أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر المندلاوي - مصادر الموارد السياسية في العراق...3














المزيد.....

مصادر الموارد السياسية في العراق...3


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1527 - 2006 / 4 / 21 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا ريب إن إحتكار الهيئة السياسية الحاكمة للموارد السياسية، بالصورة التي بيناها، ما كان له أن يتحقق لولا توفر عاملان مهمان: 1) دولة متغولة، تمول نفسها من الموارد العامة بجعلها موارد خاصة بها، وعن طريقها، خاصة السلطة السياسية، تتصرف بها وفق متطلبات إستمراريتها في الهيمنة المطلقة على الدولة والمجتمع. 2) وله صلة وثيقة بالعامل الأول. إنهيار الهوية الطبقية الإجتماعية بفعل الحروب المتواصلة، وسنوات الحصار الطويلة، وسياسات السلطة في تحويل الطبقات الإجتماعية إلى كتل بشرية تدور حيثما دارت شمس الدولة، بإعتبارها مصدر العيش والمعاش، وإن بكفاف. وسنتجاوز هنا دور عامل الدولة، لإعتقادنا بأن المعالجات بشأنه متوفرة في الأدبيات السياسية العراقية، وإن كانت لا تخلو من السماجة المثيرة للقرف. وسنحاول التوقف قليلا لتوصيف العامل الثاني وإنعكاساته السياسية.
من المعلوم إن السلطة السياسية أقحمت العراق في دوامة حروب خارجية وداخلية، تواصلت لأعوام تجاوزت العقد من الزمان. وطيلة هذه السنوات، طرأت تغيرات عميقة على البنية الطبقية للمجتمع بفعل العسكرة الشاملة للحياة، وتداعياتها المدمرة. فلم تكن الحرب مجرد عمليات عسكرية تتخذ من ساحة المعارك مسرحا لها، وإنما مجهودا إستثنائيا لإعادة تشكيل المجتمع وفق متطلباتها بما ينسجم وإصرار السلطة السياسية على خوضها بغض النظر عن نتائجها. إن المجتمع بأسره إنخرط، بشكل أو بآخر، في المجهود الحربي، ولم يكن إنتزاع الطاقات البشرية المنتجة من مواقع العمل والإنتاج، وزجها في أتون الحرب، إلا المساحة المنظورة من اللوحة الإجتماعية التي تعرضت لإهتزازات عنيفة، عصفت بالوظيفة الإجتماعية للطبقات لجهة إدامة ماكنة الحرب، التي إلتهمت بعضا من التماسك الهش للنسيج الإجتماعي لدى الطبقات المتباينة، قبل أن تسند مهمة إلتهام ما تبقى إلى الحصار الإقتصادي. ومع ثقل سنوات الحصار وطول مدته، تبلورت حقائق إجتماعية جديدة، من أبرز ملامحها: طبقات إجتماعية بلا ملامح طبقية، هي أقرب إلى الكتلة منها إلى الطبقة. وحيث أنها كذلك، فإن هويتها إنصرفت إلى بدائل غير طبقية، في الغالب عشائرية وجهوية ولاحقا طائفية. هذا الإنزياح في الهوية،
رافقه إنزياح مماثل في الرؤى والأهداف، ومعهما في الوظيفة الإجتماعية
والسياسية للطبقات والفئات المختلفة.
إن الهوية في أبسط تعريفاتها هي السمات المشتركة لمجموعة من البشر تميزها عن غيرها من المجموعات، ووعي الهوية هو وعي السمات المشتركة. ولما كانت الهوية الطبقية منصرفة إلى غيرها، فإن الإصطفافات تبلورت على نحو مغاير للمشترك الطبقي، تبعها إنصراف الوعي الطبقي بالسمات المشتركة إلى وعي كسيح بالمشترك العشائري والجهوي والطائفي. وبكلمة، فإن الطبقات الإجتماعية تعرضت لإهتزازات عميقة، قادتها إلى التشظي على نحو غير مسبوق. ( هي الأمور هكذا، المفخخات الإجتماعية تسبق المفخخات العسكرية).
هذا التحول كان يتفاعل على أرض الواقع في دائرة سمع وبصر السلطة السياسية، التي سارعت إلى تكريسه وتعميق نتائجه، بغية الإستفادة منه كمورد آخر يضاف إلى موارده السياسية من جهة، ويعرقل مهمة القوى السياسية المعارضة في التواصل مع قاعدتها الإجتماعية، إن لم نقل قطع صلاتها مها، من جهة ثانية. وهذا الذي حصل واقعا، مسافة لا يمكن جسرها بين أحزاب وحركات سياسية بهويات طبقية واضحة المعالم تسعى لتحقيق أهداف إجتماعية وإقتصادية وسياسية، واضحة هي الأخرى، وبين قاعدة إجتماعية – يفترض بها أنها تشكل موردا سياسيا لهذه الأحزاب والحركات – يتقاذفها قمع السلطة، ويسحقها بؤس الحال والمآل، ويشرذمها حالة إنعدام الوزن في لجة ولاءات بدائية.
لا شك أن هذه المعطيات كانت تشكل عامل إحباط لعزيمة السياسيين العراقيين – وهم في الغالب الأعم يستعجلون الوصول إلى القصر، وإن على ظهر دبابة – وأدى بهم إلى حالة نفاذ الصبر، بالتزامن مع نفاذ صبر بوش الإبن، ليشكل كل طرف موردا سياسيا للطرف الآخر في سباق المئة متر الأخيرة نحو الهدف. ولاحقا، أي بعد إحتلال العراق، تشكلت لوحة جديدة للموارد السياسية، تنتمي في عناصرها الرئيسية إلى إستحقاقات التبدلات الإجتماعية التي سبقت الإحتلال، ولكنها تعززت بوجوده، لتتخذ أبعادا خطيرة، لا تبقي للتفاؤل سوى كوة صغيرة، هي أشبه بالقشة إلى الغريق.
وفي إستعراض سريع لعناصر هذه اللوحة الجديدة للموارد السياسية، التي أصبحت في متناول القادة الجدد بعد طول حرمان، يمكننا الإشارة إلى الإحتلال الأمريكي. فهذا الإحتلال، فضلا عن أنه يشكل موردا سياسيا مباشرا، فإنه يشكل ظهير النخبة الحاكمة في الوصول إلى موارد أخرى تعضد بها هيمنتها. ومن هذه الموارد، مؤسسات دولة قيد الإنشاء، مدنية وعسكرية. ومنها أيضا، ميليشيات مسلحة، وأخرى معممة بجبة أو بدونها. وكذلك المال العام الذي أصبح في متناول أرباب السياسة. والمزيد من الموارد يتم تحضيرها في ورش الطقوس الدينية، وفي الصوامع العشائرية والطائفية والشوفينية. ويذكر إن جزء غير يسير من هذه الموارد، لا يخص القابضين على السلطة فقط، وانما المناوئين لها وللإحتلال أيضا....إنتهى



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصادر الموارد السياسية في العراق...2
- مصادر الموارد السياسية في العراق ...1
- الإسلام السياسي في العراق – 4
- الإسلام السياسي في العراق – 3
- الإسلام السياسي في العراق - 2
- الإسلام السياسي في العراق
- التوافق الوطني والإقصاء الطائفي
- الفيدرالية والمسألة القومية في العراق
- حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص
- العصبية الطائفية والقومية
- قائمة إتحاد الشعب ضحية ظروف جائرة وسياسات خاطئة
- الإنتخابات البرلمانية والمشاريع المتعارضة


المزيد.....




- أخذ -منعطفًا خاطئًا-.. سيارة رجل مسن تعلق على السلالم الإسبا ...
- الموقف من -اغتيال خامنئي وقلب نظام إيران-.. الكرملين يعلق بر ...
- طاقم CNN يرصد نشاطًا جويًا متزايدًا في سماء طهران.. شاهد ما ...
- عشرات القتلى في غزة جراء الغارات الإسرائيلية الأخيرة
- تحديث مباشر.. نتائج ضربة إيران بإسرائيل وتصريح جديد لنتنياهو ...
- أثناء استعراض مراسل CNN لأضرار هجوم إيراني على الهواء.. سقوط ...
- ما هو الدور المحتمل لبريطانيا إذا انخرطت واشنطن في الصراع ال ...
- موقف ألمانيا من نزاع إسرائيل وإيران في ضوء القانون الدولي!
- بيسكوف: الحديث عن اغتيال خامنئي أمر غير مقبول
- نهاية العالم بين -أم الحروب وأم أمهات القنابل-!


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر المندلاوي - مصادر الموارد السياسية في العراق...3