أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - صندوق العجائب : رواية بصبغة إثنوغرافية















المزيد.....

صندوق العجائب : رواية بصبغة إثنوغرافية


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 6442 - 2019 / 12 / 19 - 17:10
المحور: الادب والفن
    


1) استهلال
هل بحق يعتبر أحمد الصفريوي أول روائي في المغرب؟ لم يصب المفكر المغربي بنسالم حميش في كتابه: (الفرنكفونية ومأساة أدبنا الفرنسي، ص 86) حينما قال بأن رواية الزاوية للتهامي الوزاني التي ألفت عام 1945 هي أول رواية معاصرة صدرت بالمغرب، وإنما الصواب هو أن رواية عبد القادر الشاط والتي تحمل عنوان: (فسيفساء باهتة) هي أول رواية صدرت بالمغرب سنة 1932، إن مسألة الأسبقية في التأليف والرواية يتصارع حولها القطبان الفرنكفوني والعروبي في المغرب. وعموما يبقى أحمد الصفريوي هذا الروائي الفرنكفوني علامة فارقة في الرواية المغربية المعاصرة، والمطلع على رواية (صندوق العجائب) يكتشف أنها تحكي عن عالم مهمش ومسكوت عنه وتسيطر عليه الحكايات الشعبية والأسطورية التي حركت مخيال الباحثين الاثنوغرافيين .
2) من هو أحمد الصفريوي يا ترى؟
ولد الروائي أحمد الصفريوي عام 1915 بأحد أحياء المدينة القديمة بفاس، والداه كانا مهاجرين من أصول أمازيغية، درس في الكتاتيب القرآنية، وواصل دراسته بمدرسة فرنسية مغربية، وقد بدأ حياته المهنية كصحافي شاب في جريدة (عمل الشعب)، ثم كقيم على متحف الضحى، ونشر روايته الأولى (سبحة العنبر ) عام 1949 وفاز من خلالها على جائزة المغرب الكبرى في الآداب، بالإضافة إلى رواية (صندوق العجائب) التي كتبها سنة 1954 وترجمها رشيد مرون ضمن إصدارات مجلة الدوحة سنة 2019، ورواية (بيت العبودية) التي كتبها عام 1981. وقد توفي بالرباط عام 2004. وفي إطار اشتغالي على رواية (صندوق العجائب) سوف أثير بعض القضايا التي لفتتني في متون هذا العمل الأدبي:
3) طفل وحيد
يذهب أحمد الصفريوي في رواية صندوق العجائب نحو الطفولة البعيدة، إنه يتحدث بلسان طفل اسمه سيدي محمد الذي يحكي عن عزلته ووحدته ويعاني من الأرق، هذا الطفل ذو ست سنوات ينصب فخا للدوري، إلا أن هذا الأخير لم يأت أبدا، كما يصور حمير الحمالين الذين يجتازون أزقة المدينة القديمة بفاس (ص 13). لقد كان الطفل حالما وكان يمثل العالم بالنسبة له عالما عجائبيا مليئا بالعفاريت والساحرات، كما كان يحب الاستكشاف لا التقليد مثلما كان يعمل أترابه الذين كانوا يقلدون آباءهم أو الفقيه (ص16).
4) العرافة : المرأة العجيبة
يتحدث أحمد الصفريوي عن عرافة كانت تقطن في الحارة التي كان يسكن فيها، وبالضبط في الطابق السفلي لنفس المنزل الذي قطن فيه، كانت تمارس بعض أعمال الشعوذة وتستضيف شهريا حفلة للموسيقى وكانت أصوات الطبول تمنع الطفل محمد من النوم. بالإضافة إلى رائحة البخور التي كانت تنفذ إلى خياشيمه، كما كان يشعر بالخوف من العفاريت السود من الجن الذي تستدعيه العرافة رفقة جلسائها بهياج يقارب الهذيان (ص14) .
5) الدخول إلى الجنة يكون بالموت أولا
بنفس وجودي يتحدث أحمد الصفريوي بلسان الطفل سيدي محمد، ويقول: «لندخل الجنة علينا أن نموت أولا» (ص16) إن الوالد أخبره بأن الموت هو الطريق نحو الجنة، ومن ثمة البعث بالقرب من نهر السلسبيل، ولكن عليه أن ينتظر، فالانتظار هو الوجود، والملفت أن الموت لا يخيف الطفل سيدي محمد وكان يقضي اليوم تلو الآخر بشكل عادي، وبقي هاجسه هو الوصول إلى سن العاشرة والتجول وحيدا في كل الحارة وتجاذب أطراف الحديث مع الباعة وكتابة اسمه وزيارة العرافة لقراءة طالعه. (ص17)
6) الحمام النسائي: الشعور بالقلق
يحكي سيدي محمد عن شعوره بالضيق حينما كان يتخطى عتبة الحمام النسائي رفقة أمه، لقد كان يشعر بالخطيئة وهو عائم وسط زحمة الظلام والبخار والحرارة المفرطة والزحام (ص 18، 19) .
7) ما هو صندوق العجائب ؟
إن هذا الصندوق هو مجموعة من الأشياء المتباينة والواقعية امتلكت لسيدي محمد وحده معنى معروفا: كرات من زجاج، وحلقات من نحاس، وقفل صغير دون مفتاح ومسامير مذهبة الرؤوس ومحابر فارغة، كما كانت له علاقة مع أمراء شجعان وعمالقة طيبي القلوب، إلا أن هؤلاء جميعا يوجدون في الخيال على عكس الأزرار والمسامير. (ص20)
8) النميمة والعراك بين النسوة
بين أحمد الصفريوي بأن الحمام هو فضاء عمومي تمارس فيه النسوة النميمة والتقاط الأخبار والمعلومات ( ص 20،21) كما وصف الصراع بين والدته وجارتها رحمة حول من يصبن و ينشر الملابس في فناء المنزل.
9) قسوة الفقيه
كان الراوي سيدي محمد يدرس في الكتاب القرآني، وكان يخاف من الفقيه، ويعاني من الألم الجسدي بسبب ضربات عصا السفرجل ( ص25). لكن بمناسبة احتفالات عاشوراء كان الفقيه مبتسما وأكثر وداعة ورحمة . (ص69).
10) زيارة الأولياء: الذهاب إلى ضريح سيدي علي بوغالب
كانت والدة سيدي محمد والتي تسمى بلالة زبيدة تعاني من آلام جسدية وروحية، فنصحتها صديقتها لالة عائشة بالذهاب إلى أحد الفقهاء الذي يجترح المعجزات بفضل تعاويذه وتمائمه المجربة. إلا أن الثلاثة ذهبوا (سيدي محمد، أمه لالة زبيدة، وصديقتها لالة عائشة) إلى ضريح سيدي علي بوغالب. كان الضريح مغطى بالقرميط الأخضر، ناولته أمه كأس ماء طالبة منه شربه، ثم بللت وجهه وهي تتلو بعض الأدعية، وشرعت في طلب العون من الضريح داعية على أعدائها، وهنأتها المسؤولة على الضريح على ورعها، وفي الأخير أخرجت نقودا وسلمتها إلى المرأة المشرفة على الولي بوغالب (ص 31).
11) إطعام المساكين
نظمت رحمة جارة عائلة سيدى محمد حفلا لإطعام الفقراء والمتسولين بعد أن عثرت على ابنتها المختفية زينب . (ص 50)
12) نكران الديون
في الصفحة 61 من الرواية، يتحدث أحمد الصفريوي كيف أن عبد القادر الذي لم يكن يملك حتى قميص تنكر لدين مشغله مولاي العربي الذي كان يطعمه ومنحه عملا وخطب له امرأة وأقرضه مالا، ثم تنكر له في النهاية.
13) هل الأطفال متمركزون حول ذواتهم بطبعهم ؟
في الصفحة 46 لم يتألم سيدي محمد لاختفاء زينب، وفي الصفحة 63 يصف زينب بالساذجة لأنها تلعب مع القطط وتطعمها العسل والسمن، بينما هو يملك صندوق العجائب الرائعة الخاصة به التي تهرب به من هذا العالم المزعج المليء بالباشوات والمحتسبين والتجار المتصارعين. لقد كان لسيدي محمد رفاق خياليون: فرسان وأمراء عادلون. فهل سيدي محمد الطفل متمركز حول ذاته؟
14) طقس الموت: مصير الإنسان هو الفناء
يتحدث أحمد الصفريوي عن موت الحلاق محمد بن الطاهر، والملاحظ في المأتم المغربي، أنه يتم التعبير عن الحزن من خلال النشيج والنحيب، بالإضافة إلى ضرب الصدور والتأوه بمرارة، ناهيك عن النواح الجماعي، كما يتم استحضار بركة الأولياء والصلحاء والتشفع بالنبي الكريم (ص74،75). وخلصت النسوة من خلال هذا الموت : أن كل من على الأرض سيفنى، وعاجلا أم آجلا يأتي الدور على الإنسان ليغادر إلى دار البقاء. (ص 76). إلا أن سيدي محمد جاءت نوبة الحمى وظل يصرخ: أرفض أن أموت. وهنا أطرح السؤال التالي : لماذا يرفض الإنسان الموت؟



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو فلسفة غيرية، إنسانيا وإيكولوجيا
- هزيمة العرب أمام اسرائيل هزيمة ثقافية وتكنولوجية
- عرس في دوار أولاد عزوز
- مهرجانات قروية : رؤية نقدية
- نحو قبائل آيت بوكماز : رحلة محفوفة بالمخاطر
- مدينة الرحمة قبل الرحيل
- عالمة الاجتماع حكيمة لعلا (2): احتجاجات الريف وجرادة تعبر عن ...
- السوسيولوجيا ليست محبوبة في المغرب (1) قراءة في حوار عالمة ا ...
- مناجاة لفراشة تأبى الطيران
- إدغار موران والقضية الفلسطينية: التزام أبدي
- خمس ملاحظات لفهم الهدر الإنساني
- اليسار الأعمى
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (5) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا : الأفق ينفتح
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (4) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (3) قراءة في كتاب التخلف الاجتماع ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (2) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (1) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- وضعية الأقليات الدينية وغير الدينية بالعالمين المغاربي والعر ...
- ليس كل تجاور تجاورا


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - صندوق العجائب : رواية بصبغة إثنوغرافية