أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسر المندلاوي - حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص















المزيد.....

حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1195 - 2005 / 5 / 12 - 11:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


إن آليات تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة, والتجاذبات السياسية التي رافقته, تفصح عن أزمة عميقة
تشمل جوانب الحياة المتعددة. فهي أزمة في الفكر والسياسة، في البنية الإجتماعية والأخلاقية،
وليس أقلها في لغة ومضمون الخطاب السياسي للأطراف المتباينة في الصورة والمظهر،
والمتوحدة على دوام التخلف في الجوهر. وعليه فإن قراءة الولادة المتأخرة للحكومة المؤقتة
بمعزل عن الأصل المأزوم لمجمل العملية السياسية في العراق، ما هي إلا قراءة مبتسرة،
تتعامل مع النتائج دون الأسباب، تغرق في التفاصيل الشخصية لأصحاب " الكروش والعروش"
ولا تلتفت إلى المنظومات الإجتماعية والفكرية والسياسية التي تحاصر هؤلاء وتؤشر إتجاهات
حركتهم صوب المحاصصة الطائفية والقومية. ومن شأن قراءة كهذه، إستبدال ما هو ثانوي
من الأعراض بما هو جوهري من العلل. فتغيب المعالجة الصحيحة للأعراض في توافق مع
تلاشي المعرفة بالعلل. والذي يترتب على غياب المعالجة وتلاشي المعرفة، هو العجز التام
عن اللحاق بركب المتغيرات الواقعية، والإكتفاء بالأوهام الطائفية والقومية، ونزعتها
التدميرية في سياق سعيها لإغتنام الفرصة والغنيمة.
لا ريب أن حكومة الجعفري المؤقتة ولدت كسيحة، فهي ليست حكومة وحدة وطنية، وتنآى
بنفسها عن أن تكون حكومة توافق وطني. وبكلمة، فهي وليدة المساومات غير المشروعة
بين الإحتلال والتحالف والإئتلاف، وفق المحاصصة الطائفية والقومية. ومهما كانت إختلافاتنا
حول المحاصصة وبديتها في الظروف الحالية أو لا بديتها وإمكان غيرها من الآليات، فإن
الثابت والمؤكد هو أن المحاصصة وفق معايشتنا لها منذ ما قبل الإحتلال الأمريكي للعراق،
أي منذ مؤتمر لندن للمعارضة العراقية ولغاية الإعلان عن وزارة الجعفري، لا تخضع لإرادة
فردية، ولا هي رغبة آنية لمجموعة أفراد، وإنما توجه إسترتيجي للإدارة الأمريكية لجعل
العراق دولة طوائفية خاضعة للإرادة الأمريكية.
إن المعطيات الملموسة في الواقع العراقي، قبل وبعد الإحتلال، شكلت الأرضية التي يستند
إليها المشروع الأمريكي في تحويل العراق إلى كانتونات يجمعها إطار مهلهل هو أقرب إلى
اللادولة منه إلى الدولة. ومن أبرز هذه المعطيات، السياسات الضارة لنظام صدام الديكتاتوري
في مجال التعاطي مع المواطنة، وإعتماده شرط الولاء لشخص الديكتاتور مقياساً لها، الأمر
الذي أدى عملياً إلى التمييز بين المواطنين، وتالياً دفع أولئك الذين وقع عليهم التمييز إلى
الإصطفاف الطائفي والقومي في عملية إستحضار واسعة للولاءات المحلية البدائية، ولا
سيما في الفترة التي شهدت ضعف الدولة بعد حرب الخليج الثانية، وما أعقبها من حصار
إقتصادي وسياسي شامل، أثر على جوانب الحياة المختلفة، ومنها على وجه الخصوص
البنية الإجتماعية والسياسية، التي تعرضت لتغيرات عميقة أدت في النهاية إلى إنتشار
مظاهر مرضية لم يكن للمجتمع العراقي سابق عهد بها، أو كانت موجودة وإنتشرت بشكل
غير معهود. وقد كانت واحدة من هذه المظاهر - بقدر ما يتعلق الأمر بالخريطة السياسية
في العراق - إنتقال الأحزاب والحركات السياسية، التي تعتمد الخلفية الطائفية والقومية
في فكرها وبنائها، من كونها أحزاب وحركات وطنية ذات صبغة طائفية وقومية خاصة
بها، إلى كونها أحزاب وحركات غير وطنية، بمعنى الإندفاع نحو التمثيل الطائفي والقومي
عوضاً عن التمثيل الوطني. وفي فترة لاحقة وتحديداً في مؤتمر لندن، تم التأسيس العملي،
بجهد أمريكي مميز، لمبدأ التمثيل الطائفي والقومي وفق المحاصصة، لتبدأ مرحلة جديدة
في الحياة السياسية، من أهم مميزاتها السلبية، التعامل مع الأحزاب والحركات والشخصيات
السياسية في العراق، بإعتبارها ممثليات طائفية وقومية. أي التعامل معها، والنظر إليها
بالكيفية التي هي تتوهم نفسها بها، لا كما هي في الواقع، بإعتبارها كيانات حزبية وسياسية،
صفتها التمثيلية لا تتعدى منتسبيها ومريديها. وتواصلاً مع الآليات المعتمدة في مؤتمر لندن،
جرى تبني مبدأ المحاصصة القومية والطائفية
في جميع هياكل الدولة، السياسية منها والإدارية، بعد الإحتلال الأمريكي للعراق. وإمعاناً في
تكريس المحاصصة، وسعياً لتوجيه العملية السياسية وفق مقتضياتها، جعل العراق دائرة
إنتخابية واحدة لضمان تراكم أصوات الناخبين وفق محددات الإنتماء الطائفي والقومي،
والإيحاء - إستناداً إلى نتائج الإنتخابات - بأن المحاصصة الطائفية والقومية قدر لا مهرب
منه. إن الآليات الإنتخابية التي أعتمدت، هي آليات إنتاج المحاصصة الطائفية والقومية،
إذ لم يكن لها أن تثمر في ظروف الهيجان الطائفي والقومي غير ما يوافقها في النوع. وما
حكومة الجعفري سوى واحدة من هذه الثمار، لهذا نقول أن لا جدوى من مناوئة النتائج
دون الوسائل التي تقود إليها حصرا. لذا فإن الملاحظات التي تأخذ على حكومة الجعفري
حصصيتها وتهمل مساويء الآليات المتبعة في إدارة العملية السياسية، أو ترحلها إلى
كواهل من لا كاهل لهم أصلا، إنما هي ملاحظات غير ذي فائدة، ولا يرجى منها أثر في
الصورة القادمة لأية حكومة مقبلة. فحكومة الجعفري، وأية حكومة أخرى في ظل
الآليات المتحكمة في العملية السياسية والظروف المحيطة بها، لا يمكنها إلا أن تكون
على هذه الشاكلة، وحصصيتها لا تخضع لإرادة رئيس الوزراء أو لإرادة الكتلة البرلمانية
التي تسانده، وإنما تخضع لإرادة خارجية وهي إرادة الإحتلال، وإرادة داخلية تقوم على
النزعة الطائفية والقومية، يتم إستحضارها عبر وسائل سياسية وإنتخابية مدروسة
بعناية فائقة. وقولنا هذا لا صلة له البتة بالرأي القائل بحتمية المحاصصة الطائفية
والقومية، وإعتبارها مرحلة ينبغي الخوض فيها لعبورها إلى الضفة المقابلة. فمثل
هذا الرأي يبنى ، إما على قراءة النتائج بمعزل عن الآليات السياسية الخاضعة للإرادتين
الخارجية والداخلية، فتبدو المحاصصة وفقا لها، حتمية لا مفر منها. أو أنه(الرأي)
يقوم على النظر إلى الآليات السياسية المتبعة لغاية الآن، على أنها حتميات لا يمكن
تعويضها بأخريات لا تقود إلى المحاصصة الطائفية والقومية. وبالتالي ينبغي قبولها
كما هي على أمل أن تفقد النزعة الطائفية والقومية إندفاعتها بحكم الزمن، فتثمر هذه
الآليات حينها عن نتائج مغايرة بعد أن تكون هذه الآليات قد إكتسبت مضامين جديدة
تفارق وظيفتها الراهنة. في حين نذهب نحن إلى القول بإمكان تجاوز المحاصصة
الطائفية والقومية بالعمل على نفي الآليات المتحكمة بالعملية السياسية وتعويضها
بآليات أخرى تتناقض مع إرادة الإحتلال من جهة، وتجرد النزعة الطائفية والقومية
من أدواتها السياسية والإجتماعية، وتحول بينها وبين هيمنتها على المشهد السياسي
العراقي من جهة أخرى. ومن المستبعد أن تتمكن حكومة الجعفري، بصيغتها الحالية،
من التصدي لمهمة كهذه، لأنها نتاج الآليات السياسية المطلوب نفيها. وحيث أنها
كذلك، فلا نتوقع منها سوى العمل على تكريس المحاصصة الطائفية والقومية، وربما
التسبب في إثارة التوترات والمواجهات تحت تأثير وهم القدرة على إقصاء الآخرين
من دائرة المنافسة على السلطة والقرار.



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصبية الطائفية والقومية
- قائمة إتحاد الشعب ضحية ظروف جائرة وسياسات خاطئة
- الإنتخابات البرلمانية والمشاريع المتعارضة


المزيد.....




- مشتبه به في إطلاق نار يهرب من موقع الحادث.. ونظام جديد ساهم ...
- الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟
- بشار الأسد يستقبل وزير خارجية البحرين لبحث تحضيرات القمة الع ...
- ماكرون يدعو إلى إنشاء دفاع أوروبي موثوق يشمل النووي الفرنسي ...
- بعد 7 أشهر من الحرب على غزة.. عباس من الرياض: من حق إسرائيل ...
- المطبخ المركزي العالمي يعلن استئناف عملياته في غزة بعد نحو ش ...
- أوكرانيا تحذر من تدهور الجبهة وروسيا تحذر من المساس بأصولها ...
- ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعدا ...
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو أثار غضبا كبيرا في ال ...
- مصر.. الداخلية تكشف حقيقة فيديو -الطفل يوسف العائد من الموت- ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسر المندلاوي - حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص