أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مقبرة القمح المكسيكي














المزيد.....

مقبرة القمح المكسيكي


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4781 - 2015 / 4 / 18 - 12:06
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مقبرة القمح المكسيكي
نعيم عبد مهلهل

حصدت الحنطة المسمومة من أحلامنا شبابا وأطفالا بعمر دايات الرز النابت في حقول وأحلام أهل الاهوار بأن الصيهود سيأتي ليغمرها بالمياه ويخضر عودها ثم تتيبس لتحصد رزا يعوض جوع البطون الذي حُرمت في هذا العام من تناول القمح لشعور سكن الجميع أن جميع انواع القمح هو مسموم بسبب الحنطة المكسيمان التي وزعتها الحكومة والتي تم طلائها بالزئبق السام كسماد يحفظ جذورها من العث والبكتريا يوم تزرع في التربة ، لكن الفلاحون ومن اشتراها منهم من اهل قريتنا لم يصدقوا تحذيرات الحكومة فأكلوها فتسمم جراء ذلك الكثير من الفلاحين ورعاة الجواميس البسطاء واغلبهم من الاطفال الذين مزق الزئبق امعائهم.
كنا نتألم من ذلك الأسى الغريب الذي لونَ وجه أهل القرية وهم يدفنون ابناءهم في مقبرة مساحة يابسة ضاقت بالذين ماتوا بعد أن تعذر بسبب فيضان الماء أن تنقلهم الزوارق الى كراج الجبايش ومن هناك ينقلون ليدفنوا في مقبرة دار السلام بالنجف.
صورة المقبرة تعكس ما كانت أساطير أهل أور وسلالات الماء لتتحدث عن مصيبة كبيرة تنتظر كل قلب ، وعليه أن يرتدي ملامح محارب ليتغلب عليها ، ولكن هؤلاء المعدان الطيبين لم يرتدوا في حياتهم ملامح المحاربين ، لقد كانوا رعاة فقط ، ولم يتخيلوا عبر تأريخهم الطويل في هذا المكان أن تُعلن الحرب على وجودهم من قبل القمح الذي كانوا يأنسون اليه حين يصنعوه خبز سياح بعد أن يبادلوه بالحليب والقيمر والسمك والطير.
لقد سمعوا من اجدادهم أنهم خاضوا معارك وجود سريعة ضد الاسكندر وكورش والزنج والقرامطة والترك والانكليز لكنهم لم يعرفوا أنَ القمح استعمارا ايضا ويجيء اليهم اليوم بسيوفهم المسمومة ليذبحهم بألم الامعاء والالم المبرح ثم الموت.
في تلك الأيام مر عاشور ليكون شهورا وليس عشرة أيام وقد سكن البيوت اغتراب الوجوه التي الفوها وقد نقص اعداد تلاميذ مدرستنا من عشرين تلميذا الى سبعة فقط ، وكانوا يعيشون ذعر انهم ايضا اكلوا من خبز الحنطة المكسيكية لكن بلقمةٍ سريعة ، وعليهم أن يأخذوا العقار الذي جلبته الزوارق السريعة التابعة للصحة النهرية ، لكنَ وجوههم الصفراء ظلت تحمل الحزن العميق حين يشاهدون الرحلات الدراسية لزملاء كانوا قبل ايام يلهون معهم في ساحة المدرسة ويذهبون معهم في متعة رعي الجواميس او نصب الفخاخ للبط والفخاتي والقطا.
صورة الموت في عيون الأطفال صورة عظيمة الكآبة لم أجدها حتى في وجوه أولئك الذين سقطوا في حروب الربايا الشمال أيام حرب برزان وحرب طروادة أو تلك الحروب الصغيرة التي كانت تحدث بين العشائر .
هذه الكآبة أراقبها في صباح الذكريات وأتخيل قدرية الفقراء مع الحدث الذي لا يحسبون حسابه أن يكون القمح سببا لموتهم ، لهذا حملت تلك الصورة عن أساطير تلك الايام الحزينة وجعلتها مادة لحنين أجفاني ورغبتي باستعادة جمالية ذلك الحزن الذي كنت اشاهده في عيون شغاتي وكان لسان حالها يقول : أنت تعيش متعة قراءة قصائد المكسيكي اكتافيو باث .ونحن نموت بسبب القمح المكسيكي.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفال الأهوار ومحمد عطية الابراشي ...!
- اخيرا وصل الى السماء
- بروك شيلدز وبندقية البرنو
- الغضارة وحرب الحليب
- الثناء على معونة الشتاء
- طروادة والمْطارَدْ
- معدان دوائر التجنيد
- سفينة حنا مينه
- أقراط روزا لكسمبورغ
- لاخَبرْ وعُرسِ عَنبرْ
- تعال ايها الملك
- أيثاكا كافافيس وأيثاكا شغاتي
- جاموسة موشي دايان
- التوراة تسكن في قلعة صالح
- في فطرة المعدان خلاص العالم
- ذكريات الطير المسافر
- السوابيط ومنصات ناسا
- موزارت في قريتنا
- إسكافي الخيول والعريف ديغول
- هل لدى لينين حَظْ وبَخت ؟


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مقبرة القمح المكسيكي