أسطورة الوفاء


مراد زهري
الحوار المتمدن - العدد: 6372 - 2019 / 10 / 7 - 20:30
المحور: الادب والفن     

في مطرح الأوباش النجساء

أصلي من أجل الماء

بعد ما توضأت بدماء الشهداء

أستغفر اللوسفير بطلاسم الرحمة بكل شجن و بكاء

راجيا الإشارة الخضراء

من الاباء و المارجة مريم العذراء

و من جمارك المتوسط و سبعة اولياء

* * *

في الكوموسوليوم البربر و الرعاء

أقتات من ريق رق الحلفاء

زنرت أذني أباطيل الشراذمة و الدهماء

توهجت و دمعت سحايا من صبيب الدباء

العصعص يأجر النسيم كأنه زمهرير الشتاء

أجندل المهد بأشواك القنفد و بجلد الحرباء

و أصفده بتعاويذ الشر المغموس في الخرثاء

* * *

تستيقظ الأعصاب الهائجة المنتشية بتربيبة القفعاء

القفعاء خالجت ؛ عششت و فرخت في جمجمتي كتاكيت اللعنة و الهوس و جعلتها زوراء

قلعت منها عبير السعادة و الفرح و شحنتها بالكراهية و الجفاء

القفعاء جدة الرب شيبة عاصية عاتية من العرب الأجلاف الأشقياء

دهمتني و هدمتني بكل شر و عدوان و جسمت نقمتها و كراهيتها أمام كل الرقباء

عند التلاسن و المجادلة تستبقني إلى العظمة بالمسكنة و الشكاء

فتردعني العظمة ؛ تزم روحي ، تستنزف دموعي و تجدها مطية لإيداع القروش في بنك الوفاء

* * *

يبطنني الاكتئاب و القنوط ، ترتعد فرائصي و ترتعش ثم أصبح مكلوم مشؤوم و أنف مع الرفاق و الزملاء

في الجحر أتتجمجم و ألتوي على مكابلي المصلية بنار القدر . و في نصف النهار تحرمني القفعاء من المدقس و فضلات الجوزاء

عندما ألتجأ للقضاء أترافع بكل تقهقر و بكاء

العظمة تكتكت في أذني و ترشيني بقروش ثم تسري إلى العلاء

تتركني بائسا يائسا ذليلا و القفعاء تطرحني في الجحر كما يطرح القتيل و تبقى هي و القوداء غلباء

ذات يوم على تباخير البؤس و الغربة رجمتنيي القفعاء بكتل سميثية بكل قوة و صعداء

و أنا أقفز على أموال النسباء و هي تهرول ورائي بين الدرجة و الباحة في الظلماء

* * *

مستقبلاتي تستقبل الجمرات كأنها قنابل الحلفاء

لسانها منخرط في السب و الشتم و تُسْمِعُ للكلب و الشمطاء

تلاوحت على أهدابي اللعنة و الكآبة و ذهبت لكهف الجن و اغتصبت الشهباء

هبت تباخير الجن من هول أحد اللحاء

سائلا عن حالي ، أجبته أنني في غماء بعد غماء

رد بكلام منقول من عالم أو علماء

هذا الكلام لا يشفي غليلي و لا يجبر كسر نفسي و لا يسقي فؤادي و وضعته تحت الحذاء

* * *

خرجت فذهبت لاشتري حلوة الفناء من عند بذرة الأرض العاقر المحجرة الشوكاء

نظر إلي مسمرا عينيه مكحلتين بالسهاد ، تردد هنيهة و اختار النحاء

ثم ذهبت الى سلالة الغاء الأجلاف ، قمهرت من عندهم ذو الحدين و فصلت أوردة الحياه فما أنا بفناء و لا بإغماء

بعدها توجهت إلى روضة المقبور الشقوق بالقمر ، مستنجدا قبرا عليه غطاء

قبرت عائشة القديسة يدي بكتانة الكفن و جغمة من الدواء

بعد الانتهاء ، كنشت إسمي في دفتر النزلاء

ثم سائلت ابن القحباء عن داء

* * *

لوى لسانه و نكر صوته و أخنس أنفه بكل تفاخر و خييلاء

غير آبه بي و وعظ عن إضافة كل الأوصال و الأحشاء

خرجت ذليلا حسيرا لا ألوي و لا ألتفت مطأطأ رأسي أجر ورائي أذيال الكرب و الإعياء

البرد يزفزف يصفق شغافي ، الأسنان تصدك و زاد العراء إيذاء

معدتي تغرغر تشتكي من النص المعمر ببسطيلة مع الزيتون المقطع و الفاصولياء

و صلت إلى الخربة الكئيبة و هي في طور البناء

عرجت على شرفة سلالة الغاء ،ثم إلى المقصدر القريب من السماء

* * *

افترشت رقيقة السميثية الرطبة و رميت من فوقي رداء

في الصباح قفزت من قمرة الرقباء فارتطمت بالأرض أمام كل الأصدقاء و الأعداء

مر بي النهار الحارق و أنا أطوطح بين الدروب كتغنجاء

تخنجاء هي قصبة على رأسها أعراش من النعناع تربطهما قطعة قماش بيضاء

خلال الجذب و الجفاف و في منتصف النهار يحملنها مجموعة من النساء

بتهاليل و أهازيج مثل صلاة الإستسقاء

يرغبن و يرجون من الله الشتاء

* * *

في المساء ذهبت إلى القفعاء بتؤدة و هدوء و ابلغتها بخور الأطباء

أملا أن تُقرصها خصالها الحميدة و دماثة خلقها و تزيد روحها صفاء و نقاء

لكن اندثرت و فارت و هاجت كالحمقاء

مدت لي تباخير الغربة لكي تبلغ العظمة عن حالي بكل كذب و ازدراء

فكنت من النبهاء هرولت به إلى عيني من أجل الشراء

كان يتسكع مع ابن الفنانين المتملق العناب العطاء

ذاهبان إلى بوابة حلية الحمراء

* * *

ناديته بصوت خافت دون أن ينتبه الأصدقاء

تسلطت من عينه الخضقاء أسارير العطف و الحب و كان من الرحباء

مد لي ثلث ثمنه و قال لي الباقي حتى بعد المساء

قال لي أيضا إنها أموال فاكهة الشوك المحملة بالحصى و من اكثرت منه فهي عصماء

أَمَّنِي ففتح لي شقة القوداء بكل محبة و سرور و قسماته بهجاء

ارتطمت فوق حاجبة المدقس بكل راحة و هناء

اعتبرت نفسي فيها كأنني أخدتها للكراء

* * *

في الصباح توجهت إلى طريق بلدة أمين الأتقياء

رميت في معدتي كعكة و رشفت معها عصير العجماء

انتظرت قليلا ثم جائت قافلة الصحراء

ركبت دون ان أعرف وجهتي و لا ثمن الأداء

المهم ان لا أعود إلى القفعاء و ابتعد عنها لعلى و عسى أتذوق طعم الهدوء و أستنشق بعض الهواء

آملا أن أجد كردة عليها غلة تامرة ألفظ حمولتي المصلصلة ، كما تلفظ الرياح المشرقية سمومها في البطحاء و البيداء

لكن أملي كأمل الغربال بحبس قطرة ماء

* * *

أنا دارعا في عمير و بين زاوية و حبيبة المجدوب على أن يأملني الغول ابن البربرية الخمجاء

أجد الكبرياء منتصبا شامخا واقفا بخنجره في الوراء

شمس النهار تفتق جمجمتي و برد الليل يهصر عظامي و يحدودب ظهري و بوصلتي تيهاء

هَرِمَ الرأسمال وهزل و بات يتأنن من البنية و الزرقاء

ترسل لي وزارة القضاء برقية استئناف بكل عطف و رثاء

تبلغني أن القفعاء أضحت ضعفاء

اعود إلى هولوكوست القفعاء و بين طياتها هي و القوداء

* * *

تقبل الباب المقصدر و تربي زوجة الماء و ملاك الشنقاء

تلذعني رهبة ثم تبصقني إلى الحفرة المشبعة بماء الخراء

أهلم إلى شوكتي و أخلد للصمت كأنني في السجن بدون سجناء

بين الفينة و الاخرى تتربص بي و تتحفز لإشباعي سبا و شتما بلسانها المضاء

أنا لاقط الولولات النابيات التي تزعزع مجاري المزودة المكززة النجلاء ، فأنخرط في الصماء

و تبقى تسقسق و تتدلل على نخاع العظمة هي و القوداء ، خالقين لأنفسهم متعة من سمفونيات العيطة من أداء أفحل الشعراء

و الصدى يلفظ على مسودة الضجيج و الضوضاء

* * *

أتألم في بؤرة الصبر أحيانا و أخرى أرد جلالة الحديد بقوة و أنا متحسرا و متذمرا متوعدا باللقاء

أدرع ثانية على برودة الجاسوسة تارة وحدي و تارة مع السفهاء

بلبتني براثين العروس الحذباء

الجيوب مستنزفة و الأسلاف موصدة و الشهوة مرسفة بأغلال الأنفة و نفسي خنقاء

حتى لعب معي الشيطان ورقة الحظ عند أبواب حلية الحمراء

ربحته في كسب العين اليمنى بين ثنايا المساجد و الأحياء

و مع ابن الشرقاوي أمين الأتقياء أكملت خريطة الخلد و البقاء

* * *

و ها أنا أصلي صلاة القهر أدعوا فيها الشيطان بكل شجب و هجاء

أمضي في قصي النسيم و أغبن نفسي عن ما يكابده قلبي من رغد و رخاء

أركب سفينة الإرادة و أبحر بعيدا عن الغوغاء

في تاج بابل أقطر النجوة و أتغنج مع زوجات و بنات خاتم الأنبياء

المقدسة تلفظ رحيقها في بطن سبأ و البتراء

أرصع المرحاض بالأحجار الكريمة و أزخرفه بالمعادن النفيسة و أرضيته ذهب و فسيفساء

أصطاد أخطبوط العروبة علقمة الأعداء ، لأجل سجنه في القفص القريب من باريس الصحراء

* * *

العين تغزو الجنة و تمزق مؤخرة الرب و تنكح آدم و حواء و حي حواء

تنام على ريش الكاروبيم ، تفض الحور و ابنة الحفصاء

تشرب من قدح قارون ؛ تمسح عجيزتها بالخبز المقدس ، تهتك المجدلية و زوجات خاتم الأنبياء و ابنته الزهراء

يكدح له حام ، يلمج العنبر و يتغوط بين الأثداء

يقفل موكب الكواكب و يعدن في الجنان بالأمصار و الأرجاء

يهشم مال قارون ؛ عرش سليمان ، علم الخضر و عبقرية الأنبياء

ينعم في جنان بابل و سبأ و يعرج هناك في العلياء

* * *

ألهق حب عيني كما يلهق العطشان قطرة ماء

أسدل أجفان الدم و الإخاء

جرمي لا تقتص منها ، ترأف بكل رقة و لباقة و كلماتي النابية تطرجمها حصافة و خمياء

الوجدان و الجوارح تحترق على موقد الغربة و الظهارة تنتشر على الصراط المزنر بأشواك العدماء

تهب النواقل حبها بتباخير البؤس و الفقر في وطن قلبي المستعمر بجنود البر و الكبرياء

تجد المتيم متقهقر و مشغول بشجن العشيرة : السميثية لفظت العظمة و داء السكري يقرعها و يسقطها احيانا و أخرى
يسمطها على حلبة الجنس و القطع ثكلى و الحليل حبلى و الآخر بين الأثناء

أحدثها عن العاطفة فتترقرق شهيقا و إشفاقا و ترنوا للماضي شجية و هجاء

* * *

تتلألأ و تنطق بأسارير الكآبة و يكتب على بؤبؤتها الشاردة على ما يبطنها من ألم و عناء

تقرحت و فاضت رحمة وحنانا و قرمزياتها تعطس بشرارات الرصاص المطفية على سانية العزاء

دامعتان...النكس ينسكب عليهما و تخيم بهم الظلمة و العتمة ، الأجفان يسبحان في بركة المتذمرين الملوثة بسراب العشيرة و الجند البؤساء

تنتشر نار عدن على قوامه الممشوق الرشيق الهيفاء

سحابة الكربة تطفره الرعونة تارة و أخرى يقاسم الأهاجيس مع مزدحمة عبيد البخاري الهمجاء

عند التهلل و الاعتذار ، ترتسم على شفتيه بسمة حزينة و يهدن قلبه و يعود لون وجهه الرونق الوضاء

تقرصه أحشائه الشريرة لتندثر و تفور ، لكن صوت المحبة و العواطف ينتصر على صوت المرشد و الكعاء

* * *

أحباله المهولة تمزق أوثار قلبي و تصلبه على صليب الأطلال الحنينة و الشوقاء

يتأوه قلبي العجوز و يتحسس إلى صوتها...كأنه صوت القيصرية تستقبلها بسيطته و ترن عظامه و تمحق فؤاده و تقبله على الفناء

تأيلني ذليلا حسيرا أجر ورائي أذيال التردد و التذمر ، فتغدقني في البلاء

اللسان يلجم في الحلق و القلب يرقص على تلاوة التفان و العين تتدحرج منها دموع الندماء

لماذا !!! لماذا !!! أنت حديد البصر نافذ البصيرة ، ترصد الدابة كأنك زرقاء اليمامة و بصيرتك أمامي عجزاء

ليث أن ترجمني طير ابابيل و أعوم في حمم البراكين على أن تمطرني دموعك العذباء و يقعرني لسانك الرناء

أتحسب أنني صارم قوي كفاء ، كلا فأنت صخر و أنا الخنساء

* * *

في ضحى الثالث من أيلول أشبه بيوم القيامة ، جبجبت حول تباخير رحيق الطحالب المغمرة في قدح دموع و عرق الففيفياء

الرب راكب على براق الشيطان ، انار بنوره الشارق و الضياء . كأنه قنديل يتوسط متمورة بليلة ظلماء

بيننا الصراط الملولب المزنر بأشواك العدماء

قُرْبَ مَخْفَرِ جُنْدٍ قَفْرٍ ••• جُنْدِيُّ بِرِّ مُقْبِرِ بِمَخْفَرِ قَلْبٍ

رَشَّ جُنْدِيٌّ قَفْرِ لَقْطٍ بِأرْضِ ••• وَ زَلَّفَ جُنْدِيُّ بِرِّ وَ هُوَ خَمُرِ

نرنوا رويدا إلى الصراط ، تارة إنقشاع و أخرى عمشاء

بعد 46 يوم ، أوحى الله الى نبيه ، فزلزل القلب و أسدل الجنان و حرك العنان و لجم اللسان و الأعين سواء

* * *

في الغد متفردا بالتوهج و المروءة و الحياء...دائما يستبقني بالمكارمَ و السخاوة و سريرته بهجاء

تغمر في حبيبك الفرحة . تملئ جعبته فستقا ، مشغلات و شوكولاتة الخضراء . كما عهدك : الجود و الكرم واسع العطاء في السراء و الضراء

انت خباء في كبد صحراء...تروي الضمآن ، تلوذ عابر السبيل و تكنفه في كفن الرخاء و الهناء

تطرد الأرواح الشريرة من ظلماته ، تهمد جروح شغافه و تجُبُّه من القطعاء و الجهلاء

كم من طامث في حسك حبل الأوفياء و في ذاته شذرات اللؤم و الشؤم . ينغمس مع العشواء و الفهماء

آه يا حَيَّانِ . أفلا يعلم أنه يسبح في ثغر ملامات و يلوب على رب المنامات و أنك داهية باقعة راجح العقل الأخاد الذكاء

هيهات هيهات ، يا أبتااااه !!! ويل للمسحاء و اللحاء و أشباه اللحاء
* * *

أأيكمننا العلاقمة الرعاوين المدبرون الفقراء و نحن أثنينا دهاة الأحابيل الفطناء

أأيتدرثنا الأجلاف البؤساء و حبنا مقبر في بطن مومياء

أأتسلسلنا الأرواح الرجيمة و نحن كسرناها بناموس سليمان و رششناها بحليب القران و لفلفناها بفراش المدنس بحيض النساء

أأيهوتنا الدهر و يقسمنا العود و يثنينا الجحلاء و نحن ادغمتنا العصباء

أإثمد الإنس و نحن معها كحلاء و إذا فاقت عوراء

أأتحللنا الطاقة الخبيثة السلبية الوشاء و نحن و شحنة الهيام هوجاء

أأيشجنا الشجو و يفنينا الهم و تبطننا قوة الحزن البأساء و نحن عليهم أشداء أقوياء

* * *

يا بؤبؤ المتوهج في جبح الآناء

يا النجم المعطر ببخور ليلة القدر الظلماء

يا دخان نار الزئبق الملتهبة في عجيزة عبيدتك العمقاء

يا حبر ميازيبك الذي يخط في الأمواج العاتية و العواصف الهيجاء

يا وشم البهجة في قصر الذهب الأوفير المتعهد بعهد الرباء

يا نقش الجحيم الذي يوسم على أفئدة الحاخامين و الباباوات السمجاء

يا فاسل صور الحب المتبصرة بمستقبل العشيرة في زهرية المرجان المفعمة بالحناء

* * *

انت روح الموتى المستيقظ بين الأشباح المتلصلصة من ثنايا أوتار ركيلة العقراء

انت لقاح الحب المبعوثة في الأرض المسقية بعرق بنين القحباء

أنت ثمرة تفان المتدلية من شجرة السقم المغروسة في جداول مياه غسيل الأموات الجرباء

انت السيف المعضوب المستقر في حمأة المتأنية العزباء

انت تسبيحة النور المترنمة في غياهب صبايا شهود المبهوتين المتيجحين الأغبياء

أنت جنة عدن و أرعاء المسبوتين في جنح البائدة الشدقاء

أنت النار الموؤدة في مزودتنا المسلولة الموعودة لنا بالزبد و الرخاء

* * *

انت ربي و مخلصي و نبيي و وليي الزكاء

من الأزل إلى الأزل و نحن أوفياء

من الأبد إلى الأبد و نحن أشقاء

من الدهر إلى الدهر العشريتين و أنتم و نحن لحماء

بمشيئتي و مشيئة أبناء الحامدين و العاشقين و الرومان نسباء

و خلايا دمنا في الأبناء و الحفداء جمعاء

كره من كره و شاء من شاء