أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - وزن -الكلمة-














المزيد.....

وزن -الكلمة-


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1695 - 2006 / 10 / 6 - 10:19
المحور: الصحافة والاعلام
    


هل من وزن للكلمة؟ "الكلمة" هي الفكر مجسَّداً، فكل كلمة هي فكرة، وليس من فكرة تظهر في رأس الإنسان عارية من الكلمة، التي هي "الغلاف المادي للفكر"، فالإنسان إنَّما يفكِّر بالكلمات، فالفكرة التي لا نستطيع التعبير عنها بالكلمات إنَّما هي فكرة لا وجود لها في الرأس.

والكلمة تستمد وزنها من وزن قائلها، الذي يستمد وزنه من وزن "القوى" التي يستطيع استعمالها، توصُّلا إلى تحويل "الفكرة" إلى "واقع".

أذْكُر شخصا كان يحاول أنْ يشق لآرائه طريقا إلى النشر في إحدى الصحف اليومية؛ ولكن محاولاته باءت بالفشل على رغم أنَّ مقالاته كانت جيدة؛ بل كانت تفوق جودة مقالات عديدة تُنشر في تلك الصحيفة. صاحبنا ظنَّ أنَّ مشكلته لا تكمن في المقالة التي يرسلها؛ وإنَّما في "اسمه" غير المعروف أو غير المشهور في الوسط الصحافي في بلده، فتفتَّق ذهنه عن حيلة قد تأتي بالنتيجة التي يطمئن بها قلبه. لقد انتحل مقالة لكاتب واسع الشهرة، وبعث بها إلى الصحيفة ذاتها؛ ولكنَّ المقالة لقيت المصير ذاته، فتأكد ظنه.

الذي يحدث هو أنَّ المقالة الجيدة تُشْهِر اسم كاتبها الذي ما أنْ يشتهر اسمه في عالم الصحافة حتى يتحوَّل "الاسم الشهير"، إلى مسوِّق حتى للرديء من المقالات، فالكلمة الضئيلة في وزنها المعرفي أو الفكري تعظم وزنا بفضل ما تستمده من وزن قائلها.

وهذا التناقض نراه واضحا في "الأقوال العظيمة" للعظماء والمشاهير، فبعضها تقرأه، غير مرَّة، لعلَّكَ تكتشف فيه ما يبرر القول بعظمته، فلا ترى فيه من العظمة سوى عظمة قائله، الذي لو لم يكن قد بلغ العظمة لظهرت أقواله "العظيمة" تلك على أنَّها غير جديرة بهذا التعظيم.

عالمنا العربي يحفل بما يسمَّى "الحكَّام الشموليين"، أي الذين يملكون من السلطة ما يسمح لهم بتقرير كل شيء، وبالهيمنة على كل شيء؛ ولكن مفهوم "الحاكم الشمولي" اغتنت معانيه وتوسَّعت إذ قرر بعض "الحكَّام الشموليين" أنْ يكون فيلسوفا ومفكِّرا وعالما أيضا، وكأنَّ مجده وتمجيده يحب أنْ يكونا في كل مجال.

لقد زارته صحافية أجنبية مشهورة لتجري معه حوارا فكريا شاملا، فتحدَّث إليها في كل شيء حتى كاد أنْ ينسب إليه كل "المآثر الفكرية"، مظهرا نفسه على أنَّه أعظم العظماء.

الصحافية صمتت حيرة ودهشة، وتركته يسترسل في كلامه حتى فاجأته بسؤالها الأخير، وهو "هل تؤمن بوجود الله؟"، فأجاب مستغربا: "ولِمَ تسألينني هذا السؤال؟!"، فقالت: "لأنني خِلْتُ أنَّك الله!".

"الحاكم الشمولي" عندنا يستسهل العظمة في كل شيء، فغرور السلطة المطلقة التي يملك يسوِّل له ادِّعاء "العظمة" حتى في مجالات من المعرفة يجهل أبجديتها جهلا مطبقا. ويشجعه على ذلك ما يلقاه في وسائل إعلامه من تمجيد لكل كلمة يقولها حتى أنَّ إحدى صحفه قالت في خبر طبِّي إنَّ عملية جراحية صعبة أجريت بنجاح بفضل تعاليمه!

عندما نسمع "الكلمة" يجب، أوَّلا، أنْ نزنها بميزان قائلها، فوزنها من وزنه؛ ثم يجب أنْ نزن قائلها بميزان القوة التي يمثِّل أو يملك، فوزنه من وزنها.

وأحسب أنَّ هذا الميزان يعصمنا عن الوقوع في وهم "القائد الأعظم"، الذي له أفق يسع كل شيء ولا يسعه شيء، فهذا القائد مهما عظَّم نفسه وعظَّمْناه لن يبلغ وزنا يفوق وزن بلده ودولته؛ ويكفي أنْ ندرك هذه الحقيقة حتى ننبذ وهما من قبيل أنَّ نابليون يمكن أنْ يظهر في بلد غير فرنسا، وفي زمن غير زمنه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاعر الكراهية للآخر..
- كل قيادة سُلْطة ولكن ليس كل سُلْطة قيادة!
- -الهزيمة- التي يحتاج إليها الفلسطينيون!
- قرار العرب إعادة -الملف- إلى مجلس الأمن!
- التبديد الاقتصادي عبر النساء!
- -النسبية- في القرآن كما شرحها الدكتور النجار!
- الحرب -الإلهية-!
- الميزان الفلسطيني المفقود!
- -حزب الله- ينتقل إلى الهجوم!
- مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!
- جدل الاعتراف بإسرائيل!
- ثنائية -الإيمان والعقل- لدى البابا!
- الخطأ والاعتذار!
- -الفَرْد- و-السياسة-!
- -العصر الوسيط- يُبعث حيا!
- الفرصة التي يتيحها ضعف أولمرت!
- في -النسبية-
- بعضٌ من النقاط فوق وتحت حروف -الإرهاب-!
- بين الكوزمولوجيا والميثولوجيا
- الحل الذي يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - وزن -الكلمة-