أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر المهاجر - الراحل الشيخ علي الشرقي شاعر المعاناة والحب والنهوض.-القسم الثاني.















المزيد.....

الراحل الشيخ علي الشرقي شاعر المعاناة والحب والنهوض.-القسم الثاني.


جعفر المهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 5033 - 2016 / 1 / 3 - 16:07
المحور: الادب والفن
    


الراحل الشيخ علي الشرقي شاعر المعاناة والحب والنهوض.
جعفر المهاجر.
القسم الثاني.
يمتاز شعر علي الشرقي بسلاسة العبارة وإشراقتها، وغزارة المعنى، وقوة الموسيقى، والخيال الخصب المتدفق كنبع عذب، يرافق ذلك الإلمام الواسع بأسرار اللغة العربية وبلاغتها وفنونها. وعندما يعالج موضوعاته شعريا لايمسها من الخارج فقط بل يغوص في أعماقها ليقدم تجربة ناضجة وبرؤية جديدة تدل على الأصالة والوعي والفهم العميق للوجود. وعندما يتطرق في شعره إلى التراث لايقف عنده موقف الناقل أو الناسخ دون أن يرفده بتجربته الشعورية والفكرية المتوقدة والمعاصرة لكي يقدمه للقارئ ومتذوق الشعر حيا نابضا عميق الدلالات , بعيد الأغوار . ففي قصيدته الجميلة المتوهجة (تحية بابل) يتناول فيها حضارة العراق العريقة بنفس فني له تأثير عميق في نفس المتلقي فهو إنسان عراقي وشاعر مرهف وأديب وباحث متفاعل مع تراث أمته إلى حد الانصهار. يعبرعن حزنه وشجنه لما آلت إليه تلك الحضارة العريقة التي بنتها أيد خلدها التأريخ وتعرف عليها العالم بأسره. وتعرضت إلى غزوات الطامعين البربرية التي سرقت معظم هذه الكنوزونقلتها خارج الوطن تحت مرأى ومسمع الحكام الغارقين في ملذاتهم وسباتهم وأهوائهم دون أن يحركوا ساكنا أو يهتز لهم جفن وهم يرون بأم أعينهم حضارة وطنهم تسرق وكأن الأمر لايعنيهم. ولكن رغم كل هذه النكبات والمحن فإن حضارة العراق ستبقى متوهجة الرؤى , ناصعة الجبين لأن كنوزها لاتقف عند حد مهما تكالب عليها الأعداء وحاولوا طمسها ستظل الوسام الذي يزين هام الوطن، ولم تتمكن أية قوة في الأرض أن تزور التأريخ والقيم الحضارية مهما بلغ عتوها وجبروتها وعداءها للشعوب. ويختار الأسد رمزا لتلك الحضارة الخالدة حيث يقول في قصيدته ( أسد بابل):
قد شجاني أسد في بابل
رابض ليس له عشق وهامُ
حارس الكنز عتابا ضمنه
لوعة قد سرق الكنز الطغامُ
ضاع لما ضيعت آثارنا
مجدنا الغالى وأجداد عظامُ
ذمة لو خُفرت ماانتُهِكًتْ
فليقرعنا كما شاءً الذُمامُ .
إنها مرارة الشاعر وإحباطه ،وخيبة أمله من حكامه الذين لم يكونوا بمستوى المسؤولية والأمانة للدفاع عن الوطن وحضارته وليتك تدري أيها الشاعر العراقي الأصيل مافعل الغزو الأمريكي بآثار العراق وكيف تركها تسرق وتنهب ويعاث فيها فسادا من نفوس شريرة حاقدة على العراق وحضارته دون أي عقاب. واليوم يكمل الغزو الداعشي البربري تلك الجريمة بتدمير حضارة العراق وسرقة ماخف منها وبيعها للسماسرة وتحويل أموالها إلى قنابل ورصاص ومتفجرات لقتل العراقيين. ولو كنت حيا وشهدت تلك المأساة لبكيت دما ولكتبت بدمائك ووجدانك الوطني المتوقد قصائد تعبر بهاعن هول الكارثة .
إن أسد بابل الذي خاطبته قبل عشرات السنين هو اليوم أكثر حزنا وقهرا وقد ترك الغزاة الذين لم يأتوا إكراما لعيون العراقيين كابوسهم الثقيل عليه بعد أن عاثوا فسادا في تلك المنطقه التي تعتبر قلب حضارة العراق .
وفي هذه القصيدة نرى شاعرنا كيف يخاطب بابل العظيمة وتأريخها الشاخص في العيون والقلوب وكأن لسان حاله يقول : يابابل العظيمة الخالدة بقدر ماتترك ذكراك في نفوسنا الخشوع والإكبار فأنها تترك في قلوبنا وأرواحنا اللوعة والألم لما آل أليه واقعنا الذي حوله الحكام إلى ظلام حيث يسترسل في تدفقه الشعري (أسد بابل ) قائلا:
بابلٌ ماأنا إلا حالمٌ
بك يصبيه انطباعٌ وارتسامُ
هامت الذكرى بقلب مولعٍ
بك والذكرى آلتياعٌ وهيامُ
طابت الكأس فمن يشربها ؟
وحلا الشدو فهل فيك حمامُ ؟
ريفك المأنوسُ في أحلامه
موحشٌ كل نواحيه ظلام !
رقد السمارُ عنه وهفا
سامر يحزنه الريفُ المضامُ
والرياحينُ التي أنبتها
سفحكُ الزاهي تولت والبشامُ !
ترى هل كان الشاعر يتنبأ بما سيخبئه المستقبل لبابل حتى نزف هذا الشعر من قلبه ووجدانه وكأنه قطرات من الدم سطرها على الورق ؟
ويستمرعلي الشرقي في تلك التراجيديا التي تعج بالأوجاع ويصف الربى بأنها حبلى بالقهر والضيم ولابد أن تعصف الثورة التي ستتفجر من ربى العراق لتعصف بالذين سرقوا ونهبوا وظلموا وعاثوا فسادا في أرض الحضارات التي قدمت للعالم أوهج حضارة عرفها التأريخ وأن الأجيال القادمة التي ستنجبها الأمهات في أرض الحضارات هي نواة الثوره وشرارتها التي ستحرق الطغاة. والفراتيون الذين عرفوا برباطة جأشهم ودفاعهم البطولي عن وطنهم هم الدروع التي تحمي الشعب والسهام التي ستصد كيد الأعداء حيث يقول في نفس القصيده :
الربى حبلى وأطفالُ الربى
تتبارى فرضاعٌ وفطامُ
بابلٌ أي بناءٍ شامخٍ
لم يزعزعه خراب وانهدامُ
والفراتيون إذا حفزتهم
للملمات دروعٌ وسهامُ !
وشاعرنا الشرقي من المتحمسين والداعين للوحدة العربية لأنها في نظره تمثل الإنقاذ والخلاص من ربقة الأجنبي ومن كل المحن التي لحقت بالأمة العربية جراء تمزقها وتشتتها فنراه يشحذ الهمم ويذكر العرب بحكامهم الذين استغلوا هذه الأوضاع المزرية أبشع استغلال وكرسوا العزلة بين شعوب المنطقة، وباعدوا بين أبناء الشعب الواحد، وأقاموا السدود والحواجز وأوغلوا في خيانتهم وجرائمهم بحق شعوبهم واهتموا فقط بقصورهم الفارهة ولم يشعروا بما يعانيه الفقراء من فقر وفاقة وحرمان من أبسط متطلبات الحياة بعد أن سرقوا كل شيئ منهم. ويخاطبهم أين ستذهبون أيها الحكام ياأصحاب القصور والسيارات الفارهة اللامعة والمتنكرون لشعوبكم إذا توقدت جمرة الغضب في عيون الجياع؟ حيث يقول في أحدى قصائده :
ماأجدد الأخوة من أم وأبْ
أن تبعد الشك وتنفض الريبْ
هذا أوان الطلع يانخيلنا
إلام نبقى سعفاتٍ وكربْ ؟
يامطلعً الفجر وياأمً القرى
إن القرى مابين سلب ونهبْ
أرى قصورا من جديد نهضت حولي
وقومي في بيوت من قصبْ !
كم خطفت أبصارُنا سيارةً
في أرض شعب زاحف على الرُكبْ !
من يسأل القرية عن آمالها ؟
فكم جروح في القرى وكم ندبْ ؟
في غمرة الفقر ويجري حولها
وادي الفرات العذب أو وادي الذهبْ
مايصنع الفلاحُ في عروشكم
أن تغصب السلة منه والعنبْ !!!
لقد أصبح وادي الذهب ياشاعرنا الراحل حكرا على اللصوص الكبار فنهبوا منه ماشاء لهم أن ينهبوا أما فقراء شعبك فأنهم ما زالوا بين مهاجر يعيش على الإعانات الأجنبية، ومهجر من وطنه تبتزهم الدول بقوانين ماأنزل الله بها من سلطان، وباحث في أكوام القمامة ليسد به رمقه وكل حزب بما لديهم فرحون في عراق الطوائف والمحاصصات .
يستمر الشاعر في قصيدته منبها ومحفزا شعوبها وفي يقينه أن الأمة لابد أن تنهض من كبوتها عن بكرة أبيها لتصنع تأريخا جديدا على أنقاض هذا الواقع البائس الذي يكاد يوصل الأمة ألى حافة الهاوية حيث يقول :
هل تدري صنعاء ونجد أننا
نحتاج تأريخا جديدا للعرب !
قد طوي الفسطاط من مصروقد
نامت بنو حمدان عنك ياحلب !
وكما نامت نواطير مصر عن ثعالبها حينما أطلقها المتنبي صرخة ضد كافورالإخشيدي حاكم مصر آنذاك.
وفي نهاية هذه القصيده يخاطب أمته العربية مرة أخرى ويرمز إليها بـ( الشعلة القدسية ) التي جُللت صحراؤها الشاسعة بالنار والضياء. هذه النار التي ستحرق أعداء الأمة والضياء الذي يحمل في توهجه عوامل النهضة والتجدد والنهوض :
ياشعلة قدسيةً قد سطعتْ
تجلل الوادي ضياءً ولهبْ !
وللشاعر الكبير قصيدة أخرى نظمها عام 1912م أثناء هجوم الايطاليين على طرابلس الغرب مما يدل على أن الهم القومي قد أخذ مساحة شاسعة من شعره وإنه كان يعتبر الوطن العربي الكبير وطنه رغم كل الحواجز التي بين أقطاره فلا فرق بين بغداد وطرابلس ودمشق والخرطوم وغيرها من المدن العربية التي وضع المستعمر وعملاؤه الحواجز المصطنعة بينها وإن شعور كل مواطن يعيش في هذا الوطن الممزق نحو أخيه هو شعور الأخوة والمحبة والمصير المشترك :
قومٌ من العرب لم تبردْ حميتًهُمْ
حر الظبا وعلى جمر الثرى بردوا
أن فورت سورة العليا دماءًهمُ
لنهضة فبغير السيف ماقصدوا
تروم أبناء روما أن تناضلهم
هيهات لايستوي الطليانُ والأسُدُ
دون النزال ترى أرواحها صعدت
خوفا وفي ودها لايصعد الجسدُ
في البر والبحر أشباحٌ مرفرفةٌ
لها المحيط رقيبٌ والفضا رًصًدُ
زرعٌ لرومةً أهدتهُ طرابلسا
فأهزم المحل أبناها بما حصدوا
ويستمر الشاعر إلى نهاية القصيدة التي يتنبأ فيها بانتصار قوى المقاومة ضد الغازي الايطالي الذي ضرب بكل حقوق الشعوب وآمالها بالتحرر والإنعتاق. ولابد أن تكون الهزيمة مصير كل معتد وغاز وطامع في هذه الأرض المقدسة مادامت تنجب ثوارا كبارا أمثال عمر المختاروصحبه الذين لم يناموا على ضيم، ولم يرضخوا لعدو طامع في أرضهم خلافا لكل لوائح حقوق الإنسان التي أقرتها قوانين الأرض والسماء . وللبحث صله.
جعفر المهاجر.
3/1/2016م



#جعفر_المهاجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الراحل الشيخ علي الشرقي شاعر المعاناة والحب والنهوض.
- منتهكوا الأعراض وحديث الإنقراض.!!!
- ياطائر العنقاء.
- المثقف والمبدع والأنظمة الدكتاتورية.
- جبل الفداء.
- صدى الذكرى.
- إكذوبة عام 2015 .
- الراحل عبد الوهاب البياتي شاعر المنافي والفقراء والبحث عن ال ...
- الراحل عبد الوهاب البياتي شاعر المنفى والفقراء والبحث عن الن ...
- الراحل عبد الوهاب البياتي شاعر المنافي والفقراء والبحث عن ال ...
- حكومة أردوغان وسياسة إشعال النيران.
- الوحش يفترس الزهور.
- ماذا بقي في جعبة أردوغان لدعم الإرهاب.؟
- الشعب العراقي يطالب الحكومة بثمن تضحياته الجسام.
- ياصاحبي لاتبتئس. !
- الأنظمة الطائفية والإرهاب والحريق القادم.
- الشاعر واليراع
- رحلة الشتاء والصيف ودوَامة العراق.
- بوحٌ لسيدة الفجر.
- آه .. ماأقسى السفر


المزيد.....




- استقبل تردد قناة MBC2 على جميع الأقمار الصناعية لتستمتع بأفض ...
- كيف استغلت مواهب سوريا الشابة موسيقى الدراما التصويرية في ال ...
- -فنان العرب- محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان
- ترام الإسكندرية و-أوتوبيس- القاهرة..كيف يستكشف فنان الجمال ا ...
- تردد قناة بطوط كيدز Batoot Kids 2024 بجودة HD وتابع أجدد الأ ...
- مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي ...
- اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب ...
- مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج ...
- -من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال ...
- خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر المهاجر - الراحل الشيخ علي الشرقي شاعر المعاناة والحب والنهوض.-القسم الثاني.