أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر المندلاوي - ثالوث الأقانيم في عراق الأقاليم














المزيد.....

ثالوث الأقانيم في عراق الأقاليم


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1715 - 2006 / 10 / 26 - 09:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في تعاقب لا يخلو من الشبهة المستدعية للظن السيء، نمت إلى مسامع العراقيين توصيات لجنة بيكر بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم، وموافقة البرلمان العراقي على القانون الخاص بإنشائها. ومنذ اللحظة الأولى، يكتشف المرء بأن القانون تجاوز عدديا توصيات لجنة بيكر، فالأقاليم حسب بيكر ولجنته ثلاثة، بينما حسب القانون هي بعدد محافظات العراق في حد أقصى وأقليم واحد في حد أدنى هو حد إنتفاء الحاجة للقانون نفسه. ربما يتوهم أولئك الذين إمتهنوا الوهم، بأن التفارق العددي بين توصيات بيكر وقانون البرلمان، يخص المقدار الكمي دون الكيف النوعي، بينما حقائق الماضي القريب والحاظر الصعيب، تستنطق التمايزات والتوافقات في كل من المظهر والجوهر بين ما هو مطلوب أمريكيا وما هو مطلوب عراقيا في شخص النخب السياسية على إختلاف مشاربها.
إن المتتبع لمجريات الأحداث في العراق لا ينأى بفكره عن الإستنتاج بأن مشروع تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم، إبتدأ أمريكيا مع نهاية حرب الخليج الثانية، وتحديدا، مع إنشاء مناطق الحظر في الجنوب والشمال لحماية الشيعة والأكراد من بطش نظام صدام الديكتاتوري ظاهرا، ولإستحداث تعارضات طائفية وقومية في النسيج الإجتماعي العراقي هدفا خفيا (وفي معلومة ذات مغزى إن عدد الشيعة والأكراد في بغداد وحدها يفوق عددهم في أية مدينة عراقية كانت مشمولة بقرار الحظر) . ومن تأريخه دأبت السياسة الأمريكية على تحويل مشروع الأقاليم من حاجة أمريكية إلى حاجة عراقية بوسائل سياسية وأخرى عنيفة بالغة القسوة، أدت في النهاية إلى تبلور مشروع الأقاليم في نسخته العراقية كما هو محدد في القانون. ولما كنت من أصحاب الظن السيء بالسياسة الأمريكية في العراق، فإنني لا أجد في الإندفاعة الأمريكية نحو فكرة الأقاليم، إستحضارا لجيمس مادسون في أوراقه الفيدرالية، ولا تلبية لآراء مونتيسيكو في تقسيم السلطات، وإنما خضوعا مطلقا للإستراتيجية الأمريكية الساعية نحو مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يتطلب ضمن ما يتطلب، تجريد دول المنطقة وفي مقدمتها العراق من مستلزمات قوتها الإستراتيجية بشريا وإقتصاديا. وحيث أن العراق يمتلك كل مقومات الممانعة الإستراتيجية في كلا المجالين، فإن الوجهة الأمريكية كانت ولا تزال تجريد العراق من أسباب الممانعة حاضرا ومستقبلا، وما فكرة تقسيم العراق إلى أقاليم إلا واحدة من أدوات تحقيق الهدف الأمريكي في عراق الدولة والدويلات في آن واحد، وأعني عراق موحد شكلا ومفكك حقيقة، تماما كفكرة الأقانيم المستوحاة من اللاهوت المسيحي، التي تقضي بوجود ثلاثة جواهر(أقاليم) هي تجليات لجوهر واحد (العراق). وفي الطريق إلى هذا الهدف كان على المخططين الإستراتيجيين جعل فكرة تقسيم العراق إلى أقاليم حاجة عراقية، لإستحالة تنفيذها ما بقيت حاجة أمريكية في مواجهة النيسج الإجتماعي العراقي الموحد، فكانت الخطوة اللاحقة بعد مناطق الحظر الجوي، التأسيس للمحاصصة الطائفية والقومية في مؤتمر لندن لقوى المعارضة العراقية الذي إنعقد تحت إشراف أمريكي مباشر، وإستمرت تداعياتها لاحقا مع تأسيس مجلس الحكم وما تلاه من تأسيسات معروفة للعراقيين، ومن ثم تأجيج الصراعات الطائفية لإحداث القطيعة الإجتماعية بين مكونات الشعب العراقي بالشكل الذي يبرر قيام ثلاثة أقاليم، أقليم شيعي وأقليم سني وثالث كردي‘ غير أن جرعة الخراب كانت تفوق الحاجة الفعلية لقيام ثلاثة أقاليم وفق الطموحات الأمريكية، إذ تمكنت قوى محلية عراقية من تجاوز المحددات الأمريكية والإنتقال من فكرة الأقاليم (الأقانيم) الثلاثة تجليات لعراق (جوهر) واحد، إلى فكرة الكيانية شبه المستقلة في فيدراليات تقترب كثيرا من الكونفدراليات المرشحة للإنفصال، الأمر الذي أثار مخاوف دول المنطقة بقدر ما أثار مخاوف أمريكية عبر عنها بوش مؤخرا في معرض تعليقه على فكرة تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم ورفضه القاطع لها في تحول غير مسبوق يؤكد غياب الثوابت في السياسة الأمريكية لصالح ثابت وحيد هو تحقيق الهيمنة الأمريكية بوسائل براغماتية لا يجيدها بوش بكل تأكيد. ومن هنا ينبغي النظر إلى قانون إنشاء الأقاليم على إنه حصيلة نهائية للتعارضات الفعلية بين الطموحات الأقاليمية للأطراف المتباينة، أمريكية وعراقية، ويبقى القول الفصل في بلوغ القانون لأهدافه وفق طموحات أي طرف من الأطراف المتباينة، رهن المتغيرات الواقعية التي لا تخلو من المفاجآت العاصفة التي قد تعصف بالقانون نفسه.
إن التدهور الأمني في مستوياته الراهنة يعود في بعض تفاصيله إلى حرب الفيدراليات التي ما إنفكت تلتهم الوشائج الإجتماعية بين العراقيين، إلتهامها للدماء التي تسفك على مذبح النزعات الطائفية والإثنية والعشائرية والجهوية، وربما العائلية أيضا. وبهذا المعنى يمكننا القول بأن حرب الفيدراليات في العراق هي بسماركية مقلوبة. فبينما دأب بسمارك على توحيد ألمانيا فيدراليا بالقوة الغاشمة، فإن الفيدراليين الدوليين والمحليين يرومون تمزيق العراق فيدراليا بالإكراه العمد والقتلل الجماعي والتهجير القسري. وهنا تكمن المفارقة الأمريكية - العراقية لوظيفة الفيدرالية في توحيد المجزأ وتجميع المبعثر، كما هي في جميع التجارب العالمية، لصالح وظيفة مغايرة تدل عليها الدماء التي تسقي شجرة الفيدرالية في كل حين.



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشيوعي العراقي بين التجديد والتأبيد
- شياطين الله.......3
- شياطين الله .....2
- شياطين الله ......1
- وما الفائدة من وجوده إذاً ؟
- آليات إعادة إنتاج الأزمات
- مصادر الموارد السياسية في العراق...3
- مصادر الموارد السياسية في العراق...2
- مصادر الموارد السياسية في العراق ...1
- الإسلام السياسي في العراق – 4
- الإسلام السياسي في العراق – 3
- الإسلام السياسي في العراق - 2
- الإسلام السياسي في العراق
- التوافق الوطني والإقصاء الطائفي
- الفيدرالية والمسألة القومية في العراق
- حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص
- العصبية الطائفية والقومية
- قائمة إتحاد الشعب ضحية ظروف جائرة وسياسات خاطئة
- الإنتخابات البرلمانية والمشاريع المتعارضة


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر المندلاوي - ثالوث الأقانيم في عراق الأقاليم