أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ياسر المندلاوي - الوطنية العراقية .. العقل والعاطفة















المزيد.....

الوطنية العراقية .. العقل والعاطفة


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1738 - 2006 / 11 / 18 - 02:37
المحور: المجتمع المدني
    


تواجه الوطنية العراقية إختبارات قاسية لم تكن يوما محل إفتراض. ومن شأن الإخفاق في تجاوزها، التمهيد لإزاحة الوطنية العراقية عن مكانتها في تكوين وعي الذات القومي (بمعنى العراقي) لصالح وعي مشوه يستحضر الإنتماءات البدائية الأولية عوضا عن الإنتماء الوطني. وبالنظر إلى أدوات الصراع والأطراف المنهمكة في أتونه، يمكننا الإستنتاج بأن الوطنية العراقية تقع في مقدمة أهداف المتصارعين، نفيا لها أو دفاعا عنها وبها. وحيث أن الوطنية أحد الظواهرالمعقدة للوعي الإجتماعي، فإن الصراع من أجل تأكيدها والإرتقاء بها، أو الإنصراف عنها إلى ما هو أدنى، إنما هو صراع معقد، ميدانه الفعلي، مدارك العراقيين ومشاعرهم الوطنية. وهدفه البين والأكيد، الموقف العقلي والعاطفي من الوطن. وعليه فإن كل طرف من أطراف الصراع يحاول جهده للتأثير على مدارك ومشاعر العراقيين بما ينسجم وهدفه في نفي أو تأكيد الوطنية العراقية فيما تشتمله من مشاعر وطنية ووعي وطني.
وقبل المضي قدما في محاولتنا لبيان تباينات الموقف من الوطنية العراقية، نستهل محاولتنا هذه بالإشارة إلى أن الوطنية من (الوطن) المتغير سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا، فهي بهذا المعنى تتصف بتأريخانية التغير في مضمونها على وفق الشروط المتحققة في المجالات المذكورة أعلاه، أي أن مضمون الوطنية يتبع إنقلابات الحال وإشتراطات الأحوال، وحيث أنها على هذا الوصف في مضمونها، فإن إختلاف المواقع والمصالح والأهداف، يتبعه إختلاف الموقف من الوطن على ضوء تباين القراءات لماهية الوطنية في كل مرحلة من مراحل تطور المجتع. وفي ظروف العراق الراهنة، إستنادا إلى توصيف الوطنية كما مر ذكره، فإن الوطنية العراقية تتجاذبها المصالح المتباينة لفرقاء متباينين يجهدون من كل بد لتقديم ما تمليه عليهم مصالحهم، بغض النظر عن إنسجامها مع المصلحة الوطنية أوعدمها، على إنها الوطنية الحقة، في محاولة واعية لتوجيه المدارك والمشاعر الوطنية وجهة محددة تخدم هذه المصالح حصرا. وبهذه الكيفية نكون أمام محاولات دؤوبة، لأحداث مطابقة، مشروعة حينا وغير مشروعة في أحايين كثيرة، بين المصلحة الوطنية وبين الأهداف الحصرية لهذا الفريق أو ذاك. وبكلمة أخرى، نحن أمام وطنية زائفة، هي مجموعة المصالح الأنانية، جرى إعتمادها، بغير وجه حق، مقياسا لوطنية المواقف والسياسات والإنتماءات والأهداف، في مقابل وطنية حقة، هي مجموعة المصالح المتوافقة مع متطلبات تقدم العراق في الميادين كافة.
إن التفارق بين الوطنية الزائفة والوطنية الحقة يمكن إستخلاصه من الموقف العقلي والعاطفي من الوطن، وأهم مشخصات هذا الموقف لدى دعاة الوطنية الزائفة، السعي لتحقيق مكاسب فئوية، لأقلية إجتماعية وسياسية، عبر تشويه الموقف العاطفي من الوطن، بحيث ينصرف إلى قنوات طائفية وأقاليمية وعشائرية، يراد لها أن تكون قنوات التعبير عن الوطنية العراقية. ومثل هذا التشويه للموقف العاطفي ينبثق من موقف عقلي فئوي يختزل الوطن إلى مجموعة مصالح فئوية لا يمكن تحقيقها أو تبرير الوسائل المعتمدة في تحقيقها من دون إستحضار مضادات الوطنية العراقية، وهي مضادات قابلة للإستخدام من أجل بلوغ أهداف غير وطنية، بمعنى غير متوافقة مع متطلبات النهوض الوطني. ومثال هذا الإستخدام يمكن لحاظه في الموقف من الإحتلال، فهو موقف مماليء له في حده الأدنى ومتحالف معه في حده الأعلى، ولكنه مبرر بالحرص على المصالح الطائفية والجهوية والعشائرية، وهي في حقيقتها، مصالح أقلية إجتماعية تسعى للهيمنة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية عن طريق إستثارة العواطف البدائية لتمويه حقيقة تعارض مصلحتها مع مصلحة من تعتبرهم جمهورها بحكم الإنتماء الطائفي أو الجهوي أو العشائري المشترك. إن تفعيل المشترك الطائفي والجهوي والعشائري يرتكز على الشحن العاطفي البدائي، ويهدف إلى تغييب الموقف العقلي والعاطفي من الوطن، ناهيك عن القول إنه ينطوي على إبتزاز المواقف الوطنية بجعله الحد الطائفي والجهوي والعشائري حدا نهائيا للوطن والوطنية، أي تفصيل الوطن والوطنية وفق مقاسات الطائفية والجهوية والعشائرية. وهي مقاسات تسمح (على سبيل المثال) للذين ساهموا في إستدراج الأجنبي لإحتلال وطنهم، الزهو بفعلتهم، وجعلها تاج الوطنية!! وحيثما تجري محاكمة النتائج الكارثية للإحتلال ، يتوارى هؤلاء إما خلف الحصون الطائفية والإثنية والعشائرية، أو يلوذون بالحق في الإجتهاد، إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلهم أجر الإجتهاد، وهم يغفلون (أو يتغافلون) إن الإجتهاد لا يجوز في القضايا القطعية، ومنها إن غزو العراق يستصحب إحتلاله من قبل الغزاة الذين لا هم لهم سوى تحقيق غاياتهم وإن كان الثمن الرؤوس العراقية اليانعة التي يلقى بها على قارعة طريق الديمقراطية الأمريكية. وإذا صادف أن تواجد بين العراقيين من كان يتوقع نتائج غير ما نراها الآن وقبل الآن، فهو واحد من ثلاثة، إما أحمق أو معتوه أو دجال لا يجيد الرقص على حبال الوطنية العراقية، فسقط في مستنقع عصبيته الطائفية والقومية والعشائرية. وعلى النهج ذاته يواصل دعاة الوطنية الزائفة تشويه الوعي الوطني والمشاعر الوطنية، والسير بهما في وجهة طائفية وإثنية كما في قانون الأقاليم وغيرها من القوانين العجولة التي تهدف إلى دفع الوطنية العراقية إلى مراتب ثانوية إن لم نقل إلى زوايا النسيان، وقولهم بإن القانون المذكور لا يحتم إنشاء الأقاليم على أسس طائفية وقومية قول ليس فيه نظر، وذلك لأن الواقع العراقي في الظروف الراهنة لا يتوافر على أسباب قيام الأقاليم على أسس غير طائفية أو قومية، والنتائج من نوع الأسباب ليس إلا.
وفي مواجهة الوطنية الزائفة تقف الوطنية الحقة في موقف عقلي وعاطفي يستمد مشروعيته من وعي وطني بالمصالح الحقيقية للوطن أرضا وشعبا، ويعزز مشاعر الإنتماء إليه، وهو موقف يستجيب لتطلعات غالبية العراقيين في عراق حر ومزدهر، وفقط في شروط الإستجابة لهذه التطلعات تأخذ الوطنية العراقية وجهتها الصحيحة المتعارضة مع الطائفية والجهوية والعشائرية. والقوى الإجتماعية التي تتطابق متطلبات نهوضها وتقدمها مع متطلبات نهوض وتقدم المجتمع، هي حاملة لواء الوطنية الحقة، لأنها وببساطة تعبر عن إرادة الغالبية العظمى من العراقيين، سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا، وهذه القوى تنآى بنفسها عن الممارسات والمواقف التي تؤدي إلى إنحسار الوعي الوطني أوتشويه المشاعر الوطنية، فمثل هذه المواقف والممارسات ديدن الأقلية الإحتماعية التي تسعى إلى تجاوز عجزها الوطني عن بلوغ الهيمنة السياسية فتسلك طريق إلغاء الوعي الوطني وتأجيج المشاعر البدائية، ومن ثم، التضحية بالمصالح الوطنية العليا على مذبح أنانيتها المفرطة.



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشبوعي العراقي.... سياسات بحاجة إلى تدقيق
- ثالوث الأقانيم في عراق الأقاليم
- الحزب الشيوعي العراقي بين التجديد والتأبيد
- شياطين الله.......3
- شياطين الله .....2
- شياطين الله ......1
- وما الفائدة من وجوده إذاً ؟
- آليات إعادة إنتاج الأزمات
- مصادر الموارد السياسية في العراق...3
- مصادر الموارد السياسية في العراق...2
- مصادر الموارد السياسية في العراق ...1
- الإسلام السياسي في العراق – 4
- الإسلام السياسي في العراق – 3
- الإسلام السياسي في العراق - 2
- الإسلام السياسي في العراق
- التوافق الوطني والإقصاء الطائفي
- الفيدرالية والمسألة القومية في العراق
- حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص
- العصبية الطائفية والقومية
- قائمة إتحاد الشعب ضحية ظروف جائرة وسياسات خاطئة


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ياسر المندلاوي - الوطنية العراقية .. العقل والعاطفة