اصبحنا لا نفهم بالموانئ !؟!


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 11:33
المحور: الفساد الإداري والمالي     

حتى وزير النقل الاسبق الذي التحق بالموانئ العراقية عام 1972 اصبح لا يعرف شيئا عن شؤونها المتداولة هذه الأيام، ليس بسبب الفارق الزمني الطويل (53 سنة)، بل بسبب الانقلابات المتلاحقة التي طرأت عليها، وغيرت من هيكلها التنظيمي وأساليب تشغيلها وإداراتها. فالموانئ التي تأسست عام 1919 ظلت على مدى العقود اللاحقة تتفاخر بطواقمها القديمة. تعتز بهم. تستأنس بآرائهم. تدعوهم للمشاركة في احتفالاتها السنوية. تتواصل معهم في السراء والضراء. .
فعلى مدى اكثر من خمسة عقود كان فيها من العناصر الفاعلة. عمل في معظم أقسامها القيادية والتنفيذية، وشارك في معظم مؤتمراتها العلمية، وشهدت له مكتبتها بتأليف مجموعة كبيرة من الكتب. اما عن مقالاته ودراساته الداعمة لها فيكفي ان اقول انها اصبحت من المصادر المرجعية التي يعتمد عليها طلبة الدراسات العليا في المجالات التخصصية المرتبطة بالموانئ. .
أنا أتكلم الآن عن رجل عمل على متن معظم سفنها، وشغل منصب مدير المتابعة العلمية، ومنصب مدير السيطرة البحرية، ومدير التفتيش البحري، ومدير ميناء خور الزبير، ومعاون المدير العام، ثم اصبح وزيرا للنقل، ورئيسا للجنة النقل النيابية في البرلمان. .
رجل ارتفعت في زمنه الموارد والمخصصات والحوافز والأرباح إلى السقوف العليا، وفتحت في زمنه أبواب البعثات والدراسات التطويرية خارج العراق (في مصر ومالطا وبريطانيا والإمارات). .
لكن هذا الرجل، ومن كان على شاكلته من الذين خدموا الموانئ، اصبحوا غرباء الآن عليها، وتقطعت بهم السبل باستثناء علاقاتهم الطيبة مع شريحة محدودة من العاملين فيها. .
اصبحنا منذ مدة لا نعرف شيئا عما يدور في الموانئ، ليس لأننا نعيش في عزلة، بل لأن صورتها صارت ضبابية ومعقدة، واحيانا تبدو مبهمة. شديدة الغموض، حتى بات من الصعب فك شفرتها والتعرف على اسرارها. .
لا يندم المواطن المخلص على عطاءه، ولا ينتظر المعاملة بالمثل، لكنه يتألم كثيراً عندما يرى ان عطاءه ذهب مع الريح. .