات.
فمثلاً في سبيل القضاء على إنفلونزا الطيور كان، و لازال من الواجب، إستئصال كل الطيور في دائرة عشرة كيلومترات من مركز الإصابة المكتشفة، بما يعني ضرورة إجراء صارم غير محبوب من المربين و الأهالي، و أيضا توفير سيولة نقدية للتعويض المادي، و كلاهما القدرة على إتخاذ إجراء صارم قد يتسبب في غضب شعبي، و كذلك توفير سيولة مالية لتعويض المتضررين، التعويض العادل، لا يتوافران، لضعف النظام و لفساده.
بالمثل القضاء على ظاهرة إحتلال أبناء أعضاء هيئة التدريس في الجامعات لوظائف التعيين في سلك أعضاء هيئات التدريس الجامعية، سوف يغضب الأساتذة، و النظام الحالي قائم على فكرة تقاسم المنافع بين الفاسدين، فالأساتذة عليهم تنفيذ سياسة النظام في إلهاء الطلاب عن متابعة الحياة السياسة المصرية، و النظام عليه غض الطرف عن فساد أعضاء هيئة التدريس و محاباتهم لأولادهم و ذوي قرباهم، و حفظهم وظائف الأباء للأبناء، حتى لو كانوا غير أكفاء، فالنظام الحالي ذاته يسعى لحفظ وظيفة الأب للإبن، ليرثها من بعده، بعد أن شاركه فيها لحوالي عقد من الزمن.
الإصلاح يحتاج ليد قوية، و تلك اليد تحتاج التفويض الشعبي، كما ذكرت سابقاً، و النظام الحالي بشقيه يفتقد لهذا التفويض النابع من رضا الشعب المصري عنه، لهذا فهو نظام ضعيف، و لهذا فعلى الشباب المصري، الذي لازال يعتنق المثاليات، و يؤمن بضرورة تطبيقها في مصر، و يأمل في مصير أخر لمصرنا غير هذا التي هي صائرة له، ويطمح في مستقبل أفضل له و لذريته، أن يكف عن إلقاء أي أمل على عاتق النظام الحالي، و ملحقه الذي يعدونه لوراثة مصر العزبة، ليصلح من ذاته، فالفساد جرثومة إستفحلت في مصرنا بعد أن وفر لها النظام الحالي بيئة مناسبة صالحة للتكاثر و الإستفحال، حتى وصلت الحالة إلى ضرورة التدخل الجراحي لو شئنا العلاج الفعال، و التدخل الجراحي هو الثورة على هذا النظام، و يكفي ما أصاب مصر في عهده من كوارث، التي ستحتاج إلى مجهودات جبارة لإصلاحها، قبل التفكير في الإنطلاق للأمام.
شباب مصر إذاً أردنا أن نلحق بالعالم الذي يقفز - و لا أقول يجري و يلهث - من حولنا، فلا مفر من ثورة شعبية هائلة، تقوض هذا النظام من أساسه، و تعطي النظام القادم تفويض للإصلاح، يجعله قادر على إتخاذ الإجراءات الكفيلة بالعلاج، حتى لو كان في بعض تلك الإجراءات ألم للبعض من المستفيدين من الفساد الحالي، لكنه على أي حال ألم سينفع المجموع في نهاية المطاف.
لازلت أكرر، و سوف أكرر، و لن أمل من تكرار: لا مفر من الثورة، و كفى نداءات و آمال سرابية، و تعليل للنفوس في حلول تتفادى الثورة، فلا علاج لحالتنا إلا بالثورة الشعبية السلمية.



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الفاطمية، هذه هي الحقيقة
- لأنني أريد نتيجة و أرفض الوصاية و لا أخشى المنافسة
- و هكذا الإحتلال أيضا يا ناظر العزبة
- فوز حزب العدالة التركي مسمار في نعش آل مبارك علينا إستثماره
- لقد كان نضال وطني و ليس مجرد خلاف فقهي
- إقتحموا الحدود، فالبشر قبل الحدود
- مستثمر رئيسي أم لص شريك؟؟؟
- رسالة إلى حماس، نريد القصاص من هؤلاء المجرمين
- مشروع الهيئة المصرية الأهلية للعدالة
- يوم و نصب المعتقل المصري المجهول
- يوم و نصب المعتقل المجهول
- إضرابات بدون هدف و تنظيم، لا شيء
- مصر ليست أحادية الإنتماء
- الإنقلاب العسكري المصري القادم، أسبابه و مبرراته
- حمر عيناك، تأخذ حقوقك
- حد السرقة في الفقه السعودي
- السيد أحمد فؤاد و السيد سيمون
- ضجة رضاع الكبير فرصة لإحياء الإسلام
- مواطنون لا غزاة
- معالم النهاية تتضح


المزيد.....




- الأردن.. عيد ميلاد الأميرة رجوة وكم بلغت من العمر يثير تفاعل ...
- ضجة كاريكاتور -أردوغان على السرير- نشره وزير خارجية إسرائيل ...
- مصر.. فيديو طفل -عاد من الموت- في شبرا يشعل تفاعلا والداخلية ...
- الهولنديون يحتفلون بعيد ميلاد ملكهم عبر الإبحار في قنوات أمس ...
- البابا فرنسيس يزور البندقية بعد 7 أشهر من تجنب السفر
- قادة حماس.. بين بذل المهج وحملات التشهير!
- لواء فاطميون بأفغانستان.. مقاتلون ولاؤهم لإيران ويثيرون حفيظ ...
- -يعلم ما يقوله-.. إيلون ماسك يعلق على -تصريح قوي- لوزير خارج ...
- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - الإصلاح يحتاج يد صارمة و تفويض شعبي