أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - من بيلينسكي الى بيرجينسكي ، حذار من طبعة شيطانية لمعطف غوغول!















المزيد.....

من بيلينسكي الى بيرجينسكي ، حذار من طبعة شيطانية لمعطف غوغول!


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 2008 - 2007 / 8 / 15 - 11:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أفترض ، وهو أمر محتمل ومشروع ، أن نقدآ شديدآ قد يوجه من قبل أحد القراء الكرام الى مقارناتي التي قد تبدو له غريبة أو حتى فجة من مثل مقارنتي ، أو بالأصح إقراني ، بوشكين بكونداليزارايس ، وأكاكي أكاكافيتش بطل قصة المعطف المسكين والمسالم بأحمدي نجاد السياسي المتهور والمندفع الى خيار الحرب وتأجيج الصراعات ومقارنات أخرى غيرها وردت وسوف ترد في مقالاتي عن غوغول.وحقيقة الأمر إني في كل ذلك أبحث عن الإيحاء الكامن والمغزى المستقبلي التخاطري خلف هذا الإقران وأنا في ذلك كمن يبحث عن أقلام وألوان ومواد أولية للرسم وليس الرسم بالمقام الأول حيث يأتي الأخير كتجريب وإختبار.يرى بيلينسكي أن الفن هو التفكير من خلال الصور.وما أحاوله هو إستخلاص مواد ، أدوات ، رؤى ، الوان ، رموز أستطيع بها رسم وتشكيل صور مركبة وذات أبعاد متداخلة ومتعددة تساعدني في فهم أكثر عمقآ لأحداث التاريخ وسيرها بل وامكانية التكهن بمصائرها وعواقبها.وزيادة في الإيضاح سألجأ الى أمثلة بالاشار عن الطبيعة التي تصنع أنماط أشكالها مسبقآ كأن نرى على ساحل البحر أنماطآ من الحصى تتطابق مع أعضاء الجسد الإنساني.إن التاريخ لا يختلف عن الطبيعة في ظاهراته وأنماط مفرداته من أحداث وشخوص ومخلفات وعمارة وفنون واداب حيث تشترك كل تلك الظاهرات والمفردات على اختلافها كونها من الماضي و الماضي يقع ويمتد على نفس الساحل الذي يمتد عليه الحاضر والمستقبل.
وبمناسبة ذكر الناقد الروسي الشهير المعاصر لغوغول بيلينسكي سأقرنه بعراب وفيلسوف السياسة الأمريكية بيرجينسكي.كان فيساريون بيلينسكي ناقدآ ديمقراطيآ ومفكرآ تقدميآ يقف على رأس جيل عظيم من الأدباء والمثقفين الروس الكبار وكان خارج حاشية قيصر روسيا الأوتوقراطية أما زبيغنيو بيرجينسكي فهو ضمن حاشية الرئاسة الأمريكية رغم انتقاداته الشديدة لسياسة بوش والجمهوريين وقلقه على مستقبل الولايات المتحدة ، ويشبه تشاؤم بيرجينسكي من العواقب الوخيمة لسياسات اليمين المحافظ الجمهوري ويعادل تفاؤل بيلينسكي بالإمكانيات الهائلة لجيل الليبراليين والديمقراطيين الروس لتغيير وقلب نظام القيصر الرجعي الإستبدادي. وبقدر ما يحذر بيرجينسكي الإدارة الأمريكية من حرب محتملة ضد ايران ، أي إكمال تسطير صفحات دموية من طبعة شيطانية امبريالية معاصرة لقصة المعطف ، بقدر ما كان بيلينسكي يمتدح ويحث غوغول على مواصلة ابداعاته بالإنحياز التام لقوى التغيير الديمقراطي وكان ينتقده بشدة لوقوعه تحت تأثير القوى والأوساط الرجعية الموالية لنظام القيصر. وبعد صدور كتاب غوغول ، مقاطع من مراسلات مع الأصدقاء ، الذي عكس أزمة غوغول النفسية ونزعته الموالية للكنيسة قدم بيلينسكي له نصحآ بالعودة الى الشعب كمنهل لإبداعه الفني وانتقد ما أسماه بأفكاره الشيطانية التصوفية و بعدها عن الواقع الروسي المثقل بالإقطاع والقنانة ولاجدواها. هذا التوازي في الموقع التاريخي والوظيفي الشكلي والظاهري بين بيلينسكي وبيرجينسكي يخفي إختلافآ جوهريآ بينهما في الموقف من حركة التاريخ والصراع الطبقي .
وبقدر ما يشير اسم الشاعر بوشكين الى مفهوم الحرية بأروع صورها يرتبط اسم كونداليزارايس ، الدارسة في روسيا والمتخصصة في شؤونها ، بالغربة القومية فقد كان بوشكين رمزأ للأمة الروسية رغم إنحداره من فئة النبلاء وكان فخورآ بجده لأمه ، الأمير الحبشي أبرام هنيبال ، في حين لا تمثل كونداليزا غير الوسط الطفيلي من بني جلدتها السود الذين تنكرت وتسترت على الإهمال المتعمد والعنصري الذي تعرضوا له من الإدارة الإتحادية في انقاذهم أو تقديم العون لهم إبان كارثة اعصار كاترينا.وكما ظهر الديسمبريون من تحت عباءة الحركة الديمقراطية الروسية كإتجاه متطرف مضاد للنظام الإستبدادي القيصري ظهر السبتمبريون ، جماعة أمير البترول بن لادن ، من عباءة اليمين الأمريكي الممثل لشركات البترول والصناعة العسكرية وبالذات من عائلة بوش.ويمكن مقارنة حجم الألم الذي كان بوشكين يشعر به تجاه فشل إنتفاضة الديسمبريين في 14 ديسمبر 1825 وقمعها من قبل السلطات القيصرية بمقدار حماسة كونداليزارايس وحثها وقيادتها للصقور البيض لشن الحرب على افغانستان. كونداليزا رايس هي ملهمة القلم الإمبريالي الدموي بقدر ما كان بوشكين مصدرآ لرؤوس أقلام النور لقصص غوغول .أما أحمدي نجاد ، الذي غالبآ ما يدعي محاربة الشيطان ، فهو في الحقيقة بسياسته المتطرفة جزء ومفردة مهمة من مفردات ومخططات هذا الشيطان نفسه وهذه القصة التي تعد طبعتها الدموية الظلامية خلف جدران البيت الأبيض.
نحن إذن إزاء حزمة لا يستهان بها من الرموز الغوغولية المفعمة بالنور تؤشر حزمة أخرى توازيها من رموز الظلام في عصرنا الإمبريالي الحالي تمكننا وتهدينا لرسم صورة مركبة وتفصيلية وبأبعاد زمنية توحد الماضي بالحاضر والمستقبل لمجرى سير أحداث التاريخ.ومع ذلك ثمة حاجة الى إجابة واضحة لجملة من الأسئلة تجعل الرؤية أكثر إشراقآ وفائدة من مثل طرح التساؤل عن مدى صواب نعت بيلينسكي لأفكار غوغول التي عبر عنها خلال إنشغاله بكتابة الجزء الثاني من روايته ، النفوس الميتة ، بالشيطانية.نحن بحاجة الى البحث عما يمكن تسميته بغوغول الشيطان ، غوغول التوفيقي ، غوغول السياسي ، المؤرخ الفاشل ، والمتفلسف الذي إنتقده بيلينسكي بشدة وطالبه بالعودة الى الفن المستمد من أعماق الشعب.ولأن مصطلح الشيطان هو مصطلح لاهوتي وله دلالات أخلاقية وعظية قد تبعدنا عن جوهر موضوع هذا البحث سأستبدله بمصطح اللاوعي فأقول هل كان لبيلينسكي الحق في التدخل لإدارة وتوجيه الصراع الداخلي عند غوغول ، هل كان يطالبه بإخضاع لاوعيه الكامن لصالح وعيه الظاهر المنتمي كلية للشعب والمستقبل ؟ لقد فشل غوغول ، على المستوى الشخصي ، في التوفيق بين قطبي الصراع في تفكيرة ، بين وعيه المتحرر والمتفائل والمنشد الى المستقبل وبين لاوعيه المحافظ والمتشائم والمنشد الى أعماق الماضي هذا الفشل الذي أدى الى موته المأساوي ، لكن ذلك الفشل أو الإحباط كان شخصيآ فعلى المستوى الإنساني يبدو الصراع في العالم مشابهآ للصراع في تفكير غوغول.لقد كان غوغول صورة مصغرة جنينية لعالمنا المعاصر.كان بحق شيطانآ ولكن بطريقة الأطفال الأبرياء ولذلك إستطاع إختزال العالم في شخصه وخلف لنا تراثآ مفعمآ برموز الضياء.وبمثل ما نقف له بإجلال نقف أيضآ بإجلال وحزن الى بطله الطيب المسالم أكاكافيتش وهو يقضي حياته مظلومآ وحيدآ ومتألمآ لضياع معطفه الجديد الأثير.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداحو المالكي وأشباهه عار على الثقافة العراقية
- الكلاب تشرب الشاي
- العمة كونداليزا تعزف لحن السلام وغيتس يوزع شيكولاتا الحرب عل ...
- عن السويد والشيخ الدكتور محمد العريفي وبعر الإبل
- دعوا الروهة ترقص بفرح
- كلمات للوطن في عيد رأس السنة الصابئية
- ديمقراطية الغاب وبارانويا العداء للغرب والولايات المتحدة
- مفاهيم و أصول مشتركة بين الأديان
- الدكتورة وفاء سلطان تكشف عن عمائم مخفية لبعض العلمانيين
- اللطم في ستوكهولم
- الى جلالة الملك عبد الله المحاكمة للقوي المتنفذ يوسف القرضا ...
- قراءة في مذكرات الشيخ حسن البنا ، عن الحرمان والحرام والحب ا ...
- عن المحاربة الباسلة وفاء سلطان والشيخ نهرو طنطاوي
- أيها المتملق الصغير للشاعر الكبير ، الشمس دائمآ تشرق من جبهة ...
- كلمات عن مشنقة صدام وخطاب ليوسف القرضاوي
- مات صدام ، مات الوحش وتحرر الزمن
- أسماء الله الحسنى من منظور ديالكتيكي
- الشيوعي الأول كان ذميآ ياسعدي يوسف
- أشياء منسية
- الكسندرا... ونهاية التاريخ


المزيد.....




- الجيش الأردني يصدر بيانا عن مسيرة محملة بالمتفجرات سقطت في م ...
- دبلوماسيون: محادثات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة وسط ت ...
- ترامب يلوّح بالقوة ونتنياهو يتحدث عن مفاجآت وشيكة... هل تقتر ...
- تخفيف الرقابة على تأشيرة الدراسة للأجانب في الولايات المتحدة ...
- حين تصطدم إيران بإسرائيل، العالم يختار كلماته بعناية
- رضائي: نقلنا اليورانيوم المخصب إلى أماكن آمنة
- بيسكوف: بوتين يحافظ على اتصالات مع إيران وإسرائيل
- الإسعاف الإسرائيلي يكشف حصيلة القتلى والجرحى جراء الهجمات ال ...
- إيران تصدر تحذيرا لإخلاء مقر القناة -14- العبرية في تل أبيب ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر بيانا حول اليوم السابع من المواجهة مع ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - من بيلينسكي الى بيرجينسكي ، حذار من طبعة شيطانية لمعطف غوغول!