أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسقيل قوجمان - الى الاخ عارف معروف















المزيد.....


الى الاخ عارف معروف


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1884 - 2007 / 4 / 13 - 11:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كتب الاخ عارف معروف مقالا في العدد ۱٨٧٧ من الحوار المتمدن بعنوان أنهاه بعبارة "السيد قوجمان وادخال الجمل في خرم الابرة". قبل كل شيء اود ان اشكر الاخ عارف معروف على مقاله لانه بكل المقاييس حوار متمدن يناقش الاراء ولا يتحول الى التهجم الشخصي والتجريح والاتهامات كما فعل دحام التكريتي. واود في نفس المناسبة ان اقدم شكري الى الاخ كريم عبود (أبو نبراس) على مقاله الانتقادي المماثل والسابق لمقال عارف معروف. ان انتقاد الاراء مع تعبير الكاتب عن ارائه بصراحة هو الانتقاد البناء الذي يؤدي الى نتائح طيبة لكلا طرفي النقاش، الكاتب المنتقد والكاتب موضوع الانتقاد، وفي هذا ما يؤدي الى ارتفاع مستوى كلا الطرفين الثقافي والايديولوجي. يبدأ عارف مقاله بمقدمة فلسفية حول مناقشة اشخاص لقضايا لا يعرفونها ثم يضيف "لكن المسالة تصبح اكثر مدعاة للحوار والجدل والمحاججة وابداء الاعتراض او تاكيد الدعم والاتفاق حينما تصدر عن مهتم او كاتب او ناشط سياسي عراقي يفترض ان تصدر مقارباته عن معرفة وتدقيق وترو خصوصا اذا ما كان شخصية ذات تاريخ يساري مثل السيد قوجمان الذي تضمن مقاله المذكور احكاما وتوصيفات ، ارى انها جانبت الصواب وتجنت على الحقيقة وجارت عليها كثيرا ان لم اقل انها اساءت من غير قصد الى كفاح العراقيين خلال اكثر من اربعة عقود !"
اؤجل الحديث عن موقفي من كفاح العراقيين اكثر من اربعة عقود الى مكان اخر. اود هنا ان اشير الى ظاهرة حقيقية طالما انتقدني عليها بعض القراء الكرام خصوصا في رسائل خاصة واجبتهم عليها واعترفت بصحة رأيهم. فقد انتقدني الكثيرون على ان كتاباتي يغلب عليها الطابع النظري وتدل على الانعزال عن النضال اليومي الحقيقي للشعب العراقي. وهذا مع الاسف صحيح. فأنا كنت منعزلا عن نضال الشعب العراقي اليومي الحقيقي حتى اثناء وجودي في العراق اي منذ سنة ۱٩٥٩ عند اعتقالي مرة ثانية وارسالي الى سجن العمارة محجوزا لاكثر من سنتين قضيت اغلبها في سجن انفرادي منعزل عن المحجوزين وعن السجناء محروما من كل وسائل الاتصال ولا اسمع شيئا عما يحدث في العراق. وتفاقم هذا الوضع حين هربت من العراق عند اطلاق سراحي وسفرت الى اسرائيل حيث قضيت اثني عشر عاما من عمري منعزلا تماما عن اجواء النضال العراقية. ولم ابدأ في الاطلاع على ما يجري الا عند انتقالي الى لندن حيث استطعت ان اطلع على بعض المصادر العراقية وخصوصا جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة اللتين كنت اقرأهما من الالف الى الياء. وطبيعي ان وجودي في لندن لا يعني انني انتهيت من عزلتي عن النضال اليومي العراقي بل يعني فقط انني بدأت اطلع على الاحداث عن بعد بدون امكانية الاتصال المباشر بهذا النضال.
هذه الظروف مجتمعة كونت طريقة تفكيري وطريقة كتابتي وتحليلي للاوضاع والحالات التي كتبت عنها. انا ازعم انني مثقف ماركسي. والثقافة الماركسية هي التي ترشدني وتوجهني في كتاباتي وتحليلاتي للاوضاع والحالات التي اناقشها. ولا اعلم ان كانت كتاباتي عن العراق وعن الاحداث العالمية ادخالا للجمل في خرم الابرة أم لا ولكن هذا ما استطيع كتابته وهذا ما استطيع التوصل اليه صحيحا كان ام خاطئا او صحيحا احيانا وخاطئا احيانا اخرى.
يتطرق الاخ عارف الى الناحية العلمية والمادية الديالكتيكية التي تؤمن بالتحول الكيفي نتيجة لتحولات كمية. فيقول "فهو رجل يؤمن بالعلم ويعرف ان التحولات الكيفية لا تنتج الا عن تراكم كمي سابق وان رجل اليوم لا يمكن الا ان يتطورعن صبي الامس ، وهو، نفسه - الاستاذ قوجمان - يكتب بهذا المعنى في رده على دحام" وهذا صحيح فهل حدثت تغيرات نوعية نتيجة لتغيرات كمية متعاقبة في العراق؟ شاهد العراق العديد من التغيرات النوعية وقد سبق لي ان كتبت عن العديد منها وناقشت العديد منها شفهيا قبل ان تتاح لي فرص الكتابة. وكتاباتي عن هذه التغيرات موجودة في موقعي في الحوار المتمدن ويمكن الرجوع اليها عند الحاجة.
اول التغيرات النوعية التي حدثت في العراق واهمها كانت ثورة تموز. فقد كانت ثورة تموز تحولا نوعيا كبيرا اذ كان من نتيجته تحول نظام الحكم في العراق من نظام شبه اقطاعي شبه استعماري الى نظام برجوازي. وهذا في عرف الحزب الشيوعي العراقي وفقا لسياسة الرفيق فهد يعتبر انجازا للمرحلة الاولى من تطور الثورة العراقية. كان على الحزب الشيوعي انذاك ان يدرك هذا التحول ويحدد شعاره الاستراتيجي وسياسته اليومية وفقا لمتطلبات هذا التحول الكيفي. كنت في ذلك الحين احد الذين شعروا بهذا التحول الكيفي واقترحت على الحزب بعد يومين من اطلاق سراحي عقد مؤتمر باستغلال الظروف شبه العلنية التي نشأت بعد الثورة لتحديد الشعار الاستراتيجي الذي ينبغي اتخاذه نتيجة للثورة. وكان هذا يعني ان يعلن الحزب الشيوعي انتهاء المرحلة الاولى من الثورة، مرحلة الثورة البرجوازية، وبداية المرحلة الثانية من الثورة، مرحلة الثورة الاشتراكية. ولكن الحزب لم يشعر حتى اليوم بهذا التحول وبذلك وأد ثورة تموز وهي في المهد وحولها الى مجرد انقلاب عسكري كسابقاتها من الانقلابات العسكرية. وكان معنى ثورة تموز من ناحية النضال اليومي نضالا مزدوجا. نضالا يؤيد الخطوات الايجابية التي انجزتها الحكومة البرجوازية، حكومة عبد الكريم قاسم، وهي كثيرة ومعروفة، ونضالا ضد الاستغلال البرجوازي الذي حل محل الاستغلال الاقطاعي الاستعماري الذي كان قائما قبل الثورة. ولكن الحزب لجأ الى تأليه الجمهورية وتأليه عبد الكريم قاسم والتحمس للاصلاح الزراعي الجزئي والناقص والتوقف عن النضال اليومي للطبقة العاملة لزيادة اجورها وتقليص يوم العمل وتحسين ظروف العمل في المعامل وتحقيق الصيانة وسلامة العامل في المعامل الصناعية وغيرها. ليست لي وثائق مع الاسف من الرسائل الخمس التي وجهتها في تلك الفترة الى اللجنة المركزية للحزب حول هذه الامور ولا من النقاشات الشفهية التي اتيحت لي فرصة اجرائها مع عدد من قادة الحزب.
وكان التحول الكيفي الذي نشأ عن التحولات الكمية المتراكمة نتيجة سياسة الحكومة البرجوازية وسياسة القوى الشعبية التي كان من المفروض ان يقودها الحزب الشيوعي العراقي وسياسة حزب البعث القومية وغيرها، انقلاب ۱٩٦۳ البعثي الذي أدى الى جرائم القتل المعروفة لزعماء السلطة البرجوازية ولقادة وكوادر واعضاء الحزب الشيوعي وفئات اخرى كثيرة من الشعب العراقي. كان هذا الانقلاب بداية للعقود المظلمة التي عانى منها الشعب العراقي وخصوصا في ظل حكومة صدام البكر ثم حكومة صدام. وكانت التغيرات الكمية تتراكم في هذه الفترة نحو النتيجة المنطقية، انتهاء حكم صدام. فالحرب الايرانية العراقية واحتلال الكويت وحرب الخليج الاولى والانتفاضة التي تبعتها وسنوات الحصار الاقتصادي والغارات الجوية المتكررة طوال هذه الفترة ونشاط ما سمي بالمقاومة العراقية خارج العراق والممولة رسميا بسبعة وتسعين مليوم دولار اميركي الى التحول الكيفي الجديد. اود في هذا الخصوص ان اشير الاخ عارف الى مقال كتبته بعد احتلال الكويت وقبل حرب الخليج الاولى لانه يعبر عن تحليلي للدور الذي لعبه صدام في خدمة الامبريالية الاميركية بهذا الاحتلال. والمقال موجود في موقعي في الحوار المتمدن. تحول العراق في هذا التحول الكيفي من عراق واقع تحت حكم صدام الى عراق واقع تحت الاحتلال الاميركي يضم الف صدام. هذا التحول الكيفي، تحول العراق من دولة دكتاتورية غاشمة الى مستعمرة اميركية بريطانية ربما كان اهم واخطر التحولات الكيفية في تاريخ العراق او تاريخ العراق الحديث على الاقل. مثل هذا التحول الخطير لابد ان يؤثر على كل عراقي سلبا ام ايجابا وهذا ما حدث. فقد تفاءل جزء من الشعب العراقي بحلول فترة رخاء وحرية وديمقراطية نتيجة للقضاء على نظام صدام واخرون رأوا الاحتلال الاميركي على حقيقته بكونه استعمارا وقرروا مقاومة الاحتلال ولجأ الكثير الى السلبية في انتظار ما يحدث نتيجة لسقوط الطاغية وحلول الاحتلال بدلا منه.
في هذا المجال ايضا كان تحليلي وكانت كتاباتي مبنية على الناحية النظرية وعلى ما نسمعه من اخبار من جهات مختلفة متناقضة في المواقع الالكترونية وفي القنوات الفضائية العديدة وفي الصحف. فقبل غزو العراق حين كانت الاخبار تدل على قرب الغزو وحتميته التقيت بجماعة من العراقيين جرى البحث بينهم عن موضوع الغزو المنتظر وعن النتائج المترتبة عليه. وكان رأيي انذاك ايضا ان الشعب العراقي سيقاوم الاحتلال فور حدوثه مما ازعج الحاضرين واغضبهم. ولكن رأيي كان مبنيا على تجارب تاريخ مقاومة جميع الشعوب للاحتلال في جميع مراحله. فليس هناك شعب يرضخ لاحتلال بلاده ولاستعباده بدون مقاومة. والشعب الذي لا يقاوم الاحتلال لا يستحق اطلاق كلمة شعب عليه. ولا يختلف الشعب العراقي في هذا المضمار عن سائر شعوب العالم وللشعب العراقي امجاد في هذا المضمار.
وفور حدوث الغزو واسقاط حكومة صدام واحتلال العراق من قبل الجيوش الاميركية البريطانية وتحطيم الدولة العراقية بكل مؤسساتها وبناها التحتية والفوقية لاجل تثبيت استعمار العراق لجات فئات من الشعب العراقي الى مقاومة الاحتلال بما اوتيت من قوة. وقد انكر الكثير من العراقيين وخصوصا الفئات الحاكمة التي جاء بها الاحتلال وجود مقاومة وزعموا ان ما يحدث في العراق هو مجرد ارهاب ولا علاقة له بمقاومة الاحتلال. ولكن المقاومة كانت واقعا تاريخيا ولا يمكن انكار الواقع التاريخي طويلا واليوم يعترف حتى اقصى اليمين في الادارة الاميركية بوجودالمقاومة او ما يسمونه بالتمرد. ان المقاومة ظاهرة طبيعية ضرورية وحتمية والشعب العراقي اهل لها.
بعد الاشارة الى موضوع المصالحات الطبقية التي تمارسها الطبقات الحاكمة لجذب الكادحين اضافة الى الوسائل التي تمارسها الدكتاتوريات لهذا الغرض بدون تعليق اكتفى بالتنويه عن الاسلوب"الذي عكس اسلوب الاستاذ قوجمان وطريقته المميزة التي تتصف بقطعية الاحكام والنتائج التي يتوصل اليها و"قانونيتها" ، مما ينتمي الى منهجية معروفة في الفكر الماركسي ليست موضوع نقدنا وتحليلنا الان،" وانا ايضا لا اريد الدخول هنا في نقاش حول الاسلوب الماركسي الذي يتصف بقطعية الاحكام والنتائج التي يتوصل اليها لان الماركسية بخلاف الكثير من النظريات الاخرى تدرس الحركات وتتوصل الى الاتجاه الذي تسير فيه هذه الحركات والنتائج التي تنشأ عنها. والمقياس في صحة او خطأ الاسلوب الماركسي هو ما يتحقق في المستقبل واذا كان ما توصلت اليه الماركسية صحيحا ام خطأ.
ثم يتحول الاخ عارف الى موضوع المقال الاساسي وهو موضوع المقاومة واشتراك البعثيين القدامى وضباط الجيش فيها ومحاولة الحكومة خدعهم بالوعود باعادة البعثيين الى وظائفهم وضم ضباط الجيش السابقين الى الجيش العراقي الجديد. والحقيقة هي انني لم الجأ الى هذا الغرض الاساسي من المقال وانما كان نوري المالكي هو الذي حدد هذين الهدفين من المقال باعلانه رسميا عن اعادة البعثيين الى وظائفهم وقبول ضباط الجيش في الجيش العراقي الجديد. بل اكثر من ذلك كانت اقتراحات نوري المالكي هي التي ولدت لدي فكرة كتابة المقال اصلا اذ لولا ذلك لما نشأت لدي فكرة كتابة مثل هذا المقال.
كان هدف الغزاة الاميركيين والبريطانيين من احتلال العراق تحويل العراق الى مستعمرة مباشرة كالمستعمرات السابقة قبل الحرب العالمية الاولى. ولا ادري ان كان احتلال افغانستان مماثلا لما جرى في العراق ام ان تجربة افغانستان هي التي اوحت للادارة الاميركية بذلك. ولكن تحويل دولة قائمة ذات مؤسسات وبنى تحتية وكيان معترف به كدولة العراق التي ليست عضوا في الامم المتحدة وحسب بل كان من مؤسسي هذه المنظمة ايضا الى مستعمرة مباشرة يتطلب تحطيم جميع هذه المؤسسات وجعل العراق بلا كيان ولا مؤسسات وبدون دولة اذ بدون ذلك لا يمكن تحويل دولة قائمة الى مستعمرة مباشرة. لذلك كان اول اعمال الغزاة تحطيم كل معالم الدولة العراقية فحلت الوزارات عدا وزارة النفط طبعا وحلت الجيش العراقي والشرطة العراقية وحرس الحدود كشرط اساسي لتحقيق اهدافها. وقامت او سمحت بسرقة كل معالم العراق التاريخية من متاحف ومكاتب وكان قانون اجتثاث البعث واحدا من هذه القرارات شئنا ام ابينا وهو ما ينتقده اليوم حتى اقطاب الحكومة القائمة ويدعون الى الغائه كوسيلة من وسائل تحقيق الامن. كانت خطط الادارة الاميركية في البداية تعيين مندوب سام يحكم العراق حكما مباشرا وعينت بريمر هذا المندوب السامي المطلوب. ولكن نشوء المقاومة العراقية منذ يوم الاحتلال احبط اهداف الادارة الاميركية واضطرها الى انشاء مؤسسات شكلية من مجلس الحكم والحكومات المتعاقبة والدستور والانتخابات وغيرها وكلها مبنية على اساس المحاصصحة الطائفية تمزيقا لكيان الشعب العراقي وتحويله الى شيعة وسنة واكراد. وقد شرحت ذلك بطريقتي النظرية في اول مقال كتبته بعد الاحتلال يستطيع الاخ عارف ان يعود اليه اذا شاء.
تطرق الاخ عارف الى قيادات البعث والجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب العراقي وحتى بحق قيادات حزب البعث وكوادره واشار الى تقارب هذه القيادات من المحتلين وهذا شيء لا يستطيع احد انكاره اذ ان المفاوضات بهذا الخصوص شملت التفاوض بين رامسفيلد وصدام وهو في السجن. وليس خافيا على احد وجود العديد من قادة البعث المجرمين رسميا في العملية السياسية القائمة في العراق. فقادة البعث كانوا وما زالوا حلفاء بل عملاء للادارة الاميركية. بل اكثر من ذلك يشير الكثير من المحللين والمتحدثين العراقيين الى ان العديد من هؤلاء القادة المجرمين في حق الشعب العراقي تعمموا بمختلف الوان العمائم وانتموا الى احزاب السلطة القائمة. ولكن حزب البعث شمل الملايين من الناس بمختلف درجات العضوية في الحزب. ولا يمكن اعتبار كل هذه الملايين مجرمين بنفس درجة هؤلاء القادة الذين ذكر الاخ عارف اسماءهم. وهؤلاء الملايين بشر ومواطنون عراقيون ولهم عوائلهم وابناؤهم. فلا يمكن ان يرضخ جميع هؤلاء للجرائم والاهانات والابادات الجماعية والاغتصابات التي تقترفها قوات الاحتلال كل يوم في العراق بالتعاون مع السلطات وما يسمى الحرس القومي او القوات العسكرية الجديدة. ولذلك فان قسما من اعضاء الحزب السابقين الذين لم يساهموا في جرائم البعث والذين انتموا الى البعث لاسباب عديدة سواء عن قناعة او عن خوف او عن اضطرار من اجل الحصول على وظيفة او الدخول الى جامعة او غير ذلك يشعر بظلم الاحتلال ووطأته على الشعب العراقي وينضم الى مقاومة الاحتلال بشكلها السلمي او المسلح. واقتراح نوري المالكي موجه بالضبط الى هؤلاء البعثيين السابقين وليس الى غيرهم اذ ان البعثي السابق الذي يركن الى السكينة وعدم الحركة لا يشكل خطرا على الحكومة ولا ضرورة الى الاعلان عن اعادته الى الوظائف التي طردهم منها بريمر لا حاجة الى اعلان المصالحة معهم. ان اعلان نوري المالكي موجه بالضبط الى هذا الجزء من البعثيين السابقين الذين دفعهم شعورهم بظلم الاحتلال الى الانضمام الى المقاومة. وهذا ما اشرت اليه باعتباره من نوع المصالحات الطبقية التي تمارسها السلطات الحاكمة تجاه ابناء شعبها. ان الغرض منها هو دفع هؤلاء المقاومين الى التخلي عن المقاومة والالتحاق بالعملية السياسية الاميركية. فلست انا الذي ادخل موضوع البعثيين القدامى الى موضوع المصالحة وانما هو نوري المالكي.
ويصدق نفس الشيء على دعوة ضباط الجيش المنحل الى الالتحاق بالجيش العراقي الجديد. تحدث الاخ عارف عن قادة مجرمين كانوا حلقة النظام الذي فرضه صدام على الشعب العراقي طوال عقود. فليس في مقدور شخص واحد ان يحكم شعبا بمفرده ولابد ان تكون له قوات مساندة منفذه لاوامره ولاهدافه. ولذلك تركز الماركسية في بحوثها على الطبقات والمراتب وليس على الاشخاص. ولكن ليس جميع ضباط الجيش العراقي من هذا الصنف وفي الجيش ضباط ذوي شعور وطني ويشعرون بوطأة الاحتلال وبيع العراق الى الامبريالية الاميركية. ومن هؤلاء الضباط من ينضم الى المقاومة وعندذاك يؤلفون قوة هامة نظرا لخبراتهم وثقافاتهم العسكرية السابقة. وهنا ايضا كان المالكي هو الذي ادخل موضوع ضباط الجيش المنحل الى المصالحة. والهدف منها هو ابعاد هؤلاء الضباط المقاومين عن المقاومة وضمهم الى العملية السياسية. فموضوع المصالحة في عرف نوري المالكي والحكومة العميلة والادارة الاميركية لا يعني سوى القضاء على المقاومة.
ان الاقتصار في مقالي على البعثيين والضباط جاء بسبب اقتصار دعوة المالكي بهذا الخصوص ولكن المقاومة لا تقتصر على البعثيين القدامى او ضباط الجيش العراقي المنحل بل تشمل فئات اخرى من الشعب العراقي لم يذكرها المالكي في دعوته الى المصالحة. ان الهدف الاساسي من الدعوة للمصالحة هو القضاء على مقاومة الاحتلال وليس لها اي هدف اخر. وهنا جاء تأكيدي على ان اي شخص قرر الانضمام الى المقاومة لا يمكن ان تخدعه دعوة المالكي ولا يمكن القضاء على المقاومة بهذه الطريقة كما لم يكن بامكانهم القضاء على المقاومة بالهجوم العسكري المباشر لان المقاومة لا تدخل في معارك جبهوية ولم يكن بامكانهم القضاء على المقاومة عن طريق ممارسة كل انواع الارهاب واتهام المقاومة بتنفيذها تشويها لسمعتها.
هل يمكن منع انسان يريد الانضمام الى المقاومة لانه كان بعثيا سابقا او ضابطا في الجيش العراقي المنحل او لانه ينتمي الى فئة دينية معينة او ينتمي الى قومية معينة او لاي سبب اخر؟ يبدو لي ان ذلك مستحيل. يمكن اعتقال الشخص المقاوم او سجنه او تعذيبه او قتله او الانتقام من عائلته بقتل اطفاله واغتصاب نسائه ولكن ليس في العالم قوة تستطيع منع من قرر الانضمام الى المقاومة عن المقاومة. والمقاومة ظاهرة طبيعية لدى الشعوب لا يمكن القضاء عليها مهما استعملت ضدها من قوة وبطش واغراء ورشوة.
وجاء في مقال الاخ عارف " ثمة مقاومة زائفة مصطنعة ، تعهد نشاتها ونموها الاحتلال نفسه وما زال يرعاها ويمدها بكل اسباب القوة والاستمرار، هو وبعض من اعتى الانظمة العربية قهرا وعداءا للانسان وتطلعاته في الحياة الحرة الكريمة ، وهي مقاومة طائفية تستهدف وحدة العراق وتمزيق شعبه وارعابه وخدمة المحتل وتشويه العمل المقاوم وابعادالشعب وقواه الحية عنه، وهذا الاسلوب ليس بجديد على الامريكان وغيرهم". ليس هناك من شك في ان قوات الاحتلال تعمل كل ما تستطيع عمله لخلق قوات ارهابية تقوم بتقتيل الشعب العراقي ومهاجمة المدنيين مثل فرق الموت والمرتزقة الاجانب والمحليين والفئات الطائفية المعادية للشعب العراقي والموالية للاحتلال. بل اننا نعلم عن تشكيل جيوش امبريالية من سكان المستعمرات واستخدامهم ليس لقمع مقاومة شعوبهم وحسب بل لاستعمار وقمع مقاومة شعوب اخرى كذلك. كنا في ايام شبابنا نتندر ونقول بان الحكومة البريطانية ستحارب حتى اخر جندي هندي. ولكن تسمية هذه الاعمال كلها بالمقاومة هو بالضبط ما يريده المحتلون الغزاة. يريدون تسمية هذه القوات الارهابية مقاومة رغبة في تشويه سمعة المقاومة الحقيقية للشعب العراقي. ليس هناك نوعان من المقاومة، مقاومة وطنية ومقاومة غير وطنية. ليس هناك مقاومة شريفة ومقاومة غير شريفة. هناك مقاومة وهناك ارهاب ولا علاقة بينهما. فالمقاومة هي التي تحارب المحتلين واعوانهم وعملاءهم بمن في ذلك جميع الفئات الارهابية التي ينظمها المحتلون او ينظمها اعوان المحتلين ممن باعوا العراق بابخس الاثمان.
وجاء في المقال "اذ ان الاستاذ قوجمان توصل الى ان البعثيين ، والملايين منهم ، هم الذين يخوضون ويقودون النضال الوطني والمقاومة المسلحة وغير المسلحة ضد الاحتلال الامريكي هادفين الى تحرير العراق والشعب العراقي !" في الحقيقة انا لم اقل ذلك ولن اقوله وانما فرض علي فرضا. ولا اقول ذلك لسبب واحد هو ان القيادة امر مكتسب ولا يمكن منحه لاحد. وبما ان المقاومة العراقية ما زالت مجزأة الى فئات مختلفة فان قيادة المقاومة تتوقف على الفئة التي تكون اكثر من غيرها اخلاصا وتضحية ومثابرة وتنظيما وليس على من يتوصل اليه حسقيل قوجمان او غيره. وانا لم اذكر ان الملايين من البعثيين السابقين هم جوهر المقاومة وانما اعتبر ان من حق اي عضو سابق في حزب البعث يملك ذرة من ضمير وحب للشعب العراقي وللعراق ان يشترك بالمقاومة كما هو حق اي مواطن عراقي اخر. ويصدق هذا على اي ضابط او جندي من الجيش العراقي المنحل. ولم اتحدث بكلمة واحدة عن قيادة اي من هذه الفئات المكونة للمقاومة وغير الموحدة تحت قيادة واحدة وتنظيم واحد وهو ما تعاني منه المقاومة حاليا.
كما جاء في المقال "اما قضية مقاومة البعض من هؤلاء فهي لاتعني الا سعيهم كفئة متسلطة طالما حضيت بالامتيازات". اتفق مع الاخ عارف بان المقاومين من البعث اذا كانوا منظمين فانهم يعملون من اجل الاستيلاء على السلطة لدى نجاح المقاومة في طرد الاحتلال. ولكني اعتقد ان كل فئة منظمة في المقاومة تهدف الى نفس الغرض. فكل منظمة فاعلة ونشطة في المقاومة تريد ان يكون لها دور او يكون لها الدور الرئيسي في نظام الحكم الناشئ بعد طرد الاحتلال. وليس من المستبعد ان يتشكل نظام حكم استغلالي بعد زوال الاحتلال يستغل الشعب العراقي وكادحيه كما تستغل كل سلطة راسمالية كادحي شعبها. بل قد يبدأ الصراع على السلطة فور تحقيق الاستقلال بين مختلف الجماعات التي كونت المقاومة وحاربت متحدة من اجل هدف المقاومة. ففي فترة الاحتلال كان هناك هدف مشترك جمع كل هذه الفئات وعند تحقيق الاستقلال انتفى هذا الهدف المشترك مما قد يؤدي الى الصراع على السلطة. وقد كتبت عن ذلك في مناسبات عديدة. وفيما يلي مثال على ما كتبت:
"ان وحدة الطبقة العاملة العراقية حاليا اثناء مقاومة الاحتلال وفي المستقبل بعد دحر الاحتلال هي من اهم مستلزمات بناء حكومة مدنية علمانية حقيقية بعد دحر الاحتلال. ولا يمكن ان نسمي حكومة الطبقة العاملة حكومة ديمقراطية لانها لا تستطيع ان تكون ديمقراطية ضد الطبقات المستغلة للطبقة العاملة وسائر الكادحين. انها حكومة دكتاتورية تمارس اقسى انواع الدكتاتورية ضد الطبقات المستغلة لانها بهذه الطريقة فقط تستطيع ان تحقق الديمقراطية للطبقة العاملة نفسها ولسائر الكادحين. وكل حكومة تقوم غير الحكومة التي تكونها الطبقة العاملة لا يمكن ان تكون حكومة ديمقراطية مدنية علمانية حقيقية لمدة طويلة. اذ نظرا لان الحكومة ستنشأ من قوى تنتمي الى طبقات اخرى غير الطبقة العاملة فان من اهم مستلزماتها البعيدة المدى هي تحقيق استغلالها للطبقة العاملة وسائر الكادحين وهذا ما يؤدي حتما الى حكومات راسمالية وحتى حكومات موالية للامبريالية في اضطهاد الطبقة العاملة والكادحين العراقيين. وفي احسن الظروف قد تتكون حكومة مثل حكومة عبد الكريم قاسم تستطيع ان تمنح الشعب العراقي فترة من الحرية ولو لمدة قصيرة."
واضح من هذا انني لم اتطرق الى اية قيادة او اية قوة تشكل جوهر المقاومة سواء اكان البعث او الجيش او اية فئة طائفية او دينية او قومية. انني انظر الى وضع المقاومة نظرة ماركسية، نظرة تميز الناس طبقيا وليس دينيا او طائفيا او عرقيا او قوميا. وانا لا اشير حتى الى قيادة الطبقة العاملة للمقاومة لانها غير موجودة حاليا. وكل ما اشير اليه هو ان المثل الاعلى للمقاومة هو ان تنجح الطبقة العاملة في تحقيق قيادتها لانها بهذه الحالة لا تحقق طرد المحتلين وتحقيق استقلال العراق وسيادته وحسب بل تحقق ايضا ضمان حكومة قوية لا تلجأ الى استغلال الشعب العراقي بعد الاستقلال. وبينت ان تشرذم الطبقة العاملة حاليا وتعدد الاحزاب التي تتحدث باسمها لا يشير الى ان الطبقة العاملة جاهزة حاليا لمثل هذه القيادة وبينت الخطر الذي يواجه الشعب العراقي نتيجة تحقيق الاستقلال ودحر الاحتلال من قبل قيادة اخرى غير الطبقة العاملة ايا كانت ومهما كان شكلها.
ان على الشعب العراقي ان يميز الذين نجحوا في ادخال الجمل الاميركي البريطاني في خرم ابرة الشعب العراقي والدولة العراقية ومن ساعدوا على تحقيق ذلك وان يحاربهم بنفس الشدة والبطش الذي يحارب به قوات الاحتلال والقوات المرتزقة الاخرى بشتى اشكالها.
مع تحياتي للاخ عارف معروف
حسقيل قوجمان




#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي الحلقة الثالثة - المنظمات ...
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي
- حول مقال دحام التكريتي
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي - الحلقة الاولى -النقابة
- المصالحة الطبقية ظاهرة تاريخية
- حول دراسة الاقتصاد السياسي والصراع الطبقي
- اكتشاف قانون الحركة في ظرف معين
- هل نستطيع تكييف الماركسية لتلائم مجتمعاتنا الشرقية؟
- انتقاد ملطف لمقالي حول-مستلزمات بناء حكومة علمانية ديمقراطية
- مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق
- هل استبدل لينين شعار يا عمال العالم اتحدوا؟
- الى الاخ كاظم حبيب - ملاحظات حول كتاب اليهود والمواطنة العرا ...
- هل النظام الفرعوني نظام عبودي ام راسمالي؟
- الماركسية اللينينية والماوية
- دراسة المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية
- تعريف اليسار عموما واليسار العراقي خصوصا - اخيرة
- تعريف اليسار عموما واليسار العراقي خصوصا 6
- بيكر بطل المصالحة الوطنية الاميركية في العراق
- تعريف اليسار عموما واليسار العراقي خصوصا 4
- تعريف اليسار عموما واليسار العراقي خصوصا 3


المزيد.....




- وزير الخارجية الفرنسي يستهل جولته في الشرق الأوسط بزيارة لبن ...
- مفتي سلطنة عمان معلقا على المظاهرات الداعمة لفلسطين في جامعا ...
- -عشرات الصواريخ وهجوم على قوات للواء غولاني-.. -حزب الله- ين ...
- مظاهرات حاشدة بتل أبيب تطالب بصفقة تبادل
- أوكرانيا تطلب من شركة ألمانية أكثر من 800 طائرة مسيرة للاستط ...
- زواج شاب سعودي من فتاة يابانية يثير تفاعلا كبيرا على مواقع ...
- بعد توقف 4 سنوات.. -طيران الخليج- البحرينية تستأنف رحلاتها إ ...
- ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمانة لبناء العلاقات م ...
- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسقيل قوجمان - الى الاخ عارف معروف