أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - تأملات في زمن الكورونا (٢)















المزيد.....



تأملات في زمن الكورونا (٢)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 6533 - 2020 / 4 / 9 - 04:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


-١١
مع الكورونا، مع الجايحة سوف يكتشف كل الناس وخاصة في العالمين المغاربي والعربي أن ما اسميناهم لعقود أو لقرون طويلة بعلمائنا ليسوا بالعلماء، لأن العالم الحقيقي هو المختبر .وبودي أن استحضر الكثير ممن وصفوا بالعلماء ولا أرى لهم أي وجود غير التواري في هذه الفترة الصعبة التي يجتازها العالم . وينك يا زغلول النجار والشيخ الحويني ومحمد العريفي ؟ وأنتم علماؤنا الكبار ؟ اه لو كان الأزهر الشريف مؤسسة علمية لتسابق الآن مع جامعة بيكين والسوربون واكسفورد وجامعات أمريكا لإيجاد لقاح لهذا المرض الذي يكتسح العالم !! اه ثم آه ولكن سيرورة العلم توقفت عندنا منذ زمان، منذ هزيمة المعتزلة سنة 833 م وإغلاق بيت الحكمة / العلم الماموني.
-١٢
الآن عرفت التبعات السلبية لظاهرة brain drain أو ما يسمى بهجرة الأدمغة. خيرة علماء العرب هاجروا إلى الخارج بفعل عدم توفر شروط البحث العلمي أو بسبب المضايقات السياسية أو تم اغراؤهم بالهجرة إلى دول أخرى، أو بسبب الرفض المجتمعي وعدم تقديم الدعم المادي لهم إسوة بالمشايخ أو رجال الدين أو مطاردتهم من طرف دول أجنبية. ولكم يحزنني وأنا أنظر إلى هذه الرقعة الجغرافية من الأطلسي حتى جزيرة جاوا الاندونيسية مرورا بدول الخليج النفطية ولا أرى مختبرا واحدا يبحث وينقب عن علاج لداء الكورونا. كل الدول تبحث إلا نحن . وها قد صمت رجال الدين فليس لهم ما يقولونه لأنهم رجال السماء لا رجال الأرض، فمن يتكلم في رقعتنا الجغرافية والساحة خواء ويقول : ها أنا أحاول أن أنقذ هذه الرقعة كما يعمل الصينيون والأوربيون والامريكيون. لا أعلم حتى هذه اللحظة بوجود مختبرات للبحث عن دواء للكورونا في العالمين العربي والإسلامي، وأتمنى بكل صدق أن تبدأ المحاولات وخاصة في الدول النفطية لأنها تملك الإمكانيات المادية لئلا تسري في اوصالي أكثر قولة لأدونيس استمعت إليها منذ سنوات : (العرب خارج التاريخ وماضون نحو الانقراض، فالذي لا علم له لا مستقبل له ) لماذا ؟ لأنهم يقولون : ها نحن قاعدون ننتظر الدواء يأتي من وراء البحار !! أي تواكل يفوق هذا التواكل. وعلى جامعة الدول العربية أن تتحرك أكثر في هذه الرقعة وكذلك الأمر بالنسبة لمنظمة التعاون الإسلامي لشحذ ما بقي من الطاقات العلمية لإيجاد حلول لهذه المعضلة الكونية .
-١٣
مشاهد مبكية من إحدى التجمعات الدينية بالعراق. ورغم الفتاوى التي أصدرها الكثير من رجال الدين والتي تدعو العراقيين إلى المكوث في منازلهم مستندة على حديث نبوي: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ [يعني : الطاعون] بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه) البخاري 5739 / مسلم 2219 .فهذه الجماهير مصرة على الذهاب إلى المراقد والحسينيات .
-١٤
ها الكلام !
يقول الرئيس الفرنسي ماكرون في هذه التدوينة : (أن أزمة كوفيد 19 (الكورونا) تذكرنا بأهمية البحث العلمي الوضعي وضرورة الاستثمار المكثف في هذا المجال) ويضيف ماكرون : ( لقد قررت إضافة 5 مليارات أورو لجهدنا البحثي وهو جهد غير مسبوق منذ فترة ما بعد الحرب) ويقصد الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945 ۔ وهل دولنا و مجتمعاتنا مغاربيا وعربيا ستأخذ العبرة؟
-١٥
تبقى الحاجة إلى إيلاء الأهمية لرجال العلم الوضعي ضرورة لا محيد عنها اجتماعيا و مؤسساتيا. تجد تافها ودجالا لديه ثلاثة ملايين متابع ولا تجد سوى متابعين على رؤوس الأقلام لعالم يشتغل في ميدان الطب أو الفيزياء الكمية أو الفضاء وفي الغالب لا يعرفه أحد. ينبغي أن يعلمنا درس الكورونا أن النهضة الثقافية حاجة ملحة اليوم قبل الغد. ويجب في الآن نفسه أن نقتلع سوسة الخرافة والجهل من جذور عقولنا.
-١٦
في ظل الوباء العالمي الذي يهدد الكون كله، أرى أن تدخل الدولة لإجبار المواطنين على المكوث في منازلهم هو فعل مشروع كما فصل في ذلك عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر في كتابه (رجل العلم ورجل السياسة )، وعلى المواطنين الانصياع بإرادة وعفوية وتلقائية لهذا الإجراء الوقائي لما فيه خير ومصلحة على عموم الشعب، وأتمنى أن تتم عملية الاستجابة بكل سلاسة، فالمكوث في المنازل هو نشدان للحياة ومواجهة للموت الذي يزحف نحونا، وإذا لم نتحد ونحن نواجه هذا الفيروس انطلاقا من منازلنا، سوف ينتصر علينا. كونوا أيها المغاربة في مستوى هذه اللحظة التاريخية والوجودية. وبطبيعة الحال سننتصر وسنتعلم دروسا هامة، ومنها أن الحياة مبدأ لا غنى عنه، وأن العلم مبدأ لا غنى عنه، وأن الإنسان هو قدس الأقداس، هذا ما ستتعلمه الأمة المغربية العظيمة..
-١٧
ما حصل في طنجة وفاس وتطوان هو جني لبروفيل مواطن مغربي تشكل منذ الثمانينات من القرن الماضي. مغربي لا يواجه معضلات ومشاكل الحياة إلا بالدعاء. مغربي ينهل معارفه من دعاة الخرافة والدجل ولا ينهل معارفه من رجال العلم الوضعيين. هل سننتصر على الكورونا بالدعاء وبقراءة اللطيف؟ يا إعلامنا العمومي اشرح للناس ولعموم المغاربة أن العلم هو الحل لمرض الكورونا داخل المختبرات والمباحث العلمية، فليس الدعاء و ليس المكوث في المساجد وليس التكبير من طرف الناس في الشوارع كأنهم ذاهبون إلى معركة الخندق هو الذي سيجلب حلا لفيروس الكورونا !! الكورونا لن يضارعه إلا العلم الوضعي المختبري، ولذلك ينبغي البقاء في المنازل كإجراء وقائي إلى حين محاصرة مرض الكورونا وانتظار توصل الباحثين في دول أخرى إلى لقاح أو دواء . ونأمل خيرا في التوصل إليه.
-١٨
في كتابه (سيكولوجية الجماهير ) يتحدث عالم النفس الفرنسي غوستاف لوبون عن الخصائص الأساسية للفرد المنخرط في الجماهير، ويشرح كيف أن عقله يذوب ويتلاشى وسط الرعاع والحشود ويصير عدوانيا وهمجيا بفعل غرائزه التي تتغذى من صور لماض سحيق. وهذه الصور لا تصلح للحاضر في الكثير من الأحيان. فالحشود التي خرجت في طنجة وفاس وتطوان وغيرها لا تفهم بفعل العماء الغريزي أن قراءة اللطيف في المساجد والخروج لطلب الأمطار واستغاثة الرحمة وغير ذلك لا تنطبق على فيروس الكورونا الذي يلزم علينا المكوث في البيت وعدم مغادرته .. ويجب القول كذلك أن الفكر السلفي الذي يحرك هذا الهجيج يفهم أن المرض غضب إلهي وعلى الحشود طلب المغفرة من خلال الدعاء، ولا يعلم أن الدعاء لم يحارب المرض أبدا، بل العلم هو الذي حارب الأمراض عبر التاريخ.
-١٩
عشية إحدى الحروب سئل نابوليون بونابارت:
هل سيكون الله إلى جانبنا غدا في الحرب؟
أجاب :سيكون الله الى جانب من يمتلكون أقوى المدافع! وأنا أقول اليوم بأن الله سيكون مع أصحاب العلم الوضعي وأصحاب العقول لا أصحاب الحشود، لا أصحاب التكبير وتجييش الناس في الشارع . المكوث في البيت والمختبر هما الحلان لمواجهة الوباء الداهم.
-٢٠
آه ثم آه كم كنت أتمنى أن تصرف أموال الأضرحة في مجال البحث العلمي، وتدعم المدرسة العمومية بالعلم الوضعي والمختبرات العلمية وتؤسس مراكز الترجمة، ويستدعى خيرة العلماء إلى جامعاتنا، ومنها تتم محاصرة الفكر السلفي الانهزامي القادم من المشرق، كان سيكون عندنا أولا شعب مثقف ولا نواجه معه أي مشكلات في سبيل إقناعه بفكرة الحجر الصحي، وثانيا سنملك أطرا وكفاءات علمية نواجه بها ( ومن استمع الى خطاب أنجيلا ميركل سيفهم كلامي) هذا المد القادم بدل أبو طليطلة أو ابو مسيلمة الذي يحشد الهجيج بصراخ أجوف عقيم يوقظ به حيا بكامله. وبين كان التي تنتمي إلى الماضي الذي ولى (حسرة) وسيكون التي تستشرف المستقبل (امل) وجدنا أنفسنا أمام هذا الحاضر الصعب والمرير.
-٢١
من يعلم أن كتاب ابن رشد (الضروري في السياسة ) حرقته الغوغاء كتلك التي كانت تصرخ في بعض المدن وأن النسخة التي لدينا الآن أخذت عن النسخة العبرية وترجمها مشكورا المترجم أحمد شحلان. اللهم أبعد عنا شر الغوغاء وارزقنا صوت الحكمة والعقل و الروية.
-٢٢
الحرب العالمية الأولى جعلت ابريطانيا سيدة العالم والحرب العالمية الثانية جعلت أمريكا سيدة العالم والكورونا ستجعل الصين الأولى.
-٢٣
كانت الصين في بداية القرن العشرين مجرد اقطاعية بريطانية ويابانية، وكان المواطن/ الفلاح / التاجر الصيني بين كماشة الاحتلال الأجنبي وكماشة الاتاوات والضرائب المفروضة عليه من الاقطاعيين الصينيين الموالين للاحتلال الأجنبي إلى أن ظهر الحزب الشيوعي الصيني سنة 1921 وقاد حملة واسعة في أرجاء الصين تدعو الصينيين إلى التصدي للاستغلال الأجنبي، وفي سنة 1935 قرر الحزب الشيوعي أن يقود مسيرة طويلة من شرق الصين إلى غربها لنشر الوعي الطبقي في صفوف الفلاحين البسطاء تحت قصف الحكومة الإقطاعية وتطوع مقاتلوه لإخراج اليابان من منطقة منشوريا الصينية. وفي سنة 1949 تمكن الحزب الشيوعي من الوصول إلى السلطة وطرد الاقطاعيين منها . وفي سنة 1966 قام الصينيون بثورة ثقافية ضد الجهل وضد أصنام الماضي و في أواخر السبعينات من القرن الماضي قام الرئيس دينغ بإصلاحات جذرية في ميدان الاقتصاد تضمنت منح الحرية النسبية للمقاولين الاقتصاديين ولكن تحت المراقبة المباشرة للدولة بغية تخفيف الضغط على الدولة وراهنت الصين على البحث العلمي وتشجيع الباحثين وتعميم الفكر العلمي في أوساط الشعب الصيني. هذه هي الصين باختصار. الصين من الاحتلال الأجنبي إلى الصين الحرة التي تراهن على العلم .
-٢٤
لا حديث في قنواتنا العمومية سوى الحديث عن النصائح الطبية والعلمية لتفادي جائحة كوفيد 19. أتمنى أن تتحول برامج قنواتنا إلى برامج هادفة ترفع من منسوب الوعي وتنير عتمة الجهل. فالاعلام العمومي قناة من قنوات التنشئة الاجتماعية وقد يلعب دورا لا تلعبه المدرسة ولا يلعبه المسجد، ولا تلعبه حتى الأسرة ولو كانت تمثل نواة المجتمع، ولذلك فالإعلام العمومي لا غنى عنه. فإما يخلق مواطنا صالحا أو مواطنا تافها. مثلا أشيد ببرنامج أمودو في القناة الأولى والبرنامج الحواري (مشارف) الذي كان يعده الشاعر ياسين عدنان وغيرها من البرامج الهادفة.
-٢٥
بعد الانتصار على الكورونا أتمنى ألا يعود المتحاربون في العالم إلى الحرب. فلسنا سوى قشة لا معنى لها تائهة في الكون ومحكوم عليها بالموت والفناء. علينا أن نتعاون ونقضي على الشر الذي يسكننا، علينا أن نطهر أنفسنا من نزعة التملك والحقد والأنانية التي فينا، علينا أن نصفي أنفسنا من نزعة التدمير التي تستحوذ علينا، علينا أن نبني وأن نواجه الموت أينما وجد ونطارده من خلال التسلح بالعلم، نحارب الأمراض، نقضي على المجاعات، نوزع خيرات العالم بعدل، ونطرد التعصب الذي يستولي علينا. نتعاون بمعية بعضنا في سبيل إيجاد الحياة في الكواكب البعيدة. وعلى الحياة أن تكون مبدأنا من الآن فصاعدا. كلنا معنيون بهذا المشروع مهما اختلفت دياناتنا و أعراقنا وألواننا وأجناسنا.
-٢٦
ميشيل اونفري يشتكي في كتابه (نفي اللاهوت)، ويذرف الدموع حد الحزن في الصفحات 47- 48 - 49 من تغييب فلسفة دولباخ وفيورباخ في الجامعة الفرنسية وفي المكتبات لأنهما ينتقدان تواطؤ الدولة والكنيسة ويدعوان إلى تخصيص أموال الكنيسة للفقراء . ماذا نقول عنا نحن ؟ لا نجد ذكرا لهما في الجامعة !! والا نحتاج إلى ترشيد النفقات المخصصة للأضرحة وتوجيهها إلى ميدان الصحة والتعليم والبحث العلمي؟
-٢٧
#_العلم_في_كليته

لا سبيل سوى سبيل العلم من أجل نهضة الأمة العربية والإسلامية. ما أحوجنا إلى نفهم هذه الآية القرآنية وهذا الحديث النبوي كعنصريين داعيين إلى الأخذ بالعلم في كليته وشموليته وليس العلم الديني فقط، وخاصة في هذه الفترة التي تحتاج فيها الأمة العربية والإسلامية إلى مختبرات للأدوية لمواجهة معضلة الكورونا. فالقراءة التي تنص عليها الآية القرآنية هي القراءة في كليتها وطلب العلم طلب شمولي دينيا و دنيويا. نعم القراءة المقصودة في سياق الآية هي قراءة الوحي المنزل على الرسول ولكن ينبغي أن نفهمها في سياقنا لكي نطلع ونقرأ جميع الميادين. والعالم المقصود في الحديث هو العالم المطلع على مبادئ الدين ولكن في سياقنا الحاضر و في سياق حاجاتنا هو رجل العلم / المالك للمختبر/ الصانع للأدوية وهو من نحتاجه أكثر من العلماء المتفقهين في الدين. فلنحرك عقولنا ونوسع من هامش تأويلنا:
الآية:
( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ‏[‏العلق‏:‏ 1- 5‏]‏‏.‏
الحديث النبوي:
(منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ، وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ) . رواهُ أَبُو داود والترمذيُّ.
-٢٨
يا شبح الموت لماذا تكبر وتكبر في كياني ؟ لقد عشتك في رواية (الطريق ) للروائي الأمريكي كورماك مكارثي وأتمنى ألا أعيشك الآن في واقعي. أترك حقولنا ومدننا وجبالنا واوديتنا وشوارعنا و ارحل بسلام. أتمنى ألا تتكرر كل تلك المشاهد التي عشتها في الرواية، لا أريد أرى أبا وابنه يسيران عبر أرض محروقة مكدسة بالجثث، ويهدهم البرد ويدمرهم الجوع ويسكنهم الخوف، هاربين منك أيها الموت، ولا شيء غير مشهد الخراب والدمار الشامل الذي يعمه الرماد الذي تذروه الرياح، لا أريد أن أشاهد قطاع طرق يأكلون اللحم البشري، وأناسا مقذوفين في الشوارع يتضورون ألما . لا أريد أن أرى جياعا وموتى ومقابرا وهلعا ورعبا مسكونا بالفقدان والرحيل. لن نرحل أيها الموت وأنت المعني بالرحيل.
-٢٩
مع الكورونا لم يعد الشمال شمالا ولم يعد الجنوب جنوبا. الكورونا ساوت كل المدن والبلدان والبشر والثقافات. من من الميكسيكيين يفكر اليوم بعبور الحدود مع أمريكا؟ ومن من الأفارقة يفكر في العبور نحو القارة الأوروبية؟ ومن الاثيوبيين يفكر في العبور نحو السعودية ؟ من يا ترى !!
-٣٠
في أمريكا، العاملون الأطباء لم يجدوا لباسا واقيا من الكورونا، ولاحظوا كم من الأموال ضاعت هدرا في التسلح والحروب ؟
-٣١
ما رأينا اجتماعا عن بعد للمجلس العالمي لعلماء المسلمين !! أو اجتماعا للأزهر الشريف وهيئة الإفتاء السعودية وخيرة النوابغ فيها للبحث والتجريب والدراسة لإيجاد حل لمعضلة الكورونا. كل قلوب المسلمين والعرب والأمازيغ والكرد وكل شعوب العالم تتحرق شوقا خلف علمائها الأجلاء.
-٣٢

الأحوال تتبدل يا عزيزي والظروف تتغير والمواقف تتحول. من يصدق اليوم أن ألبانيا الدولة الفقيرة التي تطل على البحر الادرياتيكي والتي عاشت الويلات والحروب على غرار مثيلاتها من دول البلقان ترسل فريقا طبيا إلى إيطاليا والكل يعلم كم لاقى المهاجرون الألبان الفارون من الحروب البلقانية في بداية التسعينات من عنصرية في إيطاليا وغير إيطاليا ؟ يا عزيزي لا شيء يدوم غير اللادوام، أكتب هذه الحكمة في دفترك وسجلها في عقلك. فلا القوة تبقى ولا الحال يدوم، ولا المواقف تظل، ولا الأشخاص هم أنفسهم ولا الدول هي نفسها. كل شيء ماض نحو التحول.

#_اللهم_اعن_ايطاليا_في_محنتها
#_شكرا_البانيا
-٣٣
تدافعون عن زغلول النجار، من حقكم ذلك. وتقولون أنه عالم جيولوجيا وأنه عالم يضارع الجبال، ولكن لماذا يتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؟ وبما أنه من جهابذة الإعجاز العلمي. أقول له اجترح لنا حلولا قبل أن يكتشف الصينيون أو الأوروبيون أو اليابانيون دواء أو لقاحا وتقول لنا أنه مذكور في الآية القرآنية الفلانية. وإذا كان مذكورا قل الآن: الآية القرآنية الكريمة التي ذكرته وأخبر علماء الشرق والغرب بهذا الاكتشاف، فهناك الملايين من البشر تتلهف لمعرفة هذه الحقيقة. هيا أخبر العلماء، فهم في حيرة من أمرهم وربما قد تساعدهم وقد يساعدوك.
-٣٤
حجز مواد غذائية بمقر حزب تجار الدين/ اللمبة بالفنيدق. والغاية العمل الخيري في عز الأزمة لجذب القلوب الجائعة والفقيرة وربحها في الانتخابات القادمة. لا يتقوى تجار الدين ولا يربحون المعارك الانتخابية إلا مع شعب جائع ومريض ومحطم نفسيا. احذروا منهم لقد تخلوا عن الصحة والتعليم !!
-٣٥
دائما كنت مؤمنا بهذه الفكرة: أن الأخلاق التي يجب تسود في جميع قنوات التنشئة الاجتماعية هي الأخلاق الكونية والإنسانية التي تتعالى على الدين والعرق واللون و القبيلة، والجندر . احترم الإنسان غاية في ذاته، قدم المساعدة إلى الآخر دون النظر إلى انتمائه، قدم العزاء لكل المخلوقات في لحظات انهزامها وضعفها وفي لحظة الابتهاج ابتهج مع الجميع. لأن حالات الحزن والفرح والموت والمرض لا تستثني أحدا ممن يدب على وجه المعمورة. أخرج من سياجك الوثوقي والقبلي والديني. فلست إلا وقودا تشتعل بك جماعتك. إنها تشتعل لكي تخبو أنت وتموت..إن الصين التي هبت لنجدة العالم لم تنظر إلى أديان من تقدم لهم المساعدة. أما أنت أيها التافه يا من سكنه عماء الجماعة تتشفى في مريض يختلف معك في المواقف. فأقول لك: أنت لا أخلاق لك.
-٣٦

أخيرا طلع زغلول النجار على قناة الجزيرة، لا لكي يحدد العلاج المناسب للكورونا، وإنما ليردد أسطوانته أن الكورونا مؤامرة ضد الإسلام والمسلمين ورغبة الغرب في إفناء المسلمين. رد عليه مذيع الجزيرة بالقول أن الأوروبيين هم أكثر من يموتون؟ أجابه عالمنا الكبير زغلول النجار بأن العلم انقلب على أهله، وهم أخذوه من عند المسلمين ويدعو لهم بالهداية لكي يقاسموننا اختراعاتهم. أي علم عندنا يا زغلول؟ وماذا أخذ الأوروبيون والصينيون من عندنا ؟ أنت الآن في حجرك الصحي تنتظر من الصين أو من الغرب يتفضل عليك باللقاح. كفى من اللغو والكلام. كل شعوب العالم تضحك علينا!!
-٣٧
تمدد وباء الكورونا في الولايات المتحدة الأمريكية يرجع إلى استمرار الرئيس ترامب في فتح الحدود والتعاملات التجارية مع دول أخرى والاستهانة بالوباء والقول أنه فيروس صيني يخص الصينيين وحدهم. والأنكى من ذلك مازال ترامب حتى هذه اللحظة يعارض الحجر الصحي خوفا من انهيار الاقتصاد الأمريكي، فالرجل يهمه المال أكثر ما يهمه البشر، وبالطبع فالليبرالية الاقتصادية المتوحشة لم يكن يهمها يوما الإنسان، بل تهمهما البورصة وأسواق المعاملات، وحتى لا يختلط علينا الأمر فالليبرالية التي نتحدث عنها لا علاقة لها بالليبرالية الفكرية، فشتان بين حرية الفكر / العدالة / الكرامة / العلمانية/ حقوق الإنسان التي جاءت مع الليبرالية الفكرية والليبرالية الاقتصادية التي داست على حقوق العمال وحقوق الإنسان ولا تفكر في صحة وكرامة وقيمة الإنسان متبنية شعار : (دعه يعمل دعه يمر) وهو شعار يخدم مصالح رجال الأعمال مثل الرئيس الأمريكي ترامب، إن هذا الأخير لا علاقة له بالعلمانية وبقيم حقوق الإنسان، بل يبقى رجلا مسيحيا محافظا إنجيليا بروتستانتيا كأي مؤمن بأي ديانة لم يستطع أن يخرج من سياجه الوثوقي.
-٣٨
في نظري تلك القائدة (في زمن الحجر الصحي) تدخلت بحزم وفي حدود القانون، هي لم تمنع المواطن من الاستماع إلى القرآن الكريم. بل حثته على تخفيض الصوت في مجال عمومي مشترك بين جميع المواطنين، ولا نجادل في أن القرآن الكريم في تمثل الكثير من المغاربة نص مقدس فيه عزاء وشفاء للناس وهو الحقيقة التي لا غبار عليها، ولكن يبقى الاستماع إلى القرآن مسألة خاصة ولا ينبغي للمواطن الكريم أن يلزم أحدا بذلك، فليس كل الناس بدرجة الورع التي يتحلى بها هذا المواطن المحترم، وقد يكون أحد جيرانه من ثقافة أخرى أو من دين آخر أو غير متدين بالأساس. ومن ثمة عليه أن يستمع إلى القرآن الكريم في بيته وبكثير من التأمل في معاني الآيات القرآنية، فالحرية تتوقف عند بداية حرية الآخر. لكن ثقافة الآخر غير موجودة عندنا بالمرة، لأنها غير موجودة في جميع قنوات التنشئة الاجتماعية، وأذكر بهذه المناسبة أنه في مقرر التربية الفنية الذي درسنا فيه في السنة الرابعة ابتدائي كان يتم رسم الكافر بلون أسود وبلحية شعثاء، بينما المسلم يتم رسمه بلون أبيض وبوجه حسن، أين قيمة الآخر في تربيتنا مع العلم أننا في الكثير من أمور حياتنا مدينون الى الآخر الذي لا ينتمي إلى ديننا في جميع الاختراعات الابتكارات ؟ أليس الفن تعبيرا كونيا عن القيم السامية مثل الحب والتسامح والسلم والقبول بالآخر ؟ لماذا يتم شيطنة الآخر (diaboliser de l autre ) مع العلم أننا حينما كنا صغارا كان يتم تلقيحنا بفضل علم لويس باستور مخترع اللقاح وهو المنتمي الى ثقافة الآخر؟ إضافة الى ذلك نلاحظ أننا نفتقد إلى التمييز بين المجال العمومي والمجال الخصوصي، وفي عمق هابتوسنا* أن جميع المغاربة مسلمون، ولا مشكلة إذا أطلقنا صوتا عاليا لكي نجبرهم على الاستماع إلى القرآن أو الموسيقى ! ربما يهديهم الله ويدخلون إلى دين الله أفواجا أو يرجعون إلى طريق الله بعد غي كان سببا في الكورونا، هكذا يتمثل الكثير من الناس. علينا أن نتمثل دوما أن البشر مختلفون ومتعددون ومغايرون، فما نعتقد به قد لا يعتقد به الآخرون، وتلك حكمة كونية لا محيد عنها، جاء في سورة يونس الآية 99: (ولو شاء ربك لامن من في الأرض كلهم جميعا أ فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين). فلماذا يا ترى نريد من كل البشر أن يكونوا مثلنا ؟
__________
* الهابتوس Habitus: مفهوم بلوره عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو(1930-2002) ويعني به جميع الاستعدادات التي تكون لدى الفرد، وتأتي هذه الاستعدادات انطلاقا مما يستدمجه الفرد خلال عملية التنشئة الاجتماعية، ويقابله بالعربية السمت، أي ما يتسم به الفرد بمعنى ما يتطبع عليه بفعل التربية الحاصلة في قنوات التنشئة الاجتماعية (الأسرة، المدرسة، الإعلام...)
-٣٩

في الصفحة 267 من كتاب (نفي اللاهوت)، ينتقد ميشيل اونفراي بشدة مباركة القس المسيحي الكاثوليكي جورج زابيلكا للطائرة القاذفة اينولا غاي التي دمرت هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية. وما أراد قوله اونفراي هو أن الاعتقاد الديني قد يكون حاجزا بيننا وبين حسنا الإنساني السليم. ولم يستيقظ حس زابيلكا الإنساني إلا في الثمانينات مدعيا أنه تعرض لوهم كبير من قبل الجيش الأمريكي ولم يكن يعرف حجم الخسائر الناجمة عن القصف النووي. وكاعتذار قام زابيلكا برحلة الى أماكن القصف وطلب من أهالي الضحايا الصفح ونظم الكثير من المحاضرات داعيا إلى السلم والمحبة في العالم قبل أن يرحل عن الوجود سنة 1992.
-٤٠
#_افريقيا_الجرح_النازف

أين أصوات أفريقيا الحية ؟ هل أصوات أفريقيا تلاشت ؟ أينك يا أحمد سيكوتوري وكوامي نكرومه وليوبولد سنغور وباتريس لمومومبا ونيلسون منديلا وفرانز فانون وايمي سيزير؟ استيقظوا من قبوركم فأنتم الأحياء بيننا !! أفريقيا حية لا تموت، حية بمثقفيها وثرواتها و أنهارها ومعادنها وبحارها وقبائلها وغاباتها، إنها مهد الإنسان الأول. فلا حياة خارج أفريقيا، ولم تتألم قارة بمثل الألم تكبدته أفريقيا عبر التاريخ، عانت من الاسترقاق الغربي الامبريالي المدعوم من الكنيسة الكاثوليكية والاسترقاق الناجم عن توسع الممالك الإسلامية في ربوع القارة الأفريقية، لقد كانت تجارة الرقيق مسألة عادية في كتب التاريخ، ولم تمنع هذه التجارة إلا في حدود القرن العشرين قانونيا، كان المتعلم يدرس في كتب التاريخ في الفترة الفرعونية أو الايوبية أو الموحدية أو المرابطية أو السعدية تجارة الرقيق دون أن تحرك فيه ساكنا، كأن الأمر طبيعي، وهذا الأمر كان يدفعني إلى التساؤل: كيف يقبل عاقل أن يسترق مسلم مسلما آخر مع العلم أن أفريقيا الغربية كانت مسلمة ومازالت؟ وهناك عديد الآيات دعت إلى تحرير رقبة ؟ واقعيا كانت تجارة الرقيق تجارة مربحة في افريقيا الغربية التي كانت تسمى بالسودان ولذلك فإطاحة المرابطين بمملكة غانا كانت بهدف الرقيق وإسقاط مملكتي مالي وسونغو من قبل أحمد المنصور الذهبي سنة 1591 كانت بهدف الرقيق، علينا أن نعيد النظر في المقررات الدراسية ولكم شعرت بالبهجة لما وجدت ذات يوم نصا في أحد المقررات الدراسية للكاتب الغيني كامارا لاي وهو مقتطف من روايته (الولد الأسود)، لكن هذا لا يكفي لكي ننسج صداقة لا تشيخ مع جذورنا الأفريقية، فكما كانت جزيرة كوري السنغالية ومدينة سانت لويس آخر نقطتين يغادرهما الأفارقة المستعبدون الذين يرحلون إلى أمريكا للعمل في الحقول أو يلقى بهم في البحر، كانت تومبوكتو المالية وغاو ونيامي آخر المدن التي يغادرها الرقيق الأفارقة وهم مساقون الى الاسواق في الممالك الإسلامية. وحتى الجالية الهندية التي كانت تعيش في جنوب أفريقيا اتهمت بالعنصرية ومنهم المهاتما غاندي الذي حطمت تماثيله في عديد الدول الإفريقية ومنها غانا بسبب مواقفه العنصرية من أفريقيا، آن الأوان أن تكون أفريقيا للأفارقة لا لغيرهم. ويمكن العودة إلى رواية (موسم الظل ) للكاتبة الكاميرونية ليونورا ميانو التي كشفت في روايتها عن تجارة الرقيق في افريقيا. والمشكلة لا تعزى إلى الغربي وحده، بل إلى الأفارقة أنفسهم في كثير من الأحيان، من قبض على باتريس لومومومبا وسلمه الى البلجيكيين ومن أطاح بتوماس سنكارا؟ ومن باع الثروات الأفريقية المعدنية إلى الشركات الغربية؟ بلاشك أفارقة قبل أن يكونوا أوروبيين!!
-٤١
تأسست الثورة الفرنسية على مبادئ كونية وإنسانية دون أن تفرق بين الشعوب على أساس اللون/ الدين / العرق. لكن هذه الثورة لم تلغي الاستعمار والتوسع واستعباد الشعوب الأخرى. هذه الثورة استفادت منها الأقليات الرأسمالية البيضاء، والمؤسف أن داخل خطاب حركة الأنوار الذي مجد العقل والعدل والكرامة والحرية، نجد في ثناياه العنصرية، فولتير على سبيل المثال، والذي أعشق روايته (كانديد) باعتبارها مرافعة ضد الطغيان الديني والسياسي، وضع الزنجي في نصوص أخرى في مرتبة تتفوق قليلا على القردة السعادين ووضع الإنسان الأبيض في الأعلى، وبالرغم من النقد القوي لإرث الأنوار من قبل فرانز فانون وايمي سيزير، فإن العنصرية مازالت باقية وتخترق الشرق والغرب. ورغم ذلك سأظل متمسكا بكل ما هو إيجابي وإنساني في خطاب الأنوار. فأي خطاب إلا ويحمل وجوها متناقضة، وعلينا في منطقتنا المغاربية والعربية أن نتمسك بهذا الخطاب لما فيه من أبعاد إيجابية و في الوقت نفسه يجب نقد أبعاده السلبية.
-٤٢
رحم الله شهداء الوطن. ينبغي أن تسجل أسماؤكم بحبر من ذهب وتخلد ذكراكم في كتب التاريخ وفي النصب التذكارية التي يخلد فيها العظماء، وهل من عظمة تفوق عظمتكم؟ حتى يعلم الصغار قبل الكبار والمستقبل قبل الحاضر أن الأمة بلا طبيب أمة معتلة وسقيمة ومريضة تنخرها الأوبئة، وأن الطبيب جندي من جنود الوطن الذي حارب ويحارب الجوائح والأمراض التي تهاجم الأجساد والعقول. فلتحيا ذكراكم في عقول الصغار والكبار والصبر لذويكم.
-٤٣
#_جدلية_الدفن_والحرق

طرح جدل كبير في سيرلانكا، ويتعلق هذا الجدل حول دفن المسلمين المصابين بالكورونا أم حرقهم، في ابريطانيا اعترض ممثلو الديانتين الابراهيميتين، اليهود والمسلمون على حرق المصابين، وبلاشك حتى قبيلة الزولو التي ترقص ابتهاجا قبل دفن موتاها سيزعجها الأمر شأنها في ذلك شأن هنود المكسيك الذين يخرجون موتاهم من قبورهم لإحياء الصلة بهم سنويا، لأن القضية ليست قضية حرق أو دفن وإنما قضية تصور ديني في كليته. فالهنود يحرقون لافناء الجسد كلية وتحرير الروح منه، حتى تظل هذه الروح حية وتنتقل إلى أجسام أخرى سواء إلى أجسام بشر أو نبات أو حيوان، الزرادشتيون الذين لا يدفنون ويضعون أجساد موتاهم في أبراج عالية حتى تطهرها الشمس من الدنس والاثم والخطأ، وتتناولها العقبان والكواسر الجارحة، والأمر كذلك بالنسبة لسكان التبت في وسط آسيا. ولذلك فاعتراض المسلمين واليهود يرجع بالأساس إلى الاعتقاد بالموت، ثم البعث والحياة والنشور من داخل القبور يوم القيامة ، ويقوم بهذه المهمة الملك اسرافيل، جاء في سورة الزمر، الآية 68: ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ )، وكلمة إسرافيل هي كلمة كنعانية آرامية وتعني إرادة الله، ويقابلها في التوراة رفاييل التي تعني بالعبرية: (هو الله يشفي)، ويعتبر رفاييل في السردية اليهودية من الملائكة السبعة الواقفين أمام الرب كما جاء في سفر طوبيا (15-12)، وهو الدواء الشافي للمرضى من المرض أو الموت، وعن البعث والنشور يتحدث سفر اشعيا عن إحياء الموتى والنشور مثلما تحدث القرآن عن قيام الموتى من قبورهم بعد نفخ الملاك اسرافيل في القبور: ( لأني هأنذا خالق سموات جديدة وأرض جديدة فلا تذكر الأولى ولا تخطر على بال) (65-17). ولهذا لا يختلف التصور الديني بين المسلمين واليهود في مسألة البعث، فكلاهما يقران بدفن الموتى بالنظر إلى المرجعيتين الدينيتين اللتان تربطان الدفن بالبعث والنشور. على عكس الهندوس والزرادشتيين الذين ينتمون إلى مرجعية أخرى كما ذكر أكثر من مرة الباحث محمد أركون، فالمسلمون واليهود والمسيحيون متقاربون لاهوتيا أكثر من غيرهم.
-٤٤
رامون لول (Ramon Llull) هو فيلسوف كتالوني، من أسرة ميسورة الحال. أولع بالشعر، ثم انضم إلى رهبنة الفرنسيسكان. انكب على دراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية، كان يتقن اللغة العربية وألف كتابا ضخما باللغة العربية يحمل عنوان: (التأمل في الله) سنة 1273م، سافر من أجل ذلك إلى شمال إفريقية غير مرة، ولقي حتفه هناك. حاضر في باريس، ومر بمونبلييه ومايورقا، وسافر إلى بجاية بالجزائر لمحاورة المسلمين، حاول في مؤلفاته، أن يقيم مقارنة بين الأديان الإبراهيمية الثلاثة، كانت لديه نزعة صوفية عميقة، ولديه منهج رمزي دقيق.وكان من الأوائل الذين فتحوا باب الحوار بين الأديان السماوية. ولم يستمع إلى هذا الكلام إلا المفكر الجزائري محمد أركون في القرن 20 !!
-٤٥
سبب تخلف المسلمين حضاريا وثقافيا حسب أركون: القطيعة مع التاريخ الإسلامي المبدع (الفارابي، الرازي...) والقطيعة أيضا مع الحداثة الأوروبية(الحركة الانسية، الإصلاح الديني، الأنوار، الثورة الصناعية والعلمية ...).
-٤٦
الطبيعة تتمسخر من الإنسان. قالك الإنسان ذات حرة؟ أودي. الكون كبير علينا بزاف وبزاف . نحن أقزام أمام جبروت الطبيعة. وباء ميكروسكوبي يهزم عنجهية الإنسان في زمن الرأسمالية المتوحشة. الطريق طويل وطويل جدا لفهم الكون وعلينا أن نكون متواضعين قليلا. قولة سقراط الحكيم تأتيني في هذه اللحظة: ( كل ما أعرفه هو أنني لا أعرف شيئا ) . يا رجل العلم تواضع قليلا. فالطريق طويل ولا تقل ها قد وصلت. يا رجل الدين تواضع كثيرا. فلا تقل الحقيقة في النصوص التي أؤمن بها. الحقيقة توجد في المختبرات / في المستقبل/ في العقل البشري الجبار.



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في زمن الكورونا (١)
- الشغل بين الحرية والاستلاب
- الشغل بين التحرر والاستلاب
- هل هناك فلسفة أم فلسفات ؟ حوار مع كتاب (ما الفلسفة؟) للمفكر ...
- صندوق العجائب : رواية بصبغة إثنوغرافية
- نحو فلسفة غيرية، إنسانيا وإيكولوجيا
- هزيمة العرب أمام اسرائيل هزيمة ثقافية وتكنولوجية
- عرس في دوار أولاد عزوز
- مهرجانات قروية : رؤية نقدية
- نحو قبائل آيت بوكماز : رحلة محفوفة بالمخاطر
- مدينة الرحمة قبل الرحيل
- عالمة الاجتماع حكيمة لعلا (2): احتجاجات الريف وجرادة تعبر عن ...
- السوسيولوجيا ليست محبوبة في المغرب (1) قراءة في حوار عالمة ا ...
- مناجاة لفراشة تأبى الطيران
- إدغار موران والقضية الفلسطينية: التزام أبدي
- خمس ملاحظات لفهم الهدر الإنساني
- اليسار الأعمى
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (5) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا : الأفق ينفتح
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (4) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - تأملات في زمن الكورونا (٢)