عندما يتحول الشيوعي الى رأسمالي فاروق مصطفى نموذجا


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7821 - 2023 / 12 / 10 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

وانت تتجول في مدينة السليمانية تلفت انتباهك الكثير من المشاريع والبنايات والشركات التابعة للملياردير فاروق مصطفى، فأكبر وأجمل بناية في قلب السليمانية يملكها فاروق، وأكبر مستشفى اهلي هو مدينة فاروق الطبية، واقوى شركة اتصالات في العراق عموما "اسيا سيل" يمتلكها فاروق، فالرجل يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة فاروق القابضة، التي تضم 27 شركة في 12 قطاعًا، كالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والأسمنت والبناء والصناعة.

في زمن ماض كان فاروق مصطفى الشخص الثاني في القيادة المركزية المنشقة عن الحزب الشيوعي العراقي، بعد إبراهيم علاوي، فتاريخه مليء بالثورية والكفاح، يقول في كتابه "ذكرياتي":

(حين أتفوه بهذه الكلمات يكاد قلبي يتفطر من الألم وينقبض حسرةً على أيام عظيمة كافحنا وناضلنا فيها بغية إعادة العلاقات والارتباطات المفككة وتأسيس المنظمات الحزبية مجدداً في وضع عويص كان الموت يهددنا في كل خطوة وفي كل منعطف. تلك أيام أفتخر بها وأتذكرها ما حييت). ويقول في مكان آخر من الكتاب: (توجب علينا اتخاذ خطوات سريعة لهذا الأمر، كنت حتى ذلك الحين موظفا في بغداد غير مختفى أعيش حياة عادية ومسؤولاً عن اللجنة العسكرية للحزب أيضاً).

فحياته كانت ثورية وحزبية الى اقصى حد، والشيوعية كانت هدفه المعلن والذي ناضل من اجله، بظروف العمل السري والعلني:( تلك كانت آخر ليلة قضيتها في الظهور العلني في تلك المرحلة من الحياة، وتبدلت حياتي وتحولت إلى تجارب اختفاء في المدن وفي داخل مقرات الحزب في جبال وقرى كوردستان).

في مدينة السليمانية الكثير من الناس تثني عليه وعلى اعماله، فهم يرون انه له الفضل في اعمار مدينتهم وتجديدها عبر مشاريع البناء الكبيرة، ليس اخرها بناء نفق في وسط المدينة على حسابه الخاص، ويقولون انه يتكفل بمعيشة العشرات من العوائل والطلبة، وايضا فهو لم ينسى "رفاقه" السابقين في القيادة المركزية، فلم يمر به أحد منهم الا أكرمه، وقد عرفت شخصا كبيرا في السن من هؤلاء، سمع به فاروق مصطفى فعينه مديرا في شركة اسيا سيل.

كانت عباراته وجمله حمراء "الصراع الطبقي، تشريك وسائل الإنتاج، الطبقة العاملة، الطبقة البرجوازية.. الخ"، اما اليوم فقد تحولت الى "اقتصاد السوق، تأسيس شركة، الأرباح السنوية...الخ"، وهو تحول كبير في شخصية شيوعية قيادية.

هناك الكثير من الآراء المتداولة عن ثروت فاروق مصطفى، والتي يقال انها بلغت أكثر من ثلاثة مليارات دولار، وحسب بعض تلك الآراء فان ثروته تلك جاءت بعد ان "باع روحه للشيطان"، ويقصدون حزب البعث، فقد اشتروا صمه وتخليه عن "النضال الثوري"، وهناك رأي يقول انه باع سلاح رفاقه في الحزب وأثري من خلالها؛ لا يهم كيف جاءت ثروة فاروق مصطفى او فخري كريم او سعد البزاز، المهم انهم عندما يقدمون عملا إنسانيا فقد يكون جزء منه التكفير عن ذنب ما، وهذه الاعمال "الروبن هودية" كفيلة بتوضيح الكثير من الأشياء.

وهكذا تستمر قصص وحكايات هؤلاء الأثرياء، الذين صاروا يتكاثرون في هذا البلد المليء بالفقراء والكادحين، فهناك أكثر من 250 مليارديرا، ممن تخطت ثرواتهم عتبة المليار دولار، وهناك اكثر 16 الف مليونيرا، ممن تجاوزت ثروتهم عتبة المليون دولار، في مقابل 25% من سكان هذا البلد يعيشون تحت خط الفقر حسب وزارة التخطيط، أي على اقل من دولارين يوميا؛ لكن لا يهم ما دام الأثرياء "الشيوعيين" يكتبون مذكراتهم.
طارق فتحي