أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - لينين و الانتفاضة














المزيد.....

لينين و الانتفاضة


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 5972 - 2018 / 8 / 23 - 13:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يحاجج لينين في مقاله المشهور: هل يحتفظ البلاشفة بالسلطة؟ بأنَّ المرتعبين من التغير عادة ما يسلَّمون بالانتفاضة, نعم, ولكن شرط ألا تسفر عن وضع معقَّد للغاية. ولكن هل يمكن أن توجد انتفاضة كهذه؟ والحلم بمثل هذه الانتفاضة لا ينطوي إلا على شكاوى نشأت في بيئة اجتماعية تفضِّل العيش مع القديم وترتعب من الجديد. فالانتفاضة, وإن بدأت في وضع قليل التعقيد في الظاهر, تسفر على الدوام, خلال تطورها, عن وضع معقد للغاية. ذلك لأنَّ الانتفاضة الحقيقية, العميقة, الشعبية, على حدِّ تعبير كارل ماركس, هي في النهاية عملية معقدة ومؤلمة إلى أقصى حد, عملية ولادة قيصريَّة, حياة جديدة لعشرات الملايين من البشر. وقد لا تكون هذه الحياة الجديدة أفضل من سابقتها القديمة لأنَّ السيرورة التاريخية تفيد بأنه يصعب التنبؤ بنتائج الانتفاضة العارمة, وقد تسير بالمجتمع خطوتين إلى الوراء وخطوة إلى الأمام, لأنَّ الانتفاضة إنَّما هي كفاح جامح ضار وليس غير الرجال المعلَّبين الخارجين لتوِّهم من معطف "الرجل المعلب" بطل قصة انطون تشيخوف -هذا النموذج من البشر الذي يخشى كل تجديد وكل مبادرة- من يمكنهم أن يتصوروا الانتفاضة الاجتماعية دون وضع معقَّد. ودون وضع معقَّد للغاية لن تقوم أيضاً أيَّة انتفاضة. وحجتهم لا تنطوي على أيَّة فكرة لا اقتصادية ولا سياسية ولا أيَّة فكرة من نوع آخر على وجه العموم. إنَّما تنطوي فقط على شكاوى أولئك الذين تملأ الانتفاضة قلوبهم بالأسى والرعب.
أعرف مهندساً غنياً كان فيما مضى ثورياً بل رفيقاً في الحزب الشيوعي, أما اليوم فهو يرتجف خوفاً, ويتململ ضغينة من هؤلاء العوام الغوغاء أصحابُ الصَّنادل المهترئة, الثائرين المتمردين الذين هبوّا لاقتحام أبواب السماء كأهل "كومونة باريس" ولا يمكن كبح جماحهم. فهو يقول -والرجل مثقف زار عدة بلدان أجنبية- لو أنَّ هؤلاء الثوار من أهل الريف والأحياء الفقيرة في المدن كانوا أكثر تحضرًا, أكثر تنظيماً, أكثر دراية بما يفعلون. لو كانوا أصحاب برامج واضحة لانتفاضتهم لو أنَّها كانت أقل همجية, مع إني أوافق معهم على حتمية الانتفاضة الاجتماعية بوجه عام, ولكن عندنا, هذه ليست انتفاضة, بل هاوية, ومن العار أن أُشارك فيها, لا استطيع ذلك. وها هو يهرب ويترك الرعاع تقود الانتفاضة.
قد يكون صاحبنا المهندس مستعداً لقبول الانتفاضة الاجتماعية لهؤلاء الرعاع الغوغاء, والمشاركة فيها, لو أن التاريخ يوصل إليها بهدوء ونعومة, وملاسة ورقة, مثلما يصل قطار سريع حديث إلى المحطة. وإذا رقيب المحطة يفتح باب العربة بكل رزانة ورصانة, ويهتف قائلاً: محطة الانتفاضة الاجتماعية لينزل الجميع.
لقد شَهِدَ هذا الرجل تمردات واضطرابات وانتفاضات متعددة وهو يعرف أيَّة عاصفة من المشاعر المتأجَّجة ترافق على الدوام مثل هذه الاحتجاجات الشعبية الغاضبة حتى السلميَّة منها. ويقيناً أنَّه يدرك كم من ملايين المرات ينبغي أن تكون هذه العاصفة أشد هيجاناً حين يستنهض الذّل والاستبداد والعسف, السواد الأعظم من الشعب المحكوم بأجهزة أمنية متوحشة. كل هذا يفهمه صاحبنا نظرياً ولكنه لا يقرّ به إلا من رؤوس شفتيه, فقط بسبب الوضع المعقَّد للغاية. ويتمنى من كل قلبه أن تكون الانتفاضة ألين في خطوطها وزواياها الحادة ويسأل من جديد: ألا يذهب الوطن إلى وضع معقد للغاية؟ ولكن عوام الخلق التي ثارت ضدَّ الطغيان العسكري لجهاز الدولة يُتابعون تحطيم البيروقراطية العسكرية التي سلبتهم حريتهم وكرامتهم ووضعتهم تحت البسطار العسكري.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعيون...أصحاب اللّحف المُقَطَّعة
- ساعتان مع الشيوعي النبيل نبيه رشيدات
- بنطال كارل ماركس
- الماركسية-اللينينية في أربعة صناديق من الكرتون
- الأسطورة في وعي كارل ماركس
- كارل ماركس مفكراً
- كارل ماركس ما زال حيَّاً
- الوقوع في حُبِّ كارل ماركس
- مشاعيَّة كارل ماركس


المزيد.....




- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - لينين و الانتفاضة