أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح9















المزيد.....

رواية (حساء الوطواط) ح9


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6528 - 2020 / 4 / 4 - 11:12
المحور: الادب والفن
    


ليس هناك أسوأ من الموت... قال لها صلاح خدمة وهو يحذرها من ما تفكر به، لا يعرف تحديدا ما هو لا يدري كثيرا عمل يختلج في صدرها ويدور في عقلها، لكنه يكره الموت بأي شكل حتى لأعدائه، دعيهم السماء هي من تقتلهم .. دعيهم أرجوك وأكملي مشوارك يا سيدتي...ردت ببرود غير معهود أنا لا أقتل أحد ولكن إذا سألني الموت عنهم سأكون في غاية السرور أن أكون دليله الآمين عليهم، أنا مثلك ضحية قتل... أبي مات مقتولا... أمي قتلتها الحسرة والخوف... زوجي مات مقتولا لأطماعهم ... أما روحي يا لعنة الله على من قتلها ويقتلها يوميا... صلاح صديقي أنا امرأة بجسد حي وروح تموت في كل لحظة بمشهد مختلف... جربت جميع أنواع القتل.... ورأيت أصناف الموت كلها ... فليس هناك أبدا أبسط من الموت عندي ولكن... لن أدعهم بعد اليوم أن يقتلوني بمزاجهم.
كل ما أفكر به وأنا أرى هؤلاء الشباب يذبحون ويقتلون على مرأى ومسمع الدولة أتذكر أبي وأمي وسلام وألف جيل مر على هذه الأرض، تعرف لماذا يقتل الإنسان أخاه الإنسان... بالتأكيد ستقول أن الإنسان في طبعه أن يكون قاتل أو ضحية.. لا يا صديقي ليس الإنسان هو من يقتل ولكن ما أجزم به أن الشيطان حين يريد أن يغيض الله يتسلل إلى عقل البشر فيرسم لهم الجنة وطريقها، فيقول لهم أن الله يحب أن تفعلوا ما أريد، قال صلاح... فلسفة جديدة، قالت لا واقع حال ... قال إذا كان ثمن تذكرة الدخول إلى الجنة قتل إنسان فما قيمة تذكرة الدخول إلى الجحيم؟... اسأل من يحمل الموت ليوزعه على الناس مثل هدايا العيد.
على كل حال أنا لا أحب الموت ولا أريد اللعب معه مرة ثانية يكفي أنه كلما أقترب مني فقدت عزيزا، هذا هو ما أظنه كل ما يجيده معي... سوف أكون خارج ملعبه هذه المرة ولكن تبقى حسرة في قلبي أنني أتمكن من رقبته لمرة واحدة لأبعثه هدية للبعض... هدية غير محببة ولكنها خياري الوحيد.... دعنا من هذا الحديث ما أخبار الوطواط تأخرت كثير في تلبية طلب صغير... وهل تظنين أن هذا الطلب ممكن الآن الناس تخشى حتى من أسمه وأنت تريدين القبض عليه؟ ومع ذلك ما زلت أحاول فقط لو أعرف ما غايتك فيه؟ لا عليك من غايتي إنه علاج فقط لا أكثر... قد أكون كاذبة من وجهة نظرك ولكن هي الحقيقة كاملة بلا رتوش.... علاج لحالة تأخرت وتقدمت كثيرا لا بد لي من مواجهتها الآن... سأحاول.
من يومين بدأت ميمي تراقب المكان جيدا وأتضح أن يومي الأثنين والخميس من كل أسبوع هو موعد ذهاب رضاب وبسيارة مختلفة في كل مرة إلى المخزن، هذه المرة سجلت المشهد كاملا من خروجها من مكتب جورج وصعودها في السيارة ومن ثم الألتفاف خلف البناية وفتح المخزن، ليس أكثر من دقائق يخرج صندوق من المخزن وضع في المقعد الخلفي ثم تنطلق السيارة بسرعة، هناك ثلاثة أشخاص تكرر وجودهم في المكان الزمان ذاته، هم ليسوا بالغرباء عنه فكثيرا ما تشاهدهم قرب المكتب أو في دائرته، لكن تجمعهم في هذا الوقت هو الغريب، وأيضا الغريب أن جورج يخرج تماما بعد ذهاب السيارة بوقت لا يزيد عن الخمس دقائق في كل مرة... أحداث متكررة.
صار الامر واضحا ولا شك فيه أن هناك أمرأ ما يربط بين مكتب الكنغ وبين المخزن طالما أنهما تقريبا لشخصين تجمعهما مصالح وصداقات، الكنغ والحجي وثالثهما الشيطان ورابعهما رضاب خلطة متجانسة قد تحتاج إلى خامس ليكون القلب، الجهات الأربعة لا تعمل إلا إذا كان لها مركز ونواة تتحكم، تذكرت أنه طلب منها اليوم أن تعد عشاء بأفخر مما تستطيع يدها المفتونة بالإبداع ..... سيكون هناك ما يسر، ليس هناك ما يسر سيد جورج حتى أرى الظلم وخياله وسطوته تكنس من كل شوارع وطني..... كان عليها فقط أن تشتري بعض المستلزمات فكل شيء موجود ومخزن، كما يقول جورج (بيت السبع لا يخلو من العظام).
الآن إحساس عام بما يشبه شبه فزع يسود في شوارع بغداد من ظهور حالات الإصابة بالكورونا، وأصبح مشاهدة الناس تتوقى الإصابة بالكمامات والمطهرات أمرأ مألوفا خاصة مع تزايد الأرقام المرعبة ليس في العراق وحده بل في العالم، الصين إيران الخليج وحتى دول لم يتوقع أحد أن يصلها الوباء بهذه السرعة، هل لعب أحد في إعدادات العالم الأفتراضية مما جعل الكل في دائرة الخطر، حتى أن الكثير ممن تأثرت أعمالهم أو توقفت بسببه أصبح خيار التجوال والأختلاط أمرا غير مرغوب به، حتى أنها تتردد في كل مرة بين الذهاب إلى ساحة التحرير لتسجل ولو حضورا رمزيا أو العودة للشقة، أخترت أن يكون ذهابها بين ليلة وليلة والعودة سريعا حتى لا تدع أي فرصة ممكنة لإصابتها فهي تخشى الرحيل قبل أن تؤدي دورها في اللعبة الحاسمة، لعبة هدية الموت.
أتصل الكنغ قبل وصول الضيف بدقائق مستفسرا عن جاهزية الحال، ردت بكل برود نعم كل شيء جاهز ولا يعوزنا سوى رؤية هلال العيد، ظن للحظة أن ما يخبئه من أمر قد كشفته بطريقة ما فقال... وهل تعرفين أن الهلال سيشرق هذه الليلة، أيا كان فما دام ضيفك فهو هلال عيد لأننا في العادة لا يزورنا احد إلا في الشهر أو الشهرين مرة، هاو هو موعد هلال جديد أيا كان أهلا وسهلا به.
خمنت ميمي أن الضيف القادم لا بد أنه الحجي من خلال حديث الكنغ وتلميحاته فهو غير معتاد على ذلك إلا إذا هناك سبب ما، لم تتوقع أي شخص أخر يمكن أن يكون... فدائرة معارفه المغلقة ضيقة جدا أما شلة الاصحاب ورواد المكتب فهم على الأكثر بالنسبة إلى جورج مجرد إكمال فرض وتسلية وقضاء وقت وقتل الملل من رتابة العمل، يعرف عنه عند أكثر الناس صاحب نكتة لا يتورع في إلقاء ما يأت في باله حتى لو كانت هناك محاذير أجتماعية أو وجود نساء في لحظتها، لذا كثير ما عرف عنه أيضا (بجورج الفطير) أما لبلاهته هذه أو كونه بعيدا عن ل التعقيدات التي ترافق عمله أو مثل موقعه التجاري، الصرافون عادة ما يميلوا للحزم والجدية وغالبا العبوس المبالغ به لأن عقولهم تهتم بلغة الأرقام ولا غيرها.
كل شيء جاهز ومتقن وحتى مبالغ به من جهة الترتيب وإناقة التقديم، جلس جورج وضيفه بعد الترحيب المعتاد، يبدو الحجي سعيدا وغير متجهم كما المرات السابقة وأيضا شياكة منظره لا تدل على أن الزيارة عادية، تلاحق نظراته ميمي بشكل غريب وكأنه يراها لأول مرة، لم تتحسس ميمي من ذلك فهي قد حدست وكان حدسها مصيبا هذه المرة أن جورج يعرضها للمزاد العلني بعد أن صرح بذلك من قبل، لكن الغريب في الأمر ما كان من قلق الكنغ من خطر تقلباتها المزاجية في الأيام القليلة الماضية، يعرف أن ميمي أحيانا تتصرف بحذاقة وأحيانا يراها مجرد نزوة إنفعالية سرعان ما تهدأ لتعود تلك الرقيقة المتواضعة حد اللعنة.
بدأت بصف الأطباق الشهية ورائحة الطعام تغري والمنظر يدعوك جبرا للمباشرة دون أنتظار، هذا ديدن الكنغ شره في كل شيء ولا يحسب للعرف أي أعتبار، عبارتها الشهيرة (يمري حيث يسري) قالتها وحاولت الإنصراف لأنها تعرف أن كلام العمل وشؤون مشتركة بينهما ستفتح على المائدة، طلب الحجي أن تشارك معهما على المائدة وبرجاء لا يقبل الأعتذار... طيب ضيفنا العزيز إكرام الضيف أن ترضيه وتخدمه حتى يخرج من الدار، ولي رجاء أخر سيدتي أن ترفعي حاجز الرسميات بيننا هناك ما هو أكثر من مجرد الضيافة، وهل للضيف أكثر من ذلك.. أجابته... نعم .. لي عليك حق القرب.
نظرت نظرة تساؤل في عيني الكنغ الذي أستدرك الحوار وقال... الحاج يطلب القرب وفقا لما ترتضيه.. أنت.. قال ولك الحق كاملا أن تجيبي أو تمتنعي فهو قرارك أولا وأخيرا... أطرقت قليلا تبحث عن جواب... ربما السكوت علامة الرضا قالها الضيف.. قالت وربما أيضا عجزا عن الإجابة... أنا هنا لست في محل عرض ولا بضاعة تباع وتشترى ... فكل ما في الأمر أن من يطلب القرب عليه أن يعرف أولا هل المطلوب جاهز نفسيا للارتباط أو عدم وجود مانع ولو نفسي، أنا أعرف أنك متزوج ولديك عائلة وزوجة تنتظر رجوعك إليها، قد لا تختلف شيئا عني وقد تكون الأفضل مني ولا يمكن أن أزاحم أحد لأني أعرف قيمة المشاعر، بادر سريعا ولكن الشرع أجاز لي ما لم يجزه إلا لسبب وعلة وواحدة من هذه الأسباب والعلل أننا بحاجة لمن يمنحك وجودا أخر... لا أظن هذا سببا كافيا مع العلم أني لا أمانع لو كان الأمر فيه جدية وعلنية وأصول تراعى.
إذا لا شيء يمنع طالما أنكما على وضوح الرجل يقبل بك زوجة في وضع مؤقت لحين تدبر أمرك، أو لربما يحدث ما لا تتوقعانه أو تنتظرانه، فكلاكما راغب على ما أرى أما أنا فسيكون محلي خاليا من الإعراب، أنهوا كل شيء هذه الليلة ولتبارككم ربة التوفيق... مهلا يا جورج لا تذهب بعيدا في أحلامك... لا بد أن يعرف الرجل كل شيء وأي شيء ومن حقي أنا أعرف أيضا كل شيء وأي شيء... إنها علاقة محترمة يجب الحفاظ عليها من كل شائبة، يا سيدي الخاطب أنا منذ سنوات أعيش مع الكنغ لا أنا زوجة ولا أنا خادمة ولا عشيقة... مجرد امرأة بلا مستقبل تبحث عن أمان، وهو يملك كل ما أحتاجه إلا أن يعترف لي مرة واحدة عما أكون أنا لديه... هل توافق أن تكون .....؟......
نفض يده من الطعام وقام شبيه بحيوان مفترش فشل في النيل من فريسته رغما عنه، عيون الكنغ يتطاير الشرر منها لا يعرف كيف يتصرف في معرض الرد على كلامها، توتر الموقف سريعا خاصة بعد أن أتصل الرجل بجماعته ليتهيؤوا للمغادرة.. ما أبرد أعصاب ميمي والبركان يثور من حولها... خرج الرجل بصحبة مضيفه وشعرت بنفسها أنها أصابت كليهما في مقتل... شعور عالي بالسعادة مصحوب بخوف من هيجان ثورة جورج ضدها، تعرف أنه الثور الجريح الآن قد يبطش بها أو يتصرف بهمجية معتادة.... باب الشقة يفتح مرة أخرى وقد تبدل وجهه بشكل لا يصدق وعلت أبتسامة خبيثة منه .... الرجل وافق على ما قلتي ويريد إكمال الأمر للنهاية.....عجبي... قالت.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ساهم الإعلام الفوضوي في نشر وباء الكورونا؟
- رواية (حساء الوطواط) ح8
- رواية (حساء الوطواط) ح7
- رواية (حساء الوطواط) ح6
- رواية (حساء الوطواط) ح5
- رواية (حساء الوطواط) ح4
- رواية (حساء الوطواط) ح3
- رواية (حساء الوطواط) ح2
- رواية (حساء الوطواط) ح1
- عالم ما بعد الكورنالية الراهنة. تحولات كبرى وأزمات متجددة.
- العراق .... بعين العاصفة.ح2
- العراق .... بعين العاصفة.ح1
- حسابات الوهم وحسابات الدم
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح11
- كتابات يتيمة قبل الرحيل
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح10
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح9
- بيان المعتزلة الجدد ج2
- بيان المعتزلة الجدد ج1
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح8


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح9