أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حسقيل قوجمان - ترك الحزب الشيوعي المنحرف ام العمل على استعادته؟















المزيد.....


ترك الحزب الشيوعي المنحرف ام العمل على استعادته؟


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1961 - 2007 / 6 / 29 - 11:44
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    



قرأت امس البيان الذي اصدرته مجموعة من اعضاء الحزب الشيوعي العراقي بتوقيع "اللقاء الشيوعي العراقي" في موقع البديل مع تعليق لادارة البديل تدل على انها تؤيد ما جاء في البيان، فأثار في الكثير من الذكريات والافكار بحيث لم استطع النوم فبادرت صباح اليوم الى كتابة هذا المقال وارجو ان يكون ذا فائدة للقراء الاعزاء وخصوصا لاعضاء الحزب الشيوعي المتمسكين بتراث فهد وبسياسة فهد وبمبادئ فهد وبحزب فهد.
لم يكن هذا البيان هو الاول الذي صدر مؤخرا حول الموضوع. فقد قرأت قبل حوالى اسبوعين عن مجموعة من اعضاء الحزب كونوا جماعة للاشتراك في مقاومة الاحتلال وقرأت تكذيب القيادة لوجود مثل هذه الفئة ولوجود انشقاق في الحزب. وانا عاكف على قراءة مقالة ارا خاجادور المكونة من عشر حلقات لاني لم استطع قراءتها في موعدها لاسباب مرضية. ويبدو ان ارا يتحدث باسم جماعة ولا يتكلم بصفته الشخصية اذ دائما يتحدث بلغة الجمع ويقول نحن نعتقد او نحن نعمل وهكذا. وحتى الكثير من كتاب الحوار المتمدن يكتبون عن استيائهم من قيادة الحزب الحالية وعن انتهازيتها وانحرافها ويشجبون انحياز قيادة الحزب الى الاحتلال ودخول ما يسمى العملية السياسية التي بدأت في عهد مجلس الحكم حيث دخل سكرتير الحزب الشيوعي مجلس الحكم لا بصفته سكرتير الحزب الشيوعي وانما بصفته العضو الثالث عشر في المجموعة الشيعية في مجلس الحكم وبذلك رجح كفة الشيعة على مجموعة السنة بكونه العضو الشيعي الثالث عشر. وكل هذه الجماعات وحتى الافراد تجمع على ان قيادة الحزب الحالية قيادة منحرفة تحريفية انتهازية بعيدة عن كل صفات الشيوعية وغير ذلك. ولكن الصفة التي تجمعهم جميعا هي انهم باقون في الحزب ومتمسكون به ويناضلون من اجل تغيير القيادة واستعادة الحزب الشيوعي العراقي او حزب فهد ومكانته التي حازها بجدارة تحت قيادة فهد. وحتى سعاد خيري في مقالاتها وفي نقاشاتنا الشفهية لدى التقائنا تحمل نفس الفكرة وحتى شوكت خزندار كتب في احدى مقالاته نفس الفكرة، فكرة تمسكه بالحزب وباستعادته بعد ازاحة او تغيير قيادته الانتهازية. وهذا ما حفزني الى كتابة هذا المقال.
يجمع كل هؤلاء على ان القيادة الحالية للحزب الشيوعي العراقي هي قيادة منحرفة ولكنهم يختلفون في تحديد موعد بداية هذا الانحراف او اكتماله. هل كانت البداية الجبهة الوطنية قبل ثورة تموز ام كانت ثورة تموز ام مؤامرة الشواف في الموصل ام خط اب الذي قرر حل الحزب ام الجبهة القومية التقدمية مع حكومة صدام الفاشية ام فضيحة بشت اشان ام عودة الحزب الى التحالف مع قائد مجزرة بشت اشان ام بعد ذلك بالانضمام الى ما سمي المعارضة بالاتفاق مع الولايات المتحدة وبريطانيا على احتلال العراق باعتباره تحريرا وليس احتلالا ام انه جرى بعد الاحتلال حين انضم سكرتير الحزب الى مجلس الحكم؟
قد اكون الشخص الوحيد من خارج الحزب رغم انني كنت عضوا في الحزب شكليا على الاقل حتى ثورة تموز اتناول هذا الموضوع، موضوع انحراف الحزب، بكثرة في جميع كتاباتي عن الاوضاع العراقية وعن الحزب. وقد اكون الوحيد الذي يعتبر ان الحزب الشيوعي العراقي فقد كل صفة من صفات الشيوعية في الكونفرنس الثاني الذي عقد سنة ۱٩٥٦ واتخذ البرنامج المعروف الذي بقي هاديا للحزب ربما حتى يومنا هذا. وقد تبجح عامر عبدالله في كتاباته بانه هو الذي وضع هذا البرنامج استنادا الى مقررات المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي. وفي مقالات ارا خاجادور يعتبر ان الحزب كان سليما الى يوم احتلال العراق او مدة قصيرة قبل ذلك وتحولت قيادته او تحول جناح منه فجأة الى قيادة انتهازية موالية للاحتلال.
لقد دأبت في كل كتاباتي على اعتبار بداية الانحراف او الانحراف النهائي كانت في هذا الكونفرنس وكان اول كتاباتي حين سنحت لي اول فرصة للكتابة حين انتقلت من اسرائيل الى لندن في كتاب عنوانه ثورة ۱٤ تموز ۱٩٥٨ في العراق وسياسة الحزب الشيوعي. وقد فرضت مؤامرة صمت على هذا الكتاب طوال عشرين عاما الى ان شعر بعض الثوريين العراقيين مؤخرا باهميته فاعيد طبعه ونشره في بغداد ووصلتني نسخة ارسلها لي احد القراء من شارع المتنبي. وتوجد لدي نسخ اصلية من هذا الكتاب يستطيع القراء المهتمون بالموضوع الحصول عليها لقاء اسعار رخيصة. وفي كل مقالاتي المتوفرة في موقعي في الحوار المتمدن التي تناولت هذا الموضوع تأكيد على اعتبار ان الحزب الشيوعي العراقي فقد كل صفة من صفات الشيوعية منذ الكونفرنس الثاني حيث اصبح شأنه شأن الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي حزبا تحريفيا معاديا للشيوعية والماركسية والاشتراكية. ولكن كتاباتي جاءت متأخرة لاني اثناء وجودي فترة طويلة في اسرائيل لم تتح لي فرصة الكتابة ولا فرصة الاطلاع بصورة واضحة على ماجريات الاوضاع في الحزب الشيوعي العراقي. ولكنني ناقشت الموضوع بصورة اولية منذ اطلاق سراحي من السجن بعد ثورة تموز.
فبعد يومين من اطلاق سراحي في اوائل آب كتبت رسالتي الاولى الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بحثت في نصفها موضوع التحول في الوضع الطبقي بعد الثورة واقترحت استغلال الظروف شبه العلنية التي توفرت بعد الثورة لعقد مؤتمر يبحث موضوعين هامين أساسيين هما اولا دراسة الاخطاء التي وقعت منذ اعتقال فهد لحد الثورة ومعالجتها ومحاسبة القائمين بها والعمل على اصلاحها وثانيا دراسة ووضع استراتيجي الحزب لما بعد الثورة. وفي الرسائل الاربع التي تلت هذه الرسالة الاولى كانت انتقادات واضحة وشديدة لسياسة الحزب ما بعد الثورة. وسنحت لي فرصة نقاش مع قائدين من قادة الحزب مباشرة، المقابلة الاولى مع جورج تلو دامت حوالى ثلاث ساعات والثانية مع محمد حسين ابو العيس دامت حوالى ربع ساعة. ولابد ان ارا خاجادور يتذكر لقاءنا الوحيد في شارع الرشيد بعد الثورة حين قلت له لم اكن اتوقع انك تنحدر الى اللحاق بهذه السياسة. ولابد ان عزيز محمد وعمر على الشيخ يتذكران حين التقيتهم مع مهدي حميد ونافع يونس قرب غرفتي في البتاويين وقلت لهم ماذا جمعكم كلكم في بغداد هل جئتم لتدرسوا الاخطاء؟ ودعوتهم الى الدخول في غرفتي وشرب القهوة فلم يوافقوا. وحين جاء عدنان البراك بعد صدور البيان الذي نشر بعد اجتماع اللجنة المركزية مبتهجا بالبيان على انه انتقاد للاخطاء قلت له ان البيان تثبيت للاخطاء ولا علاقة له بانتقادها. ليس هذا السرد التاريخي من قبيل التفاخر ولكنه للاشارة الى ان الانحراف كان واضحا منذ ذلك الحين ولم يكتشف في فترة تالية.
تتفق كل هذه المجموعات من اعضاء الحزب وغيرهم كثير من قرائي الاعزاء الذين يراسلوني من العراق واوروبا وسوريا والاردن والكويت والمغرب وتونس وفلسطين واسرائيل والولايات المتحدة على ان قيادة الحزب الحالية هي قيادة منحرفة ويشجبونها. ولكنهم جميعا تقريبا يؤكدون على تمسكهم بالحزب الشيوعي العراقي ولا ينشقون عليه ولا يتركونه وانما يناضلون في سبيل طرد القيادة المنحرفة او تغييرها او تعديلها واستعادة الحزب الشيوعي العراقي بمكانته التي حازها اثناء قيادة الرفيق فهد. وهذا هو موضوع هذا المقال. فانا اخالفهم جميعا في هذا الموضوع.
رغم ان الموضوع منصب كليا على اوضاع الحزب الشيوعي العراقي كنموذج، انا اعتقد ان نفس التحليل يصدق على جميع الاحزاب الشيوعية التي اتبعت سياسة الزمرة الخروشوفية منذ استلامها زمام القيادة في الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي وزمام السلطة في الاتحاد السوفييتي باعتبار هذا الحزب الحزب القائد او الحزب الشقيق او ما شابه من المصطلحات واعتبار الدولة السوفييتية الدولة الصديقة حصن السلام والشيوعية، سواء اجرى ذلك بصورة واعية ام بصورة غير واعية. فهذه الزمرة ابتداء من خروشوف بريجينيف ميكويان وانتهاء بغورباشوف يلتسين بوتين بذلت كل جهودها في تحطيم الحركة الشيوعية العالمية وتغيير الاحزاب الشيوعية العالمية بكل الوسائل الممكنة الى احزاب تحريفية معادية للماركسية والاشتراكية والشيوعية ولم تتورع حتى عن التعاون مع الامبريالية ومع الحركات النازية الجديدة من اجل تحقيق ذلك.
ما معنى ان يكون الحزب منحرفا او تحريفيا او ان قيادته منحرفة او تحريفية او انتهازية؟ كل حزب من الاحزاب الشيوعية التي انتمت الى الاممية الثالثة تأسس وفقا لشروط ومبادئ القبول في هذه الاممية. وهذا يعني ان لكل حزب من هذه الاحزاب فترة تاريخية مجيدة كان فيها حزبا شيوعيا لينينيا حقيقيا، فترة نضال شيوعي حقيقي. قد تكون هذه الفترة من تاريخ كل حزب طويلة او قصيرة حسب ظروف تأسيس الحزب وتاريخ نضاله. فهناك احزاب ذات تاريخ نضالي عريق وطويل وهناك احزاب فتية لم تتجاوز فترة نضالها الشيوعي الحقيقي عدة سنوات. وبما ان بحثنا يتناول الحزب الشيوعي العراقي بصورة خاصة كنموذج فعلينا ان نتحدث عن الفترة المجيدة في تاريخ هذا الحزب وهي فترة قيادة الرفيق فهد للحزب. ففي هذه الفترة كان الحزب حزبا شيوعيا لينينيا حقيقيا وعضوا في الاممية الثالثة استنادا الى ذلك. وهذا هو الذي جعل الحزب الشيوعي في فترة قيادة فهد اكبر حزب سياسي جماهيري في العراق رغم كون نضاله سريا. ولكن استيلاء زمرة خروشوف بريجينيف ميكويان على قيادة الحزب الشيوعي البلشفي وعلى سلطة الدولة في الاتحاد السوفييتي كانت فترة تحول ليس في الحزب الشيوعي السوفييتي وحده بل في كامل الحركة الشيوعية العالمية. وقد ظهر ذلك واضحا للعالم كله في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي. ففي هذا المؤتمر ظهرت جميع المفاهيم الانتهازية التحريفية كالنضال السلمي وتحول الراسمالية سلميا الى الاشتراكية وانتهاء الصراع الطبقي في الاتحاد السوفييتي وشجب كل السياسة الماركسية الرائعة التي تجلت في بناء الاشتراكية وحرب الدفاع عن الدولة الاشتراكية ضد النازية وفي فترة اعادة بناء ما دمرته الحرب عن طريق مهاجمة ستالين وما سمي بعبادة الشخصية وكل الاتهامات الحقيرة التي اضفيت على ستالين وشعار تحويل دكتاتورية البروليتاريا الى دولة ديمقراطية وشعار الاشتراكية ذات الطابع الانساني وشعار التنافس السلمي بين الاشتراكية والراسمالية وغير ذلك. كان الهجوم الشخصي على ستالين وعلى سياسته في واقع الامر هجوما على الاشتراكية وعلى الماركسية وعلى اللينينية وعلى لينين شخصيا وقد ظهر ذلك واضحا حين بلغت هذه الفئة التحريفية اهدافها في تحطيم المجتمع الاشتراكي واعادة خلق التناحر القومي وتحطيم الدولة السوفييتية وتحويلها الى شرذمة من الدول الراسمالية كما هو واضح اليوم حيث ازيل اسم لينين حتى من مدينة لينينغراد وازيلت تماثيله وتعمل الدولة الروسية الامبريالية الحالية حتى على ازالة ضريحه وفي الغاء يوم ذكرى ثورة اكتوبر كعيد قومي. كان هذا التحول في الاتحاد السوفييتي بداية تحول في جميع الاحزاب الشيوعية القائمة تقريبا اذ كان اتباعها للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي باعتباره حزب لينين يعني تحولها الى احزاب تحريفية انتهازية منحرفة سواء اجرى ذلك بصورة واعية ام بصورة غير واعية. كل معالجة لتاريخ اي حزب شيوعي ولاي حركة شيوعية تتحاشى بحث هذا التحول التاريخي للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي وتأثيره على الحزب او الحركة لا يمكن ان تكون معالجة ماركسية لينينية بتاتا.
وبما اننا نناقش موضوع الحزب الشيوعي العراقي كمثال على ماجرى في الاحزاب الشيوعية العالمية كلها تقريبا نبدأ بتحليل معنى ان يكون الحزب تحريفيا او انتهازيا او منحرفا او ان تكون قيادته تحريفية او منحرفة او انتهازية. يعني هذا ان الحزب يتخلى او القيادة تتخلى عن نظرية الحزب في فترته الذهبية، فترة قيادة فهد في مثلنا النموذجي. فنظرية الحزب المنحرف او القيادة المنحرفة ليست نظرية فهد اي ان الحزب فقد نظرية فهد. وان استراتيجي الحزب تحت القيادة المنحرفة ليس استراتيجي فهد اي ان الحزب فقد استارتيجي فهد. وان تكتيك الحزب لم يعد تكتيك فهد فقد فقد الحزب تكتيك فهد. وان تنظيم الحزب لم يعد تنظيم فهد اي ان الحزب فقد تنظيم فهد. وان جريدة الحزب لم تعد جريدة فهد اي ان الحزب فقد جريدة فهد. فما الذي بقي من حزب فهد؟ لم يبق من الحزب سوى اسمه، الحزب الشيوعي العراقي وارا خاجادور يتنبأ بان هذه القيادة ستغير حتى اسم الحزب في المستقبل.
وفي كل حزب شيوعي سابق بعد تحوله الى حزب تحريفي او منحرف او انتهازي او تحولت قيادته الى قيادة تحريفية او منحرفة او انتهازية يوجد عدد كبير من الاعضاء المتمسكين بسياسة الحزب السابقة والمؤمنين بها وهذا ما هو موجود في الحزب الشيوعي العراقي. ففي الحزب عدد غفير من الاعضاء المخلصين لسياسة فهد والمؤمنين بها والمتمسكين بسياسة الرفيق فهد ولذلك فهم على خلاف دائم وشديد مع القيادة الانتهازية في الحزب. وفي تاريخ الحزب الشيوعي العراقي عشرات من مظاهر هذا الصراع الذي يدل على وجود مثل هؤلاء الاعضاء وعلى نضالاتهم ضد القيادة الانتهازية ليس في ايامنا هذه كالامثلة التي وردت اعلاه بل في جميع فترات تاريخ الحزب الشيوعي العراقي بعد غياب قيادة الرفيق فهد.
ماهو دور هذه العناصر الثورية المخلصة المتمسكة بسياسة ونظرية واستراتيجي وتنظيم فهد؟ اتناول هذا الدور من ناحيتين. الناحية الاولى هي دور هؤلاء الاعضاء الباقين في صفوف الحزب والمناضلين في سبيل استعادة الحزب، في بقاء الحزب المنحرف على قيد الحياة. ان سياسة اي حزب ومنها الحزب الشيوعي العراقي تتحدد بسياسة وقرارات قيادته. فاذا كانت قيادته قيادة شيوعية حقيقية كان الحزب حزبا شيوعيا حقيقيا واذا كانت قيادته منحرفة كان الحزب منحرفا. فالمعارضة داخل الحزب قد تنجح في تغيير موقف معين كما حصل على سبيل المثال في موقف قواعد الحزب تجاه خط اب ولكن هذا لا يعني تحول الحزب الى حزب ثوري عند وجود قيادة انتهازية على راسه. فسياسة الحزب الرسمية ومقررات الحزب الرسمية ومؤتمرات الحزب الرسمية هي كلها تعبر عن سياسة ومقررات ومؤتمرات القيادة الانتهازية. وسياسة المعارضة بشتى انواعها لا تعتبر من وجهة نظر النظام الداخلي للحزب سوى تكتلات داخل الحزب يحق للقيادة محاسبتها وربما حتى فصلها من الحزب. وسياسة الحزب اليوم على سبيل المثال ليست سياسة اللقاء الشيوعي العراقي وليست سياسة جماعة ارا او الجماعة التي اتخذت قرارا بالاشتراك في مقاومة الاحتلال. فهذه المنظمات تعتبر منظمات منشقة عن الحزب او منظمات تكتلية مخالفة للنظام الداخلي. ان سياسة الحزب الرسمية هي سياسة القيادة الانتهازية وبرنامج الحزب الرسمي هو البرنامج الذي اتخذه المؤتمر الثامن والنظام الداخلي الرسمي هو النظام الداخلي الذي اتخذه المؤتمر الثامن. فسياسة الحزب الرسمية هي سياسة القيادة الانتهازية التحريفية وليست سياسة القواعد الثورية المتمسكة بسياسة فهد وباستراتيجي فهد وبتكتيك فهد وبتنظيم فهد وبكل تقاليد فهد. لذا فان الظاهرة الاولى فيما يتعلق بدور العناصر الثورية الموجودة داخل الحزب هي ان وجودها في قواعد الحزب لا علاقة له بتحديد سياسة واستراتيجي وتنظيم الحزب وانما هو ادامة وابقاء الحزب بقيادته الانتهازية او التحريفية. فكل سياسات الحزب تحددها قيادة الحزب الانتهازية التحريفية. ولا اتناول هنا عمليات التخلص من عناصر المعارضة التي تصل الى حد الاجرام احيانا. فما دور العناصر الثورية داخل الحزب من هذه الناحية اذن. ان دورها هو الابقاء على الحزب الانتهازي التحريفي قائما. فان جماهير الحزب هي مصدر حياة الحزب ولذلك فان جماهر هذه العناصر الثورية الحقيقية هي المصدر الوحيد لبقاء الحزب على قيد الحياة. فوجود هذه العناصر داخل الحزب في الواقع يطيل حياة الحزب المنحرف الانتهازي في الوجود. واطالة حياة الحزب المنحرف ضد مصالح الطبقة العاملة والكادحين. ولو تخلى هؤلاء الاعضاء الثوريون عن الحزب لما استطاع الحزب التحريفي الانتهازي الاستمرار في الوجود. وزوال مثل هذا الحزب انتصار للطبقة العاملة والحركة الشيوعية وليس اضعافا لها.
والناحية الثانية في دور العناصر الثورية الموجودة داخل الحزب ناحية جوهرية شديدة الاهمية. ان مهمة الشيوعي الحقيقية هي النضال في صفوف الطبقة العاملة، تنظيم الطبقة العاملة، رفع مستواها الثقافي والسياسي، توحيد الطبقة العاملة، تحقيق الحلف الدائم بين الطبقة العاملة والفلاحين وتحقيق التحالفات الضرورية وفقا لمتطلبات المرحلة التي يمر بها المجتمع في فترة معينة. ان كل تقاعس او ابتعاد للمناضل الشيوعي عن هذه النضالات الثورية هو اضرار بحركة الطبقة العاملة وبالحركة الشيوعية.
ولكن ما هو دور الاعضاء الثوريين المخلصين للشيوعية والماركسية عند وجودهم في قواعد حزب انتهازي كالحزب الشيوعي العراقي في وضعه الحالي؟ ان دور هؤلاء مقتصر على النضال في سبيل استعادة الحزب. اي ان هؤلاء الثوريين الحقيقيين والمخلصين بعيدون ومنعزلون عن مهمات الشيوعيين الحقيقية، النضال في صفوف الطبقة العاملة، ونضالهم مقتصر على النضال في سبيل استعادة الحزب. فما الذي بقي من الحزب لاستعادته؟ لم يبق من الحزب سوى اسمه فهل يستحق النضال في سبيل استعادة اسم الحزب وجود هؤلاء المناضلين في الحزب واقتصار جهودهم النضالية على محاولة استعادة الحزب الذي لم يبق منه سوى اسمه وابتعادهم اثناء وجودهم داخل الحزب عن النضالات الحقيقية للطبقة العاملة وحلفائها؟ اعتقد ان الاسم لا يستحق هذا المجهود وهذا الابتعاد عن النضالات الحقيقية للطبقة العاملة. فالحزب الشيوعي ليس باسمه بل بطبيعته وبنظريته واستراتيجييه وتكتيكه وتنظيمه وتثقيفه. فاية مجموعة من الناس مهما كان الاسم الذي يطلق عليها تصبح حزبا شيوعيا اذا اتخذت النظرية الماركسية اساسا لها وطبقتها في وضع استراتيجيها وتكتيكها وتنظيمها وسياستها وثقافتها. ان ما يزعمون من ان ما يناضلون من اجله هو استعادة حزب فهد هو خطأ جسيم لا اساس له من الصحة. فالحزب المنحرف الانتهازي لم يعد حزب فهد وكل حزب ماركسي حقيقي هو حزب فهد لانه يتبع نظرية فهد واستراتيجيه وتكتيكه وتنظيمه وتثقيفه. اذا كان رأيي في تاريخ تحول الحزب الشيوعي العراقي الى حزب تحريفي هو الكونفرنس الثاني صحيحا فمعنى هذا ان الثوريين داخل الحزب اضاعوا خمسين عاما من نضالاتهم في العمل على استعادة حزب فهد وتنحية القيادة الانتهازية ولم يفلحوا الا في تعميق انتهازية الحزب وتحريفيته. ويصح الامر في اي تاريخ يعتبره الثوريون بداية لانحراف الحزب فاذا كان رأي ارا خاجادور مثلا صحيحا فمعنى هذا ان اعضاء الحزب الثوريين اضاعوا حوالى خمس سنوات في النضال من اجل ازاحة القيادة التحريفية والانعزال عن حركة الطبقة في هذه الاثناء بدون ان يفلحوا في المؤتمر الثامن في انجاز اي شيء فهل هم في انتظار المؤتمر التاسع؟
لذلك انا لا اتفق مع هؤلاء الاعضاء الثوريين المتمسكين بسياسة فهد بانهم باقون من اجل استعادة حزب فهد بل اعتقد ان خروجهم من الحزب واندماجهم في النضالات الحقيقية للطبقة العاملة وتشكيلهم حزبا ماركسيا شيوعيا لينينيا حقيقيا هو الاستعادة الحقيقية الصحيحة لحزب فهد. وان انشقاقهم وانفصالهم عن الحزب وتجريده من جماهيره يقصر من حياة الحزب وهذا من مصلحة الطبقة العاملة والحركة الثورية في جميع مراحل الحركة ومنها حركة النضال ضد الاحتلال الحالي للعراق وضد التناحر الطائفي التي تتبعها الاحزاب الحاكمة وميليشياتها وضد سياسة النهب والسرقة والابادة التي تمارسها.
حسقيل قوجمان



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية المتجددة الحلقة الثانية
- الماركسية المتجددة والديالكتيك المتجدد
- المصالحة في عرف بوشتشيني
- تفاوتات الثروة في المجتمعات الراسمالية
- يهود العراق سابقا وحاليا
- علاقة حزب الطبقة العاملة بالنقابات والمنظمات الاجتماعية
- غناء واناشيد السجون
- الى الاخ عارف معروف
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي الحلقة الثالثة - المنظمات ...
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي
- حول مقال دحام التكريتي
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي - الحلقة الاولى -النقابة
- المصالحة الطبقية ظاهرة تاريخية
- حول دراسة الاقتصاد السياسي والصراع الطبقي
- اكتشاف قانون الحركة في ظرف معين
- هل نستطيع تكييف الماركسية لتلائم مجتمعاتنا الشرقية؟
- انتقاد ملطف لمقالي حول-مستلزمات بناء حكومة علمانية ديمقراطية
- مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق
- هل استبدل لينين شعار يا عمال العالم اتحدوا؟
- الى الاخ كاظم حبيب - ملاحظات حول كتاب اليهود والمواطنة العرا ...


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حسقيل قوجمان - ترك الحزب الشيوعي المنحرف ام العمل على استعادته؟