أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عمار ديوب - العولمة والامبريالية















المزيد.....

العولمة والامبريالية


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1715 - 2006 / 10 / 26 - 11:08
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



برز مفهوم "الامبريالية كأعلى مراحل الرأسمالية " عبر كتاب لينين الذي له هذا الاسم ، ونشأت على أثره الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أيدت هذا المفهوم بدراسات ميدانية ، فاعتمد كمفهوم أصيل ضمن المفاهيم الماركسية النظرية ، فبه يتم تفسير وتحليل بنية الاقتصاد العالمي ، وتتوضح علاقات السيطرة على البلدان المتخلفة ، وانعدام أفقها في التطور ما دامت الامبريالية ، هي المسيطرة على الاقتصاد الرأسمالي العالمي ، وباعتبار هذا الاقتصاد هو الذي ولّد هذه الامبريالية ، فإن التطور المتساوي لكل اقتصاديات العالم غير ممكن ، وإن إمكانية ذلك ، وتعميم الفائدة على البشرية ، تقتضي ليس القضاء على الامبريالية فقط ، بل وعلى النظام الرأسمالي العالمي ، الذي تحكمت به الامبريالية طيلة القرن العشرين ، وكذلك على الامبريالية العولمية التي هي تعميق لخصائص الامبريالية ، لا مرحلة جديدة بالرأسمالية ، تضاعف مشكلات العالم بشكل غير مسبوق من حروب استباقية بالجملة ، وحروب ضد الإرهاب ، وسياسات نيوليبرالية، تخلق الفقر والدمار في أي مكان في العالم غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً..
الفكرة تتطلب البسط ، حيث أن جوهر العولمة وفق النيوليبرالية يكمن في تشكيل سوق عالمية ، لا مجال فيها للاقتصاديات ذات الطابع القومي ، وفيها حركة حرة للبضائع ورؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة ، ويكون فيها لرأس المال المالي الهيمنة على كل أشكال رأسمال ، ومنع حاسم وشبه مطلق لحرية حركة اليد العاملة بل وتشديد القوانين ضدها..
هذه العولمة على المستوى العالمي تخلق اجتماعياً تغيرات في طبيعة العمل ، وتقشف في الأجور ، وبطالة لامحدودة ، وأزمات صحية وبيئة وتعليمة حيث الملايين محرومين من أبسط حقوقهم ، وتخلق اقتصادياً سيطرة مطلقة على اقتصاديات العالم وتبعية بنيوية غير ممكنة الانفكاك بظل برجوازيات مخصية وتجارية ، وهذا ما يتم من خلال سياسات البنك الدولي وإعادة الهيكلة ، الشهيرة في العالم ، بتدمير الاقتصاديات على مستوى العالم من الأرجنتين إلى تركيا إلى المكسيك وغيرها ..
وهو ما يعزز التصورالماركسي الذي ساد طيلة القرن العشرين عن الهيمنة الامبريالية على العالم راهناً ويحافظ على مفهوم العالم الثالث على معناه المتخلف والتابع ، ولكن يمكن ملاحظة وجود تباينات في أداء العالم الثالث (كوريا الجنوبية ، الأرجنتين) وهذا الأمر إما بحكم المنافسة العالمية بين الدول الرأسمالية والدول الاشتراكية ودعمها لتلك الدول ذات التباينات أو بسبب الدور المركزي للدولة في تطوير بعض تلك البلدان ( الصين ، ماليزيا)..
ولكن العولمة الامبريالية لم تركز فعلياً إلا على البلدان المتقدمة ، فمعظم الاستثمارات الكبيرة تتم في البلدان الامبريالية وهذا بعكس السائد الذي يؤكد وجود الاستثمارات الفعلية في دول الجنوب ، وبالتالي الوضع المشار إليه هو ما يغلق التطور أمام البلدان المُخلفة ويمنع عنها التصنيع ويحولها إلى أماكن للموارد الطبيعية ولإنتاج الثروات وزجها بكثير من الحروب الأهلية التي لا تنتهي عدا عن الاحتلالات الخارجية ...
المفارقة تتعمق باستمرار الخطابات الامبريالية المناهضة للحماية وضد الدولة الطرفية وتعرّض المنتجات المصنعة - على قلتها – والقادمة من الجنوب إلى أسواق الشمال لحواجز جمركية في أمريكا ، وفرض شروط مذلة للدول ، من أجل إجبارها على تقديم كل الدعم للاستثمارات الأجنبية في البلدان المتخلفة ، وبدون شروط بيئية أو حماية نقابية للعمال وبإعفاءات ضريبية كذلك ..
وبالتالي وجود الحواجز الجمركية يمنع تفسير البطالة بكونها بسبب بضائع الجنوب ويتبين أنها نتيجة إختلالات داخلية في الرأسمالية ، ما دامت موجودة...
هذا يعني أن من المستحيل وفق لعبة العولمة ومنطق المنافسة أن نرى بلدان اً جديدةً تتمكن من السيطرة الكاملة على الشركات الصناعية الفرعية أو تبني ثورة صناعية في الشروط الرأسمالية .
ولكن من الخطأ تقديم العولمة الامبريالية بوصفها آلية محتومة ، أو قدر لا رد له ، لأن ذلك يؤدي للشعور بالعجز والتمجيد بها والركون لنتائجها المدمرة ؛ عدا عن أن الدولة لا يزال لها دور هام في التنمية أو الثورة الصناعية وفي كل مناحي الحياة ، وبالتالي كلما تراجع دور الدولة الطرفية في العملية الاقتصادية ، وكانت الدولة ذات نظام استبدادي كلما تفكك المجتمع وتأزم ، وهذا لا يعني بأي معنى من المعاني ، العمل على برامج الانكفاء القومي الحمائية رغم أن الولايات المتحدة بجلالة قدرها وعظمتها المطلقة تعمل بها ؟ ! لأن تلك البرامج ، برامج رجعية في زمن الامبرياليات العولمية ، إذا لم يكن لها امتدادات عالمية ، ولم تترافق بثورة صناعية ، ونظام ديمقراطي يستند إلي دعم الطبقات الشعبية ويكون محققاً لها برامجها اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وليس شيء مقابل شيء أخر، فالرأسمالية ذبحت أولادها والثورة السلطوية أكلتهم ..
فالعولمة الامبريالية عبر الرأسمالية المعاصرة ونظريات الليبرالية تحاول طبع الكوكب بطابعها ، ولكنها فقدت قدرتها على مد منطقها عمودياً ، وأصبحت تعمل كآلة هائلة للإقصاء ، فبدلاً من دمج الطبقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية بمنطقها أصبحت تمارس فرزاً منهجياً ، وتلفظ كل من يعارضها ، وتدمره بحروب استباقية إذا اقتضى الأمر..
تسيطر على هذه العولمة الولايات المتحدة الأمريكية ذات النزعة العسكرية الفاشية والتي تحاول صياغة العالم الامبريالي والمخلف وفقاً لمصالحها .
ومن علائم سيطرة رأس المال المالي – المهيمن في مرحلة العولمة - تصدير القروض الدولية ، ورؤوس الأموال ، وإقراض الدول الطرفية ، والاعتماد على البورصة ، والمصارف ، ويعتبر المهيمن على كل أشكال رأس المال ، حيث تلعب الديون والقروض دوراً أساسياً في الاستحواذ على القيمة وفضل القيمة من دول الأطراف ، ومركزتها عالمياً ، وهو ما يربط اقتصاديات الأطراف ببرامج الهيكلة ، بعلاقة بنيوية تبعية ، تسمح لاقتصاديات البلدان المتقدمة التقدم وتمنعه عن اقتصاديات البلدان المتخلفة...
ولكل هذا يرفض علماء الاقتصاد مقولة أن العولمة مرحلة جديدة وما فوق الامبريالية ، ويؤكدون على أن ما يحكم العالم هو حقبة مديدة من التخبط الهادف لإعادة توزيع المسؤوليات والمهام بين مختلف المستويات – الوطني والدولي – ترافقه حول مصالح متضاربة ولكن دون تجانس دول العالم ولصالح مركزة العالم عبر الدول الغنية ..
هذه العولمة المرتبطة بالنزعة العسكرية والحروب والسياسات النيوليبرالية تؤدي لتدمير البيئة الكونية وتبرز الأزمة من خلال :
- نمو اقتصادي يستنزف بشدة شتى الموارد الطبيعية..
- تزايد نسبة التلوث في الهواء والماء والخضار والفواكه وانتشار النفط في البحار..
- ارتفاع حرارة الجو، وزيادة منسوب المحيطات والفيضانات والتصحر..
ولم تقف شرور العولمة الامبريالية عند حد معين ، فقد عطفت على النساء فشملتهم برعايتها كذلك ، حيث يشمل الاضطهاد المرتبط بالجنس جميع أشكال السيطرة والاستغلال ، ويظهر في جميع الوقائع الاجتماعية الجمعية ( أحزاب سياسية ، نقابات ، اتحادات ) والطوائفية ( عرقية ، قومية ، محلية ، دينية ) ..
ويُعتبر العمل المنزلي للمرأة اختراع رأسمالي بامتياز ، وتشهد البشرية البائسة تأنيثاً للفقراء ، حيث تشكل النساء معظم العمال الفقراء والجزء الأهم من العاطلين عن العمل ..
هذا ، وإن نظام الديون ، يعتبر جزءً أساسياً من العولمة ، وتفرضه الأخيرة على كل بلد على حدى ، من أجل الاستفراد به ، وإجباره على الموافقة على شروطها ، وهو يأخذ أشكالاً متعددة منها برامج التكيف الهيكلي وهي :
- التخلي عن دعم السلع والخدمات الضرورية .
- خفض شديد في النفقات الحكومية .
- خفض قيمة العملة المحلية ..
- رفع أسعار الفائدة..
- الانفتاح الكامل للأسواق بإلغاء الحواجز الجمركية .
- تحرير الاقتصاد ، وإلغاء التحكم بأسعار الصرف وعدم مراقبة رؤوس الأموال ..
- تبني نظام ضروري يفاقم التفارقات الطبقية ، وفرض ضريبة على القيمة المضافة ..
- القيام بخصخصات بالجملة في الشركات الحكومية وبالتالي إلغاء التزام الدولة بقطاعات الإنتاج والتنافس ..
وتلعب الامبريالية الفرنسية دوراً مكملاً لدور الولايات المتحدة الأمريكية في السيطرة على العالم ، و يظهر دورها أخيراً في مشكلة لبنان وحماية إسرائيل وشرعنتها ، وربما بتأثير المجمع العسكري الصناعي ، الذي بات يسيطر على كثير من قطاعات الإنتاج والنشر والإعلام ، وهو ما يعطيها ميزة خاصة في الاتحاد الأوربي وفي العالم ..
ومن الضروري الإشارة هنا ، أن الامبرياليات لم تعمل على تطوير العالم ، وقد كان التطور سياسياً واجتماعياً ، نتيجة نضالات الطبقات العمالية واحتجاجاتهم بقيادة الأحزاب الاشتراكية والماركسية، حيث واجه العالم، الامبريالية ، بمجموعة من الثورات الاشتراكية ، وبحركات تحرر قومي ووطني وبحركات اشتراكية ديمقراطية ، طبعت القرن العشرين بطابعها ..
وتبرز منذ نهاية تسعينيات القرن العشرين ، حركات احتجاجية عالمية ، هي حركات مناهضة العولمة في العالم ، وهناك تقدم اليسار اللاتيني في كثير من دول أمريكا اللاتينية التي تعبت من تطبيق وصفات الليبرالية الجديدة وبرامج الخصخصة وتهميش الدولة ، فما كان من شعوبها إلا أن توجهوا نحو تجربة اشتراكية ديمقراطية وعمالية وثورية جديدة..
وبالتالي ما دامت الامبريالية مستمرة ، فإن الثورة ضدها والاحتجاج ضرورة موضوعية ، وقد تديم وجودها هنا أو هناك ،أو توقف هزائمها قليلاً بفعل قواها العسكرية ، وهي فيما تفعله تؤكد ضرورة تدميرها من جديد ، وفي كل لحظة ، وإن مسألة تخليص البشرية من شرورها أصبحت مسألة حياة أو موت ، فالموت تسببه الامبريالية ، والحياة تطلقها قوى العولمة البديلة ، وهو ما يستدعي قوى تتجاوز مستوى الاحتجاج الحالي إلى قوى ثورية تتخلص من أخطاء وأزمات الحركات السابقة ونقاط ضعفها نحو حركات ديمقراطية وطنية قومية وذات بعد أممي كوني ، وبالتالي الفوضى الخلاقة والحروب والدمار التي لا تزال مستمرة ، ستستمر ؛ ما دامت العولمة الامبريالية موجودة ومستمرة ، وستنتهي بنهايتها ، فهي مسببتها وبموتها تزول .
في النهاية : لن تكون النهايات السعيدة بدون نضالات مؤلمة ، وربما ستكون المقاومات الديمقراطية المواطنية أمل العالم العادل والحر..
*******************************************************************
*اعتمدت في هذا المقال على كتاب : العولمة والامبريالية ، ترجمة رندة بعث ، تقديم ومراجعة عماد شيحا ، دار السوسن ، ط1 ،عام 2006



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسية التمويل مصالح وأخطار
- أهمية نداء القوى والشخصيات الماركسية في الوطن العربي
- مشكلات وأدوار المنظمات الأهلية
- سقوط التسوية في زمن المقاومة والديمقراطية
- علاقة الهيمنة الأمريكية بأزمة المعارضة العربية
- استبدادية الأنظمة وديمقراطية الشعوب
- الحرب الأمريكية على لبنان
- علاقة الحرب بالطائفية
- المقاومة الوطنية مقابل الاحتلال الإسرائيلي
- مشكلة التداخل بين الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان في س ...
- العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي
- بوش قاطع طريق
- أية خطوة تاريخية كبرى
- الانفلات الأمني وضرورة الديمقراطية التشاركية
- الوطنية السورية في زمن العولمة الأمريكية
- مهمات الماركسيين السوريين في اللحظة الراهنة
- مفهوم الإنسان عند ماركس
- مناهضة العولمة حركات اجتماعية أم أحزاب سياسية
- التيار العلماني في سوريا
- سوريا بين اتجاهين


المزيد.....




- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول ...
- قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس ...
- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عمار ديوب - العولمة والامبريالية