أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالرزاق دحنون - كنز الأموال بين الانجيل و القرآن














المزيد.....

كنز الأموال بين الانجيل و القرآن


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6024 - 2018 / 10 / 15 - 13:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


"يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ...و...الذين يكنزون الذهب والفضَّة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم" التوبة الآية 34

الآية من أخطر ما نزل من القرآن في مسألة العلاقة بين المال والبشر. تمسَّك أبو ذر الغفاري بهذه الآية دفاعاً عن المستضعفين في الأرض، وراح يرددها حتى ضاق به معاوية بن أبي سفيان والي الشام في دمشق، فقال: يا أبا ذر إن الآية نزلت في أهل الكتاب فقال أبو ذر: بل نزلت فينا وفيهم. وفنَّد حكاية الواو الواردة في الآية الباحث هادي العلوي -طيب الله ثراه- حيث قال: ورد في الدر المنثور للسيوطي عن مؤلف قديم هو ابن الضريس أنهم لما جلسوا لجمع القرآن أرادوا أن يلقوا الواو في آية والذين يكنزون فنهض أبيّ بن كعب وقال: لأضعن سيفي على عاتقي أو لتثبتُنّها, فأثبتوها. وأبيّ بن كعب صحابي من حملة القرآن. والواو هنا استئنافية قطعت الجملة اللاحقة عن السابقة. ولو أنها حُذفت لاتصل شطر الآية وصار الاسم الموصول الذين متعلقاً بالأحبار والرهبان على سبيل البدل أو عطف البيان ويكون حكم الآية بذلك منصرفاً إلى اليهود ممثلين في الأحبار والنصارى ممثلين في الرهبان. ومع الواو تكون العبارة مستقلة عمّا قبلها ويكون حكم الآية شاملاً.

وفي الحديث عن أم سلمة أن رسول الله قال: الذي يشرب من آنية الذهب والفضَّة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم. ولخطورة معنى الحديث تناوله أهل الفقه بالدراسة والتمحيص. وقد قرأت رأياً للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية المتوفى سنة 751 هجرية في كتابه الطب النبوي أعرضه هنا لفائدته.

قيل إن علَّة التحريم تضيق النقود، فإن الذهب والفضَّة إذا اتخذا أواني فاتت الحكمة التي وضعت لأجلهما. وقيل العلَّة الفخر والخيلاء. وقيل العلَّة كسر قلوب الفقراء والمساكين إذا رأوها وعاينوها. وهذه العلل فيها ما فيها. فإن التعليل بتضيّق النقود يمنع من التحلي بها، وجعلها سبائك ونحوها مما ليس بآنية. والفخر والخيلاء حرام بأي شيء كان. وكسر قلوب الفقراء والمساكين لا ضابط له فإن قلوبهم تنكسر برؤية الدور والقصور الواسعة بحدائقها العجيبة الباذخة، والمراكب الفارهة والملابس الفاخرة والأطعمة اللذيذة وغير ذلك من المباحات في الدين الإسلامي.
ويقال: إن كارل ماركس كان يردد جملة وليم شكسبير المشهورة في روايته تيمون الأثيني «أيها الذهب، أيها الثمين البراق، إنك تجعل الأبيض أسود، والقبيح جميلاً، والشر خيراً، والجبان باسلاً، هذه العبودية الفانية هي التي تعقد الروابط المقدسة وهي التي تحلّها. إنها تبارك الملعون وتشرّف السارق وتضمن له السلطة والنفوذ. إنها تُحضر العُشاق للأرملة العجوز، يا للمعدن الملعون» نجد هنا بعداً فلسفياً شرقياً واضحاً في فلسفة الرَّجُلين.

وكل هذه علل منتقضة إذ توجد العلة ويتخلف معلولها. والصواب أن العلة في التحريم (والله أعلم) ما يكتسبه القلب من غِلظة وجفاء وقسوة في الهيئة المنافية لعبودية الله منافاة ظاهرة. لهذا علل النبي بأنها للكفار في الدنيا. فلا يصح استعمالها لعباد الله. وإنما يستعملها من خرج عن حب الله. وهذا التعليل يطابق ما جاء به يسوع المسيح فقد نظر إلى جمع وكنز الأموال بوصفه من أبواب الشرك، إذ هو يتعارض مع الإقرار بوجود الله كربّ واحد يجب عبادته دون غيره. ومن هنا اعتبر الغنى إثماً من الكبائر التي تمنع مرتكبيه من الدخول إلى ملكوت الله -وفي ظني على الأحزاب الشيوعية أن تعود إلى هذا الأساس وتتشدد في هذا المعيار, لأن السؤال يبقى دون جواب, ماذا يفعل الأغنياء في حزب شيوعي؟-
جاء في الإصحاح التاسع عشر، الآية الرابعة والعشرين من أنجيل متى: أقول لكم إن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله. وقد تشدَّد يسوع في هذا المعيار، فرفض دخول الأغنياء في جماعته. وفي إنجيل متى، أن شاباً أراد أن يكون من أتباعه فقال له: إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون كنزك في السماء وتعال اتبعني.

وفي حادثة شهيرة روتها الأناجيل تقول: دخل يسوع إلى بيت الله وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون، وقلب موائد الصيارفة، وقال لهم: مكتوب بيتي يدعى بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص. وقد شملت تعاليمه تحريم كنز الأموال. جاء في أنجيل متى: لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يُفسدها السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون، لأنه حيث يكون كنزك يكون قلبك أيضاً. لأن القلب لا يجمع محبوبين، الله والمال.
وجاء في الأثر: لما ضُربت الدراهم والدنانير صرخ إبليس صرخة وجمع أصحابه، وقال: قد وجدتُ ما استغنيتُ به عنكم في تضليل الناس، فالأب يقتل ابنه، والابن يقتل أباه بسببه. والمفاجأة المحزنة أن تكون الفضَّة سبباً في تسليم يسوع المسيح إلى أعدائه كي يصلبوه. جاء في الإصحاح السادس والعشرين من أنجيل متى: ذهب يهوذا الإسخريوطي إلى رؤساء الكهنة وقال: كم تعطوني لأسلمه إليكم؟ فوزنوا له ثلاثين قطعة من فضَّة. وهذه -في رأي- علّة جديدة وقوية لتحريم الكنز.

الكنز في الأصل هو المال المدفون. وفي الاستعمال هو المال الكثير الذي يدخره صاحبه لنفسه. بصرف النظر عن وسيلة الادخار. وقد تعددت أشكال الكنز عبر العصور، كأن يكون الكنز في جرار فخارية محكمة الإغلاق مطمورة في جدار أو جب. أو تحت بلاط الغرف. وفي العصر الحديث يتم الكنز في بنك أو مصرف بالنقد الوطني أو الأجنبي أو السندات. والبعض مازال يفضل كنز الذهب أو الفضَّة. وقد جاء في أحد الأمثال السومرية المدونة على لوح طيني صغير من الألف الثالث قبل الميلاد: من ملك الفضَّة الكثيرة يمكن أن يكون سعيداً، ومن ملك شعيراً كثيراً يمكن أن يكون سعيداً، ولكن من لا يملك شيئاً يمكنه أن ينام. ويحكى أن جحا دفن كنزاً في الصحراء، فلما أراد علامة تدل على مكان الكنز لم يجد غير سحابة صيف جعلها دليلاً على موضع كنزه!



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحم الله إيفان شيرفاكوف
- كيف تعرف أن السمك سعيد؟
- الدين النصيحة
- حجارة رجم الزانية سوداء
- مروان بن محمد يمنع لعب الشطرنج في دولته
- خطابٌ إلى الأمةِ الأمريكية
- هامش على سيرة الروائي العراقي علي الشوك
- نصُّ وقصيدة للمفكر العراقي هادي العلوي
- عشرون عاماً على رحيل المفكر العراقي هادي العلوي ...سلامٌ علي ...
- إلى أين نحن ماضون؟
- تغريدات ناجي العلي القاتلة...أخي المواطن من ضربك على خدك الأ ...
- إنَّ الكلامَ معَاقِلُ الأَشْرافِ
- مكتبة -إبلا- في إدلب من أقدم مكتبات العالم
- دفاتر شيوعية
- شفان...في أجمل أغنية عن الزوجة في العالم
- الصورة التي كادت تتسبب في طردي من الحزب الشيوعي
- الصَّحفيَّة دي...شيوعيَّة
- ريجيس دوبريه...خمسون عاماً على كتاب -ثورة في الثورة-
- لينين و الانتفاضة
- الشيوعيون...أصحاب اللّحف المُقَطَّعة


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالرزاق دحنون - كنز الأموال بين الانجيل و القرآن