أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسقيل قوجمان - غناء واناشيد السجون















المزيد.....

غناء واناشيد السجون


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1893 - 2007 / 4 / 22 - 12:09
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


غناء واناشيد السجون السياسية

الى الاخ العزيز الموسيقار حميد البصري
تحية عطرة
من كتاباتك ومقالاتك ومن كتاب التكريم الذي تفضلت باهدائه لي كان واضحا انك رائد في الموسيقى والغناء السياسي وفي المسرح الغنائي العراقي. وفي رسالتك الاولى ذكرت شيئا عن الغناء السياسي في السجون. وقد وعدتك بالكتابة عن الغناء السياسي في السجون نظرا الى اني عشته ومارسته مع سائر السجناء السياسيين في مختلف السجون السياسية التي مررت بها حتى ثورة تموز.
في الحقيقة هناك فرق كبير بين الغناء والانشاد السياسي في السجون وبين الغناء السياسي خارجها. ففي المجتمع يمكن ممارسة الغناء السياسي بأشكال عديدة ومتنوعة. فالتغني بالبصرة وبشط العرب وبالقرنة وبالعشار وبالعراق عموما مثلا غناء سياسي. والتطرق في المسرح الغنائي الى مشاكل المجتمع ومعالجتها هو غناء سياسي. فالغناء السياسي خارج السجون في احضان المجتمع متعدد الاشكال واسع المجال لا حدود لافاقه.
اما الغناء والانشاد السياسي في السجون فكان محدودا بالغناء السياسي البحت المباشر. انه التعبير المباشر عن شعور السجناء بوطأة السجون وعن تلهفهم وحماسهم للانطلاق والمشاركة في النضال خارج السجون وتطلعهم الى الانضمام الى جماهير الشعب في النضال من اجل تحقيق الاهداف النضالية الواسعة التي يحلم بها السجناء. واقصد بالغناء السياسي البحت ما يمكن تفهمه من امثلة الاناشيد التي كنا ننشدها في السجون. وفيما يلي مطالع البعض منها :

نشيد الاممية: هبوا ضحايا الاضطهاد ضحايا جوع الاضطرار
بركان الفكر في اتقاد هذا اخر انفجار

حصن حزب اشاده فهد كيف يسطيع هدمه قرد

السجن ليس لنا نحن الاباة السجن للمجرمين الطغاة

يا رفاقنا الخالدين يا مثال المخلصين
لم نزل سائرين نسحق الظالمين

كانت كل الاناشيد من هذا النوع تعبر مباشرة عن مشاعرنا السياسية وعن تلهفنا للنضال خارج السجون وعدم اهتمامنا بالسجن باعتباره جزء من نضال شعبنا وتعبيرا عن صمودنا في وجه القوى الظالمة التي تضطهد الشعب وتسومه العذاب.
لم نكن نلحن الاناشيد تلحينا حقيقيا وانما كان بعض الشعراء المتوافرين في السجون ينظمون اشعارا من هذا النوع نغنيها باقتباس نغمة معروفة سواء اكانت اغنية عراقية او انغام بعض الاناشيد والاغاني الاوروبية المعروفة كاناشيد الانصار خلال الحرب العالمية الثانية والحرب ضد جحافل المحتلين النازيين.
ولي الشرف انني ساهمت بدور ما في هذا المضمار. فانا من الشباب الذين تعلموا عزف العود بصورة ذاتية كما كان حال الكثير من الشباب في ايامنا حين لم تكن هناك معاهد لتدريس الموسيقى تدريسا علميا وكان في بغداد كلها مدرس واحد للعود اسمه يوسف حبيب وهو شخص لبناني او سوري جعل من بيته مدرسة للعود ولم يكن لدينا المال الكافي لدخول هذه المدرسة. تعلمنا العود عن طريق الاسطوانات وكان الكتاب الوحيد انذاك كتاب توفيق صباغ لتدريس العود ثم كتابه الذي سجل فيه عددا كبيرا من السماعيات والبشارف واللونغات.
هناك ثلاث فترات متميزة في تاريخ السجون السياسية التي مررت بها. الفترة الاولى كانت منذ الحكم علينا في نيسان ۱٩٤٩وارسالنا الى نقرة السلمان حتى انتقالنا الى سجن الكوت بعد اضراب عن الطعام دام اكثر من عشرين يوما. في هذه الفترة صنعنا عودا محليا. انا لا اجيد العمل في النجارة ولم اساهم في صنع العود ولكني كنت اوجه السجناء الذين صنعوا العود من حيث الشكل والابعاد وغير ذلك من الصفات المهمة التي استطعت بوجيههم اليها. صنع هؤلاء السجناء العود من منخل بعد تلطيفه بالورق الزجاجي وقطع من الخشب المعاكس للظهر والصدر وقطعة من كرك الفران بعد صقل جانب منها لجعله مسطحا مما يشكل زند العود واستعملوا قبقابا لحفره لتركيب مفاتيح الاوتار فيه. لم تكن لنا في هذه الفترة اوتار حقيقية فاستعملنا عددا من الاسلاك وفتلناها لتصبح اكثر سمكا مما جعل بامكاننا ان نحقق اصواتا مختلفة للاوتار. وكانت هذه الاسلاك تدمي اصابعي ولكني عزفت على هذا العود الاول. وكان الدور الذي مارسته في تلك الفترة تدريب السجناء الجدد على غناء اناشيدنا التي نغنيها في الحفلات بصورة جماعية. صودر هذا العود لدى انتقالنا من سجن نقرة السلمان الى سجن الكوت.
والفترة الثانية من فترات السجون بهذا الخصوص كانت منذ انتقالنا الى سجن الكوت السياسي في نهاية سنة ۱٩٥۱ حتى مجزرة الكوت في تموز آب ۱٩٥۳. في هذه الفترة صنعنا العود الثاني. كانت المواد التي صنع منها هذا العود نفس المواد التي استعملت في العود الاول. ولكننا حصلنا عن طريق عوائل السجناء على طقم اوتار عود حقيقية فكان هذا العود افضل من سابقه وارق صوتا. استخدمنا هذا العود بنفس الطريقة لتدريب السجناء على غناء اناشيدنا التي ننشدها بصورة جماعية ولكن في هذه الفترة بدأنا نستخدم العود في الحفلات الليلية التي كنا نقيمها في المناسبات.
في صيف سنة ۱٩٥۳ تقرر عقد مهرجان الشبيبة في برلين. وقد قررت ادارة المنظمة السجنية اقامة احتفال في نفس يوم انعقاد المهرجان. وقد اعددنا برنامجا واسعا للاحتفال. ولاول مرة حدث ما لم يحدث سابقا. فقد قام احد السجناء وهو محام من البصرة بنظم شعر لنشيد من اجل انشاده بمناسبة المهرجان. وفي هذه الحالة اضطررت الى تلحين هذا النشيد فكان اول نشيد يلحن تلحينا حقيقيا في تاريخ السجون العراقية. تدرب جميع السجناء على انشاد هذا النشيد قبل موعد المهرجان ولكن الحكومة داهمتنا بمجزرة فظيعة في سجن الكوت قبل موعد المهرجان فلم نستطع الاحتفال بالمهرجان لدى انعقاده. وصادف ان عددا من السجناء الشباب انهوا محكومياتهم قبيل المجزرة واطلق سراحهم واستطاع بعضهم الاشتراك في المهرجان الحقيقي في برلين فانشدوا ذلك النشيد هناك وكان له استحسان كبير.
في مجزرة الكوت فقدنا كل شيء حتى ملابسنا المودعة في مخزن السجن ونقلنا نحن السجناء اليهود الى نقرة السلمان ثانية حيث جمعوا جميع السجناء اليهود الموجودين في السجون العراقية بصرف النظر عن التهم التي حوكموا من اجلها فكان السجناء في سجن نقرة السلمان خليطا من الشيوعيين والصهاينة والسجناء العاديين وحتى كان في السجن سجين بريطاني يهودي حكم بتهمة الصهيونية وكذلك سجين اسرائيلي دخل العراق بجواز ايراني حكم بتهمة الصهيونية. ونقل باقي السجناء غير اليهود الى سجن بعقوبة. وبقينا نحن الشيوعيين اليهود منعزلين عن سائر السجناء الشيوعيين اكثر من سنة ولم يكن في سجن نقرة السلمان من غير اليهود سوى اربعة سجناء القي القبض عليهم وحوكموا وارسلوا الى نقرة السلمان لان الحكومة اعتبرتهم خطرين وعزلتهم عن سائر السجناء غير اليهود. كان على رأس هؤلاء الاربعة بهاء الدين نوري الملقب باسمه الحزبي باسم وثلاثة اخرون بينهم صادق جعفر الفلاحي الذي اصبح بعد ثورة تموز رئيس اتحاد النقابات. وبعد مرور اكثر من عام نقل العديد من السجناء غير اليهود من بعقوبة الى نقرة السلمان فانضموا الينا واصبحنا منظمة كبيرة مرة اخرى كما كنا في الفترات السابقة. وفي هذه الفترة صنعنا عودنا الثالث وكان افضل صوتا من سابقيه. وفي هذه الفترة استعملنا العود اكثر من السابق. فاضافة الى الاناشيد وتدريب السجناء عليها كنا نستخدم العود في جميع حفلاتنا في المناسبات الثورية والاعياد الاسلامية وذكرى ثورة العشرين وثورة اكتوبر وغير ذلك من المناسبات. وقد غنى السجناء اضافة الى الاناشيد السياسية الغناء الريفي كالأبوذيات وكان في مقدمة مغني الابوذيات الشاعر العراقي الكبير زاهد محمد وكاظم فرهود الذي اصبح بعد الثورة رئيس الجمعيات الفلاحية. وفي هذه الفترة جرى تلحين قصيدتين تلحينا حقيقيا القصيدة الاولى من ثمانية ابيات نظمها احد قادة الحزب الشيوعي اللبناني عن لينين وفي القصيدة الثانية اخترنا تسعة ابيات من قصيدة طويلة نظمها الشاعر صالح بحر العلوم الذي كان انذاك معنا في السجن حول الرفاق الخالدين. وكنت اغني هاتين القصيدتين منفردا في جميع الحفلات. كذلك كنت اغني ابياتا من قصيدة لشاعرنا الكبير الجواهري حول سواستوبول لحنها الموسيقي الكبير داود اكرم بالاشتراك مع العواد الشهير والذي ما زال حيا سليم زبلي الملقب في اسرائيل سليم النور. اضافة الى هذه القصائد ومرافقة مغني الابوذيات كان الرفاق الاكراد يحبون رقص رقصتهم الجماعية التي يسمونها سي بيي فكنت اعزف لهم على نفس الوزن اثناء الرقص. ولم يكن السجناء العرب يرقصون في الحفلات الليلية ولكنهم كانوا يحبون رقص الدبجة في ساحة السجن في الاعياد وكنت اعزف لهم كذلك اثناء ذلك. وقد ربطت العود بفتيل من فتائل الفانوص لكي اعلقة اثناء العزف في الساحة.
هذا مجمل ما استطيع كتابته عن غناء السجون وارجو الا تتردد في توجيه اي سؤال قد يتبادر الى ذهنك حول الموضوع.
عاطر تحياتي
حسقيل قوجمان



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى الاخ عارف معروف
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي الحلقة الثالثة - المنظمات ...
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي
- حول مقال دحام التكريتي
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي - الحلقة الاولى -النقابة
- المصالحة الطبقية ظاهرة تاريخية
- حول دراسة الاقتصاد السياسي والصراع الطبقي
- اكتشاف قانون الحركة في ظرف معين
- هل نستطيع تكييف الماركسية لتلائم مجتمعاتنا الشرقية؟
- انتقاد ملطف لمقالي حول-مستلزمات بناء حكومة علمانية ديمقراطية
- مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق
- هل استبدل لينين شعار يا عمال العالم اتحدوا؟
- الى الاخ كاظم حبيب - ملاحظات حول كتاب اليهود والمواطنة العرا ...
- هل النظام الفرعوني نظام عبودي ام راسمالي؟
- الماركسية اللينينية والماوية
- دراسة المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية
- تعريف اليسار عموما واليسار العراقي خصوصا - اخيرة
- تعريف اليسار عموما واليسار العراقي خصوصا 6
- بيكر بطل المصالحة الوطنية الاميركية في العراق
- تعريف اليسار عموما واليسار العراقي خصوصا 4


المزيد.....




- طلاب في جامعة كاليفورنيا يتظاهرون دعمًا للفلسطينيين.. شاهد م ...
- شاهد - مئات الإسرائيليين يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو
- ماذا لو صدرت مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل؟
- حراك الجامعات الأميركية يتواصل رغم الاعتقالات ويصل كندا
- انتقاد أميركي للعراق بسبب قانون يجرم العلاقات المثلية
- نتنياهو يشعر بقلق بالغ من احتمال إصدر الجنائية الدولية مذكرة ...
- لازاريني: المساعي لحل -الأونروا- لها دوافع سياسية وهي تقوض ق ...
- تظاهرات حاشدة في تل أبيب تطالب نتنياهو بعقد صفقة لتبادل الأس ...
- سوناك: تدفق طالبي اللجوء إلى إيرلندا دليل على نجاعة خطة التر ...
- اعتقال 100 طالب خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة بوسطن


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسقيل قوجمان - غناء واناشيد السجون