أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم يونس الزريعي - العنف...بين السلوك الغريزي والثقافة المكتسبة















المزيد.....

العنف...بين السلوك الغريزي والثقافة المكتسبة


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 6463 - 2020 / 1 / 12 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هي صادمة بكل المعايير الدينية والإنسانية والأخلاقية تلك المشاهد الدموية المروعة التي تعرضها بعض الجماعات المتشددة عبر وسائل الإعلام، ترويجا لما تعتبره "صحيح" فكرها، ولأنها كذلك فإننا نعتقد أنه لا يمكن لمن يمتلك حدا أدنى من الإحساس الآدمي كونه إنسانا، إلا أن يخجل كإنسان؛ من هذا المنحى الدموي الذي تتبناه هذه المجموعات، تنفيذا لما يحملونه من تفسير فكري تعسفي للنص الديني، يقوم على تكفير الآخر مقدمة إلى نفيه ماديا، لمجرد أن وهمهم صور لهم أن هذا الآخر مناقض لهم.
ضد الإنسانية
وإذا كانت هذه المشاهد الوحشية من نحر وحرق وتصفية قد بررها عقل ما يزال يعيش في شرنقة الماضي البعيد، فإنه من غير المقبول بالمعنى الإنساني أن يستمر هذا البعد الحيواني الوحشي في شخصية وسلوك هذا البعض، رغم التطور الحضاري البشري بأبعاده الثقافية والفكرية والاجتماعية، فيما هو يُصِرُّ على أن يبقى محكوما وحاكما للآخرين، وفق تلك الرؤية غير الآدمية.
وإنه لمجاف لكل القيم أن تظهر قيم العنف سواء في بعده المادي أو المعنوي لدى هؤلاء؛ في وقت قطعت فيه الإنسانية أشواطا بعيدة في محاولاتها المتواصلة لأنسنة الحياة البشرية، والقطع مع كل التراث البشري الذي رافقه فيه العنف بمختلف تجلياته؛ خاصة في جانب العنف غير المشروع بكل أشكاله.
وعلى ضوء انتشار تبني هذه الظواهر في أكثر من مكان في العالم، مع تنوع المشارب الأيديولوجية للقائمين عليها، يصبح السؤال المركزي هنا هو: كيف يفترض لإنسان سوي على صعيد الفرد أو المجموعة، أن يبرر هذا السلوك الوحشي وغير الآدمي، بل ويؤدلج البعض هذا السلوك برده إلى النص الديني، فيما يقف وراء سلوك آخرين بعدا فكريا؛ أو حتى وهم التفوق العرقي؟
تبرير العنف
ومع أن العنف مرفوض ومدان إنسانيا ومن أي جهة أتي، إلا أن العنف الذي يتكئ على الدين، هو أكثرها خطرا؛ كون ممثلوه يعتبرون أنهم مكلفون بتنفيذ أحكام الله فيمن يعتبرونهم "كفارا"، وبالطبع كل ذلك؛ وفق قراءتهم المجتزأة والقسرية وغير الصحيحة للنص الديني.
وهؤلاء بما يقومون به من ترهيب جراء فظائعهم ضد البعض، فإنهم ينشرون يشكل مواز ومتعمد عبر هذا العنف، سياسة استلاب وعي من يستهدفوهم بخطابهم، من أجل دفعهم باتجاه تبني هذه الثقافة المفارقة للدين في عدله وسماحته، ولكل قيم التحضر والتجربة الإنسانية، التي تجاوزت كل ما من شأنه أن يمس كرامة وحق الإنسان في أن يعيش حرا من أي إكراه مادي أو معنوي.
هذا العنف الوحشي لا يمكن نسبته إلى إنسان سوي، كونه في تجلياته المختلفة سلوك يحط من قيمة الإنسان ليعيده إلى درجة أدنى من السلوك البشري.
وفي تأصيل هذا العنف بكل هذه الدموية والبعد غير الآدمي فيه، فإن مقاربتي تتجه نحو اعتبار، أنه ربما يكون نتاج طاقة كامنة تعود لبعد غريزي لم يتم ضبطه؛ أو الفشل في "أنسنته"، بحيث يصبح من السهل بروزه كلما جرى استدعاؤه بكل هذه الدموية والتوحش، وهذا الاستدعاء؛ هو بمثابة تظهير لهذه الغريزة من حالة الكمون؛ عبر ضخ هذه الثقافة غير الإنسانية، التي هي ثقافة للكراهية والعنف، كوعي مكتسب مشوه بالضرورة.
ولأن السلوك هو محصلة لحالة غريزية يحتويها الوعي المكتسب، فإننا نقدر أنه كلما زاد الحضور والوعي الثقافي الإيجابي تراجع السلوك السلبي، إلى أن يصل حدا يمكن السيطرة عليه وتحييده، ويُبطِل فاعليته، حتى وإن لم يجري استئصاله تماما.
مصادر العنف
وفي محاولة لتفكيك هذا السلوك غير الإنساني الذي ينتج كل هذه البشاعة، فقد تضاربت الآراءُ حول مصادر هذه السلوك، بين من يقول بغريزية العنف (لورنتس)، أي أنه مكون من مكونات شخصية الفرد، وبين من يقول بأنه صفة مكتسبة (سكينِّر)، أي أنها نتاج تربيته وثقافته وتجربته الحياتية.
وتعود جذور هذا الخلاف الجوهري في تأصيل سلوك العنف، إلى الخلاف بين المنظِّرين والعلماء منذ عصر النهضة؛ ثم إلى الخلاف بين المناهج التقدمية، التي كانت تقول إن “الرذيلة” نتاج للظروف الاجتماعية، وبين المناهج المحافظة، التي حاولت أن تثبت أن التنافس بين البشر يعود إلى غريزة متأصِّلة لصالح كمون العنف في أعماقهم. (1)
ويعرِّف البعض العنفَ في معناه العام؛ على أنه كلُّ خطابٍ أو فعلٍ مؤذٍ أو مدمِّرٍ يقوم به فردٌ أو جماعةٌ ضد أخرى، ويميّز العلماء بين نوعين من العنف: «العنف الشرعي» بوصفه حقّاً للسلطة المقبولة اجتماعياً، كي تسيطر على «العنف غير الشرعي» المهدِّد للمجتمع، وغير المصدّق عليه اجتماعياً، ويشير هذا التقسيم للعنف إلى التعارض بين «الحق الاجتماعي» الذي يقره القانــون والمــكانة والعادة أو القبـول الاجتــماعي، و"لتبرير الأخــلاقي" الذي يقره الاستنجاد بالتعاليم الدينية والاحتكام إلى المبادئ والحجج الأخلاقية.
ويُعتبر الموروث الديني مصدراً بارزاً من مصادر تشريع العنف المقدس، ومسوّغات استخدامه من قِبل بعض الأفراد والجماعات الدينية والجهادية والتكفيرية، باعتباره جزءاً أصيلاً من عقيدتهم وتاريخهم.
حتى أنه يمكن القول إنّ بعض الأفراد الذين وصلوا إلى عتبات العنف المرتفعة جداً يتصرفون وكأنهم مبرمجون وراثياً، ليكونوا عنيـفين وعدوانيين، ما أدّى إلى ما نراه من غــرق المجتمعــات الإسلامــية في متـاهات مفرغة من العنف الذي شرّعه وهم الإيمان الديني، أو التقييم المعرفي للعنف القائل: إنّ العنف هو تعبيرٌ عن الغضب والاحتجاج والإحباط، وهو وسيلةٌ مقبولة ومطلوبة لدفع المظلومية وتحاشي وقوع عنفٍ أعظم ولإصلاح المجتمعات وحسم الصراع بين الخير والشر، الحق والباطل، الكفر والإيمان، أي أن العنف لم يعد خياراً، يمكن للفرد استخدامه من أجل الحصول على ما يريده، بل صار حتميةً وضرورةً في كل زمان ومكان.
وبعد العثور على التبرير الديني والأخلاقي، تُسخِّر هذه الجماعات المقدّسَ الدينيَ، لخدمة أهدافٍ خاصة، بأن يستخدم «المنهج الانتقائي» في الاستشهاد بالآيات والنصوص والأحداث التاريخية، معتبراً إيّاها ـ بعد تجريدها ممّا تلبّس بها من ظروفٍ بيئية وزمانية وتركيباتٍ نفسية ونظمٍ أخلاقيةٍ واجتماعية ومعرفية خاصّة ـ رُخصةً أو إذناً يشجع على استخدام العنف المتفلّت من أيِّ ضوابط، بل ويحضُّ عليه.
وبنتيجة هذا التشويه الأيديولوجي والتلاعب بالمقدس الديني، نجد أن الصراعات الدموية والتكفير والإخراج من الملّة والتعصب والاحتراب والقتل، هي ظواهر موجودة بكثرة في تاريخ الثقافة الإسلامية، وقد بلغت حدّ اللامعقول واللامفهوم وحدّ العبث، بعدما تحولت شرعية استخدام العنف بوجه المعارضين والمخالفين، إلى سلاح جرى استعماله بأشكالٍ عشوائية مختلفة في أزمنةٍ مختلفة، بغرض التخلّص من الخصوم الفكريين والسياسيين.
كذا أصبح الموروث بكل رموزه وتأويلاته وقصصه مصدراً مهماً من مصادر تشـريع وتبرير ممارسة العنف على النفس وعلى الآخرين، استغلّه البعض... لتسويغ وتفعيل ممارساتها السياسية والسلطوية ولإرساء معايير ومفاهيم وتشريعات ومعتقدات بعينها، من خلال إعادة ترميز العنف، عبر إعادة تفسير «التجربة الأولى»، التي انتهت إلى تأصيل وتكريس نزعات العنف المتوحّشة في مجتمعاتنا(2)
ابحث عن الأيديولوجيا
ويزكي هذه القراءة التجربة التاريخية التي تخبرنا؛ أن كلُّ المجتمعات التي قامت على عقائد، لا على قيم للإنسان، غدت فريسة للعنف الاجتماعي، وأضحتْ فيها المؤسَّسة بديلاً عن العقيدة، والطقس بديلاً عن القيمة والمغزى الديني أو العقائدي. من هنا فإن ثقافة العنف في الفكر والسياسة تقوم على عقيدة مركزية توتاليتارية(حكم شمولي).
وأية عقيدة أو مؤسَّسة تضع نفسها فوق المُساءلة والجدال والنقد والحوار ولو ادَّعت العقلانية والعلم؛ فإنها مع ذلك تؤسِّس لثقافة العنف والتعصب. وأية جماعة تغتصب أدواتِ الحوار، مدَّعيةً احتكار الحقيقة، بحقٍّ إلهي أو شعبي، لا تلبث أن تُخضِع المؤسَّسة والمجتمع المدني لسطوة مزدوجة: سطوة التقاليد وسطوة الاستبداد. (3)
وإذا ما اعتبرنا أن العنف هو نتاج هذه الثقافة المفارقة، فإننا مع ذلك نفرق بين ثقافة العنف المشروع الذي يستمد مشروعيته من الثقافة الإيجابية والعنف السلبي الذي يستمد حضوره من الأيديولوجيا التي تتكئ على معطيات ثقافية مطلقة ونهائية، وهي من ثم تلك الثقافة التي تؤسس لوعي مشوه تعسفي في تعاطيه مع الآخرين.
وإنه لمن خطل القراءة هنا حصر ثقافة العنف في مجموعة بشرية بعينها أو فكر بعينه كونها ظاهرة بشرية لا يختص بها مكان أو زمان دون غيره، ولا تقتصر على دين، أو جنس أو فكر أو ثقافة دون سواها.(4)
ظاهرة عالمية
إنَّ العنف ظاهرة عالمية عرفتها المجتمعات البشرية منذ فجر التأريخ، لكنه ظل منطقاً مستحكماً داخل المجتمعات غير المتحضرة أي المجتمعات التي ترفض الاحتكام إلى القانون ومنطق العقل، وترتكز على القوة في تحقيق أهدافها وأغراضها المشبوهة، وانتزاع حقوقها وتسوية خلافاتها القائمة، واستمر العنف دهوراً طِوالاً، حتى أصبح صفة ملازمة لكثير من الشعوب رغم اختلاف الظروف وتطور الحضارات، وتوغل مفهوم العنف داخل العمق الجغرافي لأغلب بلدان العالم المعاصر(5).
ومن ثم فإن ثقافة العنف في المجتمعات العالمية متفاوتة التبني، فكل مجتمع يؤمن بها حسب معتقداته الدينية والمجتمعية، ولا يمكننا أن نستبعد الفهم الخاطئ للدين عند أغلب هذه المجتمعات التي تتبنى العنف كوسيلة لمواجهة الخصوم والمختلفين عنها دينياً وعرقياً، وإلا بماذا نفسر كل الحروب التي وقعت بين فرقاء دينيين كانت المرجعية المذهبية الدينية الشرارة التي أشعلتها، كالحروب التاريخية والحالية بين الشيعة والسنة في الإسلام وكذلك الحروب التي وقعت بين الكاثوليك والبروتستانت في المسيحية، وغيرها من الحروب وأنماط العنف الأخرى كالعنف الفكري والسياسي(6) العبثي التي عانت منه الكثير من المجتمعات عبر التاريخ.
ظاهرة ممتدة
وإذا ما اقتربنا أكثر من منطقتنا العربية وما عاشته وتعيشه هذه الأيام من دموية مارستها بعض القوى، كأحد التجليات المباشرة لحراك عام 2011، فإننا نكتشف أن مفهوم العنف لدى بعض الحركات الإسلامية المعاصرة؛ له جذور شائكة وقديمة تمتد إلى سنة(37هـ) أيام واقعة صفين وظهور الخوارج، في عهد خلافة أمير المؤمنين علي وما تبعها من مصائب وويلات. (7) حيث تلعب الثقافة دوراً أساسياً في دوراته المستمرة من ذلك التاريخ.
وبشكل عام فإن منابع وأسباب العنف تتعدد لدى هذه القوى تبعاً لطبيعة المجتمع دينياً وثقافياً وسياسياً اقتصادياً غير أن ثمة منابع تعد الأهم، كونها المؤثر الرئيس في بلورة ثقافة التعصب الديني أو القومي أو السياسي..، لتحوله إلى سلوك هو بالضرورة من أعطى الضوء الأخضر لبعض الحركات الإسلامية المعاصرة من انتهاج العنف والإرهاب بحجة ( الجهاد أو الحسُبة، أو الإصلاح والتغيير) وجعلته شعاراً براقاً لمسيرتها السياسية والفكرية وظهر واضحاً في خطاباتها التي اتسمت بالعنف واللجوء إلى القوة، نتيجة لارتكازها على القراءات الأحادية والمجتزأة للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، التي أفضت إلى تصورات ظلامية(8) ، جعل هذه القوى تصل حد تكفير المجتمعات التي تعيش فيها حكاما ومحكومين، الأمر الذي كشف لا إنسانيتها، وبعدها عن جوهر الإسلام السمح الذي وصل به حد الثقة في الرسالة المحمدية؛ أن قال ” من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” بعد أن وصلت رسالة الإسلام واستقرت في عقول وأذهان الناس أبدا.
مفهوم الثقافة
وإذا ما حاولنا استكشاف كلمة ثقافة على ضوء ربط العنف بها، فإننا يجب أن نميز بين الاستخدام الضيق لهذا المصطلح الذي يقصد به الشعر والقصة والنقد.. إلخ والثقافة بمعنى مجموع القيم الاجتماعية والسياسية والثقافية والتقاليد والعادات وأنماط السلوك الموروثة وغير الموروثة، (9) التي تشكل الحاضنة الطبيعية لكل تطرف؛ وخاصة العنف غير المشروع الذي يمثل التطرف أعلى درجاته.
وفي البحث في أبعاد هذا السلوك المفارق، فإننا نكتشف أن المعتقدات والأفكار والمواقف والممارسات الاجتماعية عند أغلب المجتمعات في عالمنا تنحو إلى ثقافة العنف المادي والمعنوي، فالمطالب بإقصاء هذا الشخص أو ذاك الشعب أو محاربة تلك الدولة هي في حد ذاتها عنف مادي واقعي.
والمطالب الفكرية والكتابات التي نجد بين سطورها إيحاءات قريبة من لغة العنف والحقد والتمييز العنصري هي في حد ذاتها عنف معنوي يقود إلى العنف المادي، وليس أدل على ذلك العنف المعنوي، أكثر من وجود تنظيرات ودعاوى فكرية تدعو إلى العنف والحرب والصراع كنظريات “صراع الحضارات” لصامويل هنتنجتون و“نهاية التاريخ” لفرنسيس فوكاياما، واجتهادات علماء الدين المسيحيين والمسلمين…كل هذه الأنماط الفكرية تجد لها أدوات تنفيذية في الواقع فتعمل على خلق الصراعات بين الدول ونشوء الحروب بين أقطاب الشعب الواحد تحت يافطة دينية أو عرقية أو سياسية.(10)
حاضنة العنف
غير أن العنف يترعرع ويبلغ أوج التعبير عن قسوته في البيئات التي تفتقر إلى العدالة والمساواة وكفالة حرية التعبير للأفراد والجماعات، وفي المجتمعات التي يسودها الاستبداد السياسي والفكري والاجتماعي، وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين، وهذا الانسداد المجتمعي في أبعاده المختلفة، برر للبعض أن يجعل من العنف أسلوب تعبير عن تراكمات اليأس والغضب أو الانتقام، يمكن أن يقوم به الفرد أو الجماعات كما يمكن أن تمارسه الدولة أيضا، ويتجلى من خلال شكلين هما: العنف الرمزي والعنف المادي.
ويتمثل العنف الرمزي في ادعاء احتكار الحقيقة، وإقصاء وتهميش الآخر، وفي تكفيره بدون وجه حق. أما العنف المادي فيتمثل في استخدام الأساليب والأدوات المادية كالسلاح ضد الآخر. (11)
هنا لابد من الاستدراك أن ممارسة العنف في بعض الأحيان يكون مشروعا قانونيا وأخلاقيا، ويدان أخلاقيا وسياسيا من لا يمارسه كونه حقاً وواجباً، خاصة للشعوب المضطهدة الساعية إلى نيل حريتها واستقلالها.
في حين يكون محرما عندما يستهدف أمن وسلامة الأبرياء كما يحدث هذه الأيام في الوطن العربي وفي مناطق أخرى من العالم، وهو ما نعبر عن تسميته (بالإرهاب).
هذا العنف اتكأ على خطاب ديني متشدد كرس منهجا أحادياً لاحتكار الحقيقة الدينية، وتهميش المذاهب الأخرى بما فيها تيار الوسطية والاعتدال، مما ساعد على بروز ظواهر الغلو والتطرف التي صبغت الحياة الثقافية والاجتماعية والإعلامية بألوانها، كما تمكن هذا الخطاب المتشدد من ترسيخ أسلوب التلقين والحفظ والتوجيه بدون مناقشة. (12)
ومع أن التجربة التاريخية تقول إنّ الإسلام قد رسّخ ثــقافةً أصيلةً علّمها لأبنائه، تؤسّس أصول التسامح لا التعصب، المحبــة لا الكراهــية، الحــوار لا الصــدام، الرحمة لا القـسوة، الســلام لا الحــرب، فإن السؤال الذي ينطلق من واقع نعيشه حيث يتفشى وباء العنف المتعالي حسب القوى التي تمارسه، الذي يمثل ردة بالمعنى الأخلاقي والإنساني والفكري كذلك، هل المشكلة في النصوص أم أن المشكلة في أولئك الذين يخرجون النصوص من سياقها الديني أو التاريخي بشكل تعسفي، ليس له علاقة بمقاصد النص، عندما يتصدى من لا يعرف أو يعقل (من العقل) لزرع مثل هذه الثقافة المجافية؛ لينتشروا مثل الفطر السام في المجتمع العربي وفي العالم، وإلا فإن السؤال عندها مــن أيــن جــاء إذن كلّ هذا الذي يسمى بالعنـف المقدس في المجتمع العربي وفي العالم الإسلامي؟

هوامش
1. سمير التقي، ثقافة العنف في المجتمع العربي، موقع معابر.
2. هلا رشيد، مصادر العنف المقدّس في الثقافة الإسلامية؛ صحيفة السفير (موقع آمون).
3. سمير التقي، ثقافة العنف في المجتمع العربي، مصدر سابق.
4. بريهان الجاف ثقافة العنف إلى أين؟ الحوار المتمدن-العدد: 2562.
5. أحمد علي الخفاجي، الحركات الإسلامية المعاصرة والعنف، شبكة المعلومات الدولية.
6. هلا رشيد، مصادر العنف المقدّس في الثقافة الإسلامية، مصدر سابق.
7. أحمد علي الخفاجي، الحركات الإسلامية المعاصرة والعنف، مصدر سابق.
8. المصدر السابق.
9. فاضل السلطاني، ثقافة العنف أم عنف الثقافة، صحيفة الشرق الأوسط العدد 8608.
10. عزيز العرباوي، ثقافة العنف ودوافعها الأساسية، موقع معكم.
11. بريهان الجاف ثقافة العنف إلى أين؟ مصدر سابق.
12. المصدر السابق.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكسات / تبرؤ...! عقل السمسار...!
- العناد السياسي ...وصفة لغياب العقل
- مشاكسات...تبرير العدوان... لغة مفارقة...!
- الديمقراطية...التداول...وليس التمكين
- مشاكسات / ديمفراطية المحاصصة ... وارث زعامة..!
- في جدلية العلاقة بين الديمقراطية والمواطنة
- مشاكسات ...السارق يريد تعويضا ... النفوذ الروسي يقلق واشنطن!
- نظرية المؤامرة بين التفكير التآمري والتفسير التأمري
- مشاكسات أحلام الشاطئ الرابع ... بين الحماقة والمراهقة..!
- -حب ترامب -...جعل حل الدولتين -مستحلا-
- مشاكسات أي حق عودة..؟!.. تصفية حسابات
- تماهي أمريكا في الكيان الصهيوني!
- مشاكسات (شرعية أخلاقية...! خطوط أمريكا الحمراء..!)
- فلسطين: تشريع أمريكا للاستيطان اغتيال متعمد للقانون الدولي
- مشاكسات مغالطات حمساوية ... الاحتلال.. ورعاية الفساد
- بيانان المقاومة الفلسطينية: بين النوايا والتباس اللغة والمفا ...
- مشاكسات أمن مصر...خليجي! -نكتة- خلط الأوراق..!
- التحالف مع الكيان الصهيوني..نفي للحقوق الفلسطينية والعربية!
- حماس... تتلون لكنها لا تتغير
- مشاكسات -إسرائيل- ليست عدوا..! استفزاز...!


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم يونس الزريعي - العنف...بين السلوك الغريزي والثقافة المكتسبة