المرأة بين الدين، والواقع، وما هو مسطر في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.....1


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7927 - 2024 / 3 / 25 - 16:15
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها     

المرأة / الإنسان: مفهوم يستعصي استيعابه، من قبل المسلمين، كما تستعصي أجرأته، في القوانين المعمول بها، في دول المسلمين، حتى وإن تم إقرار الدساتير بإنسانية المرأة، انطلاقا من إقرار هذه الدساتير بالإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، وحتى نقارب مفهوم المرأة / الإنسان، حصرنا موضوعنا هذا في:

"المرأة بين الدين، والواقع، وما هو مسطر في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان".

لنتخذ محاور هذا الموضوع في:

المرأة الإنسان.

موقف الدين من المرأة.

واقع المرأة في المجتمع القائم، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

واقع المرأة في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

فالمرأة الإنسان، هي التي تحترم كرامتها الإنسانية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، في الحياة العامة، وفي حياتها الخاصة، في إطار الأسرة، أو العائلة، أو الجيران، أو الحي.

واحترام كرامة المرأة، لا يتم إلا بتمتيعها بكافة حقوقها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. لا فرق بينها، وبين الرجل، في كل شيء، بما في ذلك الإرث، الذي يجب أن تتساوى فيه المرأة، والرجل، وأن لا تعتبر الذكورة، ميزة للرجال، على النساء، وخاصة، في هذا العصر، الذي تبرهن فيه المرأة، على أن قدراتها، لا تختلف عن قدرات الرجل، العضلية، والعقلية، والفكرية، والقيام بمختلف المهام، التي يقتضيها القيام بعمل معين، أو بوظيفة معينة، مع خاصية الإخلاص، في العمل، وجودة الإنتاج، والخدمات، بالنسبة للمرأة، دون أن ننفي: أن هذه الإمكانية، يمكن أن تتوفر، كذلك، في الرجال، الذين يقومون بعمل معين، أو ينجزون خدمات معينة. ودون عن بعض النساء، أنهن يتقاعسن في عملهن، أو في قيامهن بتقديم خدمات معينة.

وإنسانية المرأة، تقتضي: تمتيعها بكافة الحقوق: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، باعتبارها حقوقا إنسانية، وفي إطار مجتمع، يتمتع جميع أفراده، بنفس تلك الحقوق، مع الحرص على إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، حتى تطمئن على احترام إنسانيتها، مما يحفظ كرامتها الإنسانية، كيفما كانت الشروط، التي يعيشها المجتمع، الذي تعيش فيه المرأة.

ومن مظاهر احترام إنسانية المرأة، مساواتها بالرجل، في الحقوق، وفي الواجبات، وفي تحمل المسؤوليات، وفي الوصول إلى مراكز القرار، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، وفي الانخراط في الأحزاب السياسية، وفي المنظمات الجماهيرية، وفي الجمعيات الحقوقية، بعيدا عن وصاية الرجل، أو وصاية القوانين، أو مراقبة المجتمع؛ لأن كل ذلك، يساهم، بشكل كبير، في حرمان المرأة من العديد من الحقوق، بطريقة غير مباشرة.

وحتى تتمتع المرأة بإنسانيتها، يجب أن تصير كباقي أفراد المجتمع، متمتعة بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية؛ لأن حرمان المرأة من حريتها الفردية، في إطار حرمان المجتمع من الحرية الجماعية، يترتب عنه: الحرمان من الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. والحرمان من الديمقراطية، يترتب عنه: الحرمان من العدالة الاجتماعية، الذي لا يعني، في العمق، إلا إهدار الكرامة الإنسانية.

ولذلك، فعدم تمتع المرأة بحقوقها المختلفة، وبالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، لا يعني إلا إهدار كرامتها، وهو ما يعني: ضرورة الحرص على احترام الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، كسمات للمجتمع، الذي تتمتع فيه المرأة بكافة حقوقها الإنسانية، التي تعلي من شأن المرأة / الإنسان، وتعلي من شأن المجتمع، الذي يضمن للمرأة، التمتع بكافة الحقوق.

موقف الدين من المرأة:

وفيما يخص موقف الدين من المرأة، فإن علينا: أن نعرف أن أقدم الأديان، كانت تتعامل مع المرأة، على أنها دون مستوى الرجل، فكرا، وممارسة، وقوة، مما أوقعها تحت رجمته، وفي نفس الاتجاه، صارت الأديان السماوية الثلاث: اليهودية، والمسيحية والإسلام.

ونحن، هنا، نقف عند حدود موقف الدين الإسلامي من المرأة، الذي لا يختلف عن موقف الأديان السابقة عليه، الذي يجعل المرأة دون مستوى الرجل، على جميع المستويات. ف "الرجال قوامون على النساء"، و "للذكر مثل حظ الأنثيين"، و "للرجال عليهن درجة".

وإذا ورد في النص الديني، ما يفيد بأن الرجال، والنساء، متساويان، كما جاء ذلك في القرءان: "والمومنون والمومنات بعضهم أو لياء بعض". وكما روي في الحديث: "النساء شقائق الرجال". فإن السائد: هو عدم الأخذ بمنطوق، وبمفهوم، هذه النصوص الدينية، التي تنص، صراحة، على المساواة بين النساء، والرجال، ليتم الأخذ بالنصوص الدينية، التي تنص، صراحة، على المساواة بين النساء، والرجال، ليتم الأخذ بالنصوص الدينية، التي تفضل الرجل على المرأة، في كل شيء، على مستوى العقيدة، وعلى مستوى الشريعة، وعلى مستوى القوانين، بمرجعية دينية، وعلى مستوى التقاليد، والأعراف، مما يجعل تقدم المرأة، وتطورها، معاقا في كل المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يكرس دونية المرأة، التي تحمل معها عقدها النفسية، والعقلية، والجسدية، لتبقي حاجتها إلى حماية الرجل لها، حاضرة في فكرها، وفي ممارستها اليومية: على مستوى الأسرة، وعلى مستوى العائلة، وعلى المستوى العام، وصولا إلى اعتبار مسألة بنيوية.

وانطلاقا من هذا التصور، لموقف الدين من المرأة، نجد أن المرأة:

1 ـ في النص الديني، دون مستوى الرجل، ولا يمكن، أبدا، أن تكون مساوية له، أو أفضل منه، التي، وإن أثبتت ذلك بالقول، والفعل، فيما هو قائم، كما هو حاصل على أرض الواقع، في كل بلد من بلدان المسلمين؛ لأن الشخوص الدينية، لا تقر بمساواة المرأة للرجل، أو لا أفضلية لها عليه، حتى وإن كان الواقع، يؤكد ذلك.

2 ـ أن الشريعة، تقوم بأجرأة دونية المرأة، من خلال تنظيمها للعلاقة بين الرجل، والمرأة، ورصد ممارستها، في إطار الأسرة، وفي إطار العائلة، وعلى مستوى المجتمع، الذي تعيش فيه، وفي تنقلاتها المشروطة، بوجود محرم.

3 ـ أن القوانين المسماة بقوانين الأحوال الشخصية ،أو قوانين الأسرة، القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، والتي تحرص على أن تكون بمرجعية دينية، بالإضافة إلى مرجعيات أخرى، لم تحسم في الكثير من الممارسات، المكرسة لدونية المرأة، على مستوى الأسرة، وعلى مستوى المجتمع، مما يجعل اعتمادها، لمرجعية حقوق الإنسان، مشوها، ولا يرقى، أبدا، إلى درجة اعتبار الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مصدرا لتشريع القوانين المتلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المذكورة.

أن مدونات الأحوال الشخصية، أو مدونات الأسرة، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، بصيغتها القائمة، وبمرجعياتها المتعددة، تقف وراء استمرار تكريس دونية المرأة، مهما كانت، وكيفما كانت مكانتها العلمية، والمعرفية، والتقنية، ومهما كانت مؤهلاتها، ومهما ارتفعت درجة الخدمات، التي تقدمها للمجتمع، مما يجعلها مستمرة في تخلفها الفكري، والعقلي، والوجداني، والذي لا يبرزه إلا قبولها بسيطرة العادات، والتقاليد، والأعراف، على كل حياتها، حتى لا تستطيع تجاوز ما هو مألوف في المجتمع.

5 ـ أن العادات، والتقاليد، والأعراف، التي يدعي القيمون عليها، في أي مجتمع للمسلمين، أنها بمرجعية دينية، تلعب دورا كبيرا، في تكريس دونية المرأة، اقتصاديا. واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. فكل شيء يمارسه الناس، في مجتمعات المسلمين، يكون على أساس: أنه من العادات، والتقاليد، والأعراف، يعتبر بمصدر ديني، حتى، وإن لم يكن الأمر كذلك. وهو ما يصطلح على تسميته ب:

الإسلام الشعبي.

الذي يستهدف بالدرجة الأولى: العلاقة بالمرأةـ التي تصير مقيدة بالعادات، والتقاليد، والأعراف، المجسدة للإسلام الشعبي.

6 ـ أن مجتمعات المسلمين، عندما تخضع الممارسة لمقاسات الدين الإسلامي، والشريعة الإسلامية، فلأنها تركز بالدرجة الأولى، على مسلكية المرأة، وبالدقة المطلوبةـ وعلى العلاقة بها:

هل تطابق ما جاء به الدين الإسلامي؟

هل تطابق ما حددته الشريعة الإسلامية؟

أم أن مسلكية المرأة، لا علاقة لها لا بالدين الإسلامي، ولا بالشريعة الإسلامية؟

ودون إخضاع ممارسة الرجل لنفس المقاسات، من منطلق: أن الرجل يبقى خارج دائرة المراقبة، مما يجعل الحرية النسبية، بالمفهوم الليبرالي، من حق الرجل. والمرأة تبقى محرومة من تلك الحرية النسبية، بموجب الدين الإسلامي، وبموجب الشريعة الإسلامية، وبموجب مدونة الأحوال الشخصية، أو مدونة الأسرة، في كل بلد من بلدان المسلمين، وبموجب العادات، والتقاليد، والأعراف.

7 ـ أنه، لا أحد، في مجتمعات المسلمين، مسؤولين، وأحزابا عينية، يطرح: أن مجتمعات المسلمين، تعاني من الاستغلال الرأسمالي، والرأسمالي التبعي، ومن التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ومن أدلجة الدين الإسلامي، المتنوعة، والمتشعبة. ومن التخلي عن الدين الإسلامي، كشأن فردي، واعتبار أدلجة دول المسلمين، والأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، على أنها هي الإسلام الحقيقي، ومعاناة مجتمعات المسلمين، ومنها المرأة، من كل ذلك، مما يقف وراء تعميق الاستغلال الهمجيـ لكادحات، وكادحي مجتمعات دول المسلمين، مما يجعل هذه المجتمعات، تزداد تخلفا، بقدر مضاعفة الاستغلال الهمجي، لهذه المجتمعات، ولترتفع، تبعا لذلك، معاناة المرأة، التي لا حدود لها.

8 ـ أن لا أحد، في مجتمعات المسلمين، يتعرض للاستغلال المزدوج، الاستغلال الذي تتعرض له كادحات، وكادحي المجتمع، واستغلال الرجل للمرأة، وباسم الدين الإسلامي، في البيت، مما يجعل معاناتها مضاعفة، خاصة، وأن المرأة في مجتمعات المسلمين، لا زالت في معظم الأحيان، مرتبطة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، بالرجل، وتابعة له، بسبب تخلفها، وسيادة الأمية، والعطالة، في صفوفها. فكأنها خلقت لتكون معذبة.

وكيفما كان الأمر، فإن موقف الدين الإسلامي من المرأة، وتكريسه لدونيتها، على مستوى القول، والفعل، جعلها لا ترقى إلى مستوى المرأة، في الدول المتقدمة، والمتطورة. هذا الموقف، وهذه الممارسة، اللذين ضاعفتهما أدلجة الدين الإسلامي، وازدادتا مضاعفة بسبب الاستغلال الرأسمالي التبعي، لمجتمعات المسلمين، وللمرأة بالخصوص. وهو ما يقتضي: إعادة النظر في القيم المعتمدة في التعامل مع المرأة، من أجل الوصول إلى ضرورة استحضار التحولات العميقة، التي تعرفها البشرية، بما فيها مجتمعات البلدان العربية، ومجتمعات بلدان المسلمين، وخاصة، فيما يتعلق بأجرأة الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي لا زالت بلدان المسلمين بعيدة عنها، مما يؤدي إلى استمرار المرأة، في معاناتها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يبقى تحقيقها، أو زوالها، رهينا بمدى تحول مجتمعات البلدان العربية، ومجتمعات بلدان المسلمين، في الاتجاه الصحيح، المؤدي إلى تطور المجتمع، وتطور المرأة، في نفس الوقت.