أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الفنقلة!















المزيد.....

الفنقلة!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1686 - 2006 / 9 / 27 - 11:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أظن أن هناك لغة أخرى غير اللغة العربية توجد بها كلمة "الفنقلة".
هذه الكلمة الغريبة، والثقيلة على النطق وعلى السمع، كلمة مركبة تعبر عن طريقة فى النقاش والجدول. وهى طريقة عجيبة وفريدة تتلخص فى المجادلة فى أى شئ يقوله من يناقشك. حتى إذا قال الآن شيئاً عكس ما قاله منذ خمس دقائق فأنك ترفضه مثلما رفضت عكسه.
وبهذا تكتسب "الفنقلة" معناها الحرفى بحيث "إذا قلتم كذا قلنا كذا".
وهو بهذا الشكل أقرب ما تكون إلى "المناكفة"، والاختلاف حباً فى الاختلاف.
وهذا هو عكس "الحوار" على طول الخط .. حيث يستهدف الحوار "تلاقح" الأفكار، وليس تلاطمها. فالحوار البناء والايجابى هو الحوار المنتج الذى نخرج منه بحصيلة أكبر من تلك التى بدأناه بها.
ومن المخجل أن نحاول تعريف الحوار ونحن فى بداية الألفية الثالثة، بينما كان الفيلسوف الاغريقى سقراط يتحدث عن "توليد الأفكار" من خلال الحوار قبل الميلاد!
هذه المقدمة الطويلة والمملة عن أصول الحوار تفرضها العصبية التى باتت تميز الجدل العام الآن، ناهيك عن التصلب والجمود، والتعامل مع الطرف الآخر فى عملية الحوار كما لو كان "عدوا" فى حلبة ملاكمة يجب القضاء عليه بالضربة القاضية، ولا بأس بالضرب تحت الحزام أيضاً .. وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.
أى أن الهدف ليس إقناع الطرف الآخر ، أو الالتقاء معه فى منتصف الطريق، وإنما القضاء عليه وتصفيته معنوياً، إن لم يكن مادياً كذلك!
ونتيجة لهذا المنهج المدمر اصبح الخطاب العام فى المجتمع مسموماً ومحتقناً وعصبياً وبالغ العنف .
والشواهد على ذلك كثيرة ، وتشمل كل المجالات تقريبا.
فمن كان يتصور مثلا ان " الحوار " تحت قبة البرلمان يمكن ان يتدنى الى درجة استبدال الكلمات بالأحذية، وتلويح نائب بان يخلع جزمته لـ " يقنع" بها نائبا آخر!
من كان يتصور – مثلاً – أن الأندية الرياضية والاجتماعية يمكن ان تتحول الى ساحات للبلطجة اللفظية والجسدية التى يشارك فيها ، بل ويقودها ، نجوم المجتمع !
من كان يتصور – مثلاً- ان مقصورة اكبر إستاد رياضى فى البلد تتحول الى جلسة مصارعة وملاكمة تتطاير فيها الشتائم والبذاءات والأحذية فى ختام بطولة رياضية مهمة وفى حضور مندوب رئيس الجمهورية شخصياً، وعلى مرأى ومسمع من كاميرات التليفزيون والفضائيات العربية والأجنبية !
من كان يتصور – مثلاً – ان يصل التلاسن إلى بلاط صاحبة الجلالة، وحملة الأقلام الذين يفترض فيهم انهم قادة الرأي العام ، فإذا ببعضهم يتبادلون سباباً مفزعاً أمام الملايين عبر شاشات الفضائيات؟!
نحن إذن لسنا إزاء انقلاتات فردية ، بل إزاء ظاهرة عامة يتردى فيها الخطاب العام فى المجتمع – بكافة مجالاته – إلى المدرك الأسفل .
وهذه الظاهرة تحتاج الى تحليل علمى يجعلنا نضع بيدينا على جذور هذا الداء العضالى الذى يعطل أحد أهم أحد أهم ملكات البشر ، الا وهى ملكة الحوار التى نحن فى أمس الحاجة الى استعمالها – بنزاهة- من اجل مواجهة تلال المشاكل التى تواجهنا من الداخل والخارج.
من هذا المدخل .. ندلف إلى احد قضايا الساعة وهى مسألة التعديلات الدستورية .
هذه المسألة شغلت حيزاً كبيراً من اعمال المؤتمر العام الرابع للحزب الوطنى الديمقراطى . وبالنتيجة ثار جدل واسع حول هذه التعديلات.
وكان من الممكن ان يكون هذا الجدل امراً صحياً ومفيداً للجميع .
لكن البعض شاء ان يهدر هذه الميزة نتيجة للتصلب والجمود وعدم القبول باى أفكار مغايرة.
وعلى سبيل المثال فان بعض قادة الحزب الوطنى الديمقراطى تحدثوا عن هذه التعديلات الواردة على جدول أعمال الحزب الحاكم كما لو كانت غاية المراد من رب العباد .
وهى بالفعل تعديلات مفيدة وجيدة فى الاتجاه العام .
لكن هناك تعديلات أخرى يلزم ان تجئ معها ، او تسبقها .
وفى مقدمة هذه التعديلات المطلوبة التعديل المرتقب على المادة 76 والمادة 77 من الدستور .
وبدون تعديل هاتين المادتين يصبح الحديث عن الإصلاح مبتوراً واعرجاً لأن هاتان المادتان هما اللتان تنظمان الخلافة السياسية وتداول السلطة. فاذا لم يتم تعديلها .. فان معنى هذا أن كل الاصلاحات التى ناقشها مؤتمر الحزب الوطنى تجرى فى إطار استمرار احتكار الحزب الوطنى للسلطة، مما يعنى استمرار "الاحتباس" الاصلاحى.
هذه الفكرة السابقة يرفضها كثير من أقطاب الحزب الوطنى، بل ويرفضون مناقشتها أصلاً، ويتعاملون بغلطة غريبة على أصحابها كما لو كانت رجساً من عمل الشيطان.
وهذا يذكرنا بالرفض المطلق لفكرة تعديل الدستور أصلاً حتى عامين من قبل. ففى ذلك الحين كان صقور الحزب الوطنى يسخرون من هذه الدعوة ويعتبرونها "هرطقة"، بل وصل الحال بالبعض منهم بوصفها بأنها "خيانة" وطنية والعياذ بالله.
والمدهش ان هؤلاء يتغنون بمزايا تعديل الدستور بعد أن فاجأهم الرئيس حسنى مبارك بموافقة على تعديل المادة 76 على النحو المعروف.
صحيح أنهم عملوا قدر استطاعتهم على تفريغ مبادرة الرئيس مبارك من محتواها الديموقراطى، ونجحوا فى ذلك فى نهاية المطاف عن طريق استخدام أسوأ طراز من ترزية القوانين، لكن تغييرهم لمواقفهم بزاوية قدرها 180 درجة مسألة تثير الحيرة والاستغراب.
ولذلك .. فان أنصار التعديل الأوسع للدستور، أو حتى تغييره بصورة كاملة، لا يجب أن يقنطوا أو يرفعوا راية الاستسلام.
فهؤلاء الرافضين أنفسهم سيتحولون إلى أنصار متحمسين للتعديل الدستورى – بما فى ذلك للمادة 76 والمادة 77 – إذا وافق مبارك عليه.
وهذا الاحتمال الأخير ليس مستحيلاً، بل أنه متوقع بدرجة كبيرة، على الأقل من زاية عملية ، هى ضرورات الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2011.
فهذه الانتخابات إذا جرت فى ظل التعديل الحالى للمادة 76 لن تجد من يخوضها سوى مرشح الحزب الوطنى منفرداً. وهذا يضع تحديات كبيرة على شرعيته وشرعية العملية الانتخابية برمتها.
ولذلك .. فأننا اذا كنا نريد أن نتعلم شيئا من درس تعديل المادة 76، فهو ان نتحوط من ألاعيب ترزية القوانين المتربصين لافساد أى تعديل ديموقراطى وتفريغه من محتواه.
ولأمر الأكثر أهمية هو أ يعمل الجزء الناطق من الأمة – من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار – على فتح حوار عاقل وموضوعى حول هذه التعديلات المنشودة، بعيداً عن حوار الطرشان الدائر حالياً، والذى يحاول بعض رموز الحزب الوطنى إلى تحويله إلى نوع من "الفنقلة" .. وليس الحوار.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجماهير .. احدث صواريخ حزب الله
- رجال الأعمال .. وأرباب السياسة
- صاحبة الجلالة تستعيد تاجها الضائع
- الانتماء والمواطنة:كلام جاد بعيداً عن الشعارات المستهلكة (2)
- الإعلام جزء من المشكلة.. والحل
- البقية في حياتكم!
- سخافات بوش
- الصحافة ليست قلة أدب .. وحملة الأقلام ليسوا شتامين
- الانتماء والمواطنة: كلام جاد بعيداً عن الشعارات المستهلكة
- »صاحبة الجلالة« حافية علي جسر من الذهب
- مأساة -المواطن- أمجد حسين
- رشيد يعيد الاعتبار لآليات رأسمالية القرن التاسع عشر!
- هل ندافع عن لصوص الرغيف .. بسبب الدعم؟!
- ماذا أنت فاعل يا وزير الثقافة؟
- هل جامعات مصر عضو غريب في جسم يرفضه؟!
- الفساد .. وسنينه 6
- الفساد .. وسنينه 7
- الفساد .. وسنينه 8-8
- قطارات الموت
- الفساد .. وسنينه 5


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الفنقلة!