أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير زين العابدين - القوة الناعمة المصرية (2)














المزيد.....

القوة الناعمة المصرية (2)


سمير زين العابدين
(Sameer Zain-elabideen)


الحوار المتمدن-العدد: 6464 - 2020 / 1 / 13 - 19:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كما أسلفت في المقال السابق فإن القوة الناعمة المصرية برزت في عشرينات القرن الماضي ووصلت الي أوج توهجها في الخمسينات والستينات، ثم شهدت السبعينات بداية أفول هذه القوة.

كان من أهم أسباب تراجعها هو مجيء السادات برؤية مختلفة لتوجهات السياسة الخارجية، مغايرة تماما لرؤية عبد الناصر الذي كان تركيزه علي أن الإنتماء الأول لمصر هو الدائرة العربية، أما السادات فقد ركز علي أن تكون السياسة الخارجية سياسة مصرية خالصة، مكررا دائما أننا أصحاب حضارة سبعة آلاف سنة، متوجها في اتجاه أمريكا، ومتجاهلا البعد القومي العروبي الذي يجب أن يمثل ظهيرا قويا للسياسة المصرية بفعل مقتضيات إختلاف العصر.

تزامن مع ذلك تراجع القوة الصلبة المصرية (السياسية والإقتصادية والعسكرية والدبلوماسية) بعد نكسة 67، وبعد وفاة عبد الناصر، وسادت سياسات تتسم بعدم الشفافية، وانتشر الفساد، وتراجع الإهتمام بنشر القيم والثقافات والنموذج المصري علي المستويات العربية والإفريقية والإسلامية، وصل الي ذروته بعد زيارة السادات الي إسرائيل، وتوقيع اتفاق السلام، والتبعية للسياسة الأمريكية، وقطع العلاقات العربية، وأصبحت مصر في جزيرة منفصلة تصارع الأمواج وحدها.

هكذا فقدت السياسة والدبلوماسية المصرية جاذبيتها، واختلت منظومة القيم المصرية وفقدت هي الأخري جاذبيتها علي المستوي العربي، وساعد علي ذلك توالي انفجار بؤر الصراع في الوطن العربي في ظل سلبية الدور المصري وعدم فعاليته ( الحرب العراقية الإيرانية واحتلال بيروت والحرب الأهلية في السودان وأخيرا غزو صدام للكويت ثم حرب الخليج الثانية) ما أدي الي دخول التخالف الدولي بقيادة أمريكا وانتشاره في المنطقة ومن وقتها لم يخرج، وفقدت مصر الي غير رجعة دورها المؤثر في الدائرة العربية وخاصة في دول الخليج العربي.

علي نفس المنوال تراجعت جاذبية الثقافة المصرية، بفعل التحول السياسي والإقتصادي في عصري السادات ومبارك، وتطبيق ما سمي بسياسة الإنفتاح، التي حولت الأمور الي مكسب وخسارة، واختلفت التوجهات الإجتماعية كليّة، وانسحبت الدوائر الرسمية تدريجيا من الأنشطة الثقافية، ومن ثم حل محلها الطبقات الرأسمالية الطفيلية الجاهلة، لتحول الثقافة الي (بيزنس) وليست رسالة أو خدمة عامة كما يجب أن تكون.

لم تكتفي الدولة برفع يدها عن الأنشطة الثقافية والفكرية بل بدأت في معاداة كل ما هو ثقافي وفكري حقيقي، ووصل الأمر لسجن بعض الكتاب والصحفيين والمبدعين، ومع سيطرة رؤوس الأموال الطفيلية، هاجر عدد من المبدعين ليجدوا أسواقا تقدر إبداعهم، مثل الكويت وأبو ظبي وعمّان وغيرهم، وساهموا في بناء نهضة إبداعية فكرية وثقافية في هذه البلدان، وتخلت مصر عن دورها الرائد في نشر العلوم والآداب لصالح المكتبات ودور النشر في دبي والدوحة والرباط وتونس وبيروت والرباط.

انحدر المستوي الفني للسينما والمسرح في مصر، ووصلت الي حد الإبتذال (أفلام الثمانينات)، وتراجع الإعلام المصري وأصبح غير قادر علي مواجهة مواد الإعلام الخبرية والدرامية والبرامج والفعاليات الفنية والثقافية الوليدة، في كل من السعودية ولبنان وسوريا وحتي تركيا وإيران، وتحول التليفزيون الرسمي الي مضحكة، في ظل تراجع التقنيات الحديثة المستخدمة، وهبوط مستوي العاملين، وهجرة الكفاءات الي القنوات الخاصة والتليفزيونات العربية والأجنبية، كما تراجع اللإنتاج الأدبي والمعرفي في ظل تضييق الخناق الأمني عليه، وسطوة الرقابة.

صاحب ذلك التدهور، وكان أحد أهم عوامله، الغزو الديني الوهابي علي يد الجماعات السلفية والأخوان المسلمين، فانتشرت البرامج والقنوات الخاصة والمكتبات والتسجيلات الدينية بكثافة شديدة، بكل ما تحمله من كراهية وازدراء للفنون والثقافة، مدعمة وممولة بأموال محلية وأجنبية، لتكون في متناول القادر وغير القادر، هادفة الي تغيير المزاج المصري، وصرفه عن الفنون والترفيه، وقد نجحت في ذلك الي حد بعيد.

ان السبب الجوهري في تراجع القوة الناعمة المصرية يعود في المقام الأول الي تغيّر السياسات العامة والإقتصادية، ومنظومة القيم الإجتماعية، وتراجع قيمة العلم والتعليم منذ السبعينات، في ظل غياب هدف قومي استراتيجي يلتف حوله الشعب، يهدف الي الإرتقاء الإجتماعي، وأصبحت قيمة المواطن تحسب بما يملك من المال وليس بما يتمتع به من علم وثقافة.
وللحديث بقية.



#سمير_زين_العابدين (هاشتاغ)       Sameer_Zain-elabideen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوة الناعمة المصرية
- ماذا يريد أردوغان؟
- ثغرة الدفرسوار
- دور ومهام المدفعية المصرية في حرب أكتوبر
- الرؤية المنفردة
- المؤامرة الكبري
- يدنين جلابيبهن
- نعم الحجاب فرض، ولكن أي حجاب؟
- الدور الغائب للمواطن
- الترجمة العربية لمقال عالم الآثار الإسرائيلي زئيف هيرتزوج (أ ...
- خطر السلفيّة والمتسلفين
- الخدعة الفرعونية
- الطائفية في الإسلام والمسيحية 2
- الطائفية في الإسلام والمسيحية
- الولاء والبراء والمواطنة
- الإعتقاد وإعمال العقل
- الإنسداد السياسي
- التقرير النهائي للجنة التحقيق وتقصي الحقائق بشأن الأحداث الت ...
- لا سلطة دينية للدولة
- قراءة في تطورات الموقف الدولي والإقليمي


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير زين العابدين - القوة الناعمة المصرية (2)