عالم جديد مايور وبانديه الفصل 8 الصحراء تنمو .. ظاهرة عالمية واسعة الانتشار


خليل كلفت
الحوار المتمدن - العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 02:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

رغم الإستراتيچيات الدولية المطبقة في السبعينيات، يتفاقم التصحر بسرعة على نطاق كوكبنا. ومنذ 1977، تاريخ المؤتمر الأول للأمم المتحدة بشأن التصحر، تدهورت قرابة 105 مليون هكتار من الأراضى التي كانت خصبة من قبل. وهى مساحة تعادل ما يقرب من ضعف مساحة فرنسا. ومنذ بداية التسعينيات، كان تدهور التربة أشد مما حدث خلال العشرين سنة التي سبقتها. واليوم، يؤثر التصحر بشكل مباشر في نحو 250 مليون شخص ويهدد قرابة مليار شخص يعيشون على أراض قاحلة في حوالي 110 بلد(1). ويمكن أن يتضاعف هذا الرقم من الآن وحتى عام 2050: يمكن أن يصيب التصحر عندئذ ملياري فرد، بل حتى أكثر، إذا استمر امتداد المناطق الصحراوية بمعدله الحالي.
ووفقا لتقديرات الخبراء، تمثل المناطق المجدبة وشبه المجدبة في الوقت الحالي ما يقرب من 40% من سطح الكرة الأرضية، على حين أن المساحة المنزرعة لا تغطي إلا العُشر(2). وعلاوة على هذا، فإن قرابة 70% من الأراضي القاحلة التي كانت موضوعا للاستغلال الزراعي إما تدهورت وإما تتعرض بشدة لخطر التصحر(3). ولهذه المشكلة نتائج بشرية وصحية كبيرة، نظرا لأن هذه الأراضي القاحلة هي على وجه التحديد المناطق التي تتركز فيها غالبية الـ 800 مليون شخص الذين يعانون من سوء التغذية في مختلف أنحاء العالم.
وما تزال هذه الكارثة غير مفهومة لدى جمهور الناس، الذين يربطون التصحر عادة بالصورة التقليدية للزحف العنيد للصحراء "الصحراوية". والواقع أن هذه العملية لا تتجلى دائما بطريقة منظورة على هذا النحو: إنها في آن معا أكثر تعقيدا وأكثر خبثا، ولا يمكن اختزالها إلى حركة كثبان رملية أو زحف حائط رملي(4)؛ ولا ينبغي الاستمرار في الخلط بينه وبين الجفاف(5). والواقع أن التصحر عملية شاملة من تدهور التربة والغلاف النباتي، وينتج عنهما انخفاض متزايد في إنتاجية الأراضي الزراعية الممتدة على مئات الكيلومترات المربعة(6). غير أن هذا التطور لا يؤثر إلا في البلدان النامية: وفقا لأرقام الأمم المتحدة، تتعرض 74% من الأراضي المجدبة القابلة للزراعة في أمريكا الشمالية لأخطار التصحر(7) ؛ كما أن التصحر يتعلق بنفس القدر بالمناطق شبه الرطبة، على بُعْد آلاف الكيلومترات من كل صحراء، وبالحواف المجدبة، التي تتأثر بالانكماش ثم التمدد الدوري للصحارى، تحت تأثير التغيرات المناخية. وبالإضافة إلى العامل المناخي، كان نشاط البشر، منذ آلاف السنين، ماثلا في قلب عملية التصحر(8). وهذا هو السبب في أن اتفاقية الأمم المتحدة بشأن النضال ضد التصحر، الموقعة في اليونسكو في تشرين الأول/ أكتوبر 1994، والتي صدقت عليها 145 دولة، في نهاية 1998، تقوم بتعريف ظاهرة التصحر على أنها "تدهور الأراضي في المناطق المجدبة وشبه المجدبة والجافة شبه الرطبة، نتيجة لعوامل متباينة، تشمل تقلبات مناخية وأنشطة بشرية"(9).
والمنطقة الأكثر تأثرا بالتصحر في العالم هي أفريقيا: 65% من مساحتها تتكون من أرض مجدبة، ثلثها من الصحارى المجدبة للغاية، وثلثاها أراض مجدبة وشبه مجدبة وشبه رطبة، حيث تؤدى فيها قلة هطول الأمطار إلى تسريع تدهور التربة(10)، ويعيش فيها 400 مليون أفريقي ـ أي ثلثا سكان القارة(11). وخلال الخمسين عاما الأخيرة، فقدت أفريقيا 650000 كيلومتر مربع من الأراضي المنتجة(12). ويؤثر التصحر هناك على ثلث كل الأراضي المستغلة في الزراعة والرعي؛ وتصلح نسبة 25% فقط للزراعة على مياه الأمطار(13). وإذا أخذنا المساحة الكلية للأراضي المصابة كمقياس، فإن منطقة آسيا والمحيط الهادى هى الأكثر معاناة من التصحر، حيث أن هذه المنطقة تضم حوالي نصف الأراضي المصابة بالتدهور في العالم (أيْ 24% من مساحة المنطقة)؛ أي أن 35% من الأراضي المنتجة في آسيا قد تصحرت الآن(14). وتضم الصين بوجه خاص، 34% من الأراضي التي تعرضت للتعرية والتي تبقى إعادة تأهيلها أمرا مشكوكا فيه(15)( ). وفى أمريكا اللاتينية، حيث تعانى 73% من الأراضي المجدبة التي تستخدمها الزراعة من درجات مختلفة من التدهور(16)، كما أن الولايات المتحدة متأثرة أيضا بالتصحر. والواقع أنه ما من قارة نجت من التصحر.
ويهاجم التصحر التربة المغذية؛ ويختفى مليونا طن من الطبقات الصالحة للزراعة كل شهر، على حين أن تكوين سنتيمتر واحد إضافي من التربة يستغرق ما بين 100 و400 عام. ولهذا فإنه يجب النظر إلى التربة، على مستوى المجتمعات البشرية، على أنها مورد صعب التجديد. والواقع أن الحيلولة دون التصحر أكثر ربحية من إصلاح الأراضي بعد تدهورها: وفقا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة Down to Earth، يمكن أن يستغرق إصلاح الأرض المجدبة عشرين عاما بتكلفة تقدر بما يتراوح بين 10 مليارات و20 مليار دولار في السنة. ووفقا لكلاوس توبفيرKlaus Tö-;---;--pfer، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يصل الدخل الذي يخسره السكان الذين يعيشون في المناطق المتصحرة إلى 42 مليار دولار في السنة(17)( ).
وقد قام المجتمع الدولي بتقدير المخاطر المرتبطة بالتصحر. وفي ريو، في حزيران/يونيه 1992، قرر مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية عقد اتفاقية دولية بشأن التصحر: أقر أخيرا بالنطاق العالمي للمشكلة ووافق على التفكير فيها ليس فقط على أنها مسألة بيئية بل على أنها، بصورة خاصة، مسألة تنمية عالمية تقتضي نهجا متكاملا على المستوى العالمي(18)( ). وكما يشدد جيمس د. وولفنسون، رئيس البنك الدولي، فإن "الانكباب على مشكلة التصحر ضروري للحد من الفقر ولكفالة الأمن الغذائي في البلدان النامية"(19)( ). والواقع أنه فى المناطق التي يتفشى فيها التصحر، تكون شروط الحياة شاقة للغاية، ويسود الفقر، وتتفاقم التوترات، الأمر الذي يمكن أن يؤدى إلى صراعات بين الفلاحين والرعاة الرحل، وإلى الهجرات الفجائية التي تقذف بملايين اللاجئين "البيئيين" إلى قارعة الطريق، وكذلك إلى صراعات من أجل السيطرة على المياه. ومن وجهة النظر هذه، يمثل النضال ضد التصحر تحديا للأمن العالمي مفهوما بالمعنى الواسع للعبارة. ويمكن أن تسهم الاتفاقية الخاصة بمكافحة التصحر، كما يشدد الديبلوماسي السويدي بو كجلين Bo Kjellén( )(20)، في ممارسة "ديبلوماسية وقائية" تفضل الحلول السلمية والتفاوضية التي تستند إلى تصور أوسع عن مفهوم "الأمن"(21)( ).
ولا تقتصر آثار التصحر على البيئة الطبيعية، بل تتعلق أيضا بالتراث الثقافي: هناك مواقع ساحرة مثل المدن القديمة في موريتانيا، مهددة بالدفن تحت الرمال أو مدفونة تحتها بالفعل في بعض الأحيان. ومنذ خمسة عشر عاما بدأت اليونسكو حملة لإنقاذ المدن الموريتانية التاريخية وهى أوالالا وتشنجيتى وتيشيت وكادانى؛ وفي 1982 أدرجت اليونسكو المتنزه القومي الجزائري تاسيلى ناجير في قائمة التراث العالمي من أجل تأمين المحافظة على ثرواتها الطبيعية والثقافية وتحسين الأوضاع المعيشية لسكانها. ويشكل التصحر في الوقت نفسه خطرا على أنماط الحياة التقليدية. وكان عدد كبير من السكان الرحل قد نجحوا في مقاومة خطر التوطين في عهد الاستعمار الكولونيالي والاستقلال، كما قاموا، من أجل التكيف وأحيانا من أجل الازدهار في بيئات مجدبة، بإعداد إستراتيچيات معقدة لاستغلال الموارد الطبيعية، مع الاحتفاظ بالأنماط الأصلية للتنظيم الجماعي(22)( ). وهم يجدون أنفسهم اليوم في كثير من الأحيان مضطرين إلى قبول أشكال من حياة التوطين في أسوأ الأوضاع القائمة: أنماط البؤس الحضري فى مدن الصفيح أو في مخيمات النازحين.
مشكلة بيئية
ورهان من أجل التنمية
السيطرة على آثار الزيادة الديموغرافية والحضرنة
تمارس الزيادة الديموغرافية تأثيرا حاسما على مصير المناطق المتأثرة بالتصحر. والواقع أن "أكثر من 50% من الأراضي القاحلة في العالم توجد في بلدان نامية يتعين عليها تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة لسكان يتزايدون بسرعة"(23)( ). ويظل الساحل المثل الأكثر رمزية لهذا الوضع إذ لا مناص، وفقا لكل الاحتمالات، من أن يتضاعف سكانه في غضون الثلاثين عاما القادمة(24) ( ). وقد قدرت القمة الغذائية العالمية التي نظمتها منظمة الفاو في 1996 أنه، لمواجهة زيادة سكان الكوكب، ينبغي مضاعفة إنتاج الغذاء العالمي(25)( )، وزيادة الإنتاج الغذائي الأفريقي إلى خمسة أضعاف. وفي الوقت نفسه فإنه للحد من عمليات استصلاح الأراضي، والرعي المفرط، وإزالة الغابات، التي تفاقم التصحر، ينبغي تطوير تكنولوجيات تتيح زيادة إنتاج الأراضي الحدية والهشة. وينبغي في نفس الوقت، تعزيز التعليم الذي أدى، وخاصة في العشرة أعوام الأخيرة، إلى خفض شديد في الزيادة الديموجرافية.
وفي كثير من الأحيان تكون زيادة السكان مصحوبة بحضرنة سريعة مازال لا يتم تقييم نتائجها الإيكولوجية كما ينبغي. ففي منطقة الساحل، ينمو سكان المدن بمعدل 6% سنويا، وينمو سكان المناطق الريفية بمعدل 2%، وتتواصل الهجرة الريفية بمعدل 1% سنويا(26)( ). وقد لوحظ ظهور حوالي 400 مدينة يتجاوز سكانها 100000 نسمة في المناطق شبه المجدبة خلال العقود الأخيرة، بمعدلات نمو مرتفعة بوجه عام تتراوح بين 3% و10% سنويا(27)( ). وتلجأ المدينة "المتعطشة للمياه" إلى سحب كميات هائلة من المياه إلى حد أن بعض المناطق ذات المناخ الجاف يمكن أن تستنفد كل مواردها المائية تقريبا في مستقبل قريب(28) ( ). وفي البلدان الأكثر فقرا، تهدد الحضرنة السريعة أيضا بقاء المساحات الحراجية. وفي المناطق التي ما يزال يقدم فيها الخشب والفحم النباتي الجانب الأكبر من مصادر الطاقة، فإن الاستهلاك الحضري، حول المدن، يؤدى إلى نشوء أحزمة حقيقية من إزالة الغابات، وتمتد هذه الأحزمة في بعض الأحيان أكثر من مائة كيلومتر، كما هو الحال في منطقة دلهي(29) ( ). وإذا ما استمر هذا الاتجاه فلا مناص من الوصول، في المناطق الجافة، إلى تجاور مناطق ريفية متصحرة (ومهجورة جزئيا) ومدن كبرى مكتظة بالسكان وتعانى من الإفقار الشديد. ولهذا فإن النضال ضد التصحر يفرض بالضرورة التفكير في إدارة عالمية للمناطق المعنية، إلى جانب تنفيذ مشروعات محلية نوعية.
السيطرة على التغيرات المناخية
يمثل تطور المناخ في الأجل القصير والمتوسط والطويل عاملا حاسما في عملية التصحر. ولا شك في أن التغيرات المناخية الطبيعية لها أفدح العواقب(30)( ). والواقع أن مناطق بعينها عرضة لجفاف متكرر منذ مئات بل حتى آلاف السنين. وقد عرفت أفريقيا، على سبيل المثال، دورات قحط تستمر ما بين 10 أعوام و20 عاما، في منطقة الساحل كما في شرق وجنوب القارة. وعلى الأراضي الأفريقية المتدهورة أصلا كان تأثير هذه الدورات شديدا بصورة خاصة: وفقا لبعض الخبراء يشكل انخفاض خصوبة التربة "قنبلة زمنية" حقيقية ما تزال آثارها غير مدركة تماما على الزراعات المعنية(31)( ). وفي منتصف الثمانينيات، مات نحو ثلاثة ملايين شخص بسبب الجفاف في أفريقيا جنوب الصحراء، وصار حوالي 10 ملايين شخص نازحين نتيجة لذلك.
ويؤثر دفء مناخ الأرض بصورة كبيرة على التصحر. والواقع أن ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون و"غاز الدفيئة" يعرقل إعادة تغذية طبقات المياه الجوفية ويشكل عامل تصحر(32). وعلاوة على هذا، أثبت العلماء وجود علاقة بين التغير المناخي وحموضة التربة(33). ومن المعروف أيضا أن تدهور التربة يؤدى إلى تقليص للغلاف النباتي، ويسهم بذلك على المستوى المحلي في تأثير الدفيئة(34). ويهدد تدهور التربة بالأخطار النظم الإيكولوجية الأكثر هشاشة: من المحتمل أن أفريقيا وأستراليا وأمريكا اللاتينية وغرب الولايات المتحدة سوف تكون المناطق الأكثر تأثرا بارتفاع درجة الحرارة بسبب "غاز الدفيئة"(35).
ومع ذلك تذهب عالمة، بالاستناد إلى تحليل البيانات الجيولوجية، إلى حد اعتبار أن الدفء المناخي ـ كما كان الحال خلال فترة ما قبل التاريخ ـ يمكن أن يقترن في الأجل الطويل بزيادة في الرطوبة والأمطار وأن يؤدى إلى "خفض في المناطق المدارية المجدبة خلال قرون قليلة أو في أفضل الأحوال خلال عدة عقود"، جاعلا بهذا "الصحارى المدارية تخضر من جديد"(36). وتصطدم هذه الفرضية، التي لا تضع في اعتبارها الزيادة الديموجرافية أو النتائج المنطقية للنشاط البشري على تدهور التربة، باعتراضات كثيرة. ولهذا يشدد خبراء كثيرون على أن الدفء المناخي سيكون مصحوبا بزيادة في حدة أحداث الجفاف وبقابلية متزايدة لتأثر المناطق المجدبة بالجفاف(37). ويضيف هؤلاء الخبراء أن تأثير دفء مناخي يمكن أن يختلف جدا من منطقة لأخرى: على حين أن الهواطل يمكن أن تتزايد بصورة عامة، إلا أنها يمكن أن تقل في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وشمال أفريقيا، والساحل(38)؛ كما أن الغابات المدارية البرازيلية يمكن حتى أن تتقلص(39). ويتنبأ بعض المحللين أيضا بانخفاض في المردودات الزراعية في المناطق المدارية وبزيادة في المجاعات، ولا مناص من أن تصير أفريقيا القارة الأكثر تأثرا(40). وأخيرا، فحتى إذا استطاع الدفء المناخي، حتى بصورة نظرية تماما، أن يزحزح حدود الصحارى، فإنه لن يؤدي إلى اختفاء التصحر، الذي يكون إلى أبعد حد نتيجة لسوء إدارة البشر للنظم الإيكولوجية.
ويفرض النضال ضد التصحر، إذن، إجراءً متكاملا بهدف كسر الحلقة الشريرة لتدهور البيئة العالمية. وينبغي لتحقيق هذا أن نتصدى للأسباب المتعددة للتصحر، الذي لا يمكن اختزاله إلى مجرد مشكلة مناخية: إنه أولا وقبل كل شيء مشكلة بشرية.
التصحر: كفاح ضد الفقر
يتغذى التصحر في البلدان النامية على الفقر: يوجد خط للفقر وانعدام الأمن يمكن أن يبدو تحته الاهتمام بالبيئة عبثيا أو مثيرا للسخرية. وفي غياب إصلاحات زراعية تتيح لهذه البلدان الحصول على الأرض أو في غياب الوسائل التقنية والمالية التي تتيح لها أن تكون في مستوى الاستثمار الطويل الأجل، يضطر نحو مليار شخص في العالم إلى الاستغلال بصورة عارضة للمناطق الطرفية (الغابات، المراعى، الجبال)، وفي كثير من الأحيان، يضطرون إلى ممارسة زراعة استخراجية متنقلة. وتتفاقم العرضية العقارية في معظم بلدان الساحل بسبب غموض الوضع القانوني لأراضي المراعى، إذ أنه نادرا ما ينظر إلى تربية الماشية في هذه البلدان على أنها طريقة رسمية لتنمية الأراضي(41).
وصحيح أن المناطق المجدبة يمكن، في بعض الحالات، أن تكون مرافئ آمنة للرخاء، خاصة بفضل الموارد المعدنية التي تحتوي عليها(42). غير أن الصحارى، بالنسبة لأغلب البلدان المعنية، مناطق قليلة الإنتاج، و"عبء على المشكلات الديموجرافية والاقتصادية الرهيبة التي تواجهها"(43). ومن أصل 99 بلدا متأثرا بالتصحر، فإن 18 بلدا فقط، سواء أكانت بلدانا صناعية أو منتجة للبترول، تبدو في مستوى يتيح لها أن تناضل بوسائلها الخاصة ضد التصحر. والتحدي كبير، نظرا لأنه لا مناص من أن يواجه أكثر من ثلث فقراء العالم ضغطا مائيا مرتفعا أو معتدل الارتفاع(44). والنساء هن أول من يتأثر: يسند التنظيم الاجتماعي التقليدي إليهن عادة، داخل الأسرة، مسئولية الإمداد بالحطب والعلف والمياه. وينبغي أيضا حث السكان على الاستثمار في الأجل الطويل في مجال حماية التربة والحياة النباتية، عن طريق إصلاحات تشريعية تهدف إلى الإقرار، خاصة لصالح النساء، بحقوق ملكية الأرض والمياه والكتلة الأحيائية، والحصول عليها جميعا.
وفي سبيل التغذية التقنية لهذه العملية، من الملائم أن تُقترح على السكان برامج بيئية للتعليم والتدريب التقني سوف تساعدهم في إدراك أضرار بعض الممارسات الزراعية والتدرب على تقنيات إنتاجية قابلة للاستمرار في الأجل الطويل. ويعد إطلاع السكان على التكنولوجيات الحديثة مرحلة لا غنى عنها في النضال ضد التصحر. وكما يشير ميشيل باتيس Michel Batisse، فإن هذا يقتضي "الانتقال السريع من مستوى هزيل للتعليم والتقنية إلى أشكال حديثة للري والرعي. ولا يمكن أن يتحقق، بين عشية وضحاها، تحويل البدو الرحل التقليديين إلى مزارعين أكفاء، دون الحديث عن المرتكزات المؤسسية والتقنية والمالية التي يفترضها ذلك"(45).
النضال من أجل استغلال أفضل للموارد
لا تكفي آثار التقلبات المناخية لتفسير تدهور الأراضي. وكما يشدد أحد المعلقين، فإن "الصحارى لا تزحف بل إن الإنسان هو الذي يخلقها(46). وقد تفاقم التصحر بصورة كبيرة نتيجة لممارسات مثل قطع الأشجار، والرعي المفرط، واقتلاع النباتات الخشبية لتلبية الاحتياجات من الوقود، وطرق الري المتخلفة. والواقع أن هذه الممارسات "أدت إلى زيادة هشاشة النظم البيئية، والحد من قدرتها على التجدد، وخفض قدراتها الإنتاجية الكامنة. وفى المناطق الأكثر هشاشة، أسهم الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية في زيادة التأثر بالتصحر، مما يؤدي إلى تدهورات غير قابلة للعلاج"(47). وسواءٌ أكان الغرض من قطع الأشجار توسيع المساحات القابلة للزراعة أم إنتاج الوقود، فإنه يجرد الأرض من غلافها النباتي ويعزز عملية التعرية بفعل الرياح والمياه، ويسهم بالتالي بصورة مباشرة في التصحر. أما الرعي المفرط فإنه يجعل النباتات هشة ويجعلها أكثر عرضة للجفافات والفيضانات(48).
والواقع أن السيطرة على موارد المياه واقتسامها محوران أساسيان للنضال ضد التصحر. وتقدر منظمة الفاو أن أكثر من نصف الإنتاج الزراعي العالمي سيأتي في عام 2010 من أراض مروية. وفي كثير من الأحيان يتحقق توسيع الإنتاج الزراعي الغذائي لقاء ممارسات ري مفرطة تؤدى إلى الاستغلال المفرط لاحتياطيات المياه الجوفية وإلى تدهورات خطيرة للأراضي. ويقدر الخبراء بالفعل أن السيطرة السيئة على الري تتسبب في زيادة ملوحة وقلوية الأراضي وتؤدى إلى شكل من أشكال التصحر أكثر ضررا من التصحر الذي يصيب المناطق غير المروية(49). والواقع أن الارتشاح، الذي يصيب 20% من الأراضي المروية في العالم، يؤدي إلى تقلص خطير في الخصوبة وإلى إتلاف لا يمكن علاجه لبنية التربة(50). وفي باكستان، تم فقدان ما يقرب من ثلاثة ملايين هكتار بهذه الطريقة.

آرال: صلاة من أجل "بحر" جرى اغتياله
تهدد لامسئولية البشر وجود كثير من البحار والبحيرات الداخلية التي ساعدت على ازدهار حضارات عديدة. إن أحد هذه الأماكن الثمينة يوشك على الموت: إنه بحر آرال في آسيا الوسطى. وحوض بحر آرال تتقاسمه، بعد انهيار الاتحاد السوڤ-;---;--ييتي، خمس جمهوريات (كازاخستان، قرجيزستان، أوزبكستان، طاجيكستان، تركمانستان). وقبل عام 1960، كان بحر آرال، بمساحته التي كانت تبلغ 66000 كم2، رابع بحيرة في العالم، أما اليوم فإنه لا يشغل سوى المركز السادس: تقلص حجمه بين عامي 1960 و1995 بنسبة 60% وانكمشت مساحته إلى النصف. وهبط منسوب الماء فيه بمقدار 19 مترا، وزادت ملوحته إلى ثلاثة أضعاف. أما صيد السمك الذي كان ما يزال يقدم، في 1962، 40000 طن من الأسماك هناك، فقد صار الآن مستحيلا تقريبا، ومن 24 من الأنواع التي كان يتم صيدها هناك من قبل، لم يبق سوى 4 أنواع. وقد توقف الصيد الصناعي للأسماك و، فى 1994، لم تصل كمية الصيد إلا إلى 3000 طن من أسماك غير منصوح باستهلاكها. كما أن نباتات وحيوانات بحر آرال الغنية جدا، خصوصا غاباته النهرية الفريدة، غابات "توجاي"، تلفظ أنفاسها الأخيرة. كذلك فإن ميناء "مونياك" (الذي كان ذات يوم جزيرة) وميناء "آرالسك" فإنهما يقعان الآن على مسافة 40 كم في داخل البلاد: أما أسطول صيد السمك القديم الذي صدئ وانقلب فقد صار من الآن فصاعدا مقبرة رملية لسفن شبحية. وصار المناخ أكثر قارية. أما الملح الذي تذروه الرياح، فإنه يلوث الهواء والتربة والماء على مسافة مئات الكيلومترات من جميع الجهات. إن الصحراء تنمو.
ويرجع منشـأ هذه الكارثة الإيكولوجية، إلى إستراتيچيات للتنمية الزراعية، عبثية ومتمحورة حول الربح القصير الأجل: كانت مياه الرافدين الرئيسيين لبحر آرال، نهر آموـ داريا ونهر سيرـ داريا، تستخدم في الزراعة المروية للقطن من أجل الصناعة. وفي تلك الفترة، كان العلماء يعتقدون أنه سيكون هناك دائما وقت لإصلاح الأضرار عندما تصير مثيرة للقلق الشديد. ويمكن اليوم أن نقدر النتائج المنطقية لهذا العمى الإرادي: لم يؤد فقط إلى إفقار لا يمكن إصلاحه في التنوع الأحيائي، بل كانت له أيضا آثار مأساوية على صحة الإنسان. وكما يشدد نيكيتا جلازوڤ-;---;--سكى Nikita Glazovsky، نائب مدير معهد الجغرافيا بالأكاديمية الروسية للعلوم، فإنه: "لأول مرة في تاريخ البشرية يختفي مشروع مائي تتجاوز مساحته مساحة دولة نتيجة لأنشطة البشر. ويؤدي تدهور البيئة إلى زيادة انتشار الأمراض بين السكان وإلى زيادة وفيات الأطفال؛ كما أن له آثارا عميقة على التنمية الاقتصادية للمنطقة." والواقع أن تجفيف أكثر من نصف بحر آرال يهدد صحة، وفي نهاية المطاف بقاء 3.5 مليون شخص. كما يشكل الوضع في جمهورية كاراكالپاكيا، وهى جمهورية تتمتع بالحكم الذاتي في أوزبكستان تقطنها أقلية إثنية يصل عددها إلى 1.2 مليون شخص، تطورا مثيرا للقلق بصورة خاصة. "إن شعبنا يموت كالذباب" بهذه الكلمات تشرح الدكتورة أورال أتانيازوڤ-;---;--ا Oral Ataniyazova، طبيبة أمراض النساء بالعاصمة نوكوس، حيث تدير المركز الوحيد للتناسل البشري وتخطيط الأسرة في الجمهورية ذات الحكم الذاتي. ثم تضيف: "وفي كاراكالپاكيا أعلى مستويات وفيات الأمهات والأطفال في الاتحاد السوڤ-;---;--ييتي السابق."
والواقع أنه، وفقا لمجلة People and the Planet [الناس والكوكب] (التي يرعاها صندوق الأمم المتحدة للسكان، والصندوق العالمي للطبيعة، والاتحاد العالمي للمحافظة على الطبيعة، والاتحاد الدولي لتخطيط الأبوة والأمومة، والوكالة السويدية للتعاون الدولي في سبيل التنمية)، تواصل البلدان المطلة على نهري آموـ داريا وسيرـ داريا في زيادة ما تضخه من المياه لتطوير الري وتغذية صناعة قطنية تصديرية. وتشغل الأراضي المروية الآن 7 ملايين هكتار. غير أنه لا توجد أية إستراتيچية موحدة شاملة من أجل بحر آرال والبيئة الإقليمية والسكان المحليين. ويرى د. أكمد هاميتيلليڤ-;---;--يتش Akmed Hametyllaevich، مدير معهد البيوإيكولوجيا في نوكوس، أن "الموقف يتفاقم كل شهر. وقد تكون أمامنا 10 أعوام كاملة قبل أن يجف البحر تماما وتتحول المنطقة بكاملها إلى صحراء". على أن تنبؤات د. أتانيازوڤ-;---;--ا Ataniyazova تظل أكثر قتامة: "نظرا لأن 99% من الكاراكالپاك يعيشون داخل حدودهم فإن من الممكن جدا أن نشهد موت أمة بسبب حماقة البشر". فهل فات أوان إنقاذ بحر آرال؟
ويتفق الخبراء من الآن على القول إنه لم يعد من الممكن من الآن فصاعدا إصلاح جميع الأضرار المتراكمة خلال الثلاثين عاما الأخيرة؛ وهذا هو السبب في أنه يتم من الآن فصاعدا التفكير في حلول جزئية. ويجب أن تضغط اليونسكو بكل ثقلها من أجل ألا تقتصر مثل هذه المبادرات على تدابير رمزية. وقد بدأت اليونسكو القيام بهذا من خلال إنشاء ورشة عمل من أجل المياه والسلام في حوض بحر آرال، تقدم عن طريقها المساعدة إلى المجتمع العلمي في الوقت الذي تشجع فيه السياسيين على اتخاذ تدابير جادة. وفي كانون الثاني/ يناير 1998، أنشأت اليونسكو "المجلس الاستشاري لحوض بحر آرال" الذي عقد اجتماعه الأول في أيلول/ سبتمبر 1998. وقد تم إعداد خطة على مستوى المشكلة. وأخيرا، فإن اليونسكو بواسطة مختلف برامجها (البرنامج الهيدرولوجي الدولي، وبرنامج "الإنسان والمحيط الأحيائي"، وبرنامج "إدارة التحولات الاجتماعية") يمكن أن يدعم مدخلا عابرا لحدود المعارف إلى مشكلات المنطقة، يجمع بين المنظورات الإيكولوجي والصحي والاجتماعي الاقتصادي. وفي النهاية يجب أن تجد هذه الرؤية الإقليمية الطويلة الأجل مكانها ضمن الإطار الأوسع للقمة العالمية الثانية للمياه المزمع عقدها في عام 2000 والتي تشارك فيها اليونسكو.
إن التحديات الكبرى تستدعى حلولا كبرى واستثمارات ملائمة. ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في الأجل القصير، يجب اتخاذ تدابير ملحة: تفترض هذه التدابير تعهدا بتمويل كبير (مليارات عديدة من الدولارات) من أجل تحسين نوعية المياه؛ وينبغي أيضا تنظيم مفاوضات بين البلدان لتنفيذ اتفاقيات فعالة لاقتسام مياه ولتحسين استخدام المياه. وإذا تم تنفيذ هذه التدابير بلا إبطاء، وإذا لم تغب الإرادة السياسية، فإننا قد ننجح في تفادي الموت النهائي لبحر آرال. غير أن هذا المثال المأساوي يقدم لنا درسا: إنه يوضح بصورة محزنة عجز سياسات "الوقت الملائم" والتأثير الكارثي للسياسات القصيرة النظر على مستقبل كوكبنا.
المصادر:
France Bequette, « Sauver l Aral : une généreuse utopie ? », Le Courrier de l UNESCO, octobre 1994. Don Hinrichsen, « Requiem for a dying sea », People and the Planet, vol. 4, n° 2, 1995. Peter Whitford, Lucy Hancock, « The Aral Sea Disaster : Turning the Tide ? », Environment Matters, hiver 1996---print--emps 1997. « UNESCO s Initiative for the Aral Sea Basin », Document d information diffusé lors de la 155e session du conseil exécutif de l UNESCO, Tashkent, 6 novembre 1998.

وتقتضي السيطرة على المياه إعداد تقنيات لتعبئتها وتجميعها وتخزينها واستخدامها. وبعض هذه التقنيات قديمة جدا، مثل الكاريز kârêz، وهي قنوات سردابية (تحت الأرض) مستخدمة منذ قرون عديدة في المناطق المجدبة في آسيا الوسطى، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وإسپانيا(51). إننا إزاء "روائع حقيقية للعبقرية الهيدروليكية"(52)، توجه المياه نحو الحقول والمساكن بدون استخدام مصدر خارجي للطاقة. وقد أتاح العلم والتكنولوجيا تطوير تقنيات أخرى فعالة بصورة خاصة، مثل استخدام الفلاحين في منطقة غورارة في الجزائر لمضخات تدار بالمحركات لإعادة تشغيل قنوات المياه السردابية التي توشك على الاختفاء(53). وتتيح هذه التقنيات تأمين استخدام أكثر عقلانية لهذا المورد النادر والثمين الذي تمثله المياه.
يجب إذن أن نعزز، بالمعلومات والتعليم، ثقافة حقيقية "لتوفير المياه". ويقتضي هذا الاستعانة بتقنيات إيكولوجية وفعالة في آن معا، وتستند إلى المهارات التقليدية في الوقت الذي تدمج فيه إنجازات العلم الحديث والتكنولوجيات الحديثة. وأخيرا، يقع على عاتق الدولة مسئولية التحكيم بين المطالب العاجلة لمستخدمي المياه والمصلحة طويلة الأجل للمجتمع، مع السهر بصورة خاصة على المحافظة على الموارد المائية واقتسامها بإنصاف.
وسيكون من الخطأ، في الوقت ذاته، إهمال التنوع الأحيائي والموارد النباتية الأصل للمناطق القاحلة، التي تنشأ منها بين محاصيل أخرى، القمح، والذرة الرفيعة، والذرة البيضاء، وخضروات جافة عديدة، والقطن(54). والنظم الإيكولوجية القاحلة وشبه القاحلة غنية بحيوانات ونباتات المنطقة المعنية؛ وتقدم بيئة طبيعية أساسية للتكاثر والهجرة للعديد من الثدييات والطيور. وهى تقدم أيضا الراتنجات (يتم استخلاص البخور منها على سبيل المثال)، والزيوت، والشمع، والأساس الطبيعي لمنتجات صيدلانية يمكن تسويقها. ولهذا فإن من الملائم، خلال تطوير الأبحاث، زيادة معارفنا وسيطرتنا على هذه الثروات الطبيعية.
والواقع أن إصلاح النظم الإيكولوجية الزراعية المتدهورة أمر بالغ الأهمية، نظرا لأنه يستجيب فى الوقت نفسه لأهداف عديدة: مكافحة التصحر، ومكافحة تأثير الدفيئة (بتخزين جزء من الكربون المثبت عن طريق التمثيل الضوئي)، والمحافظة على التنوع الأحيائي الطبيعي أو على الموارد النباتية الأصل. وكما يشدد المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن "الإجراءات الأكثر فعالية للحيلولة دون تدهور الأراضي القاحلة تكون في كثير من الأحيان مماثلة للإجراءات اللازمة لحماية التنوع البيولوجي أو لتقليل المخاطر المرتبطة بالتغير المناخي إلى حد أدنى"(55). ويمكن لصندوق البيئة العالمية، الذي أنشئ تنفيذا لقرارات قمة الأرض (ريو، 1992)، أن يقدم دعمه العلمي والمالي لمثل هذه المبادرات.
ويتيح تقدم العلم والتكنولوجيات أيضا مكافحة التصحر. ويمكن الآن التنبؤ بصورة أفضل بالاحتمالات المناخية، وتتطور التقنيات بسرعة في هذا المجال. كما أنه تم في الآونة الأخيرة اكتشاف علاقة إحصائية بين المعدل الإقليمي لهطول الأمطار والاضطراب شبه الدوري بين السنوي interannuelle للتحرك الجوي والأوقيانوسي العام (ظاهرة النينيو) ENSO, El Niñ-;---;--o Southern Oscillation(56). وتتيح معرفة هذه العلاقة التنبؤ بصورة كمية بالمعدل الإقليمي لهطول الأمطار لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر مقدما. وبالمثل، فإنه عن طريق الجمع بين الأرصاد المرتفعة والمنخفضة الوضوح للأرض عن طريق القمر الصناعي والأرصاد الأرضية وبيانات نظم المعلومات الجغرافية، يمكن إعداد خرائط المخاطر وتقدير إمكانات إصلاح الأراضي المجدبة، مما يتيح معرفة حالة تدهور البيئات واقتراح إستراتيچيات متمايزة للنضال ضد التصحر(57). وهكذا فإن مرصد الصحارى والساحل، يقوم، بالتعاون مع اليونسكو، بمختلف الأعمال الرائدة فيما يتعلق برصد التصحر، والرقابة الإيكولوجية الطويلة الأجل، وتوحيد نظم المعلومات بشأن المناطق المعرضة لأخطار التصحر.
تحديث الاقتصادات الريفية
ما لم يتم في الوقت المناسب اتخاذ تدابير للتكييف الهيكلي للزراعات مع التغيرات المناخية، فلا مناص، وفقا للخبراء، من أن يزيد سكان العالم المعرضين لخطر المجاعة (ويقدر عددهم حاليا بـ 640 مليون فرد) بنحو 300 مليون على مشارف عام 2060(58). وعلى العكس، فإن استخداما أكثر عقلانية للتربة والمساحات المروية، وتطوير الأصناف المتكيفة، وتطبيق التقنيات الجديدة، ستتيح القضاء على معظم الآثار السلبية للتغيرات المناخية على إنتاج البلدان النامية.
وكما يؤكد تقرير اليونسكو بشأن المناطق المجدبة، فإنه "لا يمكن تأمين إصلاح وتحسين النظم التقليدية، وتطوير نظم جديدة أكثر تكيفا، إلا في إطار نهج متكامل وإيكولوجي للتنمية الريفية، يهدف إلى التوفيق بين أهداف التنمية الاجتماعية الاقتصادية والضرورات الإلزامية لحماية البيئة"(59). ويمكن توضيح هذا التأكيد العام بمثال التطور الذي عرفته منطقة ماتشاكوس، في كينيا. ففي هذه المنطقة، التي زاد فيها السكان إلى خمسة أضعاف بين 1930 و1990، ارتفع نصيب الفرد من الإنتاج الزراعي بسرعة، كما تم إدخال تكنولوجيات جديدة لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء، في المناطق الريفية والمناطق الحضرية في آن معا(60). وتتيح بالفعل تدابير بسيطة كبح جماح تفاقم التصحر: عن طريق زراعة الأشجار بشكل منتظم، تقام حواجز طبيعية ضد التعرية بفعل الرياح كما يتم منع اقتحام الماشية للأراضي المزروعة(61).
ويجدر بنا إذن تأمين تلاحم أفضل وتنسيق أكبر بين السياسات الزراعية، وسياسات التعاون، وحملات مكافحة التصحر. والواقع أن الإنتاج الزراعي في معظم المناطق القاحلة يعانى من غياب البنية الأساسية والأسواق، ومن الإبقاء على الأسعار الزراعية عند مستوى منخفض بصورة مصطنعة بغرض تلبية الحاجات الغذائية للمراكز الحضرية، ومن الأفضلية الممنوحة للواردات من الحبوب الغذائية، ومن السياسات التجارية الهجومية للبلدان المصدرة للحاصلات الزراعية(62). ولهذا ينبغي رفع مستوى الاقتصاد الريفي. وفى معظم المناطق التي تتعرض للتصحر، يقتضي الحل إدخال زراعة كثيفة مستديمة(63)، تتيح الحد من استصلاح الأراضي وزيادة ربحية المحاصيل. ولتحقيق هذا الهدف، ينبغي بصورة خاصة تعزيز التناوب بين الزراعة، وتربية الماشية، والحراجة، عن طريق دمج أنشطة الوقاية في قلب عملية الإنتاج وعن طريق استخدام الموارد المحلية(64). وتولى اتفاقية 1994 بشأن التصحر، عن حق، أهمية كبيرة لهذه المداخل المتعددة المجالات. وعلاوة على هذا فإنه سيكون من المأمول، في المناطق التي تعاني من ضغط مائي شديد، تشجيع تطور النشاط الاقتصادي نحو المنتجات ذات القيمة المضافة المرتفعة، وبهذا سيتم الحد من الاعتماد على الأنشطة التي تتطلب استخداما مكثفا للمياه(65).
التصحر: تحد عالمي
للقرن الحادي والعشرين
تشكل الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر، الموقعة بمقر اليونسكو في باريس في 17 حزيران/ يونيه 1994، مرحلة حاسمة في الكفاح ضد التصحر. وكما أكد السفير بو كجيللين Bo Kjellén، فإن "عملية ريو، وتأكيدها الشديد على مدخل متكامل للتنمية المستديمة، قد وضعت أدوات جديدة لمكافحة التصحر في متناول المصممين والمنفذين المهرة للسياسات"(66). وتقوم اتفاقية 1994، التي تشكل من الآن فصاعدا جزءا لا يتجزأ من "اتفاقيات ريو الثلاث"(67)، على خمس دعامات رئيسية:
الإقرار بأن التصحر وتدهور الأراضي تمثلان مشكلتين لهما بُعْد عالمي يقدم تدرجات إقليمية هامة؛
ضرورة مدخل متكامل ومشترك للتنمية يستعين بتمويلات تأتي من مصادر متعددة؛
تنفيذ مدخل يقوم على المشاركة bottom-up يستند إلى التوزيع المحلي للمسئوليات (تشارك في الوقت الحالي 270 منظمة غير حكومية في هذه العملية)، والمواصلة، في الوقت نفسه، للنضال من أجل القضاء على الفقر؛
طريقة عمل "أفقية" تدمج المحافظة على الحوار والإدارة المستديمة لموارد المياه والتربة؛
تعاون علمي وتقني متعدد المعارف(68). يشمل البحوث وتبادل المعلومات والتكنولوجيات.
وتتفاقم، كما سبق أن رأينا، نتائج الجفافات كلما تزايد السكان. ولهذا، ينبغي أن ندرس، في إطار اتفاقات التعاون الإقليمية والدولية، تدابير تتيح تخفيف حدة الآثار البشرية للأزمات المناخية الأكثر خطورة والتي تتجاوز الإطار البسيط للمساعدة الغذائية الطارئة (انظر فصل "هل سيكون الطعام كافيا للجميع؟"(69). ولا بد، بصورة خاصة، من العمل على أن يكون السكان قادرين على مواجهة الجفافات الممتدة مع تجنب ظواهر الهجرة الريفية الجماعية.
ويشكل هذا الوضع لمشكلة التصحر في المنظور الصحيح مرحلة أساسية. فهو سيتيح تصميم حلول لهذه الكارثة على أساس تحليل لأسبابها المتعددة العوامل. كما أنه سوف يتيح البدء في مرحلة جديدة من التعاون الدولي ستجعل المياه وسيلة للتنمية المستديمة على المستوى المحلي والعالمي، ولأن البلدان المعرضة للتصحر والجفاف، وبصورة أعم لتدهور الأراضي، ليست فقط هشة على مستوى تربتها، بل تكون كذلك غالبا من نواح أخرى، ترتبط بوضعها الاقتصادي والسياسي الكلي(70). ولهذا فإن مشاركة النساء والرجال الذين يعيشون في المناطق المعرضة للتصحر أمر أساسي إذا أردنا تنفيذ سياسة فعالة لمكافحة هذه الكارثة. غير أننا ينبغي أن نعيد وضع مسألة التصحر في إطار رؤية شاملة للتنمية على نطاق الكرة الأرضية. ويطيب لـ تيودور مونود Théodore Monod أن يشدد مغترفا دروسا حية من تجربته مع الصحارى، على أن: "العالم قطعة واحدة ، فلنُلْق إذن نظرات شاملة، نظرات واسعة بصورة كافية. وكما يعبر شاعر إنجليزي عن هذا بروعة بالغة فإن: ’من يقطف زهرة يزعج نجمة‘. وأنا أجد في هذا فكرة حقيقية، فكرة وحدة الكون، ومن ثم، فكرة التضامن بين الكائنات الحية"(71). وكما يلاحظ أيضا فإن "الصحارى تحرك مشاعرنا لأنها تمثل الطبيعة قبل الإنسان. كما أن هذا أيضا هو مشهد ما يمكن أن تكونه الطبيعة بعد الإنسان، بعد أن يكون قد اختفى"(72).
اليونسكو والنضال ضد التصحر
تناضل اليونسكو ضد التصحر منذ إنشائها تقريبا: في أعقاب المؤتمر العام لعام 1948، الذي اقترحت فيه الهند إنشاء معهد دولي للمناطق المجدبة، شاركت اليونسكو في إنشاء المعهد الهندي لأبحاث المناطق المجدبة ومعهد صحراء النقب الإسرائيلي، وقدمت دعمها لمعهد الصحراء المصري. وكانت اليونسكو هي أول مؤسسة تجري، منذ 1951، دراسة دولية عن المناطق المجدبة، سجلت بداية برامجها العلمية في مجال البيئة. وكامتداد لهذه الدراسة فإن المشروع الخاص بالأراضي المجدبة، المطروح في 1957، لم يكن يمثل مجرد محاولة أولى في مجال التعاون التقني بين الشمال والجنوب، بل أثبت أيضا أهمية نهج متعدد المعارف والمجالات يجمع بين الأبعاد العلمية والاجتماعية للتنمية المستديمة. كما كانت اليونسكو واحدة من أولى المؤسسات التي أبرزت الدور الأساسي للمياه، كما تشهد البرامج بين الحكومية التي تم إعدادها خلال العقد الهيدرولوجي الدولي من 1965 إلى 1974 والبرنامج الهيدرولوجي الدولي القائم منذ 1975.
وفي الآونة الأخيرة، وبعد أن ساعدت فى إنشاء المرصد الدولي للصحارى والساحل، بالاشتراك مع الاتحاد الدولي للعلوم الإيكولوجية، شرعت اليونسكو في تحليل طبيعة ونطاق التباينات المناخية في الماضي وذلك لتوقع التطورات المحتملة مستقبلا في المناخ والبيئة. وفضلا عن هذا، تشجع اليونسكو استخدام الاستشعار عن بُعْد والأنظمة التفاعلية للمعلومات الجغرافية من أجل التقدير الأفضل للنتائج المنطقية للقرارات البشرية في مجال البيئة. وعلاوة على هذا، تشجع اليونسكو على استعمال الطاقة الشمسية لكي تحل في المناطق المجدبة محل محروقات مثل الخشب، لأن الاستغلال المفرط للموارد الخشبية يشكل عاملا مهما للتصحر في هذه المناطق. وبفضل برنامج "الإنسان والمحيط الأحيائي"، تلقى الباحثون في الهندسة الزراعية والحراجة تدريبات محلية، كما أمكن تمويل معدات علمية في أفريقيا، مما أتاح بوجه خاص انتقاء الأشجار والشجيرات الملائمة للتربة المجدبة.
وفي تعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وفى إطار أنشطتها في مجال التعليم المرتبط بالبيئة، تهتم اليونسكو أيضا بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتاريخية لظاهرة التصحر. والحقيقة أن لمشكلتي الجفاف والتصحر أهمية بالغة نظرا لأن البلدان المعنية تعانى من نقص في التدريب والمعلومات؛ وفي كثير من الأحيان يرتبط تدور البيئة ارتباطا وثيقا بالفقر، وسوء التغذية، والأمراض، والنزاعات، والهجرات.
وإذا كان التصحر إلى حد كبير، نتيجة النشاط البشري، فإن البشرية أيضا هى التي يمكن أن تحد من آثاره وهي التي يجب أن تفعل هذا إذا أرادت البقاء. ويجب أن يكون التصحر مصدرا للتضامن والتعاون على المستوى الإقليمي والدولي. وكانت اليونسكو إحدى أولى المنظمات بين الحكومية التي أبدت، منذ نصف قرن، الاهتمام بمشكلات المناطق المجدبة. وقد أسهمت إلى حد كبير في تعبئة المجتمع العلمي لكي يقدم حلولا ملموسة. غير أنه لا يمكن إلا لتعبئة دائمة لكل القوى الفاعلة أن تتيح وضع حد لشرور الجفاف والتصحر. إننا إذن أمام تحد لا يواجه فقط أولئك الذين يعانون من آثاره بصورة مباشرة، بل يواجه أيضا المجتمع الدولي الذي تعهد بتقديم مساعدته إلى هؤلاء السكان. ليس ثمة شئ ينمو سوى الصحراء، وينبغي أيضا أن نناضل ضد زحف صحراء أخلاقية: صحراء غياب التضامن، صحراء إجداب القلب. وسيكون النضال ضد التصحر الشهادة الحية على أن النوع البشرى ليس محكوما عليه بالتصحر الخلقي ولا بالإهدار بالتدريج لما يصنع إنسانيته.
منطلقات وتوصيات
تنفيذ توصيات اتفاقية الأمم المتحدة بشأن مكافحة التصحر الموقعة في 1994، مع دمج إشكاليات التصحر في إستراتيچيات التنمية المستديمة. وتطوير المؤشرات بما يتيح متابعة تطور التصحر وتقييم الإجراءات التي يتم القيام بها في سبيل مكافحته.
الاستفادة التامة من جميع تقنيات إدارة الموارد الطبيعية (تقنيات وقاية المياه والتربة، وتقنيات الأعمال الزراعية)، مع التركيز على مدخل يقوم على المشاركة.
تشجيع الإدارة المشتركة لموارد المياه، خصوصا على المستوى المحلي، وذلك بإقامة "مراصد حوضية"مخصصة لمراقبة وإدارة الموارد المائية؛ وإعداد التشريعات وإيجاد آليات للتعاون تشجع على تجديد الموارد المائية والاقتسام المنصف لها على المستوى المحلي والقومي والإقليمي.
إعداد برنامج عمل في مجال العلم والتكنولوجيا، وبصورة خاصة بابتكار نظم ملائمة للمعلومات وللمراقبة الدينامية (خاصة عن طريق الرصد بالقمر الصناعي)، وبإنشاء نظام للرصد العالمي للتصحر وبأفق مستقبلي ووقائي.
تكثيف الأبحاث التي تجري حاليا في مجالات المياه والطاقة وتقنيات الزراعة وتربية الماشية، من أجل زيادة إسهام العلم في تنفيذ توصيات اتفاقيات ريو؛ وإدخال زراعة مكثفة مستديمة تعزز التعاون بين الزراعة وتربية الماشية والحراجة.
تنظيم حملات توعية وتدريب خاصة بالكفاح ضد التصحر؛ ودمج قضية التصحر في البرامج الدراسية؛ وتحسين التعليم والتدريب التقني الزراعيين.
تشجيع البلدان الغنية ومؤسسات المساعدة الثنائية والمتعددة الأطراف على دمج القضايا الإيكولوجية في إستراتيچيات المساعدة للبلدان المصابة بالتصحر، وعلى تأمين التنمية الزراعية للأراضي المجدبة والمحافظة على إنتاجيتها.
دعم استخدام الطاقة الشمسية في المناطق المعرضة للتصحر.
التشجيع على تعديل لأنماط الاستهلاك نحو المزيد من الاعتدال والتضامن والمسئولية.
تعزيز اعتماد إصلاحات زراعية وتشريعات عقارية تتلاءم مع الأوضاع المحلية، وذلك لضمان الوصول، خاصة للنساء، إلى الملكية العقارية.



إشارات الفصل 8

(1) Sources: Programme des Nations Unies pour l environnement (PNUE), Global Environment Outlook, Oxford University Press, 1997 --;-- Le Monde, 2 décembre 1998 --;-- discours inaugural de M. Abdou Diouf, président de la république du Sénégal, à la deuxième session de la Conférence des Parties de la Convention des Nations Unies sur la lutte contre la désertification à Dakar, le 30 novembre 1998. Voir aussi PNUE, Situation en ce qui concerne la désertification et la mise en œuvre du plan d action des Nations Unies pour lutter contre la désertification, rapport du --dir--ecteur exécutif, PNUE/GCSS. III/3, 1991.
(2)) Godwin 0. P. Obasi, secrétaire général de l Association météorologique mondiale (OMM), juin 1998. Banque mondiale, 1998 --;-- Le Monde, 25-26 août 1996 (ré--union-- de cent vingt experts en juin 1996 à Lisbonne).
(3) Connexion, bulletin de l éducation relative à l environnement UNESCO-PNUE, septembre 1994.
(4) PNUE, op. cit. --;-- voir aussi Dominique Mainguet, Desertification: Natural Background and Human Mismanagement, Springer Verlag, Berlin, 1994, chapitre I--;-- id., L Homme et la sécheresse, Paris, Masson, 1995, chapitre 17.
(5) كما تبين دراسة حديثة لوزارة التعاون الفرنسية فإن "التصحر يختلف عن الجفاف، الذي يعني نتائج عجز في المياه ممتد إلى هذا الحد أو ذاك، مهما كان الجفاف ذاته عاملا من عوامل تفاقم التصحر": La Lutte contre la désertification, ministère de la Coopération, octobre 1994.
(6)90 PNUE, 1991. op.cit.
(7) Ibid., p. 87.
(8) P. Beaumont, Drylands. Environmental Management and Development, Londres, Routledge, 1989. : منذ نهاية العصر الحجري الحديث، أدى استغلال البشر للأراضي الهشة إلى إفقار بقاع شاسعة، سواء في الشرق الأدنى أو الصين. ويٌعتقد حتى أن النحر المائي للتربة في عالية نهري دجلة والفرات قد أدى إلى دمار حضارات ما بين النهرين: يمكن أن تكون كتل من الرواسب قد سدت شبكة القنوات الضخمة التي تم إنشاؤها منذ عهد السومريين، منذ 4000 عام قبل الميلاد. وما تزال بعض شبكات الري التقليدية، مثل تلك التي في سهل ڤ-;---;--ارامين في إيران، قائمة. غير أن شبكات الري الكبرى كثيرا جدا ما تنهار تحت ضغط الاجتياحات، مثل اجتياح جنكيزخان في القرن الحادي عشر، الذي فتح باب الصحراء على وادي دجلة والفرات.
(9) UNESCOPRESSE, 30 juin 1995.
(10) Programme des Nations Unies pour l environnement (PNUE), Global Environment Outlook, Oxford University Press, 1997. Mohammed Skouri, Courrier de l UNESCO, janvier 1994.
(11) PNUE, 1997, op. cit., p. 25. : وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، وقع 36 بلدا أفريقيا ضحايا للجفاف أو التصحر (الرقم خاص بعام 1994).
(12) La Lutte contre la désertification, ministère français de la Coopération, novembre 1994.
(13) Chiffre cité par Monique Mainguet, L Homme et la désertification, Paris, Masson, 1995, p. 29. UNEP, op. cit., p. 25-26.
(14)) خاصة في الصين والهند وباكستان وأفغانستان ومنغوليا: PNUE, Global Environment Outlook, Oxford University Press, 1997, p. 42-43: وفي آسيا الوسطى، يشكل الوضع في جمهوريتي كازاخستان وأوزبكستان مصدرا للقلق أيضا، خاصة في منطقة بحر آرال، الذي تقلص الآن إلى 50% من مساحته الأصلية (انظر الإطار). أما الأمر غير المعروف على نطاق واسع فهو أن الاتحاد الروسي يواجه في أطرافه مشكلات تصحر خطيرة، خاصة في جمهورية كالموكي.
(15) F. Ramade, écologie des ressources naturelles, 4. É-;---;--cologie appliquée et sciences de l environnement, Paris, Masson, 1961.: وبالمقارنة فإن أستراليا هي القارة الأكثر جفافا على الكوكب، بمناطقها القاحلة وشبه القاحلة التي تمثل قرابة ثلاثة أرباع مساحتها.
(16) PNUE, 1997, op. cit., p. 80.
(17) Klaus Tö-;---;--pfer, --dir--ecteur exécutif du PNUE, Message à la deuxième session de la Conférence des Parties de la Convention des Nations Unies sur la lutte contre la désertification (Dakar, 9 décembre 1998).
(18) ) انظر فصل "أيّ مستقبل لمنظومة الأمم المتحدة؟".
(19)) Discours à la session spéciale des Nations Unies, “Towards global sustainability”, 25 juin 1997.
(20)) سفير السويد، ورئيس لجنة مفاوضات الاتفاقية الدولية بشأن النضال ضد التصحر، والرئيس السابق لمجموعة العمل 1 المتفرعة عن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية، ومسئول التفاوض حول جدول أعمال القرن الحادي والعشرين، الفصل 12، من اتفاقية ريو في 1992 بشأن التصحر والجفاف. إسهام شخصى في أعمال مكتب التحليل والتوقع.
(21) La question du partage des eaux a déjà conduit à des accords importants, comme le Protocole de 1995 de la Communauté de développement de l Afrique australe (SADC) portant sur les cours d eau régionaux partagés. Voir aussi Katherine Waser, “Water as source of life, water as source of cooperation?”, Aridiands Newsletter, n° 44, automne/hiver 1998.
(22) S. Jodha, Lutte contre la sécheresse. Les stratégies paysannes et leurs répercussions politiques, IIED, Dossier n° 21, 1990.
(23) Connexion, septembre 1994.
(24)) انظر حول هذا الموضوع فصل "السكان: قنبلة زمنية؟":Voir aussi A. Shaikh, S. Snrech, Options pour un développement durable: environnement et développement au Sahel, Paris, Club du Sahel, 1993.
25) ) انظر فصل "هل سيكون الطعام كافيا للجميع؟"
(26) A. Shaikh et S. Snrech, op. cit.
(27) P. Beaumont, Drylands. Environmental Management and Development, Londres, Routledge, 1989.
(28) انظر حول هذا الموضوع فصل "تغيير المدينة يعني تغيير الحياة"، و"هل ستظل المياه جارية؟". وعلى سبيل المثال، في كريت، خلال (28) العشرين سنة القادمة، لا مناص من أن ترتفع احتياجات المياه المرتبطة بالسياحة ارتفاعا هائلا. ووفقا للتحليلات التي أجريت في إطار المشروع الأوروبي MEDALUS فإن احتمال ندرة في المياه يمكن أن يرتفع بالتالي من 20% في عام 1980 إلى 85% في عام 2010.
(29) The State of India s environment, CSE, New Delhi, 1987.
(30) Voir Mike Hulme, contribution à la conférence “The African Sahel 25 years after the great drought” organisée à la Royal Geographical Society (Londres) les 13 et 14 mars 1998.
(31) Contribution de Rob Groot, Henk Brukman et Herman van Keulen à la conférence “The African Sahel...”. : وفقا لتقدير 1990 فإن ثلث كل الأراضي الأفريقية المزروعة أو المراعي متدهورة بصورة معتدلة أو بالغة: PNUE, Global State of the Environment Report 1997.
(32) Commonweaith of Australia, Future Change in Australian Rangelands, 1994, 20p.
(33) PNUE, 1991, op. cit., p. 227-228.
(34) Mick Kelly et Mike Hulme, “Desertification and climate change”, Tiempo Climate Cyberlibrary.
(35) J. F. B. Mitchell, F. C. Johns, J. M. Gregory, S. F. B. Telt, “Climate response to increasing levels of greenhouse gases and sulphate aerosol”, Nature, 1995, n° 376, p. 501-504.
(36) N. Petit-Maire, “Les gaz à effet de serre vont-ils faire rever--dir-- les déserts tropicaux ?”, Corrélation géologique, n° 25, Paris, PICG-UNESCO-UISG, juin 1997 (rapport d activité du Programme international de corrélation géologique, PICG).
(37)) Dave Thompson, Robert C. Balling, Martin A. J. Williams et al., Interactions of Desertification and Climate, John Wiley & Sons, 1996.
(38) Mick Kelly et Mike Hulme, op. cit.
(39) Hadley Center, “Climate change and its impact (Buenos Aires, 1998)” (en ligne sur l Internet).
40) Hadley Center, ibid.
(41) B. Thébaud, Courrier de la Planète, 1994, n° 20, p. 23-24.
(42) يستشهد ميشيل باتيس بحالة بلدان النفط الغنية في الشرق الأوسط، التي يتيح لها دخلها تمويل تحلية مياه البحر أو حتى دعم الري اعتمادا على القمم الجليدية القطبية، ويلاحظ أن هذا الحل الثاني لا يخلو من جهة أخرى من مخاطر. انظر حول هذا الموضوع فصل "هل ستظل المياه جارية؟".
(43) Michel Batisse, loc. cit.
(44) Nations unies, “Comprehensive assessment of the freshwater resources of the world: Report of the Secretary General” (avril 1997), op. cit.
(45) Michel Batisse, Courrier de l UNESCO, janvier 1994.
(46) Courrier international, n° 427, 7-13 janvier 1999 (article d Anton Vos, Le Temps de Lausanne).
(47) Les Zones arides dans les programmes de l UNESCO, UNESCO, 1995.
(48) Connexion, septembre 1994.
(49) Les Zones arides dans les programmes de l UNESCO, UNESCO, 1995.
(50) Nations Unies, “Comprehensive assessment ...”, op. cit.
(51) Daniel Balland, Courrier de l UNESCO, janvier 1994.
(52)) Ibid.
(53) في تونس، تم تشجيع "التنمية شبه الكثيفة القائمة على استخدام ذكي لمياه خاصة عن طريق مضاعفة الأعمال الصغيرة لجريان وحجز المياه وللنضال ضد التحات الرياحي والمائي": Les Zones arides dans les programmes de l UNESCO, UNESCO, Paris, 1995.
(54) Diversité biologique dans les régions arides du monde, CIND, juin 1994. Gestion participative des ressources génétiques des plantes dans les parcours et les oasis au nord du Sahara, pré-projet FEM, octobre 1996.
(55) Klaus Tö-;---;--pfer, 9 décembre 1998, communiqué de presse. : ("أكثر الإجراءات فعالية لمنع تدهور الأراضي الجافة هي في كثير من الأحيان نفس الإجراءات المطلوبة لحماية التنوع الأحيائي أو تقليل مخاطر تغير المناخ إلى حد أدنى").
(56) R. C. Stone, G. L. Hammer, T. Marcussen, Nature, 1996, n° 384, p. 252-255.
(57) المدخل الإقليمي، الذي تم اعتماده مؤخرا لإعداد دراسات التأثير، والذي أعده الفريق بين الحكومي من الخبراء بشأن التغيرات المناخية، سوف يتيح صقل تحليلات حول التفاعلات بين التغير المناخي والتصحر.
(58) C. Rosenzweig, M. L. Parry, “Potential impact of climate change on world food supply”, Nature, n° 367, 1994, p. 133-138.
(59) Ibid. Voir un exemple de cette approche dans Préserver les ressources. La lutte contre la désertification: une priorité de la coopération allemande au développement, ministère allemand de la Coopération économique et du Développement, Bonn, août 1996. Voir aussi L eau: la coopération française et l eau en Afrique, ministère de la Coopération, Paris, octobre 1994.
(60)) M. Tiften, M. Mortimore et F. Gichuki, More Peuple, less Erosion, Chichester --;-- Wiley, 1994.
(61) UNESCOPRESSE, 30 juin 1995.
(62) Y. Jadot, J. P. Rolland, Les Contradictions des politiques européennes à l égard des pays en développement, Paris, Solagral, 1996.
(63) Aussi appelée LEISA (Low External Input Sustainable Agriculture).
(64) Sustainable Land Use, Sectoral policy document n° 2, Development Cooperation, Ministry of Foreign Aftairs, The Netherlands.: هذه الإدارة للأراضي، التي تستعين بمشاركة السكان المعنيين، في تعبئة المجتمع المدني وبتعليم البيئة، موصى بها، على سبيل المثال داخل اللجنة بين الحكومية للنضال ضد الجفاف في الساحل.
(65) “Comprehensive assessment of the freshwater resources of the world: Report of the Secretary General” (avril 1997).
(66) "وضعت عملية ريو بتشديدها القوي على مدخل متكامل إلى التنمية المستديمة أدوات جديدة في أيدي مصممي ومنفذي سياسات مكافحة التصحر": contribution à l Office d analyse et de prévision, avril 1997.
(67) الاتفاقيتان الأخريان هما اتفاقية الإطار بشأن التغير المناخي والاتفاقية بشأن التنوع الأحيائي.
(68) هذا النوع من العمل تقوم به بأسلوب نموذجي جامعة لينكوپنغ Linkö-;---;--ping في السويد.
(69) L. Tubiana, Note introductive du séminaire “Politiques et sécurité alimentaire: prospective à long terme”, Commission européenne-Solagral, 1996.
(70) Bo Kjellén, op. cit.
(71) Theodore Monod, entretien accordé à Michel Batisse, Courrier de l UNESCO, op. cit.
(72) Théodore Monod, Courrier de l UNESCO, janvier 1994.




شارات الفصل 8