أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - الموسيقار التشيكي سميتانا.. قلب بوهيميا النابض















المزيد.....

الموسيقار التشيكي سميتانا.. قلب بوهيميا النابض


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 4877 - 2015 / 7 / 25 - 17:35
المحور: الادب والفن
    


يُعد سميتانا، الذي ولد عام1824 بمدينة صغيرة مِن مُدن بوهيميا، الى جانِب دفورجاك وجيجيك وجوزيف سوك، مِن أبرَز المؤلفين الموسيقيين التشيك في القرن التاسع عشر ورُبما حَتى يَومنا هذا، ورَغم أن شُهرة دفورجاك مَحلياً وعالمياً قد جاوزت الآفاق، ويَرد إسمه اليوم الى جانب كبار أساطين الموسيقى العالمية، إلا أن إسم سميتانا ودوره بإرساء أسُس هوية الموسيقى التشيكية الأوركسترالية راسِخ في الوجدان الشَعبي التشيكي، وفي الذاكرة الموسيقية العالمية، ولا يُمكن إنكاره ولا يُعلى عليه.
سَنتحدث في هذه المقالة بشَيء مِن التفصيل عَن مُؤلفه الأبرَز والأكثر شَعبية ليسَ فقط على مُستوى التشيك بل ومُستوى العالم، وهو سويت (أرض الآباء)، الذي عُرف وإشتهَر بشَكل أوسَع عَن طريق حَركته الثانية "المولداو" وهو نهر التشيك الشَهير الذي يَخترق عاصِمَتها الساحِرة براغ، والتي تعتبَر مِن أعرَق وأجمَل العواصم الأوروبية. في هذا العَمل تتجَلى عَبقرية سميتانا في المَزج بأستاذية وتمَيّز بَين الموسيقى الشَعبية الفلكلورية التشيكية والحانها الراقِصة، وبَين البناء السمفوني الاوركسترالي، للخروج بشَكل موسيقي جَديد باتَ أساًساً ونموذجاً للموسيقى الكلاسيكية التشيكية سارَ عليه تلاميذه مِن بَعده.
(فيسرد)هو الإسم الذي إختاره سميتانا عُنواناً لحَركته الأولى، وهو إسم المُنحدر الصَخري الذي يَطل على نهر المولداو، والذي يُخبرنا التأريخ بأنه كان يوماً مَوقِعاً لواحِدة مِن أقدم قِلاع براغ التي كانت مَقرا لمَلكها وفرسانه،الذين دارَت عليهم الأيام ليَخوضوا مَعركة خاسِرة مع أعدائِهم إنتهَت بمَوتهم وضَياع مُلكِهم وهَدم قلعَتِهم، وقد سَعى سميتانا في هذه الحَركة الى وَصف المَكان بأجواءه ودَلالاته التأريخية مُفتتحاً إيّاها بأنغام الهارب الساحِرة لتعَبّر عَن شروق الشَمس على وَجه المُنحدر وسَفحه المُطِل على نهر المولداو، ثم ليَنقلنا عِبر حِوار نَغَمي خَلاب بَين الهارب والهَوائيات الى صور إفتراضية للقلعة وذِكرياتها وأجوائها التأريخية الغابرة بمُصاحبة الوَتريات التي تمسِك بزمام المُبادرة في مُنتصَف الحَركة وترتفع بها لمَدَيات نغَميّة عالية ثم تعيده للهَوائيات والهارب التي تختتم الحَركة بنفس اللحن الذي بدَأتها به.
جَداول غابات بوهيميا التي تأتي مِن مَصادر مُختلفة، تتوَسّع خِلال مُرورها بالريف المُحيط ببراغ، لتُصبح نهراً عَظيماً مَهيباً هو (المولداو) عنوان حَركة السويت الثانية، والتي تعَد الأجمَل والأشهَر مِن بَين حَركات المَعزوفة لإنسيابية وسَلاسة موسيقاها كسَلاسة وانسيابية مياه النَهر وأمواجه. هنا أبدَع سميتانا ببناء الجُمَل ورَسم الصُور الموسيقية التي توَضِّح طبيعة المولداو، وبطرُق وأشكال وتنوّعات لحنيّة نغميّة مُختلفة. ففي مَطلع الحَركة نستمِع عِبر الهَوائيات والنُحاسيات لأصوات الطيور وتدَفق مياه النهر عِبر الغابات،ثم تأخذنا الوتريات مَع لحن بولكا الى أجواء إحتفالية لعُرس ريفي على ساحل النَهر، ليَحل بَعدها الليل وتسكُن مِياهه العَذبة ويَنعَكِس وَجه القمر عليها بأجواء مُفعمة بالعاطفة والرومانسية تعيدُنا شَيئا فشيئاً الى لحن البولكا، حَيث يَبزغ الفجر مِن جَديد وتعود الى مياه النهر قوّتها ويَبدأ بالإتِّساع مَع اقترابه مِن مَدينة براغ الرائِعة ويَدخلها بهدوء ومَهابة نستشعِرها مِن خلال عَودة اللحن الرئيسي للحَركة الأولى.
الحَركة الثالثة(ساركا) هي على أسم شَخصية نِسائية أسطورية مِن التُراث الشَعبي التشيكي كانت تعيش في القرون الوسطى، تَحكي قِصص التأريخ أنها أقسَمَت يَميناً بأن تُعادي كل الرجال وبضِمنهم حَبيبها(كتارد)، لذا نصَبت كميناً له ولأصحابه ونَجحَت بالقضاء عَليهم. لذا فموسيقى الحَركة هي مَزيج بين لحن سمفوني عاصِف، وبَين أنغام هادئة لطيفة تصِف قِصة الحُب الشائكة ومَشاعِر(ساركا) المُلتبسة بَين حُب وكُره تِجاه (كتارد)، والتي إنتهَت بمَوته بطريقة مَأساوية مُؤلمة.
فِكرة الحَركة الرابعة والتي إختار سميتانا عِبارة(مِن حقول وغابات بوهيميا) عُنواناً لها، هي وَصف لسِحر وأجواء الطَبيعة التشيكية الجَميلة البَهيجة، أجواء غاباتها الواسِعة، ومُروجها الخَضراء، وموسيقى الهورن الفلكلورية، والسُكان وهُم يُغنّون ويَرقصون على أنغام البولكا، أجواء لطالما بارَكت مَراعيها المُمتدة على مَد البَصر بخُضرتِها وبَرائتِها وخَيراتِها، والتي تتخللها بَين حين وآخَر هَمَسات نسَمات الهَواء الدافِئة وهي تداعِب أوراق أشجار غابات بوهيميا العِملاقة.
أما الحَركتان الآخيرَتان الخامِسة (تابور) والسادسة (بلانك) فمُرتبطتان ببَعضِهما البَعض نظرياً وموسيقياً، وتتضَمّنان دَلالات وطنية عَميقة، يَربطهما لحن مُقتبَس مِن نشيد لحَركة دينية ظهرت بالعصور الوسطى ويَرمُز لجَماهيرها الغاضِبة التي إجتاحَت مَدينة تابور لإستِعادة قوّتها بَعد إحراق زعيمها (هوس) مِن قِبل مَحاكم التفتيش. أما (البلانك) فهي بيوت تقع على سُفوح تلال بوهيميا كانت المَلاذ الآمِن الذي يختبيء فيه فرسان الحركة لإستِجماع قواهُم والعَودة لمُساعدة الاهالي،وفي النهاية ساهَمَت هذه الحَركة كغيرها مِن المُتغيّرات في نهوض الأمة التشيكية مِن جَديد وتخلصها مِن قيود مَحاكم التفتيش التي كانت تحكمُها بالحَديد والنار وتستعبد مُواطنيها كأغلب دول أوروبا في ذلك الزمَن.
في الخِتام لابُد مِن أن نُشير بعُجالة الى بَعض مُؤلفات سميتانا الأخرى كثلاثية البيانو المُتميّزة، والتي ألفها بَعد خَسارته لإبنتِه وعَزفها بنفسه أمام الجمهور في نفس السَنة، وفي العام التالي قام بعَزفها في بيته أمام ضيفه وصَديقه الموسيقار فرانز ليست الذي أثنى عَليه وعَليها ووصَفه بالموسيقار الذي يَحمِل قلباً بوهيمياً نابضاً. وكذلك الرَقصات البوهيمية التي إستلهمَها مِن أنغام البولكا وأعادَ توزيعَها وصياغتها على البيانو كما فَعَل شوبان مَع المازوركا. وقبل وفاته شَرع سميتانا بتأليف مُقدمة ومَجموعة حَركات لسويت موسيقي راقِص، إلا أن وفاته المُفاجئة عام 1884 حالت دون إكماله.

Bedrich Smetana - Ma Vlast - My Country- Mein Vaterland
https://www.youtube.com/watch?v=lrkxiF-9L40

Smetana, Piano Trio g-moll
https://www.youtube.com/watch?v=QtQClX38WAw

مصطفى القرة داغي
[email protected]



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق يَمضي الى زوال لولا نسيم الجبال!
- أزمة الوعي العراقي.. (2) الوعي العراقي وقطبيته المعكوسة في ت ...
- المالكي والعبادي بين شَخصية المُعارض وشَخصية رَجل الدولة
- لو كان المعتدلون أغلبية ما تأسست بغيدا وما حدثت شارلي
- جوزيف جونغن ساحر الأورغن وإيقونة بلجيكا الموسيقية الأبرز
- هيكل.. سكت دهراً عن المالكي ونطق ظلماً عن العبادي!!
- أزمة الوعي العراق.. (1) الوعي العراقي وإجترار الماضي
- الكسندر بورودين من كيمياء الطب الى كيمياء الموسيقى
- لولا العَم سام لما أزيح المالكي ولما أسقِط صدام!
- يا زهرة الألب.. باركي موطني الى الأبد
- هل كان الحَجّي خازن جهنم العراق ومَن بيَده مفاتيح أبوابها؟
- فريد الأطرش.. أمير النغم الجميل والطرب الأصيل
- الموسيقار الكوبي ارنستو ليكونا مُبدع المالاغوينا الأندلسية
- العراق.. بلاد الواق واق
- سِحر الطبيعة وأنغامُها في سمفونية بتهوفن السادسة
- المُجتمع العراقي بَين رَبع ما قبل 9 نيسان 2003 ورَبع ما بَعد ...
- قناة (mbc action) من التألق والريادة الى السطحية والإعادة!
- نواعم شوستاكوفتش.. الموسيقار الموسوعة
- دَولة العِراق الحَديثة وعَهد التأسيس الذي كان إعجازاً وحُلما ...
- شارلي شابلن.. وللموسيقى مِن عَبقريّته حُصّة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - الموسيقار التشيكي سميتانا.. قلب بوهيميا النابض