جَرّبهم


حنان بن عريبية
الحوار المتمدن - العدد: 5689 - 2017 / 11 / 5 - 02:31
المحور: الادب والفن     

جَرّبهم.. فعَالم مواقيت الزّمن حُفر بالتَعب وشطحات الأرق.. ونفس غصّت بشواهد الباطل من كلّ صوبٍ وحدب..ولم تتدحْرج نحو رُفات الهزائم بل مشّطت المتشعّب..رغم انسدال عنوان الوهن لسنين..
رغم أنشوطة بحلق القلاع أن لا ترسو بالمرافئ وتتلاقف مراكب الهواجس كلّ وعد بالثّبات المعتّم..جربّهم قبل اختراق باب الارتواء.. فكم عطشت وكم تكبّدت لوحدك نهم المنفى وشراسته..
وتشهد على محيّاك بقايا أفول الفزع...كم دَعوت غيمات الغسق أن ترحم طَوابير الوجع بأعماقك.. وجع يراك طيّعا لنهب زفراتك...
كم دَعوت غيمات الغسق أن ترحم طَوابير الوجع بأعماقك.. وجع يراك طيّعا لنهب زفراتك...كيف لا تجرّبهم وعالمك من معدن تعاقبت عليه المعادن لكي لا يدخله التّافهون..
ولا يَمْثُل بمَقاليد الأهازيج المشيّدة من طبقات الكرى المختومة بالأمان.. زمرة لم تشعر بالخوف ولم تشعر بهزّات القلب للحظة...

كيف لا تجرّبهم وعالمك مطرّز من عرق أحلامك التّي أجلت وأجلت.. ودفعت من عظامك مهرها..كيف لا تجربّهم مرّة ومرارا..كرّة وتكرارا..وأنت تميّز الآن بين سرب السّراب البعيد... وبين نظرة الصّقور أن تمضي ولو كنت وحيدا...
عنوانك متين.. الآن جرّبهم ولو بسؤال غبيّ.. كيف تجوّلتم بين شطآن الحياة ولم يتبللّ قيراط واحد بالملوحة..كيف لبستم فراء النّور دون ولوج الغاب المظلم..كيف خضتم مراسم الدّفء دون تخطّي مراسم الجليد..
جرّبهم فحياتك قداسة لا تحتمل الاختراق بدون صلاة للمعاناة أن لا تستمر...فكّ أسر تكاسلهم بمحيطك.. واترك لهم طوق نجاة بعرش لا يتربّع عليه إلا من خاض التّعب..
إلا من وثق يوما وتمزّق بين طيّات الخذلان..ليتّعلم الوثوق.. أصقل ميوعة الحياة بأوردتهم.. أنّها سؤال دائم.. ونضال دائم..وسعي دائم...