هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟.....26


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7796 - 2023 / 11 / 15 - 09:59
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية     

إهداء إلى:

القابضات، والقابضين على الجمر، من أجل الإنسان.

الطامحات، والطامحين، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

الحزبيات، والحزبيين، الحريصات، والحريصين على تغيير الواقع، من أجل أن يصير في خدمة مصالح الكادحات، والكادحين.

المناضلات، والمناضلين، من أجل بناء الأداة، التي تقود ذلك التغيير؟

محمد الحنفي

خاتمة / خلاصة عامة:

وهكذا نجد أنه، في تناولنا لموضوع:

هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟

نجد أننا، اضطررنا إلى تناول التطلع، بمفهومه الذي يهدف إلى تحقيق التطلعات الطبقية، بطرق مشروعة، أو غير مشروعة، مقابل تناول الطموح، الذي اعتبرناه نقيضا للتطلع، والذي لا يركب صاحبه إلا العمل المشروع، المشترك، من أجل تحقيق الأهداف، التي لا تكون إلا مشتركة، بين جميع أفراد الشعب الكادح، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من منطلق السعي إلى تحرير الإنسان، وديمقراطيته، واشتراكيته؛ لأن الطموح لا يكون إلا مشتركا، ولا يعتمد في تحقيق أهدافه، إلا على العمل المشروع، بخلاف التطلع، الذي يسعى إلى تحقيق التطلعات الطبقية، سواء تعلق الأمر بالطرق المشروعة، أو غير المشروعة؛ لأن التطلعات الطبقية، لا تخص إلا الفرد المتطلع طبقيا، الذي لا يهمه أن تكون طرق الوصول مشروعة، أو غير مشروعة، بقدر ما يهمه: مراكمة الثروات، التي تنقل المتطلع إلى مستوى البورجوازية، أو إلى مستوى الإقطاع، حتى تصير له مكانة البورجوازية، أو مكانة الإقطاع، في المجتمع المغربي، انطلاقا من واقع متردي، أصلا، لا يمكنه تحقيق التطلعات الطبقية، إلا بالطرق المشروعة، وغير المشروعة، في نفس الوقت، كالنهب، والارتشاء، وتلقي امتيازات الريع، وغيرها من الممارسات، التي يقع حولها إجماع، بأنها غير مشروعة.

فإذا كان الطموح، لا يتحقق إلا بما هو مشروع، ولا يسعى الطامح، أبدا، إلى النهب، وإلى الارتشاء، وإلى تلقي امتيازات الريع، ولا إلى الاتجار في الممنوعات، من القيام بالعمل المشترك، ولا من أجل تحقيق الأهداف المشتركة، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية؛ لأنه، إذا قام بذلك، يفقد كونه طموحا، ويتحول إلى تطلع.

وحتى نلم بالموضوع، من مختلف الجوانب، التي تناولناها بالتحليل، في أفق أن تصير واضحة، في أذهاننا، وبعد التقديم، نكون قد تناولنا مفهوم الطموح، ومفهوم التطلع، وما بين التطلع، والطموح، كما بين المتناقضين؛ لأنه، يستحيل التطابق بينهما. فالتطلع، ليس هو الطموح، والطموح، ليس هو التطلع، لأن التطلع، لا يكون إلا فرديا، خاصا بالأفراد، الذين يسعون إلى تكبير الثروات، والطموح، لا يكون إلا للجماعات، والشعوب، التي تسعى إلى التحرير، وإلى الديمقراطية، وإلى العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروات المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

والمجتمع، الذي يسود فيه التطلع، لا يمكن أن يكون إلا مجتمعا فاسدا، يسود فيه النهب، والإرشاء، والارتشاء، والريع، والاتجار في الممنوعات، والتهريب، وغير ذلك، مما يؤدي، بالضرورة، إلى تحقيق التطلعات الطبقية. أما المجتمع الذي يسود فيه الطموح، فيخلو من الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ويعمه العمل المشترك، وتتوفر فيه إمكانية تحقيق الأهداف الكبرى، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، نظرا لأن تحقيق تلك الأهداف، هي التي تناسب الطموح الاقتصادي، والطموح الاجتماعي، والطموح الثقافي، والطموح السياسي.

وانطلاقا مما رأينا، نجد أن المتطلعين، يقفون وراء خراب الفكر، وخراب الممارسة، على المستوى الاقتصادي، وعلى المستوى الاجتماعي، وعلى المستوى الثقافي، وعلى المستوى السياسي؛ لأن خراب الفكر، وخراب الممارسة، هو الذي يساعد، بشكل كبير، على تحقيق التطلعات الطبقية، التي يعتبرها المتطلعون، هدفهم المحوري؛ لأنه إذا لم تتحقق تطلعاتهم الطبقية، يكونوا قد خسروا كل شيء، كما أن هؤلاء المتطلعين، يقومون، بدور كبير، في خراب العمل المشترك، الذي يسعى الطامحون إلى اعتماده، في المجتمع، الذي يتعارض مع سعيهم، إلى تحقيق التطلعات الطبقية، خاصة، وأن العمل المشترك، يؤدي إلى سيادة وعي معين، بين الأفراد، المساهمين في العمل المشترك، بالإضافة إلى كون العمل المشترك، يؤدي إلى توزيع الثروات بين الأفراد، الأمر الذي لا يساعد على تحقيق التطلعات الطبقية، ولا يستفيد منه إلا الطامحون، الذين يحرصون على استفادة جميع أفراد المجتمع، من العمل المشترك، ودور المتطلعين، في خراب العمل المشترك، يقود إلى انتشار الخراب الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وهي أشكال من الخراب، التي تأتي نتيجة للفساد، الذي يسعى إلى نشره المتطلعون، في المجتمع، حتى يصير في خدمة تحقيق تطلعاتهم الطبقية.

وفي نفس الوقت، فإن الطامحين، يقفون وراء تطور الفكر، والممارسة، ووراء تقدم المجتمع، وتطوره، بتسييد العمل المشترك، بين معظم أفراد المجتمع، في العمل الجماعي، من أجل تحقيق الأهداف الكبرى، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية، وقيام الدولة الاشتراكية، التي تشرف على تنظيم التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وفي جميع القطاعات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الطامحين، يقومون، بدور كبير، في جعل العمل المشترك، معتمدا، في المجتمع. نظرا لكونه يساهم، بشكل كبير، في اعتماد التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، بالإضافة إلى دور الطامحين، ومن خلال اعتماد العمل المشترك، في الازدهار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، يعود على المجتمع، بالنفع اللا محدود: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وإذا كان التطلع، لا يكون إلا فرديا، لأنه يخدم مصالح الفرد، في تحقيق تطلعاته الطبقية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من خلال جعل جميع أفراد المجتمع، في خدمة تحقيق التطلعات الطبقية، للمتطلعين، الذين لا يرتوون من شره الثروات، التي تتجمع لديهم، فيطلبون المزيد. وعلى عكس التطلع، نجد أن الطموح، لا يكون إلا جماعيا، ولا يكون فرديا، أبدا، خاصة، وأن الطموح، يسعى إلى إشاعة العمل المشترك، بين أفراد المجتمع، مما ينتج عنه التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، بالإضافة إلى كون الطموح، يسعى إلى تحقيق الأهداف الكبرى، المتمثلة في التحرير: تحرير الإنسان من العبودية، ومن الاستغلال، ومن الاستبداد، وتحرير الأرض، أو ما تبقى منها، من الاحتلال الأجنبي، وتحرير الاقتصاد من التبعية، ومن خدمة الدين الخارجي، وتحقيق ديمقراطية الشعب، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية.

والصراع القائم بين الطموح، والتطلع، لا يمكن اعتباره، إلا صراعا طبقيا، نظرا لكون الطامحين: العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والجماهير الشعبية الكادحة، والشعب المغربي الكادح، يحرصون جميعا، على أن تكون الثروة، في متناول الجميع، عن طريق التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وقيام الدولة الاشتراكية، الحريصة على رعاية التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية.

ومعلوم، أن الصراع بين الطبقات الاجتماعية، هو مطور الواقع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وفكريا، ومعرفيا، وغير ذلك.

ذلك، أن التطلع، لا يكون إلا في خدمة الاستغلال المادي، والمعنوي، لأنه لا ينشط إلا في المجتمعات، التي تسود فيها البورجوازية، ويسود فيها الإقطاع، أو التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وتسود فيها كافة ممارسات كافة أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يوفر إمكانية تحقيق التطلعات الطبقية، التي يحرص المتطلعون على تحققها، في ظل الفساد القائم، على جميع المستويات. الأمر الذي يترتب عنه: أن تحقيق الطلعات الطبقية، يؤدي إلى تحديث البورجوازية، وإلى تحديث الإقطاع، ولأن البورجوازية عندما تتقادم، تصبح معرضة لكافة الأخطار، ولأن الإقطاع، كذلك، إذا تقادم، يصير معرضا لكافة الأخطار. وتحقيق التطلعات الطبقية، يؤدي إلى تجددها، نظرا للتحول الذي يعرفه الواقع، بتغير البورجوازية، والإقطاع، اللذين يتم تجديدهما، عن طريق تحقيق التطلعات الطبقية. وبالنسبة للطموح، فإنه لا يكون إلا في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والتطلع، لا يكون إلا في خدمة الاستغلال المادي، والمعنوي، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لازدياد ثروات الأثرياء، ولمضاعفة فقر الفقراء، في الوقت الذي نجد فيه: أن الطموح، لا يكون إلا في خدمة النضال، ومن أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية. والشعب، أي شعب، لا يسعى إلى احتضان التطلع، بقدر ما يسعى إلى احتضان الطموح، وفي المجتمع الرأسمالي، أو الرأسمالي التبعي، لا يسود إلا التطلع. أما في المجتمع الاشتراكي، فلا يسود إلا الطموح.

والصراع القائم بين روسيا، والغرب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، هو صراع بين الطموح، والتطلع. فروسيا تسعى إلى إيجاد عالم متعدد الأقطاب، والغرب، بقيادة الولايا المتحدة الأمريكية، يسعى إلى أن يبقى العالم، محكوما بقطب واحد، هو الولايات المتحدة الأمريكية، التي تفعل ما تشاء، آناء الليل، وأطراف النهار، لا راد لما تريد، ولا لما تحكم به، بينما نجد أن طموح روسيا، في تعدد الأقطاب، يذهب أدراج الرياح.

ونحن، عندما نقارن بين روسيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وما يسعى إليه كل منهما، من طموح، أو تطلع، فإننا نجد أنفسنا، أمام إشكالية عويصة، لا نستطيع الخروج منها، نظرا لكون الطموح، لا يتحقق إلا بإنضاج شروط تحققه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. وكذلك الشأن، بالنسبة للتطلع، فإن إنضاج شروط تحققه، المتمثلة في انتشار كافة أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يمكن المتطلعين، من تحقيق تطلعاتهم الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. الأمر الذي يترتب عنه: أن تحقيق التطلعات الطبقية، يجعل الثروات الكبرى، تتحرك، وبجعل هذه الثروات، تحرك الواقع، الذي يصير في خدمة المتطلعين، على مدار الساعة، واليوم، والشهر، والسنة، من أجل أن يكتوي العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وأن تكتوي الجماهير الشعبية الكادحة، وأن يكتوي الشعب المغربي الكادح، بتحقيق خدمة التطلعات الطبقية، من أجل أن يبقى القطب الواحد، هو السائد، بفعل قوة الواقع المادي، والمعنوي.

غير أن روسيا، ومن معها، تعمل ليل نهار، من أجل تسييد طموح العالم المتعدد الأقطاب، الذي يسعى إلى استحضار الشعوب، في فرض تحقيق الطموح المنشود: ماديا، ومعنويا، سعيا إلى جعل الشروط القائمة، لا يمكن أن تنتج إلا الطموح، ولا تنتج التطلع، أبدا، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى للإنسان: العمل على تحقيق كرامة الإنسان، مهما كانت، وكيفما كانت، أملا في جعل الإنسان، ينعم بإنسانيته، من خلال تمتعه بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل.

والتطلع، لا يصير تطلعا، إلا بجعل الواقع، يخدم مصالح الأفراد المتطلعين. أما الطموح، فلا يصير طموحا، إلا بكونه يخدم مصالح الجماعة، ومصالح المجتمع، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. وإذا صار التطلع، نقيضا للطموح، وهو نقيض له بالفعل، عندما يصير الطموح معبرا عن مصلحة الجماعة، وعندما يصير التطلع معبرا عن مصلحة الأفراد الساعين إلى تحقيق تطلعاتهم الطبقية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى تكتمل الدائرة، التي يسعى إلى تحقيقها المتطلعون طبقيا، من أجل أن يصير اكتمال الدائرة متحققا، على جميع المستويات، لأنه بدون اكتمال الدائرة، لا يتحقق التطلع، الذي يسعى إلى تحقيقه المتطلعون طبقيا.

ونحن عندما نتعامل مع موضوع:

هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟

نجد أنفسنا مدفوعين إلى إعادة طرح الأسئلة، المطروحة سابقا، باعتباره خلاصة الموضوع، جملة، وتفصيلا:

فما المراد بمفهوم الطموح؟

وما المراد بمفهوم التطلع؟

فما هي أوجه التناقض القائمة بين الطموح، والتطلع؟

وما المقصود بالمتطلع؟

وما المقصود بالطامح؟

هل الفروق القائمة بين المتطلع، والطامح، كالفروق القائمة بين المحتكر، والمناضل، من أجل التحرر، والديمقراطية، والاشتراكية؟

كيف يكون المجتمع، الذي يسود فيه التطلع؟

وكيف يكون المجتمع، الذي يسود فيه الطموح؟

هل يقف المتطلعون وراء خراب العمل المشترك؟

أي دور للمتطلعين، في الخراب الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؟

هل التطلع، لا يكون إلا فرديا؟

هل الطموح، لا يكون إلا جماعيا؟

أليس الصراع بين الطموح، والتطلع، صراعا طبقيا؟

أليس التطلع، في خدمة الاستغلال المادي، والمعنوي؟

أليس الطموح في خدمة النضال من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية؟

هل يسعى الشعب، أي شعب، إلى احتضان التطلع؟

هل يسعى الشعب، أي شعب، إلى احتضان الطموح؟

ألا يوجد إلا التطلع، في المجتمع الرأسمالي، والرأسمالي التابع؟

ألا يسود إلا الطموح، في المجتمع الاشتراكي؟

ألا نعتبر، أن الصراع القائم بين روسيا، والغرب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، صراع بين الطموح، والتطلع؟

ونحن، عندما أعدنا طرح نفس الأسئلة، في الخاتمة / الخلاصة العامة، فلأننا سعينا، إلى أن يصير التفكير في التطلع، ومضاره على البشرية، وعلى مستقبلها، وجعلها في خدمة الاستغلال المادي، والمعنوي، وإلى أن يصير التفكير في الطموح، وفوائده، على البشرية: سليما، وهادفا، إلى تغيير الواقع، لصالح جميع أفراد المجتمع، الراغبين في التغيير: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، عن طريق تحقيق طموح البشرية، في التحرير، وفي الديمقراطية، وفي العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، التي تضمنن للإنسان سعادته، كم تضمن له الاطمئنان على مستقبله، وعلى مستقبل أبنائه، وبناته.