ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 1695 - 2006 / 10 / 6 - 10:11
المحور:
المجتمع المدني
أوطاننا مصلوبة بأيدٍ مسلوبة , هكذا يظهر الصلب كردة فعل ناتجة عن حالة السلب, ما أكثر المسلوبين من حقهم وقمحهم , من مائهم وهوائهم, شاءنا أم أبينا أوطاننا مدفونة في رمال القهر المتحركة والتقهقر المتسارع في كل شيء , وغير مدفونة لمن ينظر إليها من الخارج بدلاً من الداخل فيراها مصلوبة وعلى يمينها وشمالها صالبوها الأحباب وليس الأغراب.
دوافع صلب الأوطان قائمة و ليست من باب التحامل والاستهزاء على أحد , إنما هي ردات فعل للأسباب المبينة أعلاه , إذاً صلبها تم على أيدي أبنائها لا على أيدي حكامها , ذلك يزيد أفراحهم ويخفف أتراحهم .
صلبوها ليرحلوا عنها بعدما سئموها , ليطهروها من المدنس , أخيراً لتبقى حيةً مخلدةً في الذاكرة, إن كان الصلب جارياً بموجب هذا النمط , فما علينا سوى الترحيب به , عسى ألا يأتينا محمولاً من الخارج, ففي الحالتين أوطاننا مصلوبة ولا مهرب إلى الأمام إلا بدفنها .
جوهر التناقض بين الصلبين الداخلي والخارجي غايةً في الغرابة , بالخارجي يحرص الوصي أو المندوب السامي حرصاً شديداً على بقاء الأوطان الرازحة تحت نيره مصلوبة بدلاً من دفنها , فقد جاءها طامعاً وفق ما تمليه عليه مصالحه , الدفن في قاموسه يعني بعث هذه الأوطان من قبورها لتقرر مصيرها بنفسها .
أمّا الداخلي , فإنه لو وضعنا ولاة الأمر أمام خياري الدفن أو الصلب , لاختاروا الدفن وفضلوه على الصلب , حيث يعني لهم فيما يعنيه فناء الشعوب والبقاء والخلود لذاتهم , بينما يغدو الصلب في منظورهم على هيئة شبح يؤرقهم ويتهمهم ولا يبرأ ساحتهم أمام العالم أجمع .
الدفن والصلب خياران أحلاهما مر فإن قبلنا المر سنجد الأشد مرارةً منه , في هذا الجانب تحديداً استشعر الصحفي السوري عبد الرحمن الكواكبي حال وطنه منذ ما يزيد عن مئة عام ورثاه خير رثاء حين قال :
( أيها الوطن المحبوب والمقدس في القلوب) ليسامحني الكواكبي ومعه التاريخ لأقول بدوري أيضاً:
( أيتها الأوطان المصلوبة والمدنسة في العقول ,لا بكاءً ولا رثاءً عليكِ بعد الآن ) .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟