أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - تاريخ الدين بين تقديسه ومقاطعته














المزيد.....

تاريخ الدين بين تقديسه ومقاطعته


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1874 - 2007 / 4 / 3 - 11:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من القضايا التي دأب الخطاب الديني الفقهي على إثارتها فيما يتعلق بأمور العقيدة والإيمان، وهوّل من مخاطر الخروج على فهمه لهما، وصفه لكل من ينتقد الثقافة الدينية التاريخية والعادات والتقاليد النابعة عنها، أي تاريخ الدين وسننه السياسية والاقتصادية الاجتماعية، بأنه خارج عن الدين. فحسب المدرسة الفقهية التقليدية، فإن الإنسان المتدين المعتقِد بالدين الإسلامي، يجب ألا يقطع علاقته بتاريخ الدين.
والسؤال الذي يطرح هنا هو: ما هو الوصف الذي يمكن أن يُطلق على إنسان يؤمن بالله وبعقائد الدين الإسلامي، لكنه يريد أن "يفلتر" أو يقطع علاقته بتاريخ الدين؟ وهل الذي يقطع أو يفلتر تلك العلاقة يمكن وفق فهم أهل السنة أن نطلق عليه بأنه سني المذهب؟ أو وفق فهم الشيعة أن نطلق عليه بأنه شيعي المذهب؟
فمن يقطع أو يفلتر علاقته بتاريخ الدين، هو في الواقع لم يقطع علاقته بالله ولا بالوحي ولا بنبي الإسلام ولا بعقائده الإيمانية الغيبية، وإنما وضع حدا لعلاقته التقليدية بالتاريخ الديني القائمة على التبعية والتقليد والخضوع لكل ما يتناقض مع واقع الحياة وتطورها وتغيّرها، لإحساسه بأن تلك العلاقة لا تتماشى مع حياته الجديدة حياة الحداثة، ولقناعته بأن هناك تعارضا وتضادا بين الإثنين، وهذا التعارض من شأنه أن يؤثر في عقيدته، وقد يمثل عائقا في طريق إيمانه، ورفعه يسهلهما ويجعل حياته أكثر سلاسة، ويبعدها عن أي تصادم تشكله تناقضات تركيب الماضي الديني التاريخي على الحاضر الحديث.
لكن المعضلة في هذا الطلاق أو الفلترة بين ما هو عقيدة وإيمان وبين تاريخ الدين، هوالسؤال التالي: ضمن أي دين ومذهب ديني سوف يصنّف صاحبه؟ فالمشكلة لا تكمن في طلاق هذا التاريخ وإيجاد رؤى وآليات عقلانية حديثة تساعد وتعين أمر الإيمان ولا تتعارض مع العقيدة، بل تكمن في المواجهة المتوقعة مع المدرسة الدينية الفقهية التقليدية وخطابها الوصائي الإقصائي الاستبدادي. فتلك المدرسة، بسلطاتها القوية والمتعددة، سوف تعمل على إلغاء حامل هذا النوع من العقيدة والإيمان وهذا الطرح من الرؤى الدينية، وتجهد لإخراجه من الدين، وتتهمه بجملة من التهم، يأتي على رأسها الارتداد، بعدما نصبّت نفسها سلطة سماوية على الأرض. ثم بعد ذلك تدّعي وتزعم وتصرخ بأعلى صوتها بأن تفسيرها الديني يحمل مقوّمات التسامح واحترام حقوق الإنسان!!! وهذا ما فعله تسامحها مع المفكر المصري نصر حامد أبو زيد حينما أقصته من الساحة المصرية، ومع المفكر الإيراني هاشم آغاجري حينما حكمت عليه بالإعدام دون أن تستطيع تنفيذ الحكم، ومع العديد من الشخصيات والمجموعات الدينية الجديدة التي تبنت رؤى دينية ترفض تقديس التاريخ الديني وتقف ضد هيمنة الفقه والفقيه على مجريات الحياة والعقيدة والإيمان.
فالإنسان الذي يعيش وسط عالم الحداثة، الإنسان الذي يرفض بنيان الحياة القديمة المستندة إلى أطر الثقافة الدينية التقليدية الغيبية القائمة على مبدأ ما هو "مقدّر" و"مقسوم" بعد أن كان "التقدير" الإلهي و"النصيب" الديني يسيطران بصورة رئيسية على التفكير ويبنيان ثقافة الخرافة والخضوع وسلطة الطاعة والتبعية، الإنسان الذي يعيش وسط حياة قائمة على "اختيار" الأطر التي لابد أن يعيش تحت ظلها ولا مجال لـ"إجبار" أي شخص على الخضوع أو الركوع لإطار فكري معين سواء كان دينيا تقديريا غيبيا أو كان غير ذلك، هل يستطيع هذا الإنسان أن يطلق صيحة عالية يقول فيها بأنه مسلم لكنه لا ينتمي، بل لا يمكن أن ينتمي، للمدرسة الدينية الفقهية التاريخية ولا لسلطاتها، دون أن تخرجه تلك المدرسة من الدين، ودون أن تزعزع كيانه الاجتماعي؟ إن الإجابة هي "لا" بالمطلق.
ففي كل مجال من مجالات الحياة وفي كل شأن من شؤون الإنسان، انفتح باب الاختيار على مصراعيه وتعددت مسمياته، وذلك بسبب تنوع طرق التفكّر وسقوط السلطات المانعة للتفكير والمناهضة للاختيار. وهذا الأمر لم يكن لينشأ لولا سقوط امبراطورية "التقدير" الدينية المهيمنة على الحياة، والتي كانت تستند في تفكيرها وحل الأمور والقضايا والمشكلات إلى رجل الدين الفقيه صاحب التفسير المستند إلى الغيبيات الدينية التي ترفض بروز منهج الاختيار، لأنه لا يرضى إلا بوجود نفسه ومنهجه، حيث مناهج التفكير الأخرى مجرد "خزعبلات" تتحدى سلطته الدينية، وحيث لايرضى للإنسان إلا أن يتبعه ويقلده ويأتمر بسلطته وبأوامره.
ففي الماضي كانت مسؤولية الإنسان التبعية للسلطات التي كانت تتحكم في الحياة، ومنها سلطة رجل الدين، وهو أمر لا يزال مستمرا في العالمين العربي والإسلامي. أما في وقتنا الراهن فإن الاختيار هو الذي طغى على الحياة، وهو لا يمكن أن يتعايش مع سلطة الطاعة والتبعية التي فرضها الفقه والفقيه، بل هو في الضد لهما ومتناقض معهما.
إن الإنسان المتديّن المنتمي للمدرسة الدينية الفقهية التقليدية، لا يمكنه أن يقبل الحداثة بالمطلق، كما لا يمكنه أن يرفضها بالمطلق. فلايمكن أن يرفضها بالمطلق لأنه يعيش وسط الحياة الحديثة ويتفاعل معها ومع منجزاتها، وإذا قرر أن يرفضها بالمطلق فكأنه قد قرر أن يرفض نفسه ووجوده. كما لايمكن أن يقبل الحداثة بالمطلق، لأن ذلك يتعارض مع أسس مدرسته الدينية الفقهية التاريخية وبنيانها القائم على تقديس الطاعة والتبعية للسلطة الدينية وللتاريخ الديني وللفكر التقديري، وهي أسس رفضتها الحداثة واستبدلتها بمبدأ اختيار أسس الحياة، وهو المبدأ الذي يقف في الضد من التبعية والخرافة والخضوع.
فالإنسان الذي لا تختلف رؤيته للقرآن الكريم، ككتاب حياة وفكر واجتماع، عن رؤيته لأي كتاب فكري آخر سواء كان هذا الكتاب لإفلاطون أو لشكسبير أو لفولتير، وهو المبدأ الخاضع لأسس الاختيار، هل تستطيع المدرسة الدينية الفقهية التقليدية التاريخية بخطابها الغيبي السلطوي الإلغائي أن تطلق عليه وصف "مسلم"؟ إن ذلك لايمكن أن يتحقق من دون أن تغيّر هذه المدرسة أسسها الفكرية التاريخية وخطابها القائم على الطاعة والتبعية.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأشيرة نجاد تزيد عزلة ايران
- عصر البدعة.. لا التبعية والتقليد
- الحداثة والتفسير الغيبي.. والتقليد
- . الفقهاء ورجال الدين مساهمون نشطون في تخلف المجتمعات
- لماذا يعارض الفقهاء التجدد؟
- الحب العنيف.. المتطرف
- الدين حينما يكون غير إنساني
- الفهم الديني الجامد.. والإنسان الجديد
- الفهم الديني غير المسؤول: الموقف من حزب الله نموذجا
- بوش يتخبط.. لكن ماذا عن الإسلاميين؟
- التعددية في بعدها السياسي
- التعددية في بحر وجودها وتعريفاتها
- مناخ التعددية عبر التاريخ
- متى يتوقف نبض الحياة المتحرك
- كعادتهم خلطوا الحابل السياسي بالنابل الديني
- مكاسب وخسائر طهران
- الإكراه الديني يعادي الإيمان
- استبداد المدرسة الفقهية
- اخوان الكويت.. ومعركة رئاسة البرلمان
- خسارة السيد المعمم


المزيد.....




- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...
- “وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور ...
- “أهلا أهلا بالعيد” كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024 .. أهم ال ...
- المفكر الفرنسي أوليفييه روا: علمانية فرنسا سيئة وأوروبا لم ت ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف ميناء عسقلان المحتل


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - تاريخ الدين بين تقديسه ومقاطعته