أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - وصِيّة الخميني التي نَفّذها له العراقيون بِقَصد أو سَذاجة














المزيد.....

وصِيّة الخميني التي نَفّذها له العراقيون بِقَصد أو سَذاجة


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 6439 - 2019 / 12 / 16 - 05:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"كأني اتجرع السم" عبارة قالها الخميني واصفاً لحظة موافقته على وقف الحرب مع العراق في الـ8 من آب عام1988، ورغم وَقعها السيء على أسماع المجتمع الدولي، وما أثارته حينها من إستغراب لوقاحتها، إلا أن لا أحد كان يعلم أنه كان يعني بها شيئاً آخر أبعد بكثير من رد الفعل المرتبط بلحظة الشعور بالهزيمة، شيئاً يتعلق بالاستمرار في نفس النهج الذي قاده الى الحرب عام1980، والتخطيط للوصول الى نفس الهدف الذي سعى اليه من خلال إستفزاز العراق والدخول معه في هذه الحرب، وهو تصدير الثورة، لكن بأسلوب مختلف خَطّط له وطَبخه على نار هادئة طوال سنوات وعقود. وهو ما أكدته وصيته التي نشرت منها أجزاء بعد وفاته، والتي جاء فيها "أحلم بأن يرفرف علمنا فوق عمان والرياض ودمشق والقاهرة والكويت" و"عندما تنتهي الحرب مع العراق علينا أن نبدأ حرباً أخرى". فالحرب الأخرى التي كان يقصدها تمثلت بإختراق المعارضة العراقية، وتقوية أجهزة أمنية ايرانية كالحرس الثوري أنيطت لها مهمة تشكيل ودعم مليشيات مرتزقة في دول المحيط العربي، بل وحتى الآسيوي كما في أفغانستان مثلاً، لتقوم بمهمة نخر وزعزعة إستقرار بلدانها وتفكيك بنيتها المجتمعية طائفياً ودينياً وإثنياً، لتَسهُل السيطرة عليها دون شن حروب وإرسال جيوش، فبدأ بحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، ثم الحوثيون في اليمن، ثم مليشيات العراق التي اتخذت فيما بعد وبمساعدة من أحزاب السلطة الحليفة لايران وضعاً قانونياً ضمن ما يُسمى بالحشد، شبيه بوضع الحرس الثوري في ايران، والذي بات أمراً واقعاً وسيفاً مُسلطاً على رؤوس العراقيين، وبات من ينتقده ويواجهه مطعوناً في وطنيته وولاءه للعراق! رغم أن مليشياته لا تخفي ولائها المطلق لمرشد الثورة الايرانية، ورغم أن قادته كانوا يقاتلون في صفوف الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي طوال ثمان سنوات، في مفارقة لم يشهد لها تأريخ المهازل مثيلاً!

لذا وبالعودة الى مقولة الخميني ووصيته، يكاد يشعر المرء حين يقرأها اليوم بأنه قد تركها للعراقيين وليس للايرانيين! فالعراقيون هم الذين نفذوا وصيته بعد موته بالحَرف وعلى أكمل وجه، وبشكل متقن ونجاح ساحق ما كان يمكن أن يحققه اﻻيرانيون أنفسهم، ولم يكن يحلم به الخميني نفسه، دون أن يطلق طلقة واحدة أو يضحي بايراني واحد، لأن العراقيين قد تكفلوا له بفعل ذلك بكل ممنونية تقرباً الى الله على حساب بلدهم، وسقوه وهو في قبره ترياقاً يمحو آثار السُم الذي أذاقوه إياه قبلاً، وجعلوا من المكان الذي كان يقضي فيه حاجته خلال فترة إقامته في العراق، الذي أكل من ماعونه وبصق فيه، مزاراً يحجون إليه ويتبركون به! ظناً منهم أن هذا هو السبيل القويم لنصرة الطائفة، والصراط المستقيم لدخول الجنة من أوسع أبوابها!

وحتى في حرب الثمان سنوات وتداعياتها بين العراق وايران، ربما ضَحك العراقيون وساستهم قليلاً في البداية، ولكن الخميني والايرانيون هُم مَن ضحكوا كثيراً في النهاية ولا يزالون، لأن في يدهم الكثير من الورق ليلعبوه مما تجمع لديهم خلال العقود الماضية، ولأن إستهتار صدام ونظامه حَوّل إنتصاره في 8 آب الى هزيمة بعد 3 سنوات حين غزا الكويت وأمّن طائراته لدى ايران! في حين أن دهاء الخميني وأتباعه حول هزيمته في ذلك اليوم الى نصر بعد 30 سنة، وها هي صوَره تحل محل صوَر صدام في بيوت العراقيين وشوارعهم برضاهم بعد 2003، بعد أن تم تدجينهم وتصفير ذاكرتهم بفعل عمالة ساسة العراق الحاليين وطائفيتهم وجُبنهم وبتخطيط أسيادهم في ايران.

بالنهاية اﻻيرانيون لم يحتاجوا أن يشنوا حرباً أخرى على العراقيين، لأن العراقيين هُم مَن شنّوا حرباً على أنفسهم وعلى بعضهم البعض، ولا يزال بعضهم مستمر في فعل ذلك بغباء منقطع النظير. كما بات عَلم ايران يرفرف وصورة الخميني تعلق فعلاً في بعض العواصم التي ذكرها بوصيته مضافاً اليها عدن وصنعاء والمنامة وبيروت، بفضل قطعان ميليشيات المرتزقة الطائفية العراقية واللبنانية واليمنية والفلسطينية التي شكّلها ويقودها غلامه قاسم سليماني، التي نَخَرت ودَمّرت أوطانها وجعلتها وشعوبها رهينة بيَد خليفته خامنئي، ليتلاعب بمقدراتها ويفعل بها ما يشاء خدمةً لمشروعه التوسعي في المنطقة، الذي بدأت علامات تصدعه تظهر شيئاً فشيئاً على يد أجيالها الجديدة، بعد أن إنقلب السحر على الساحر وتسَبّبت سياسته بتصدير الثورة الى دول المنطقة، والتي إستهدفت كيان ووجود شعوبها، وحاولت مسخ وإختزال هوياتها المتنوعة في هوية طائفية بملامح إيرانية، بثورات مضادة لهذه الشعوب بهَدف إستعادة هويتها. لكن طريق الخلاص النهائي من هيمنة إيران ما يزال طويلاً ومحفوفاً بالمخاطر والتحديات، لأنه يتطلب التخلص من تركة 40 سنة، رسخت إيران خلالها وجودها ونفوذها في المنطقة بأخبث الوسائل وأقذرها.



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين وفاء التونسيين للسَبسي وجحود العراقيين للباجه جي
- تظاهرات الشارع العراقي بين الواقع والطموح
- -سلام عليك- هل هو نشيد وطني أم أغنية وطنية ودينية!
- السُلطة بين مَدينية عَلاوي والعبادي، وتَرَيّف الجعفري والمال ...
- الأبداع لا يَصنع النهضة في عَصر إنتكاسة الوعي!
- إستفتاء البرزاني وإستقالة الحريري
- داعش والحشد، عتلتان تُعَشِّقان بعضهما في مشروع فارسي واحد
- الفكر الديني يواجه بفكر ليبرالي محايد لا بضِد إلحادي!
- إنسانية الفرد أبقى له من دينه ومَذهبه وعِرقه!
- دفورجاك.. فتى بوهيميا الذي أبهَر العالم الجديد فأبهَره
- يوم الروما وحقوق المواطنة!
- أزمة الوعي العراقي.. (4) الوعي العراقي ونزوعه للإستبداد
- مصطلح حَواضِن الإرهاب في العراق، والكيل بمِكيالين!
- كونشيرتو الكمان الأول لماكس بروخ.. أوبرا بلا كلمات
- اليَسار العراقي.. الدَور الخطأ في الزمان الصَح، والدَور الصَ ...
- أزمة الوعي العراقي.. (3) الوعي العراقي ونصب اللاحرية
- الموسيقار التشيكي سميتانا.. قلب بوهيميا النابض
- العراق يَمضي الى زوال لولا نسيم الجبال!
- أزمة الوعي العراقي.. (2) الوعي العراقي وقطبيته المعكوسة في ت ...
- المالكي والعبادي بين شَخصية المُعارض وشَخصية رَجل الدولة


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - وصِيّة الخميني التي نَفّذها له العراقيون بِقَصد أو سَذاجة