الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....7


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6992 - 2021 / 8 / 18 - 10:55
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

إصرار المسؤولين على عدم وضع حد للفساد الانتخابي:

6) ويظهر من خلال الممارسة اليومية، أن المسؤولين، لا يسعون، أبدا، إلى وضع حد للسمسرة في ضمائر الناخبين، كما سمت وزارة الداخلية ممارسيها، أو التجارة في ضمائر الناخبين، كما نسميهم، نحن، ويظهر من خلال الممارسةالقائمة في الواقع، أن السلطات القائمة في المغرب، باعتبارها سلطات مخزنية، أو باعتبارها سلطات الطبقة الحاكمة، لا تضع في اعتبارها، محاربة أي شكل من أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومنه الفساد الانتخابي، والإداري. وهي أشكال من الفساد، أصبح يعرفها القاصي، والداني، وممارسوها أصبحوا معروفين، كنار على علم، في المجال الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما ينتج عنه: انتشار كل أشكال الفساد، في المجتمع، وكأنها أشكال مشروعة، مع أن ممارسيها، يعرفون أنها غير مشروعة، وأن المستهدفين بها، يعرفون، كذلك، أنها غير مشروعة، والسلطات القائمة، وانطلاقا من القوانين المعمول بها، تعرف أنها غير مشروعة، مما يجعلنا نعتبر: أن كل من يعرف أنها غير مشروعة، لا من الممارسين، ولا من المستهدفين، ولا من السلطات القائمة، التي تدرك أنها غير مشروعة، يعتبر مساهما، من قريب، او بعيد، في انتشارها في المجتمع، وفي تخريبها للفكر، والممارسة، والواقع، والمؤسسات القائمة.

فالمواطن البسيط، عندما يرى الفساد، ولا يجد من الوعي به، وبخطورته، على المسار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ولا يرى، كذلك، إلا من يقاوم ذلك الفساد، ويعمل على محاصرة ما يضر في الواقع، وفي الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، معتبرا أنه مشروع، ويشرع في التفاعل معه، وينخرط في ممارسته، التي يدرك، من خلالها، أنه يشكل خطرا على الواقع، ولكنه لا يدرك أن من واجبه الامتناع عن ممارسته، خاصة، وأن المسؤولين، يدركون خطورة الفساد، بأنواعه المختلفة، على الواقع، ولا يعملون على وضع حد له.

فمشروعية الفساد المنتشر في الواقع، هي مشروعية مبتدعة، من خلال التعود عليها، في الممارسة اليومية، وليست مشروعية قانونية.

والمشروعية القانونية، لا يمكن أن تسمح بمشروعيتها؛ لأنها لا تسمح بالفساد، ولأن الفساد لا يعني إلا خراب الواقع، وخراب المجتمع، وخراب الإنسان، وخراب الحياة العامة، والخاصة: الجماعية، والفردية، وخراب المؤسسات.

وقد كان، من المفروض، أن السلطات القائمة، تعمل على حماية الشعب، وحماية المجتمع، وحماية الجماعات الترابية: الحضرية، والقروية، وحماية المؤسسات المختلفة، التي يقصدها الأفراد، وتقصدها الجماعات، من كل أشكال الفساد، التي تقود إلى الخراب الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وخراب المؤسسات المختلفة؛ لأن حماية الشعب، وحماية الأفراد، وحماية الجماعات، وحماية المؤسسات، من المهام التي لا يمكن أن تقوم بها إلا السلطة القائمة، التي تتحمل مسؤوليتها، في حماية الجميع من الفساد. فهي سلطة فاسدة، وبأبعادها المختلفة، سواء كانت تشريعية، أو تنفيذية، أو قضائية.

وإذا كانت هذه السلطات فاسدة، فهي التي تعمل على انتشار الفساد، من منطلق الشعار، الذي يردده الكثير من الناس، الذين يحتفون بالفساد، بأنواعه المختلفة.

ونظرا لكون المسؤولين، من السلطات، في مستوياتها المختلفة، لا يعملون على محاربة الفساد، فإن ذلك لا يعني إلا أن هؤلاء المسؤولين، يستفيدون استفادة معينة من الفساد، في طبيعته الاقتصادية، وفي طبيعته الاجتماعية، وفي طبيعته الثقافية، وفي طبيعته السياسية، وفي طبيعته الإدارية، وغيرها من أشكال الفساد الأخرى.

وكل من يستفيد من واقع معين، فإنه يحرص على المحافظة عليه، وحمايته من التلف، والعمل على تطويره، حتى يضاعف استفادته منه. ومعنى ذلك: أن السلطات القائمة، تعمل على المحافظة على الفساد، بأنواعه المختلفة، كما تعمل على انتشاره، وتحرص على كونه يضاعف التخريب، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وفي المؤسسات، حتى وإن كانت هذه المؤسسات جماعية، أو برلمانية، تخرب هي، بدورها، جيوب المواطنين، وتعمل على إغراق المواطنين بالديون، حتى لا يستطيعوا رفع رؤوسهم إلى عنان السماء؛ لأن رفع الرؤوس إلى عنان السماء، لا تحبذه السلطات القائمة، كما لا تحبذه المؤسسات القائمة على أساس الفساد، ومستمرة على أساس حماية الفساد.

والذي يهمنا هنان هو موقف السلطات القائمة، في كل مكان من المغرب، من الفساد الانتخابي، الذي لم يعد مقبولا في فرز مؤسسات منتخبة، على أساس تكريس الفساد الانتخابي، مما يجعلنا نتساءل:

لماذا لا تقوم السلطات المسؤولة، في كل مكان من المغرب، بوضع حد للناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات.

لماذا لا تقوم السلطات المسؤولة، في كل مكان من المغربن بوضع حد ل: (سماسرة الانتخابات)، كما تسميهم وزارة الداخلية، أو لتجار الضمائر الانتخابية، كما نسميهم نحن؟

لماذا لا تضع السلطات المسؤولة، حدا لقيام المرشحين، من معظم التوجهات، بشراء الضمائر الانتخابية، من تجار الضمائر الانتخابية، من أجل الوصول إلى الجماعات الترابية، أو إلى البرلمان.

هل معنى ذلك، أن هذه السلطات، تسمح ببيع الضمائر الانتخابية، وبالاتجار فيها، وبشرائها، من أجل الوصول إلى عضوية المؤسسات الجماعية، أو البرلمان؟

وهل يمكن القول: بأن السلطات التي تسمح بممارسة الفساد الانتخابي، وبالعمل على حمايته، هي سلطات فاسدة؟

وهل يمكن القول، أيضا، أن القابلين بالمشاركة في أي انتخابات، لا تكون إلا فاسدة، يمكن اعتبارهم فاسدين، حتى وإن كانوا ديمقراطيين / يساريين؟

والسلطات المسؤولة، في كل مكان من المغرب، لا تقوم بوضع حد للناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، في كل انتخابات. وهم، بذلك، يسيئون إلى أنفسهم، وإلى الجماعة التي ينتمون إليها، وإلى الشعب المغربي، وإلى وطنهم الذي لا يشرفونه، وإلى الدولة المغربية، التي تتراجع سمعتها الطيبة، إلى الوراء، بسبب كون ناخبيها، يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، مما يؤثر بشكل سلبي، على سمعة الدولة؛ لأن الذين يشترون ضمائرهم، لا يشرفون الوطن، وهم مجموعة من الانتهازيين، الذين يحرصون على الوصول إلى مراكز النهب الاقتصادي، والاجتماعين والثقافي، والسياسين إلى درجة: أن النهب يعتبر ماديا، ومعنويا، في نفس الوقت.

والسلطات المسؤولة، في كل مكان من المغرب: في الشمال، كما في الجنوب، في الشرق، كما في الغرب، لا تقوم بوضع حد للفساد، المتمثل في عرض الناخبين، لضمائرهم الانتخابية، على رصيف الانتخابات، ول: (سماسرة الانتخابات)، كما تسميهم وزارة الداخلية، أو التجار في ضمائر الناخبين، كما نسميهم نحن، خاصة، وأن هؤلاء يعملون على نشر الفساد الانتخابي، في صفوف الجماهير الشعبية، بالخصوص، وفي صفوف الكادحين، على الأخص. الأمر الذي يترتب عنه: الإساءة إلى الناخبين، الذين يتحولون إلى مجرمين في حق أنفسهم، وفي حق وطنهم، وفي حق الشعب المغربي، ووقوفهم وراء إيصال الفاسدين، إلى مراكز المسؤولية، الأمر الذي يترتب عنه: اعتبار سماسرة الانتخابات، يقومون بتحريض الناخبين، على بيع ضمائرهم، إلى فلان، أو علان. كما يعتبرون مشاركين في تصعيد الفاسدينن إلى الجماعات الترابية، التي ينهبون كل مواردها. والسلطات المحلية التي لا توقفهم عند حدهم، تعتبر، كذلك، مشاركة في الجريمة.

ووضع حد لقيام المرشحين، من معظم التوجهات، بشراء الضمائر الانتخابية، من تجار الضمائر الانتخابية، الذين سمتهم وزارة الداخلية، ب: (سماسرة الانتخابات)، ونسميهم نحن بتجار الضمائر الانتخابية، من أجل الوصول إلى عضوية الجماعات الترابية، أو إلى البرلمان، لا بد من:

ا ـ اتخاذ الإجراءات الضرورية، ضد الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، بما في ذلك التشطيب عليهم، من اللوائح الانتخابية، وإحالتهم على المحكمة، من أجل أن تقول كلمتها فيهم.

ب ـ اتخاذ الإجراءات الضرورية، في حق سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، بضبطهم متلبسين، بجريمة السمسرة أو التجارة في ضمائر الناخبين، والحيلولة دون ورود أسمائهم في اللوائح الانتخابية.

ج ـ الحيلولة دون استمرار ترشيح المرشحين، عبر سحب ترشيحهم، وتقديمهم للمحاكمة، بتهمة ضبطهم يرتكبون جريمة شراء ضمائر الناخبين، التي تسيء إليهم، وإلى الناخبين، وإلى الشعب، وإلى الوطن، وإلى الدولة المغربية، على المستوى الدولي.

ذلك أن جريمة الاتجار في ضمائر الناخبين، تشمل التوجه إلى البائع، وإلى التاجر الوسيط، وإلى المشتري، وجريمة كهذه، تقتضي أن يشمل الاتهام، العارضين ضمائرهم للبيع، والوسطاء، والمرشحين الذين لا يراهنون إلا على شراء ضمائر الناخبين.

وإذا كانت السلطات القائمة لا تتخذ الإجراءات الضرورية، لإيقاف تشغيل جريمة الاتجار في ضمائر الناخبين، وحماية هذا الاتجار. وهي بذلك تعتبر مشاركة في إنتاج الفساد الانتخابي، والعمل على حماية ذلك الفساد. وهو ما يقتضي القيام بعمل ما، لجعل الجماهير الشعبية الكادحة، تمارس الاحتجاج ضد السلطات القائمة، وقيام الأحزاب الديمقراطية والتقدمية، بالتهديد بمقاطعة الانتخابات، إذا استمرت السلطات المسؤولة، في السماح بالاتجار في ضمائر الناخبين.

وما لم تمنع السلطات القائمة، هذا الاتجار في ضمائر الناحبين، وإحالة العارضين ضمائرهم للبيع، وسماسرة أوتجار ضمائر الناخبين، والمرشحين المشترين لتلك الضمائر على المحاكم، في كل مكان، من التراب الوطني، فإن هذه السلطات تعتبر مشاركة في جريمة إنتاج الفساد الانتخابي.

ويمكن القول: بأن القابلين بالمشاركة في أي انتخابات، لا تكون إلا فاسدة، يمكن اعتبارهم فاسدين، حتى وإن كانوا ديمقراطيين، أو يساريين؛ لأن الديمقراطي، واليساري، لا يشارك إلا في انتخابات مشروطة بالحرية، والنزاهة، لا وجود فيها، لأي شكل من اشكال الفساد.

وما يجري في أي انتخابات، في المغرب، لا يمكن وصفه إلا بالفساد، والفساد يلوث الذات، والمحيط، في اللحظة الراهنة، ويلوث المستقبل، كما لوث الماضي، والماضي عنما يصير ملوثا، يجلب التلوث إلى الحاضر، كما يمتد التلوث، من الحاضر، إلى المستقبل.

ففساد الانتخابات، في ماضي المغرب، يجعل الانتخابات في الحاضر، لا تكون إلا فاسدة، وفسادها، يمتد إلى المستقبل، من خلال وصول الفاسدين إلى المسؤوليات الجماعية، وإلى البرلمان، لممارسة الفساد السياسي، بمعناه الواسع، بالإضافة إلى الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، الذي يمتد عبر المؤسسات المنتخبة، إلى المستقبل. والذي لا يمكن التخلص منه، إلا بالتخلص من الفاسدين، المتمثلين في الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، وفي سماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، وفي المرشحين من ذوي الماضي الأسود، الذي تعودوا على التصعيد، إلى عضوية الجماعات الترابية، وإلى البرلمان، الذين تعودوا على التصعيد، إلى عضوية الجماعات، وإلى البرلمان، من خلال تحمل المسؤوليات، التي لها علاقة بالنهب المباشر، وغير المباشر.