المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين


خليل كلفت
الحوار المتمدن - العدد: 6673 - 2020 / 9 / 10 - 10:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث،
قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين
بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014
أسئلة الحوار المتمدن وإجابات: خليل كلفت
1: عند الحديث عن حقوق المرأة لماذا ترتبط على الأغلب بالبعد الديني؟ ولماذا الإحساس عند معظم النساء بأن الدين يشكل عامل تعدٍّ على حقوقهن؟
- الدين بطبيعة الحال هو الإطار الفكرى والروحى العام لمجتمعٍ من المؤمنين به ومن غير المؤمنين به. ويشمل حديثى هنا كل الديانات المسماة بالسماوية وتلك المسماة بغير السماوية (الوثنيات). ولم يكن الدين ("السماوى") أو الإسلام هو مخترع اضطهاد المرأة فهذا الاضطهاد قديم للغاية يرجع ليس إلى فجر التاريخ بل إلى ما قبل التاريخ بالقرون والألفيات تحت السيطرة الروحية للديانات الوثنية؛ وكل ما فى الأمر أن كل دين أضفى قداسة وشرعية على كل العناصر التى ظلت تقدسها "الوثنيات" السابقة ومنها النظرة إلى المرأة واضطهادها. و"يُشرعن" الدين الحالة الاجتماعية الفكرية الروحية التى يرثها ويعمل على تأبيدها. وليس الدين هو ما يحدد شكل حياة البشر بل تحدده الحالة الاجتماعية الاقتصادية التى تعمل نصوص الأديان ورجالها على تأبيد كل عناصر تقليديتها. ومن أهم هذه العناصر ازدراء المرأة واضطهادها. ويظل دور الدين قويا ما دامت الحالة الاجتماعية التى ظهر الدين فى إطارها باقية من الناحية الجوهرية كمجتمع طبقى رغم تطوره التاريخى؛ وهذه الحالة هى أساس اضطهاد المرأة وليس الدين الذى هو أداة كبرى لهذه الحالة البشرية الأصل؛ ذلك أن الأرض هى التى خلقت السماء على صورتها وليس العكس. فمن الطبيعى إذن أن تدرك المرأة حتى القوية الإيمان بدين أنه يضطهدها ويؤبِّد عبوديتها لحكمة إلهية لا تدركها بالطبع لأنها تعرف أن دورها فى الحياة يساوى دور الرجل إنْ لم يتفوق عليه.

2: كيف تربط بين النص الديني والقوانين المناهضة لحقوق إنسانية المرأة والنظام الاقتصادي الرأسمالي؟
- يقوم النظام الرأسمالى على استغلال غالبية المجتمع رجالا ونساءً. ويكرس هذا النظام وبصورة أشد وطأة فى بلدان الرأسمالية التابعة للإمپريالية النص الدينى وتطبيقاته الفقهية مغلقا كل باب للتحرر بما فى ذلك حتى باب الاجتهاد. ويتسلح النظام الرأسمالى بالدين لاستغلال الرجل والمرأة واضطهادهما، عن طريق الاستخدام المباشر لدوره التبريرى فى خدمة النظام الاجتماعى الطبقى.
3: هل فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم سيحقق للمرأة وقضيتها التقدم وتعزيز تحررها ومساواتها التامة مع الرجل ولماذا الخوف من فصل الدين عن الدولة وخاصة ما يخص قوانين الأحوال الشخصية؟
- فصل الدين عن الدولة (وليس بالطبع فصل الدين عن المجتمع) عامل وشرط للتقدم؛ غير أنه لا يكفى. فالتقدم الاجتماعى الاقتصادى الفكرى العلمى هو أساس تحرير المرأة وتحرير قوانين الأحوال الشخصية من كل دور سلبى للديانات. بل يمكن أن تتحرَّر المرأة حتى قبل تحقيق الاشتراكية وحتى قبل اختفاء الأديان بشرط تحقيق هذا التقدم.
4: تعاملت السياسة مع قضية المرأة بدونية تامة وأدرجتها ضمن محاولات التهميش والعتمة وتحاول تركيز البقاء على تابعيتها. وتزامنت تحديدا مع صعود التيارات الدينية بكافة تلاوينها.
- ذلك أن سياسة المجتمع الطبقى هى التى تستغل وتضطهد الرجل والمرأة وتشتد وطأة استغلاله واضطهاده على المرأة. وليست نظراتُ الدين، أىِّ دين، وأحكامه، سوى أداة من أدوات السياسة الطبقية. وتهميش المرأة لم يبدأ بصعود التيارات الدينية أو ظهور الديانات الأحدث عهدا رغم أنها تساعد عليه وتفاقمه. وعلى كل شخص يتهم الدين ويتجاهل أن المجتمع الطبقى هو الأساس الذى يوظف الدين ضمن ما يوظف أن يدرك أن تحرير الرجل والمرأة قضية اجتماعية قبل أن تكون أيضا قضية دينية.
5: على ضوء الصمت على جرائم الشرف وتخفيف العقوبة على الجاني في معظم قوانين الدول العربية، كيف تنظر النساء اليوم إلى حقوقهن؟ وكيف يُقمن مكانتهن في هذه المجتمعات؟
- ينبغى أن يكون النضال السياسى والاجتماعى للنساء والرجال فى سبيل التقدم الاجتماعى وعلمانية المجتمع والدولة، ولا سبيل إلى تحقيق حقوق المرأة ورفع مكانتها سوى هذا النضال الاجتماعى-السياسى العام والنضال النسائى التحررى جنبا إلى جنب.
6: أين أصبحت حقوق النساء ما بين الموروث من العادات البالية وتفسير النص الديني والسلطة الحاكمة المدافعة عن السيطرة الذكورية؟
- السيطرة الذكورية لا تتمّ من خلال الأسرة ذات السيطرة الأبوية فحسب بل تتم فى المحل الأول من خلال السلطة الطبقية الذكورية البطريركية التى تصير سلطة دولة ومجتمع وتغدو بالتالى أساسا للقوانين والشرعية والمشروعية، وأساسا للتربية والتوجيه الأخلاقى. فالموروث وبالأخص الموروث الدينى يظلان عنصرا جوهريا فى كل تشريع لأن استغلال المرأة واضطهادها بمعايير بعيدة عن المساواة سلاح أساسى لتشديد الاستغلال بالاعتماد على عمل احتياطى أرخص وبطالة أوسع يبرِّرهما الموروث الدينى. وهنا يغدو الرجل بدوره خاضعا لاستغلال أكثر كثافة حيث يزداد عبؤه الأسرى المادى ببطالة المرأة ويصير جزءًا لا يتجزأ من تكثيف إفقاره فوق فقره وتتحرر الرأسمالية من مسئولية بطالة المرأة باعتبارها وضعها الإلهى الطبيعى.
7: ما هي برأيكم دوافع مصادرة حق منح المرأة العربية جنسيتها لأبنائها وزوجها هل هو عامل سياسي، أم قانوني، أم ديني؟
- هذه المصادرة لحق جنسية الزوجة لزوجها والأم لأولادها نتيجة طبيعية لتدهور اقتصاد المرأة ومكانتها فى الدولة والمجتمع على السواء تحت حماية الدولة والقانون والدين جميعا.
8: ما هو برأيكم الرابط بين مصادرة حقوق المرأة والصراعات والحروب الدولية والإقليمية المحلية وبين تعزيز قوانين مجحفة بحق المرأة.
- هذه نتائج طبيعية للسيطرة الذكورية فالحروب تهدر حقوق كل البشر وتطحن النساء فى المحل الأول بحكم حالتهن التى تجعلهن عرضة للاغتصاب والاعتداء الجنسى فوق كل ما يعانيه الرجل والمرأة معا فى سياق الصراعات والحروب. وربما أفادنى غيرى فى معرفة ما إذا كان يتم تشريع "قوانين مجحفة بحق المرأة" أثناء الحروب والصراعات المسلحة أم يحدث فقط إهدار كل ضمانة قانونية للمرأة.
9: حقوق المرأة هل ضاعت أم ضعفت عند دخول النص الديني عليها وتقنينها في قوانين أحوال شخصية للمسلمين وغير المسلمين؟
- النص الدينى كامن فى هذه القوانين من الأصل وبالطبع يضيف إليها التوسع الفقهى الرجعى والمحافظ المزيد من القيود على قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين و، بوطأة خاصة، لغير المسلمين، الذين يسعون كلما تقدموا كمواطنين إلى أن يحكموا أنفسهم بالقانون البشرى وليس بالدولة الدينية.
10: القانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان وسيداو، متى ستصبح قيد التنفيذ دون أية تحفظات في عالمنا العربي؟ وهل لحقوق المرأة الإنسانية دين تقبع داخله؟
- لا يمكن تطبيق هذه القوانين ومنها سيداو (اتفاقية الأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) فى العالم العربى (وغير العربى) إلا فى حالة تغييره وتحريره اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وفكريا، فى سياق معركة تحررية كبرى شاملة.