أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - التداول السلمي للسلطة!














المزيد.....

التداول السلمي للسلطة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1719 - 2006 / 10 / 30 - 07:22
المحور: المجتمع المدني
    


للسياسة دائما وجهان، وجه أرضي ووجه سماوي؛ ولكن القول بذلك لن يجعلنا منتمين إلى العالم الواقعي والحقيقي للسياسة إذا لم نفهم وجهها السماوي، على علوِّه وسموِّه، على أنه المرآة، التي لن نفهم أبدا ما فيها من صور إذا ما ضربنا صفحا عن حقيقة أنها لا ترينا إلا ما تراه هي في الواقع. قلت هذا، وأقول به؛ لأننا كثيرا ما فهمنا شعار "الإصلاح الديمقراطي" لمجتمعاتنا العربية، مع أنظمة الحكم فيها، فهما مغرقا في المثالية السياسية، وكأن الديمقراطية، نمط عيش ونظام حكم، هي شيء يمكن فهمه، أو يمكن أن تقوم له قائمة، في خارج الصراع، وبمنأى عنه، مع أن الديمقراطية في تاريخها، في نشأتها وتطورها، كانت جوابا عن سؤال، ننساه أو نتناساه، نجهله أو نتجاهله، هو: لمصلحة من، وضد من، يُؤخَذ بها؟ الديمقراطية ليست بالشيء الذي يختلف في خواصه الجوهرية عن السلطة، التي ليست بالشيء، الذي ينشأ ويتطور، بمنأى عن المصالح الواقعية، وصراعها، فالسلطة، في المقام الأول، إنما هي مصلحة واقعية حقيقية، وخوض دائم للصراع من أجلها، والذي هو وحده الميزان الحقيقي الذي نزن به حاجتنا إلى الديمقراطية، كما ونوعا.

وإذا كان من مقياس نقيس به منسوب الديمقراطية في حياتنا السياسية فهذا المقياس إنما هو "التداول السلمي للسلطة"، فالديمقراطية ليست سوى السلطة في "تداولها"، وفي "سلمية تداولها". إنها ثلاث كلمات ننسج منها هذا المبدأ الديمقراطي الأول والأعظم.. مبدأ "التداول السلمي للسلطة". ويكفي أن نمعن النظر في المعاني الحقيقية للكلمات الثلاث تلك حتى نستنتج أن "الديمقراطية العربية" لم تنشأ بعد، حتى يصبح جائزا الحديث عن تطويرها وتنميتها وتوسيعها.. وحتى يصبح جائزا، أيضا، الحديث عن "الإصلاح" الديمقراطي، فأنتَ لا تصلح شيئا لا وجود له!

يريدون لنا أن نتداول، سلما، "السلطة"؛ ولكن أين؟ حيث لا أثر يُذكر للسلطة الفعلية الحقيقية. السلطة، في معناها الديمقراطي الذي لا خلاف ولا جدال فيه، هي "القرار" يُصنع حيث يتركَّز "التمثيل الديمقراطي" للشعب، بكل ميوله واتجاهاته وقواه وأحزابه، فما هي الأهمية الديمقراطية والسياسية لهيئات التمثيل الشعبي المنتخَبة، كمثل البرلمان، إذا ما تُرِك لها من السلطة الفعلية ما يُعْجِزها عن حل مشكلة عائلية؟! ما هي الأهمية الديمقراطية والسياسية لبرلمان، أو لمجلس يسمى باسم الشعب كما تسمى بعض القصور الرئاسية، إذا كانت عيونه لا تبصر، وآذانه لا تسمع، وأسنانه لا تقطع، وأياديه لا عمل تجيده سوى أن تقول "نعم"، بالرفع أو التصفيق؟!

لقد أخذوا بالخيار الديمقراطي، فابتنوا للشعب هيئات حكم لا تملك من السلطة الفعلية إلا ما يُظْهِر الديمقراطية على أنها لبوس ترتديه ظاهرة "اغتصاب السلطة"، التي هي أُمُّ الظواهر السياسية في عالمنا العربي. وهذا النزر من السلطة الفعلية الممنوح للبرلمان، ولغيره من هيئات الحكم التي أقاموها للشعب، وعن الشعب، والذي يُظْهرونه في الدستور على أنه "السلطة.. كل السلطة"، هو الذي يدعون إلى تداوله سلما، وكأن لَحْم السلطة لهم، وعَظْمُها للشعب والمجتمع!

إنَّ الديمقراطية، في مبدئها الأول والأعظم، هي "التداول السلمي (الحزبي) للسلطة"؛ ولكن هذا المبدأ يظل كمثل ظل فقد جسمه إذا لم يأتِ القول به، مع ممارسته، بَعْدَ، وليس قبل، إنهاء ظاهرة "اغتصاب السلطة"، التي تتلفع بأجمل الثياب، التي بعضها سماوي وبعضها أرضي. قبل، ومن أجل، "التداول السلمي للسلطة" لا بد من وضع السلطة الفعلية بين أيدي من يحق لهم، ديمقراطيا، امتلاكها. والقول بذلك إنما هو عينه الجواب عن سؤال "لمصلحة من، وضد من، نريد الديمقراطية، أو نأخذ بالخيار الديمقراطي؟". ولا ريب في أن الديمقراطية التي لا ترضى عنها الحكومات العربية، والولايات المتحدة، وإسرائيل، هي الديمقراطية التي تحتاج إليها شعوبنا ومجتمعاتنا، وهي عينها الديمقراطية في موطنها الأصلي الأوروبي، والتي تتحدانا أن نوطِّنها، مع قيمها ومبادئها، عندنا.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انفراج فلسطيني وشيك!
- فشل إدارة بوش إذ اكتمل وتأكد!
- المنجِّمون.. كيف يصدقون وكيف يكذبون؟
- هذا الفساد الذي لم ينجُ منه حتى الأطباء!
- الفقر
- الفلسطينيون.. خلاف حاضر وشرعية غائبة!
- عندما تشفق رايس على الفلسطينيين!
- -ديمقراطية- الطبيعة و-ديكتاتورية- التاريخ!
- -الفوضى البناءة- في وجهها النووي!
- آخر خيارات عباس
- سياسة -الإفقار الاقتصادي- للمواطن!
- حلٌّ يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!
- وزن -الكلمة-
- مشاعر الكراهية للآخر..
- كل قيادة سُلْطة ولكن ليس كل سُلْطة قيادة!
- -الهزيمة- التي يحتاج إليها الفلسطينيون!
- قرار العرب إعادة -الملف- إلى مجلس الأمن!
- التبديد الاقتصادي عبر النساء!
- -النسبية- في القرآن كما شرحها الدكتور النجار!
- الحرب -الإلهية-!


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - التداول السلمي للسلطة!