أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - دمُهُ ليس ازرق أمينة العدوان















المزيد.....

دمُهُ ليس ازرق أمينة العدوان


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6534 - 2020 / 4 / 10 - 23:42
المحور: الادب والفن
    


دمُهُ ليس ازرق
أمينة العدوان
لكل اديب اسلوبه في تقديم القسوة، الألم، و"أمنية العدوان" تقدم ألمها بطريقة جديدة، فهي تقدم مقاطع شعرية مكثفة ومختزلة، وأيضا نجدها تعد استخدم العنوان في العيد من المقاطع، حتى أننا نجد نفس العنوان في أكثر من مقطع، وهذا يأتي كتركيز الشاعرة على الفكرة، التي تريد تقديمها، واللافت في هذا المقاطع أن الشاعر تستخدم صيغة الأنا المتكلم حتى عندما تريد أن تقدم شخصية شريرة، وهذا التقمص يعد من أصعب الأمور على الشعراء، لكنهم بطبيعتهم خيار ينحازون للضعفاء والخير.
أنا المتكلم الشرير
سنقدم مجموعة من المقاطع على النموذج "أنا المتكلم" التي تحدث فيه الشاعرة عن القسوة والعنف، تقول في "إبادة":
" أدفنك حيث ما اريد
وضعتك في القبور
بلا جدوى
أراني أتعثر في لحفر الفارغة
أقع فيها
حين آتي لأحضر الدفن" ص13.
صيغة الأنا نجدها في: "أدفنك، أريد، وضعتك، أراني، أتعثر، أقع، آتي، لأحضر" ونجد صيغة أنت "أدفنك، وضعتك" وهما يشيران إلى السيادة الكلية للمتكلم، لكن في المقابل نجد هذا السيد المتحكم يعاني لدعم (اتقان) عملية الدفن، فنجده: "بلا جدوى، أتعثر" بمعنى أن قدرته غير فاعلة، غير كاملة، أو أن (المدفون) يمتلك/فيه قدرات خارقة، فوق الطبيعة، وكأن الشاعر تقول أن عملية الدفن مرهقة لدافن، فما بالنا بالقاتل!.
وإذا ما توقفنا عند الألفاظ المجردة سنجدها متعلقة بالموت: "أدفنك، القبور، الحفر، الفارغة، الدفن" كلها سوداء وتشير إلى هذا المتكلم القاسي، لكن صغير وقصر المقطع نستدل منه أن الشاعر لا تريد الاسهاب في الحديث عن الألم، لهذا اختصرت وكثفت المقطع، لكي لا ترهق المتلقي أكثر.
وتكرر عنوان "إبادة" في مقطع آخر، جاء فيه:
"أعوام
وأنا أحضر قبرا له
لكي أدفنه فيه
وجدت الحفر
امتلأت بجنودي
وهم يطاردونه
حول المقبرة" ص 18، نجد أنا في "أنا، أحضر، أدفنه، بجنودي" ورغم عدم تأذي (أنا المتكلم) كما في المقطع السابق، إلا أننا نجد أذى لجنوده، "الحفر امتلأت" واللفت في هذا المقطع حضور الزمن أعوام" كإشارة على طول الزمن والتعب والإرهاق الذي أصاب (حافر القبر) ورغم هذا نجده عمله ينعكس عليه سلبيا، فجنوده من وقعوا في الحفر وليس من أراد دفنه.
ونجد الشاعر تستخدم الألفاظ السوداء: "قبر، أدفنه، الحفر، بجنودي، يطاردونه، المقبرة" وبهذا يكون مضمون المقطع غارق في السواد، لكن البياض نجده في كلمة "امتلأت"، فهي أتت لتخدم فكرة (الفرح) بشكلها المجرد، وأيضا بوجودها ضمن سياق المقطع، وبهذا تكون الشاعر قد وحدت/زاوجت بين الفكرة واللفظ، لتكون كلمة واحدة "امتلأت" احدثت الفرح في المقطع .
السياسي
الشعراء النبلاء ينتمون لواقعهم، فيعرون الزيف، التخاذل، الفساد، في مقطع "المتفرجون العرب" تقول:
"أخي جريح في المستشفى
ولم أزروه
هل أنا حقيقة على قدمي أسير
أم أنني على الكرسي مقعد!!!" ص 21، أنا المتكلم نجدها في: "أخي، أزوره، أنا، أسير، أنني" ونجد مجموعة ألفاظ تشير إلى حالة المرض/المريض: "جريح، المستشفى، أزوره، الكرسي، مقعد" وهنا تكون الألفاظ بمعناها المجرد خدمت فكرة المقطع (المريض)، بمعنى أن هناك ألم، سواد، ولكن هناك محاولة لإزالة/لزحزحة هذا السواد من خلال حرفي السؤال: "هل، أم" وكأن الشاعر بهما (تسهل/تعجل) عملية التقدم من الشفاء، أو ضع الخطوة الأولى لعملية الشفاء.
ولكن رغم وجود "جريح" إلا أن المشكلة لست متعلقة به هو ، بل ب "أنا" لأنني "لم ازورة" وهنا تكمن عبقرية الشاعرة، تحدثنا بداية عن "جريح"، ثم تنقلنا/تحولنا إلى مشكلتها هي، وهذا (التحول) يشير ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى أن المشكلة ليست بال"جريح"، بل في أنا الذي "لم أزروه"، وهذا ال(أنا) يمكن لأي قارئ أن يأخذها/يسقطها على أيا كان وأينما كان.

الشهداء
الديوان بغالبيته يتحدث عن الفلسطينيين وما عانوه من وليلا الاحتلال في الانتفاضة الثانية، لهذا نجد الموت، الشهداء، في العديد من المقاطع، جاء في مقطع "الشهداء":
كثير من رحل
وليس
من
صفحة وفيات" ص14، هذا المقطع يثير التساؤل عند من لا يعرف الصحف الفلسطينية، متسائلا: "إذن، أين يتم الإعلان عن استشهادهم؟"، وله أن يبحث في غير صفحة الوفيات، ليجدهم في الصفحة الأولى، وبالخط العريض.
لكن حالة الألم حاضرة في المقطع، من خلال: "رحل، ليس، وفيات" وهذه الألفاظ بشكلها المجرد تشير إلى حالة الألم/الحزن، وبينما نجد (التحول) إلى (الفرح) في لفظ "صفحة" والذي من قلب الومضة من ألم إلى (بهجة)
وفي مقطع آخر معنون ب "الشهداء" تقول فيه:
"صقور، صقور
قبل أن يرحلوا
يبقون للمشعين الأجنحة" ص19، الألم والقسوة نجدها في "صقور، يرحلوا، للمشعين" لكن البياض نجده في "يبقون، الأجنحة" وهما من حول "يرحلوا" السوداء والقاسية إلى فرح وبياض، واللفت في هذا المقطع التناقض والصراع بين "يرحلون ويبقون" وكأنها تأخذنا على الصراع بين البعل والموت، فرغم غياب البعل، إلا أن غيابه لن يطول وسرعان ما سيعود في الربيع، وهذا حال الشهداء الذي تركوا بذور/الأجنحة لتنبت من جديد، وتحلق عاليا في السماء.


وجاء في مقطع "مواكب الشهداء":
"جنازات...جنازات
وأصوات المشعين الغاضبة
تذهب بهم
إلى ساحة القتال" ص29، السواد نجده في ألفاظ: "جنازات، المشعين، الغاضبة، القتال" والبياض نجده في: "تذهب، ساحة" اللافت في هذا المقطع، كان من المفتر أن يلازم لفظ "الجنازات": "دفن/صراخ/ عويل" لكن الشاعرة تستخدم "تذهب" وكأن "الجنازات" حياء يتحركون، وهذا الاستخدام ل"تذهب" يشير إلى استمرارية حضورهم ووجودهم، لهذا وجدنا أثرهم على "المشعين" الذي يتقدمون من "ساحة القتال"، فالألفاظ المجرد لتخدم الفكرة، حتى لو ابتعدنا عن المعنى الذي يحمله المقطع.

الأسئلة
الشاعرة تقدم في مقاطعها مجموعة من الأسئلة: جاء في مقطع "نتائج"
"العيون تبكي
والشتاء قادم
فهل ستضيع الدموع؟" ص74، المقطع يحمل معنى (سيقدم) الخصب/الخير "الشتاء" بعد الحزن/الألم "البكاء الآن"، لكن السواد يبقى مهيمن على المقطع، فنجده في: "تبكي، ستضيع، الدموع" وبينما البياض/الفرح في "الشتاء، قادم" فعدد ألفاظ السوداء أكثر من البيضاء، وهذا يشير ـ في العقل الباطن ـ إلى غلبة السواد على البياض، وما يؤكد على الأمر، استخدم الشاعرة "الشتاء" وليس "المطر"، فلشتاء فصل، ويمكن أن لا يأتي بالخير المطر.

هناك بعض الأخطاء تتمثل بتكرار المقطع كاملا وليس في تكرار العنوان،
كما هو الحال في مقطع "جريمة حرب، الذي نجده حرفيا في الصفحة 47 والصفحة 90، ومقطع "العلم" الذي تكرر في الصفحة 99 والصفحة 132.
الديوان من منشورات أزمنة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2003.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغاني والشعر في ديوان -أراك ـ حيفا- أحمد شكري
- البطل المأزوم في مجموعة الوادي أيضا أمين دراوشة
- مجموعة ليلة العيد سعادة أبو عراق
- كميل أبو حنيش والرثاء --نيسانُ عادَ و لم تعودي--
- همسات الشلال عيسى الناعوري
- السطو على الرواية في -آيات رحمانية- خالد عطية العشوش
- الصورة واللفظ والفكرة آفاق الجبوري
- اغتسال وعدم تطهر!! في مصيدة الحب خليل ناصيف
- ليالي مصرية، الطاغوت والرجال فخري فايد
- منذر خلف الحاج محمد سؤال أسير
- الرجال والرفض رواية المقاومة الإيطالية إيليو فيتوريني
- محمد حلمي الريشة وتعدد الاشكال
- الشيخ المجاهد عز الدين القسام -بيان نويهض الحوات-
- الأنا والآخر في الرواية الفلسطينية أمين دراوشة
- الروايات في كتاب -وجهك ولا القمر، يافا!-
- الحوار النتي
- مجموعة طريد الظل سعادة أبو عراق
- محمد كنعان
- محمد دلة والبياض غير المتكل.
- محمد داوود في قصيدة -الساعة الآن موت-


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - دمُهُ ليس ازرق أمينة العدوان