أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - مثقفون وعلماء














المزيد.....

مثقفون وعلماء


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6463 - 2020 / 1 / 12 - 10:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أعرف لماذا يحاول بعض الكتّاب سواء قصاصين أو شعراء الإيحاء بأن الأجهزة الأمنية تراقبهم وتطاردهم وتضيّق عليهم أو ترغمهم علي كتابة إبداعات تمدح النظام وتتغني بمآثر السلطة.
الأمر المضحك والمثير للغثيان أن لا أحد تقريبا يقرأ لهؤلاء ، بل إن هؤلاء البعض لا يقرأون لبعضهم بعضا ، والمثير أكثر للحيرة أن هؤلاء البعض هم المستفيدين أكثر من غيرهم فيما يتعلق بطباعة كتبهم علي نفقة الدولة في هيئاتها الثقافية المختلفة ، وأعرف أن بعضا منهم استفادوا ومازالوا يستفيدون من مكافآت التفرغ بطرق غير شرعية ودون استحقاق أيضا.
من المعلوم أن الواقع الثقافي الآن مشوه وملخبط وملعبك ويتصدره مجموعة لا اساس فكري أو معرفي لهم ولا أحد منهم أنتج إبداعا متميزا أو فريدا في مجال تغيير الذائقة أو إضافة وعي مختلف أو ضخ معرفة حداثية تبشر بإحداث انقلابة في نوعية الإبداع أو حتي تقنع القاريء بأن شيئا جديدا ومؤثرا ينبغي له أن يهتم به.
الشيء الأهم الذي أثاره هؤلاء الذين دأبوا علي الإيحاء بأنهم مطاردون ومراقبون ومستبعدون ومضطهدون أمنيا هو أن مصطلح ( المثقف ) قد جري انتهاكه وابتذاله بالشكل الذي جعل المثقف الحقيقي يتواري فيما طفا الهاموش وكل من ليس له وزن ولا قيمة علي سطح الحياة الثقافية، فمصطلح ( الثقافة ) يمنحك مفهوما فكريا ومعرفيا وفلسفيا شاملا يوحي لك بالدور الهائل الذي يلعبه المثقف في إحداث انقلابات معرفية شديدة التأثير في مختلف المجالات ذات الصلة المباشرة بوعي الأمة ولك أن تتذكر في هذا السياق الراحلون جمال حمدان ، طه حسين ، زكي نجيب محمود ، سلامه موسي ، علي عبد الرازق ، نجيب محفوظ ، يوسف إدريس ، أمل دنقل ، صلاح عبد الصبور ، صلاح جاهين ، فؤاد حداد وغيرهم كثيرون ممن ينتجون الآن في صمت وبلا ضجيج في مجال الأدب والشعر والفلسفة والنقد وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم الإنسانية المختلفة أو من الإبداعات المتنوعة الأخري.
غير أن الوضع الثقافي الآن بعد تشويهه وانتهاكه وابتذاله بخطاب غيبي خرافي لا يعترف بالعلم وينكر التاريخ ويحتقر المعرفة ويصادر الوعي خلق حالة مزرية انتهكت صفة ( المثقف ) وفرغتها من المعني الغني التي كانت تشير إليه قبل هجمة الجاهلية في سبعينيات القرن الماضي ، فهل يمكن تسمية كل من طبع كتابا لم يغري أحدا بقراءته ولا يحمل أية فكرة معرفية ذات أي قيمة من أي نوع هل يمكن تسميته بالمثقف؟؟ ، والغريب أن أمثال هؤلاء لم يكتفوا بابتذال صفة المثقف وإنما راحوا يدعون البطولة ويحاولون لفت الأنظار إليهم باعتبارهم يمثلون الوجه الثقافي الذي ينشد إنقاذ الأمة من غيبوبتها التاريخية وأن السلطات تطاردهم وتضطهدم وتحول بينهم وبين إنجاز مهامهم التاريخية العظيمة ، في حين أنك حين تعصر علي نفسك ليمونة وتقرأ لأحدهم شيئا ستكتشف أنه غارق إلي أذنيه في وحل الغياب واللاعقلانية والتفاهة التي رتبها الخطاب الصحراوي الغيبي ، وأنه ضائع لا موقف له ولا لون ولا ثمة أفكار معينة لديه ولا برنامج ولا رؤية .
الأكثر دلالة علي التهتك الثقافي الذي نعيشه الآن هو أنه مثلما تجد رجل الدين يفتي - بالإضافة إلي المواضيع الدينية - يفتي في علوم الفيزياء والكيمياء والجنس والطب والتاريخ والأخلاق والعلاقات الاجتماعية والفضاء ، مثلما تجد رجل الدين في ظل هذا الوضع اللاعقلاني الخرافي يفتي في كل شيء هكذا ستجد بعض مغتصبي وصف المثقف يفتون في المجالات الثقافية المتعددة ، ستجد مثلا الشاعر - إلي جانب شويعريته - ستجده ناقدا ، ومفكرا ، وفيلسوفا ، وقصاصا ، وروائيا ، وسياسيا ، وضليعا في علم الاجتماع ، والتاريخ ، بل لديه القدرة علي التنبؤ بما سيحدث في المستقبل القريب والبعيد.
الكل في واحد هذه من أهم سمات الخطاب الثقافي الخرافي السائد ، ذلك الخطاب الذي يطلق سدنته علي أنفسهم وصف العلماء بالرغم من أنهم لا يفعلون شيئا سوي حفظ مقولات وتفاسير الأولين ثم ترديدها بنفس ألفاظها بل وجعلها قوانين وأحكاما علي الحاضر والمستقبل كذلك.
هذا التشوه البغيض أرخي بظلاله المعتمة الكثيفة علي الحياة الثقافية فأماتها وأخرج القادرين علي التغيير من دائرتها وأبقي علي هؤلاء الذين كلما باض أحدهم بيضة فاسدة راح يدور حولها معلنا أن الدنيا - وليس الأمن وحده - تطارده وتضهده وتريد تحطيم بيضته ومصادرة ما فيها من خلاصة جهله



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب بلا بنادق
- الجميلة واللص
- جذر واحد
- رفع المبتدأ وشنق الخبر
- الجميلة فيوليت
- الكذابون
- أنا لا أعرف
- سقوط حتمي
- وردة في شعر الحبيبة
- البزازة
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- هلوسات
- لا صوت يعلو فوق صوت المرأة
- أنا مصري ثم مسلم مسيحي أو مسيحي مسلم
- فن الشعر وحدودنا البحرية
- وهم إصلاح الخطاب الديني
- كيفية صُنع آلهة من العجوة
- الحشمة ومساءل أخري
- تمثيلية قتل الزعيم
- مفتاح الحياة في الزمن الميت


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - مثقفون وعلماء