أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - التوحّد- القسم الثاني -د















المزيد.....

التوحّد- القسم الثاني -د


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 1975 - 2007 / 7 / 13 - 11:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


AUTISM
أسباب التوحد .
في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي كانت نظرية التحليل النفسي ، والنظرية الدينامية ، من اكثر النظريات شيوعاً في تفسير اضطراب التوحد . وكان " كانر Kanner " - المكتشف الأول لهذه الإعاقة عام 1943 قد عزا سبب التوحد إلى مجموعة من العوامل النفسية في نطاق الأسرة تحديداً . وجاء " بتلهايم Bettlheim " ليحدد بان السبب يعود إلى ردود فعل ألام العصابية ، لاسيما في المراحل المبكرة لنمو الطفل (White Taker,1990). وعلى هذا الأساس توجه المعنيون بعلاج نفسي (Psychotherapy) للطفل ولوالديه ، يقوم على افتراض أن عائلة الطفل المتوحد يسودها اضطراب العلاقات الآسرية الوظيفية وغياب العلاقات العاطفية ، وعدم إشباع حاجة الطفل إلى الحب والحنان ، لاسيما دفء العلاقة بينه وأمه (Frame & Maston , 1987) . غير ان نتائج هذه المعالجات كانت مخيبة للآمال . وعلى الرغم من انه لم يظهر على الساحة أي بحث علمي ميداني يؤكد " أن الآهل هم سبب المشكلة " فان وجهة النظر هذه ما تزال موجودة . غير أن الاهتمام بالبحث عن عوامل أخرى تكون مسببه لتلك الإعاقة قد اخذ طريقاً آخر مختلفاً تماماً ، وأفضى إلى نتائج جديرة بالاعتبار نوجزها بالآتي :
1. العوامل الوراثية (الجينات هي السبب) .
تفيد نتائج الدراسات التي أجريت في العقدين الأخيرين بان للوراثة دوراً بوصفها عاملاً مسبباً للإصابة بالتوحد . ومع هذا ما يزال هنالك جدل بين العلماء المهتمين بالمشكلة ، يشككون في طبيعة هذا الدور بحجة انه حتى إذا كان لها دور ما فأن هذا الدور :
* إما انه لا يزيد عن كونه عاملاً ممهداً للإصابة .
* وبافتراض أن الوراثة قد تسبب إعاقة التوحد ، فان ذلك لا يمنع من وجود عوامل بيئية مسببة .
ولهذا اتجه العلماء إلى إجراء بحوث مستفيضة بهدف الوصول إلى عوامل اكثر تحديداً UCLA, 1989 , P. 113 - 132) في : جامعة الدول العربية ، 2001 ، ص13) ) Wieten , 2004 ) .
2. خلايا الدماغ وعوامل عصبية وعضوية .
يرى الباحثون في المعهد الوطني للصحة العقلية بالولايات المتحدة ، أن التوحد تسببه حالات شذوذ في تركيب أو وظيفة الدماغ . فمن المعروف أن دماغ الجنين يبدأ نموه بعدد قليل من الخلايا ثم تكبر وتنقسم حتى يصبح الدماغ يضم بلايين الخلايا المتخصصة ، تسمى الخلايا العصبية . ويكون الدماغ عند الولادة قد تطور إلى عضو معقد جداً له مناطق ظاهرة وأخرى فرعية متعددة ، ولكل واحدة منها مجموعة دقيقة من الوظائف والمسؤوليات .
ولا يتوقف نمو الدماغ عند الولادة ، بل يستمر في التغيير أثناء السنوات القليلة الأولى من الحياة ، وتنشط مرسلات عصبية جديدة ، وتنشأ خطوط اتصال إضافية ، وتقوم الشبكات العصبية المعقدة بتشكيل وخلق أساس لعمليات اللغة والتفكير والمشاعر .
ويضع الباحثون احتمالات بنشوء مشكلات تنجم عن هذا التطور النوعي والكمي المعقد للدماغ الذي يحتوي - كا قلنا - بلايين الخلايا . كأن تذهب بعض الخلايا إلى أماكن أو مواقع خاطئة في الدماغ ، أو عطل يصيب المسالك العصبية (Neural Pathways) ، أو خلل في المرسلات أو النواقل العصبية (Neuro Transmitters) التي تمرر الإشارة من خلية عصبية إلى أخرى .
ولهذا يعكف الباحثون على تحري العيوب الكامنة التي يمكن أن تحدث في أثناء عملية نمو الدماغ في مراحله الأولى ، فيما يعكف آخرون على دراسة العلل والأمراض في أدمغة الناس المشخصين سابقاً بأنهم مصابون بالتوحد . ويعكف فريق ثالث على دراسة " الجهاز الطرفي Limbic System) (وهو المسؤول عن الانفعالات) ، وما إذا كانت بعض مكوناته " اللوزه مثلاً Amygdala " فيها خلل أو تلف ، وينشغل آخرون بدراسة العوامل الكيميائية مثل زيادة " السيروتونين " في دم أطفال التوحد .
وعموماً فان هنالك اهتماماً متزايداً بخصوص احتمالية أن يكون سبب التوحد يعود إلى خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي . غير أن العامل المسبب (خلية ، مجموعة خلايا ، مسالك عصبية ، مرسلات ومستقبلات عصبية ، عضو أو موقع معين في الدماغ...) لم يتم تحديده بعد بدقة ، على الرغم من وجود نتائج فحص طبي بالأشعة أو الرنين المغناطيسي تفيد بان أطفال التوحد يعانون من تضخم في سمك طبقة قشرة المخ (Cortex) ووجود خلل في حركة خلايا المخ في الشهور الستة الأولى من مرحلة الحمل . ووجود خلل أو إصابة في نسيج مركز ساق المخ (Stem) ، الذي يتحكم ويسيطر على استقبال عمليات الاستثارة والانتباه والنوم ,Rimland,1995,Gillbert et al,1992) Helgin & Whitbourne 2003).
3. ظروف الحمل .
تفيد الدراسات بان الكثير من حالات التوحد تكون ألام فيها قد تعرضت إلى الإصابة بالحصبة الألمانية في أثناء الحمل ، أو حالة من حالات قصور التمثيل (Metabolic) ، أو عانت من تعقيدات أخرى في أثناء الحمل وقبل الولادة اكثر بكثير من الأطفال الأسوياء ، أو غيرهم ممن يعانون من إعاقات أخرى . ويؤكد كثير من الأطباء الاختصاصيين تأثير تلك التعقيدات بوصفها سبباً لاعاقة التوحد ، لاسيما تلك التي تحدث خلال الشهور الثلاثة الأولى من الحمل .
وتوصل ثلاثة من العلماء إلى وجود تشوه أو زيادة في سمك طبقة القشرة المحيطة بالمخ (Cortex) . وعزوا ذلك إلى ظروف غير مناسبة حدثت للام الحامل خلال الشهور الستة الأولى من حملها ، من بينها :
- إصابة ألام في أثناء الحمل بحادث اقتضى علاجاً طبياً من أسبوع إلى أسبوعين في الأقل .
- عانت الأم من إرهاق أو هبوط مصحوب بنزيف بعد الشهر الثالث من الحمل .
- عانت الأم من دوخة (دوار) شديدة مع قيء بعد الشهر الثالث من الحمل .
- حدوث رشح شامل في الرحم .
- تعرضها للإصابة بأمراض فيروسية مثل الحصبة الألمانية (Barley Philips & Rutter , 1996) .
وخلاصة القول، فانه لا يوجد سبب مفرد محدد لاضطراب التوحد. غير أن وجهة النظر المرجحة الآن تعزو السبب إلى وجود خلل عضوي في مكان ما أو عملية ما في الجهاز العصبي المركزي . قد يكون بفعل موروثات " جينات " معينة ، أو تشوهات أو تعقيدات تعرض لها الطفل في مرحلة تكوينه جنيناً، أو في أثناء الولادة، أو خلل في المرسلات والمستقبلات العصبية ، أو في عوامل كيميائية عصبية .
ومع أن النظريات القديمة قد تخلى عنها معظم المعنيين بالتوحد، إلا أن التفكك الأسرى ( هجر الأب للام والعكس ، أو الطلاق ) لاسيما قبل أن يبلغ الطفل الثالثة من العمر. وكذلك تجاهل ألام لطفلها أو نبذها وعقابها الشديد والمستمر له ، وعدم تشجيعه على النطق واستعمال اللغة بشكل صحيح ، أو تخجيله أو السخرية منه عندما ينطق بشكل غير سليم ، يمكن أن تؤدي، من ثم ، إلى عدم تعلم الطفل لمهارات التواصل وتكوين العلاقات بالآخرين . مما يعني أن العوامل التكوينية (البيولوجية) والعوامل النفسية تتفاعل فيما بينها فينجم عنها اضطراب التوحد .
هذا وترى جميع النظريات الحديثة في التوحد على أنه ناجم عن عوامل بيولوجية ، من بينها الاستعداد الوراثي ( الجيني) ، والشذوذ الكروموسومي ( لا سيما الكروموسوم 15 ، أو عدد وتركيب الهرمونات الجنسية ، أو ضعف أو نقص عصبي _نيورولوجي- أو عدم توازن في السيروتونين والنيوروبنفرين.(Nolen-Hoeksema , 2001 ,P. 450 , Helgin & Whitbourne , 2003 , P .374)
- علاج التوحد :
بما أن العلم لم يصل بعد - رغم تأسيس مراكز عالمية وعربية خاصة بالتوحد - إلى تحديد دقيق للعوامل المسببه للتوحد ، ما إذا كانت وراثية جينية أو بيئية أو ... فأن علاجه الشافي الكافي غير موجود طبعاً . ولهذا يعد التوحد من أشد الإعاقات التي تبدأ مع ميلاد الطفل وتستمر حتى مماته ، ولا يتخلص أو يشفى منها إلا نسبة ضئيلة لا تتعدى (7%) في أحسن الأحوال وممن لديهم ذكاء عادي أو عالي وقدرة على التواصل اللغوي ، وتوافر الفرصة لدخولهم في برامج التأهيل .
ومن المعالجات الأساسية المعتمدة في برامج التأهيل التربوي للمصابين بالتوحد :
1. تعديل السلوك ، على وفق إستراتيجيات تعليم قائمة على التعزيز .
2. علاج النطق واللغة .
3. التواصل البصري والتدريب السمعي .
4. العلاج بالموسيقى والاسترخاء .
5. التشجيع على إقامة علاقات شخصية .
6. التفريغ الانفعالي للطفل .
7. التغذية والدواء المناسب .
8. تعليم الطفل مهارات سلوكية حياتية من قبيل : عبور الشارع بأمان ، شراء حاجات معينة .
ويتطلب هذا العلاج تضافر جهود العاملين في مراكز التوحد ، لاسيما المعلمين والمعلمات الذين ينبغي أن يتصفوا بالصبر والقدرة على تحمل أطفال متعبين في تصرفاتهم ، مع جهود أسر هؤلاء الأطفال ، الذين هم ضحية سبب ما زال العلم يجهله ، وقد لا يعرفه على وجه اليقين في المستقبل المنظور .




المصادر :
- جامعة الدول العربية ، الأمانة العامة (2001) . الحلقة النقاشية حول التوحد (المفهوم - التشخيص - التدخل) ، الشارقة من 5-7 يونيو 2001 ، الأمارات العربية المتحدة ، العمل والشؤون الأجتماعية .
- يحيى، خولة أحمد (2000) . الإضطرابات السلوكية والأنفعالية. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن .
- APA. (1994). Diagnosis and Statistical Manual of Mental Disorders (DSM 4) , Washingtion , D. C .
- Barley , A. ; phelips , W. & Rutter , M. (1996) . autism : Towardsan integration of clinical-genetic and nurobiological persepective. Journal of Child Psychology and Psychiatry , 37 , PP. 89-126 .
- Frame , C. L. & Maston , J. L. (1987) . Handbook of assessment in childhood of Psychpoathology . New York , Plenum Press .
- Helgin , R.R. & Whitbourne ,K. (2003) . Abnormal Psychology . McGraw-Hill .
- Howlin , P. (1998) . Children with Autism and Asperger Syndrom : a guide for practitioners and carers. New York : Weinhein , John Wiley .
- Metson , J. (1981) . Autism in children and adults. Anisona , The American Center of Autism .
- National Autistic Society (1997) . Approaches to Autism . London , N. A. S., Press.
- N0len-Hoeksema , S . (2001) . Abnormal Psychology . McGraw –Hill .
- Rimland , B. (1995) . Sensory integration therapy autism research , Review 1 (2) 5 .
-Weiten ,W . (2004) . Psychology . McGraw-Hill.





#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوحّد- القسم الاول
- لماذا يحصل هذا للعراق والعراقيين ؟!
- أستاذ ( مجنون ) يحصل على جائزة نوبل !
- العراقيون ..وسيكولوجية الاحتماء
- الرهاب ( الخوف المرضي )
- الاضطرابات النفسية الجسمية ( السيكوسوماتك )
- لسيكولوجية الفتنه...قوانين !
- العربي..والهوس بالسلطة
- العرب .. أكثر المجتمعات تعرضا- للاصابه بالشيزوفرينيا
- الحول الإدراكي...في العقل العربي
- أحقا... أننا خير أمّة ؟
- روح فهمّه للديج!
- الهوس والاكتئاب
- الاضطرابات الانشطارية ( التفككية ) أو ( التفارقية )
- فلسفة التعليم العالي في العراق وأهدافه إشكاليات وأفكار
- لو تكاشفتم ...ما تدافنتم !
- الانتحار...أسبابه ... ومشاهير انتحروا
- الانتحار...حوادثه وأساطير عنه وحقائق..-القسم الأول -
- اللهّم عجّرم نساءنا !
- اضطرابات التفكير


المزيد.....




- منها شطيرة -الفتى الفقير-..6 شطائر شهية يجب عليك تجربتها
- ترامب يرد على أنباء بدء محادثات سلام مع إيران ويؤكد: نريد -ن ...
- في حالة الحرب.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟
- هل سمعت عن مباراة كرة قدم انتهت نتيجتها بـ 149 هدفاً مقابل ل ...
- خامس يوم في معركة كسر العظم بين إسرائيل وإيران وواشنطن تدخل ...
- أوروبا الشرقية تستعد للأسوأ: مستشفيات تحت الأرض وتدريبات شام ...
- طهران وتل أبيب تحت القصف مجددا ـ وترامب يطالب إيران بـ-الرضو ...
- هل حقا إيران قريبة من امتلاك القنبلة نووية؟
- ارتفاع عدد الضحايا.. هجوم إسرائيلي دام على منتظري المساعدات ...
- كاتس يحذر خامنئي: تذكر مصير الدكتاتور في الدولة المجاورة!


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - التوحّد- القسم الثاني -د