هل تحترم الأحزاب الديمقراطية والتقدمية واليسارية والعمالية استقلالية التنظيمات الجماهيرية؟.....8


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7817 - 2023 / 12 / 6 - 10:25
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

العلاقة بين التنظيمات الحزبية المذكورة والعمل الجماهيري:

والتنظيمات الحزبية المذكورة، تختلف علاقاتها، حسب طبيعتها. فعلاقة الأحزاب الديمقراطية، بالتنظيمات الجماهيرية، ليست هي علاقة الأحزاب الديمقراطية التقدمية، بالتنظيمات الجماهيرية، وليست هي علاقة الأحزاب التقدمية اليسارية، بالتنظيمات الجماهيرية، وليست هي علاقة الأحزاب الديمقراطية التقدمية اليسارية العمالية، بالتنظيمات الجماهيرية. وهذا الاختلاف، هو الذي يعطي للتنظيمات الجماهيرية دينامية، نظرا لتنوع العاملين، الفاعلين في التنظيمات الجماهيرية، المنتمين إلى الأحزاب المذكورة، ونظرا لتنوع الأهداف، التي يسعى المنتمون إلى كل حزب، إلى تحقيقها، مما يحول التنظيمات الجماهيرية، إلى إطار، يقترب من كونه: جبهة وطنية للنضال من أجل الديمقراطية، لأن جميع الأحزاب، تناضل من أجل الديمقراطية، بالإضافة إلى كون الأحزاب المذكورة، تختلف في فهمها للديمقراطية، على مستوى الأهداف، التي يسعى كل حزب إلى تحقيقها، وهي طريق عمل مناضليه، في مختلف التنظيمات الجماهيرية. فالحزب الديمقراطي، يوجه مناضلاته، ومناضليه إلى طرح المطالب، ذات الطبيعة الديمقراطية فقط، والحزب الديمقراطي التقدمي يوجه مناضلاته، ومناضليه إلى طرح المطالب ذات الطبيعة الديمقراطية التقدمية، والحزب الديمقراطي التقدمي اليساري، يوجه مناضلاته، ومناضليه، إلى العمل على تحقيق الأهداف الديمقراطية التقدمية اليسارية، والأحزاب الديمقراطية التقدمية اليسارية العمالية، توجه مناضلاتها، ومناضليها، إلى العمل على تحقيق الأهداف ذات الطبيعة الديمقراطية التقدمية اليسارية العمالية.

وعندما يعمل المنتمون إلى كل حزب، حسب التوجيه، الذي تلقوه من الحزب الديمقراطي، أو الديمقراطي التقدمي، أو الديمقراطي التقدمي اليساري، أو الديمقراطي التقدمي اليساري العمالي، فإنهم يصيرون متفاعلين، مع المنتمين إلى مختلف الأحزاب المذكورة، مما يجعلهم يقتنعون بوجهات النظر المختلفة، ويقنعون المنتمين إلى مختلف الأحزاب، بوجهات نظرهم. وما يتم التوصل إليه من خلاصات، يكون للتنظيم الجماهيري، ولا يمكن نسبته إلى أي حزب، ليصير ما يتم التوصل إليه من خلاصات، لا يكون إلا إلى التنظيم الجماهيري.

والتنظيم الجماهيري، سواء كان جمعية ثقافية، أو جمعية تربوية، أو جمعية حقوقية، أو أية جمعية أخرى، أو تنظيما نقابيا، تعتبر تنظيما ديمقراطيا تقدميا جماهيريا مستقلا وحدويا، وعلى الأحزاب المختلفة المذكورة، أن تعمل على احترام ديمقراطيتها، وتقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها، ووحدويتها، حتى تبقى تنظيما جماهيريا إيجابيا، لتفاعل الأفكار، التي يطرحها هذا التوجه، أو ذاك، من أجل أن يقتنع به الآخرون، الذين يحرصون، بدورهم، على إقناع الآخرين، المختلفين معهم.

ومعلوم، أن التنظيم الجماهيري، يبقى تنظيما جماهيريا، وأن التنظيم الحزبي، مهما كان، وكيفما كان، يبقى تنظيما حزبيا، سواء كان تنظيما ديمقراطيا، أو تنظيما ديمقراطيا تقدميا، أو تنظيما ديمقراطيا تقدميا يساريا، أو تنظيما ديمقراطيا تقدميا يساريا عماليا. والتنظيم الجماهيري، يكون للعاملين في قطاع معين، أو في مجموعة من القطاعات، كما هو الشأن بالنسبة للنقابة، التي يجب أن تحرص على ديمقراطيتها، حتى تصير، فعلا، مجالا لتفاعل الأفكار، من أجل الإقناع، والاقتناع، في أفق الخروج، بخلاصات ديمقراطية، إلا إذا كان التنظيم الجماهيري، حزبيا صرفا، أو بيروقراطيا، أو تابعا للسلطة، أو لحزب معين، ليطرح سؤالا، أو مجموعة من الأسئلة:

هل يمكن اعتبار التنظيم الجماهيري الحزبي، إطارا جماهيريا؟

هل يمكن اعتبار التنظيم الجماهيري البيروقراطي، إطارا جماهيريا؟

هل يمكن اعتبار التنظيم الجماهيري التابع، إطارا جماهيريا؟

والذي يعطي الشرعية لهذه الأسئلة، هو أن هذه التنظيمات المعتبرة جماهيرية، تتلقى الأوامر من الحزب، أو من الجهاز البيروقراطي، أو من الجهة التي يتبعها التنظيم الجماهيري. وهو ما يعني: أن التنظيم الجماهيري، عندما لا يكون ديمقراطيا، تقدميا، جماهيريا، مستقلا، وحدويا، يكون شيئا آخر، لا علاقة له لا بالديمقراطية، ولا بالتقدمية، ولا بالجماهيرية، ولا بالاستقلالية، ولا بالوحدوية، ولا هم يحزنون، ليصير التنظيم الجماهيري، إما حزبيا، والتنظيم الحزبي، تنظيم حزبي، لا يمكن أن يكون ديمقراطيا، بالمعنى الجماهيري، ولا يمكن أن يكون تقدميا، ولا جماهيريا، ولا مستقلا، ولا وحدويا، كما أن التنظيم البيروقراطي، تنظيم بيروقراطي، لا يمكن أن يكون ديمقراطيا، أو تقدميا، أو جماهيريا، أو مستقلا، أو وحدويا. والتنظيم التابع، تنظيم تابع، لا يمكن، كذلك، أن يكون ديمقراطيا، تقدميا، جماهيريا، مستقلا، وحدويا؛ لأن الجهة، التي يتبعها التنظيم، المحسوب جماهيريا، والموجهة له، لا يمكن أن تقبل منه ذلك.

وهناك تنظيم محسوب جماهيري معين، يطبع على بطاقة الانخراط فيه، وينص في قوانينه، على أنه منظمة ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، وحدوية. وهو تنظيم، تحول، مع مرور الأيام، إلى تنظيم بيروقراطي حزبي، يقع تحت وصاية حزب معين، يدعي اليسارية، والذي صار يقتات من التنظيم البيروقراطي الحزبي، الذي يعتبر كل منخرط في التنظيم البيروقراطي الحزبي، جزءا لا يتجزأ من الحزب، الذي يدعي اليسارية، والمتحكم في التنظيم الجماهيري الحزبي، الذي لا علاقة له لا بالديمقراطية، ولا بالتقدمية، ولا بالجماهيرية، ولا بالاستقلالية. وإلا، فلماذا لا ينخرط في التنظيم المذكور، إلا المنتمون للقطاع العام، الذي ينتمي إلى الدولة، ويتنصل، ما أمكن، من تنظيم القطاع الخاص، حتى لا تدخل الطبقة العاملة في التنظيم الجماهيري، وحتى لا ينشغل بمشاكل الطبقة العاملة، ومع ما لكي وسائل الإنتاج، وتقديم الخدمات، في القطاع الخاص، ومن أجل أن يصطدم بهم، الذين يقبلون على تنظيم القطاع الخاص، في تنظيماتهم الجماهيرية، في الأجهزة المحلية للتنظيم الجماهيري، الذي لا يرقى، أبدا، إلى مستوى المسؤوليات الوطنية، حتى إذا ظهرت فيه تلك المشاكل، تبقى ذات طابع محلي، ويمكن للتنظيم المحلي، أن يتخلص منها، بعد العمل على حل المشاكل محليا.

وعندما نعتبر أن التنظيم الجماهيري، تنظيم جماهيري، فإن معنى ذلك، أن هذا التنظيم، تحترم فيه الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، يعمل باستمرار، على حل مشاكل القطاعات العامة، والقطاعات الخاصة، دون كلل، أو ملل. لا يهمه إلا العمل على تنظيم القطاعات العامة، والقطاعات الخاصة، والعمل على فرض الحلول لمشاكلها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ودون تلقي أي توجيه، من أية جهة، مهما كانت هذه الجهة، وكيفما كانت؛ لأن التنظيم الجماهيري، عندما يكون مستقلا، وديمقراطيا، وتقدميا، وجماهيريا، ووحدويا، يصير، كذلك، لا يعبأ بأية جهة، مهما كانت هذه الجهة، ويحرص، فقط، على احترام مبادئه، ويعمل على تفعيلها، من خلال تفعيل التنظيم، في مستوياته المختلفة.

وانطلاقا مما سبق، وانطلاقا من مبدئية التنظيم الجماهيري، التي يجب أن تكون مفعلة في التنظيمات الجماهيرية المختلفة. فإن التنظيم الجماهيري، الذي كنا معتزين به، بعد التأسيس مباشرة، وبديمقراطيته، وبتقدميته، وبجماهيريته، وباستقلاليته، وبوحدويته. إلا أنه، مع مرور السنين، تحول إلى تنظيم جماهيري، يتم التنصيص في وثائقه المختلفة، بما في ذلك النظام الأساسي، والنظام الداخلي، على المبادئ المذكورة. إلا أنها، لا تحترم في الواقع التنظيمي؛ لأنه تحول إلى تنظيم بيروقراطي حزبي، نظرا للطابع البيروقراطي للقيادة الوطنية، والقيادات الجهوية، والإقليمية، والمحلية، ونظرا لتحكم الحزب، الذي وقف التنظيم الجماهيري وراء وجوده، ونظرا لاندماج هذا الحزب، مع أحزاب أخرى، يوم 18 دجنبر، سنة 2022، ليصير التنظيم الجماهيري، جزءا لا يتجزأ من حزب الاندماج، الذي يحمل اسم: حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.

فالتنظيم الجماهيري الحزبي، ليس تنظيما جماهيريا؛ لأنه تنظيم حزبي، كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وكما هو الشأن بالنسبة للكنفيدرالية الديمقراطية للشغل.

أما التنظيم الجماهيري التابع، فهو تنظيم جماهيري تابع، وليس تنظيما ديمقراطيا، تقدميا، جماهيريا، مستقلا، ووحدويا، بالمعنى الصحيح. فأمره بيد الجهة، التي يتبعها، والتي غالبا ما تموله، خاصة، وأنه ليس مستقلا، أبدا، مهما كان، وكيفما كان؛ لأنه، لا يستطيع الاعتماد على نفسه، في التمويل، نظرا لضعف منخرطيه، الذين لا يتحملون الزيادة في الاشتراك السنوي، أو الشهري، إن كان هناك اشتراك شهري، نظرا لكون الأجور، ضعيفة جدا، ولا تتحمل المصاريف الزائدة، حتى وإن كانت ضعيفة، فإن الأجور، لا تتحملها، ونحن نعرف، جيدا، أن الاقتصاد الأسري لدى الأسر المحدودة الدخل، دون مستوى الاستجابة للحاجيات الضرورية لحفظ كرامة الأسرة، مما يجعل منه اقتصادا ضعيفا جدا.