أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر المندلاوي - مصادر الموارد السياسية في العراق...2














المزيد.....

مصادر الموارد السياسية في العراق...2


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1525 - 2006 / 4 / 19 - 10:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ففي العراق، كما في معظم بلدان الشرق، فإن السياسي يتفوق على الإقتصادي في عملية التشكيل الدولوي. والدولة القومية في العراق لم تكن بأي حال من الأحوال، نتيجة أصيلة من نتائج بلوغ البرجوازية العراقية مرحلة النضج والإنسجام الداخلي، التي تؤهلها لإداء هذه الوظيفة التشكيلية، لا أثناء قيام الدولة العراقية الحديثة، ولا في المراحل اللاحقة. وفي تتابع للفكرة، لابد من الإشارة إلى أن السلطة السياسية في الحقبة الملكية، بكيفيتها المعروفة، لم تكن سوى نتاج المساومات الطبقية التي اسس لها القصر بدعم من الإحتلال البريطاني بين الإرستقراطية الريفية والمدينية.
إن ضعف الطبقات الإجتماعية في العراق عشية قيام الدولة العراقية، ووجود الإحتلال البريطاني، يفسران، إلى حد بعيد، تفوق السياسي على الإقتصادي في تشكيل الدولة العراقية، ويقدمان تعليلا مناسبا لمنابع الموارد السياسية للأسرة الحاكمة في العراق آنذاك. ويمكن لنا إيجاز عناوين هذه المنابع بالإحتلال الأجنبي، وكل ما تفرع عنه، إبتداء. ومؤسسات الدولة، العسكرية والسياسية، لاحقا. ثم، الإرستقراطية الريفية والمدينية متمثلة في الإقطاعيين وكبار الملاكين ورؤوساء العشائر والضباط الشريفيين وكبار التجار وممثلي مصالح الشركات الأجنبية في العراق.
إن الملكية، بكيفيتها كما في أعلاه، فشلت في إنجاز مهمة بناء الدولة البرجوازية، وشكلت عائقا أمام التحويل البرجوازي للمجتمع، ولم يكن أمام البرجوازية العراقية، وهي تعيش قصور أدواتها الإقتصادية والإجتماعية، من سبيل، سوى تقديم الدعم لممثيليها في المؤسسة العسكرية لتحقيق سيطرتها السياسية، قبل بلوغها مرحلة النضج والإنسجام والإستقلالية، التي تؤهلها لإنجاز هيمنتها الإقتصادية – الإجتماعية، كمقدمة لهيمنتها السياسية. فهي إستعاضت بالسياسي عن الإقتصادي لإنجاز إستحقاقات التحول الإجتماعي. وبتعبير آخر، فإن الهيمنة السياسية للبرجوازية لم تكن بوحي المطابقة المفترضة بين مراحل تطور البرجوازية وبين تقدمها السياسي، وإنما العكس، فهي إستقدمت الهيمنة السياسية لتجاوز مسببات عجزها عن تحقيق الهيمنة الإقتصادية – الإجتماعية. وهذه المقالبة لإتجاهات التغير تقف في أساس الإستقلالية النسبية المتعاظمة للسلطة السياسية عن الطبقات الإجتماعية في العهد الجمهوري.
إن الهيئات السياسية التي تربعت على عرش السلطة، كانت تدرك، بطبيعة الحال، إتجاهات حركة المجتمع وتطوراته. لذا، فهي تبنت سياسة رفع العراقيل أمام هذا التطور، ولكنها كانت تريد تنفيذ هذه السياسة بوسائلها الخاصة، وبالطريقة التي تضمن لها دوام مصالحها السياسية. وهي في هذا السلوك، كانت منسجمة مع نفسها بلحاظ إن الموارد السياسية التي قادتها إلى السلطة، أو لنقل وسيلتها المباشرة للتمكن منها، لم تكن سوى المؤسسة العسكرية وقوتها الضاربة. فهي لم تكن تدرك، ولم يكن لها أن تدرك، فضل العوامل الإقتصادية والإجتماعية في جعل المؤسسة العسكرية موردا سياسيا حاسما في الطريق نحو السلطة. فهي كانت غارقة في وهم الدولة اللاطبقية، ولم تكن لتؤمن بإرادة أخرى غير إرادة الدولة في صياغة المجتمع بوسائل تتناغم مع نزعة بونابرتية في التضحية بمصالح المجتمع لحظة تعارضها مع مصلحة السلطة السياسية.
إن الأنظمة المتعاقبة منذ العهد الجمهوري الأول ولغاية إحتلال القوات الأمريكية للعراق، كانت في أسر تناقضات لا حصر لها. ولعل من أهمها، التصدي لمهام ذات طبيعة برجوازية ديمقراطية، بوسائل سياسية رجعية منافية للديمقراطية. فكانت النتيجة، نجاحها في وأد البديل الديمقراطي، وفشلها في إنجاز المهمة الطبقية للبرجوازية في إتمام التحول البرجوازي. فهذه الأنظمة جميعها - وإن بدرجات متفاوتة - تلبست مساوىء البونابرتية في الجوانب السياسية، وعجزت عن إداء وظائف البونابرتية في عملية قيام المجتمع الرأسمالي. (لا شك إن العراق غير فرنسا، وزمن نابليون غير زمن ساسة العراق، وهذا ما تعجز عقول ساستنا عن إدراكها حتى هذه اللحظة).
وبقدر ما يتعلق الأمر بالموارد السياسية، فإن الهيئات السياسية الحاكمة في العهد الجمهوري، إستقوت على الطبقات الإجتماعية بعامل إمتلاكها موارد سياسية مؤسساتية غير مجتمعية. إذ وجدت نفسها في قمة الهرم السلطوي عن طريق المؤسسة العسكرية، ودأبت على الإستمرار في هيمنتها السياسية بجعل الدولة – بمواردها المالية ومؤسساتها المختلفة – في خدمتها هي، بدلا من أن تكون في خدمة المجتمع. والأدهى من ذلك كله، أنها سعت وبضراوة، لإزاحة المجتمع بالدولة، وفي أفضل الأحوال، سعت إلى جعل المجتمع تابعا للدولة، التي تحولت إلى غاية الهيئة السياسية ووسيلتها في آن واحد.
ومع نهاية هذا العهد، غدونا إزاء دولة متألهة، وسلطة سياسية تزدري المجتمع أيما إزدراء، وتحاول تشكيله بوسائل قسرية بالغة القسوة، وفق هواها ولمصلحتها. وفي هذه المرحلة تحديدا، تم إستحضار جميع الوسائل الشائنة للحيلولة دون الطبقات الإجتماعية ومواردها السياسية المحتملة، في مقابل إستئثار الهيئة السياسية الحاكمة بالموارد السياسية الداخلية، بمقتضى تحكمها في كل شأن من شؤون الدولة والمجتمع. والحصيلة كما عايشناها، كانت في منتهى الغرابة، ولا سيما عشية الإحتلال الأمريكي للعراق. فمن جهة، كانت السلطة السياسية، وهي في أوج هوانها، قادرة على التحكم بالموارد السياسية، ومن جهة ثانية، طبقات إجتماعية بقاعدة شعبية واسعة ومتضررة بمقاييس مذهلة، ولكنها عاجزة عن تمويل ممثيليها السياسيين بالموارد السياسية الداخلية، التي تعينهم على إحداث التغيرات المفترضة. ولغرض تدارك هذا الإختلال إندفع هؤلاء (أفراد وجماعات) نحو المراهنة على موارد سياسية خارجية، في إزدراء لا يخلو من التشبه بإزدراء السلطة السياسية للمجتمع....يتبع



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصادر الموارد السياسية في العراق ...1
- الإسلام السياسي في العراق – 4
- الإسلام السياسي في العراق – 3
- الإسلام السياسي في العراق - 2
- الإسلام السياسي في العراق
- التوافق الوطني والإقصاء الطائفي
- الفيدرالية والمسألة القومية في العراق
- حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص
- العصبية الطائفية والقومية
- قائمة إتحاد الشعب ضحية ظروف جائرة وسياسات خاطئة
- الإنتخابات البرلمانية والمشاريع المتعارضة


المزيد.....




- أخذ -منعطفًا خاطئًا-.. سيارة رجل مسن تعلق على السلالم الإسبا ...
- الموقف من -اغتيال خامنئي وقلب نظام إيران-.. الكرملين يعلق بر ...
- طاقم CNN يرصد نشاطًا جويًا متزايدًا في سماء طهران.. شاهد ما ...
- عشرات القتلى في غزة جراء الغارات الإسرائيلية الأخيرة
- تحديث مباشر.. نتائج ضربة إيران بإسرائيل وتصريح جديد لنتنياهو ...
- أثناء استعراض مراسل CNN لأضرار هجوم إيراني على الهواء.. سقوط ...
- ما هو الدور المحتمل لبريطانيا إذا انخرطت واشنطن في الصراع ال ...
- موقف ألمانيا من نزاع إسرائيل وإيران في ضوء القانون الدولي!
- بيسكوف: الحديث عن اغتيال خامنئي أمر غير مقبول
- نهاية العالم بين -أم الحروب وأم أمهات القنابل-!


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر المندلاوي - مصادر الموارد السياسية في العراق...2