أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير زين العابدين - الولاء والبراء والمواطنة














المزيد.....

الولاء والبراء والمواطنة


سمير زين العابدين
(Sameer Zain-elabideen)


الحوار المتمدن-العدد: 6244 - 2019 / 5 / 29 - 06:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مجتمع البداوة القبلي، حيث لا وطن ولا مواطنة، وحيث القبيلة هي المجتمع الأكبر، الحاضن لكل أفراده، في مواجهة قبائل (مجتمعات) أخري، كان ضروريا أن ينحصر الولاء للقبيلة، حيث تتركز آليات التعاون في كافة مجالات الحياة، وحيث يجد الفرد الحماية اللازمة لحياته واستمرارها.

وفي زمن الرسالة، كان من المفهوم أن يجري العمل علي سلخ الفرد من قبيلته ومجتمعه، لضمه الي المجتمع الناشيء الجديد بآليات وقواعد خاصة تتصف بالدينية، ولكنها في مجملها لا تختلف كثيرا عن آليات وقواعد القبائل الأخري، فالتراث والخبرات والثقافات واحدة.

وبدلا من تسميات القبائل المتعارف عليها كقريش وخزاعة وكنانة ومضر ... صار المجتمع الجديد يدعو نفسه بالمؤمنين، ويصف الآخرين بالكفرة والمشركين، وحيث أن المؤمنين جميعا كان لهم إنتماءاتهم السابقة فكان ضروريا كسر هذا الإنتماء، ورفعه الي إنتماء أكبر هو المجتمع المسلم.

ولهذا استحدثت قواعد الولاء والبراء، الولاء أو قل المحبة والإنتماء للمجتمع المؤمن الجديد، والبراء أو التبرؤ أو قل الكراهية لكل ما هو خارج هذا المجتمع الناشيء، والمتمثل في المشركين والكفار وكل الذين لم يعلنوا إيمانهم، ولم ينضووا بعد تحت راية النبي وتابعيه من المؤمنين.

هذه الوحدة المجتمعية الجديدة بأعدادها المحدودة في مكة، لم تلبث أن إنتقلت الي المدينة، بقبائلها الأكثر عددا وتنوعا، وأبرمت المصادقات والمعاهدات، لتحقيق تعايش مقبول في ظل تعددية دينية وعرقية، ولم تلبث أن تحولت الي وحدة سياسية، يرأسها النبي، تتموطن في بقعة محددة تشكل وطنا جديدا، وكان المفروض هنا أن ينتقل الولاء من هذه الجماعة الصغيرة، جماعة المؤمنين، الي الوحدة السياسية الجديدة بكل تعدداتها في الوطن الجديد، ولم يحدث، خاصة مع بدء الحروب الإسلامية التي يشنها المؤمنون، وبدء توسع الدولة الوليدة بصيغتها الدينية، علي حساب القبائل المحيطة، فبقيت قواعد الولاء والبراء، حافزا معنويا هاما، يشحذ الهمم ويوفر أسبابا للقتال، قد لا تبدو واقعية بدونه.

أن قواعد الولاء والبراء، بكل نصوصها المقدسة، قد نعذر وجودها، في مراحل نشأة المجتمع الجديد، وتوسعه علي الأسس الدينية في شكلها الأولي. أمّا وقد صارت دولة كبيرة، تحوي عناصر ومجتمعات أخري غير إسلامية، فاستقامة الأمور كانت تحتم أن ينتقل الولاء الي الوطن الأكبر، حيث الدولة الجديدة بكل تنوعاتها، درءا للفرقة والإنقسام والإحتراب الداخلي، أو بمعني آخر، كان المحتم أن يعم مبدأ المواطنة بحقوق وواجبات متساوية، في وطن يظل الجميع، وينضوي تحته كل مواطنيه، حتي يطلق عليها لفظ دولة حتي لو كانت إسلامية!

استغل الفقهاء والمفسرون والحكام أيضا الولاء والبراء أسوأ إستغلال، وحولوها من قواعد مجتمعية الي عقيدة إيمانية، ومن خلاله أكثروا من بث سموم الكراهية والبغض للآخر، مستندين علي نصوص صاحبت بداية الرسالة، وتوسع هؤلاء المتعصبين المتشنجين في تأويلها وشرحها لتزداد شرا وتعقيدا، وتلقفها عدد من المرضي النفسيين، المهووسين دينيا، فارضي وصايتهم علي الناس بغير حق، فأتخذوا من التأويلات نصوصا مقدسة بعد أن نقلوا القداسة الي المؤولين، ليزيدوا النار إشتعالا.

بعد أربعة عشرقرنا يعيدون تقسيم المجتمع الي مؤمنين وكفار، وعملا بعقيدة الولاء والبراء ينثرون البغض والكراهية فيصورون موالاة الكفار بأمور ينهون المؤمنين إتيانها منها :
التشبه بهم في اللباس والكلام .
التسمي بأسمائهم.
إتخاذهم بطانة ومستشارين .
السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس.
الإقامة في بلادهم ، وعدم الانتقال منها إلا بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين .
التأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي .
مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها .
مدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون النظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد .
الإستغفار لهم والترحم عليهم.

هذا بعض من كمّ البلاء الكامن في الولاء والبراء، لقد كان لهم في العهدة العمرية نموذجا ومثلا، عندما أرسل الي مسيحيي الشام شروطه للتصالح ووقف نزيف دمائهم فحوت من المهانة والمذلة:
الا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب
ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم
ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين،
ولا يعلّموا أولادهم القرآن
ولا يُظهِروا شِركاً
ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا
وأن يوقّروا المسلمين
وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس
ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم
ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً
ولا يبيعوا الخمور
وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم
ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين
ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم
ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين
ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يَظهِروا النيران معهم
ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين.
فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.

في النهاية أتوجه الي فاقدي عقولهم المنادين بالدولة الإسلامية، المناهضين للمواطنة والدولة العلمانية الحديثة، ماذا لو طبقت الدول الأجنبية ذات الأغلبية المسيحية، شروطا كهذه علي الأقليات المسلمة الموجودة لديها؟
أعلم أن إجاباتكم لن تخرج عن تجهيلي وتكفيري وقد تصل الي أكثر من ذلك.



#سمير_زين_العابدين (هاشتاغ)       Sameer_Zain-elabideen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعتقاد وإعمال العقل
- الإنسداد السياسي
- التقرير النهائي للجنة التحقيق وتقصي الحقائق بشأن الأحداث الت ...
- لا سلطة دينية للدولة
- قراءة في تطورات الموقف الدولي والإقليمي
- استوصوا ...
- المهمة المتعذرة للأزهر
- حقيقة الدور السعودي في المنطقة
- تاريخ السياسة السعودية مع مصر
- الدولة ونظام الحكم والإصلاح
- هل حقا لا كهنوت في الإسلام؟
- أي استنارة وأي وسطية في الأزهر؟
- الإسلام السياسي
- الفجوة بين الأديان والعلم تزداد إتساعا
- المعركة الخاسرة للأساطير
- الحب.. خطأ لغوي
- المشروع القومي وليس البطل القومي
- بالعقل يا فضيلة الإمام
- الدولة ونظام الحكم والإصلاح مفاهيم تحتاج للتدقيق
- جمهورية مصر المصرية


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير زين العابدين - الولاء والبراء والمواطنة