|
نهج معادي لتطلعات الشعب تمارسه السلطة الحاكمة !..
صادق محمد عبدالكريم الدبش
الحوار المتمدن-العدد: 6448 - 2019 / 12 / 27 - 04:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل ثورة الشعب في الأول من أكتوبر المجيد ، وعبر تلك السنوات وما شهدها العراق من حراك جماهيري واسع ، وجميعها كانت تعبر عن الحاجة الماسة الى عملية تغيير شامل في النظام السياسي وبنيته ونهجه وسياساته وفلسفته . فقد خرجت تلك الجماهير الغفيرة بعد احتلال العراق في 2003 م ، بحيث لا يمر عام إلا وعبرت هذه الملايين عن غضبها ورفضها لكل أشكال التسويف والخداع والتظليل ، لإخفاء فشلهم الكبير في إدارة الدولة وفي مختلف مناحي الحياة ، وما أصاب العراق على أيديهم من تدهور وتخلف في الصحة والتعليم والطرق والسكن وباقي الخدمات وفي الزراعة والصناعة والسياحة ، والإنتاج الثقافي والفكري ، وشيوع البطالة وما أفرزته من أمراض اجتماعية ونفسية وقيمية وعادات لم يألفها مجتمعنا خلال المئة عام الماضية !.. ولا نريد أن نكرر حجم الفساد الذي ينخر في جسد ( الدولة العراقية ! ) نتيجة الطائفية السياسية والمحاصصة والتمييز وإلغاء الأخر ، وتغييب للديمقراطية وللحريات وللحقوق والعداء المستحكم للمرأة ولحقوقها ومساواتها بأخيها الرجل . رغم ما سعت إليه هذه الجماهير ، وما مارسته من ضغوط على النظام السياسي القائم منذ عقد ونصف ، لكن النظام وبعناد أحمق وغبي ، استمر على نهجه المدمر ، ومارس ضد هذه الملايين كل أنواع القمع والإرهاب والقتل والخطف والاغتيالات ، والإرهاب الفكري والسياسي والطائفي العنصري ، والذي أدى الى المزيد من التراجع والانحدار الى الهاوية ، وقد أصاب المجتمع في الصميم وعلى وجه الخصوص الطبقات الدنيا والتي تمثل القاعدة العريضة للمجتمع العراقي . نتيجة لكل التراجعات والتراكمات وما أصاب المجتمع من عوز وفقر وفاقة وتخلف ، نهضت تلك الملايين عن صمتها ، وهي تصرخ بصوت مزلزل للأرض تحت أقدام هؤلاء الفاسدين الظالمين المتجبرين ، وسارقي ثروات البلاد والعباد !.. خرجت الملايين الثائرة في الأول من أكتوبر المجيد ، وهي تطالب [ أُريد حقي !... نريد وطن ] !.. ولكن رغم كل الذي يحدث ، رفض هؤلاء كل تلك المناشدات والمطالبات السلمية ، هذه الملايين كانت تمارس حقها في التعبير الحر ، ووفق ما جاء في بنوده الدستور العراقي ، الذي كفل للعراقيين حقهم في التعبير والمطالبة السلمية بما يريدون وما يعتقدون !.. فقد تصدى هذا النظام وأحزاب الإسلام السياسي المتخلفة والمعادية للديمقراطية وللحريات والحقوق ، تصدى للمحتجين والمعتصمين والمتظاهرين بالرصاص الحي وقنابل الغاز الممنوع استخدامها لفض الاعتصامات ، كونها تستخدم في المواجهات الحربية وليس في التظاهرات السلمية ، وكذلك استخدموا الهراوات وخراطيم المياه الحارة ، وسقط عدد من الشهداء والجرحى ، متوهمة تلك الزمرة الحاكمة ، بأن العنف سيثني المتظاهرين عن الاستمرار في تلك الاحتجاجات !.. وفي 25/ 10/2019 م وبعد انتهاء مراسم زيارة الأربعين للإمام الحسين ، عاود الثوار المنتفضين المعتصمين في ساحة التحرير والخلاني وجسر السنك وبأعداد مضاعفة عن بداية الانتفاضة ، وبالتزامن مع تظاهرات بغداد ، خرج في بابل وذي قار والمثنى وواسط وميسان والديوانية والبصرة وغيرها من مناطق العراق ، مساندة للمحتجين والمعتصمين ، جوبهت تلك الثورات والانتفاضات ، بأكثر همجية وإرهاب وقمع من ذي قبل ، وسقط إثر ذلك العشرات من الشهداء والمئات من المصابين والجرحى !.. رغم الدماء الزكية الطاهرة التي سفكت على أرض المحافظات ، ورغم ما استخدم ضد الناشطين والمسعفين والمرابطين في سوح التحرير من همجية وإرهاب ، فقد ازداد عدد المشاركين في تلك التظاهرات ، وتطورت مطالب تلك الملايين ، بالتغيير الشامل للنظام السياسي ، ولفظ أحزاب الإسلام السياسي والحد من هيمنتهم وسطوتهم على مقدرات البلاد والعباد ، رغم استخدام هؤلاء القتلة المتخلفين والمتحجرة عقولهم وقلوبهم ، لعمليات الخطف والاغتيال والاعتقال والتعذيب ، ولم يسلم من بطشهم وهمجيتهم السادية والغير أخلاقية ، الفتيات المسعفات والناشطات ، وتهديدهم وبأساليب وقحة يندى لها الجبين ، رغم ذلك فقد تضاعف عدد اللاتي التحقن بسوح التظاهر أضعاف مضاعفة ، بدل ما كان عددهن بالعشرات ، أصبحن اليوم بالألاف ، بإصرار وشجاعة تدعوا الى الفخر والاعتزاز والتقدير . اليوم وصل عدد الشهداء الى أكثر من 500 شهيد وعدد المصابين والجرحى أكثر من 25000 ألف مصاب ، وهناك أكثر من 3000 معوق نتيجة الإصابة ، ولا يوجد رقم حقيقي لعدد المعتقلين والمختطفين والمغيبين ، ويعدون بالألاف ، وعدد الذين تم اغتيالهم من الناشطين والمثقفين فيزيد على 30 ثلاثين ضحية . رغم تلك الأرقام المروعة التي أذهلت الرأي العام الدولي ومنظمة الأمم المتحدة والدول والحكومات الغربية ، والمنظمات الحقوقية والإنسانية ، رغم ذلك فما زال النظام وأحزابه الحاكمة مصرين على التشبث بالسلطة ومواجهة الشعب بالحديد والنار ، ولم تستطع حتى الأن كل تلك الأصوات العالمية من وقف النظام عن بطشه وتشبثه بالسلطة بأي ثمن . الانتفاضة حققت الكثير وخلقت واقع جديدا ومختلف عما كان قبل ثورة الأول من أكتوبر . وعلى رأس تلك المنجزات ، كسر حاجز الخوف والتردد ومواجهة السلطة وماكنتها القمعية ، بشجاعة وبسالة وبصدور عارية أذهلت العالم ، رغم جسامة وحجم التضحيات بالنفس والنفيس . أسقطت المقدس والهيمنة على العقول تحت ذرائع وأواهم وتظليل ، فلا مقدس غير العراق والعراقيين ، والدين لله والوطن للجميع . هذه الثورة وضعت النظام بين خيارين لا ثالث لهما !.. إما الرحيل طواعية .. أو الرحيل عنوة ( مجبر أخاك لا يطل ! ) ، وكل المناورات سوف لن تجدي نفعا أبدا ، والأيام والأشهر القادمة ستكشف لنا وللجميع الكثير عن الذي ما زال في علم التكهنات والاجتهادات ( والفتاح فال ! ) . ما أنجزته ثورة أكتوبر وهو الأهم !.. فرض رؤيتها وحدسها ووعيها على المشهد السياسي والاجتماعي ، تمكنت من هذا الإنجاز من خلال بثبات موقفها بإسقاط الحكومة !.. هذه تعتبر الخطوة الأولى نحو البدء في التغيير الشامل والكامل للنظام السياسي ولبنيته الفكرية والسياسية ولشكل الدولة ، والبدء بالتأسيس لدولة المواطنة بدل دولة المكونات والطوائف والمنطقة والحزب والعشير . اليوم هناك حدث سياسي و( دستوري ! ) وقانوني ، له تداعياته واستحقاقاته !.. أرى من الضروري على السيد رئيس الجمهورية كراعي للدستور والحارس للوطن والمواطن دستوريا وقانونيا وأخلاقيا ، أن يبادر باستخدام صلاحياته وما عليه من واجبات يمليه شرف الانتماء لهذا الوطن ، وكعراقي غيور . بالخطوات التالية : 1- اصدار قرار بحل البرلمان . 2- الإعلان عن قيام حكومة إنقاذ وطني ،من المستقلين الأكفاء والوطنيين ، وأن يكونوا رجال دولة ، ويفقهون في إدارة الدولة ، وأن يكونوا عراقيين ومن أم وأب عراقيين ، يرأسها عراقي وطني مستقل كفوء ، بغض النظر الى دينه وانحداره القومي والطائفي ومن أي منطقة أو عشيرة . 3- تحدد مهمات الحكومة وواجباتها في فترة انتقالية لا تقل عن ثلاث سنوات بما يلي : قبل كل شيء على الحكومة البدء بتوفير الخدمات للمواطنين من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وغير ذلك ، ودعم البطاقة التموينية نوعا وكما ، والعمل الفوري على دوران عجلة الاقتصاد المنهار بفروعه المختلفة ، وهي من أولى أولويات عمل الحكومة ، ومن ثم البدء بالخطوات التالية : أ * البدء في إعادة بناء المؤسسة الأمنية والعسكرية ، وعلى أساس وطني مستقل ، وإبعادها عن أي تدخل في الشأن السياسي . حصر السلاح بيدها دون غيرها ، وتحت أي ذريعة ومبرر وحجة . ب - البدء فورا بحل كافة المجاميع المسلحة والميليشيات والحشد الشعبي ، ومصادرة كافة المعدات والأسلحة والأموال المنقولة وغير المنقولة ، وإعادتها الى المؤسسة الأمنية والعسكرية ووزارة المالية . ج - يتم تنسيب منتسبي الحشد الشعبي الى المؤسسة الأمنية والعسكرية وبشكل فردي وبعد إجراء المقابلة والفحص الطبي واللياقة البدنية والعقلية ، ويتعهد المتقدم بترك العمل السياسي طيلة عمله وخدمته في المؤسسة الأمنية والعسكرية . د - من لم يجتاز الفحص والمقابلة لأي سبب كان ، فيحال هؤلاء الى دوائر الدولة المختلفة ووفق الاختصاص ، وأن يجتاز المقابلة التي بموجبها يتم قبول انتسابه لتلك الوظيفة وذلك العمل . ومن لم يجتاز المقابلة والاختبار اللازم فيمكن إحالته على التقاعد أو منحه مكافئة مالية ، وحسب قرار اللجنة المختصة بذلك . ه - تشكيل محكمة خاصة ولجان تحقيقية من القضات المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والوطنية ، مهمتهم التحقيق مع من تسبب ونفذ وأصدر أوار القتل بحق المتظاهرين والمعتصمين السلميين الأبرياء ، وإعلان نتائج التحقيق والأحكام الصادرة بحق المدانين ، وإعلانها عبر وسائل الإعلام المختلفة وبشكل شفاف . وتأخذ هذه المحكمة على عاتقها مهمة التحقيق مع القناصين الذين قتلوا المتظاهرين ، والكشف عن الجهات التي قامت بدفعهم ومن هم المنفذين وإصدار أحكامها بحقهم وإعلان ذلك عبر وسائل الإعلام . كذلك التحقيق عن كل عمليات الاغتيال والاختطاف من الأول من تشرين الأول ولحد قيام حكومة الإنقاذ ، والكشف عن المنفذين والمحرضين ومحاكمتهم وإعلان تلك الأحكام عبر وسائل الإعلام . و - تعويض عوائل الشهداء وتكريمهم ماديا ومعنويا وكذلك الجرحى والمصابين ، والتكفل بعلاج المصابين داخل العراق وخارجه وحسب الحاجة ، وتعويضهم ماديا ومعنويا عما لحقهم من أضرار . ز - إصدار قانون انتخابات عادل ومنصف ويمثل إرادة العراقيين والعراقيات ك - اختيار أعضاء هيئة مستقلة من الوطنيين النزيهين الأكفاء للانتخابات . ل - إصدار قانون أحزاب وطني وبرؤية دولة المواطنة ، يمنع قفيه قيام أحزاب على أساس ديني أو طائفي عنصري ، وأن يكون الحزب ولائه للوطن وتمويله معلوم ومعروف ومدرج في برنامجه ونظامه الداخلي . م - إصدار قرار من أين لك هذا ، لكل من شغل أو يشغل موقع في الدولة أو يشغل مركزا سياسيا وقياديا في الحزب أو جمعية أو منظمة ونقابة ، قبل الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003 م وما يملكه اليوم . ن - تشكيل هيئة خاصة ومتخصصة مهنية ووطنية لمكافحة الفساد والفاسدين ، تكون كفئ لمهمتها الكبيرة ، وتمنح صلاحيات مطلقة للتحري عن تلك الأموال المنهوبة ، داخل العراق وخارجه ، ويمكنها ان تستعين بخبرات دولية وبمنظمة الأمم المتحدة بما يساهم في إعادة هذه الأموال لخزينة الدولة . ح - على حكومة الإنقاذ الوطني تشكيل هيئة موسعة ومن الأخصائيين والخبراء وعلماء السياسة المتخصصين في بناء الدولة ، مهمتها إعادة النظر بالدستور العراقي وبرؤية الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية في عراق واحد مستقل ، يراعي حقوق جميع العراقيين والعراقيات بكل مكوناتهم وأطيافهم وأديانهم ومناطقهم ، ويتم عرضه على الشعب للتصويت عليه . ي - بعد تلك المهمات الكبيرة والصعبة تعمل حكومة الإنقاذ على إجراء التعداد السكاني والتهيئة لانتخابات وطنية للبرلمان ولرئاسة الجمهورية ، بإشراف دولي ومنظمات المجتمع المدني والقضاء ووسائل الإعلام وتعلن النتائج بالسرعة الممكنة .
#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يجري في الغرف المغلقة للكتل السياسية ؟..
-
المهمات التي يجب أن تنهض بها ثورة الأول من أكتوبر الأن ؟..
-
لا تبخسوا دور الشيوعيين المشرف وتضحياتهم الجسيمة .
-
خفافيش الجريمة والعهر السياسي تغتال الناشطين المدنيين !..
-
مناجات عبر الأثير !..
-
توقفوا عن قتل الشيوعيون والديمقراطيون والمعتصمون يا أعداء ال
...
-
الكعبة لها شعب يحميها !..
-
توضيح واعتذار عن خطأ غير مقصود .
-
مظفر النواب في ذمة التأريخ .
-
كم من الأسالة تحتاج الى أجوبة ؟..
-
في أخر الليل ..
-
الحاضر والمستقبل يصنعه رجاله الأوفياء .
-
هكذا أرى ما يجب أن يكون !..
-
ماذا بعد استقالة عادل عبد المهدي ؟. ..
-
لن تفلتوا من العقاب يا حكام بغداد !..
-
مناشدة عاجلة لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق !..
-
خطاب موجه الى الطبقة الحاكمة !..
-
اطلاق سراح الناشطة ماري محمد !..
-
هل هناك ما يعطيه النظام القائم للثائرين ؟
-
اغتيال الناشط المدني عدنان رستم .
المزيد.....
-
سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا
...
-
اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
-
الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل
...
-
البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت
...
-
الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
-
-وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف
...
-
مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن
...
-
السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس
...
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير
...
-
4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|