أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - أزمة الوعي العراق.. (1) الوعي العراقي وإجترار الماضي














المزيد.....

أزمة الوعي العراق.. (1) الوعي العراقي وإجترار الماضي


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 4680 - 2015 / 1 / 2 - 16:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يَمتاز الوَعي العراقي عادة بكونه مُتناقض في تصَرّفته ومُمارساته مَع قناعاتِه، أو مايَدّعيه مِن قناعات، لذا غالباً ما نرى أن أفعال العراقي لاتتَوافق مَع مايَقوله ويُنَظِّر له مِن أفكار، والتي نادراً ما نَجد لها تطبيقاً في حياته اليومية وتعامُله مَع الآخرين، والأمثلة على ذلك كثيرة قد أشير اليها في مقالات لاحِقة.
مِن هذه القناعات مَقولة "ليسَ الفتى مَن قال كان أبي بَل الفتى مَن قال ها أنا ذا" وهي أساساً بَيت شِعر يقال بأنه لإمام المُتقين وسَيّد الحُكماء علي بن أبي طالب يَعني بأن على المَرء أن لا يَجتر ماضي آباءه وأجدِاده، بل عليه أن يَصنع بنَفسه ولنَفسِه حاضِراً وكِياناً يُعَبّر عَنه وعَن وجوده، وهو تماماً عَكس ما يَفعله الوَعي العراقي، الذي رغم تكرِاره وإجتراره لهذه المَقولة مُنذ أكثر مِن1400عام، إلا أن الفرد العراقي الذي يمثله لا يُطبّقها وهو في القرن الواحد والعشرين ولم يَتعلم مِنها أو يَتّعِظ لأنها لم تتَجاوز طرف لِسانه ولم يَتدَبّرها عَقله، فهو ما زال يَجتَر بزهو فارغ تأريخ بلاده الذي صَنعته أقوام سَكنتها مُنذ آلاف السِنين سادَت وبادَت ولم يَعُد لها مِن أثَر كالسومريين والآشوريين والميديين والبابليين، وهو الذي أستوطن أجداده عرباً وكورداً وفرساً وتركمان وهنود هذه البلاد مُنذ مِئات السِنين فقط، ولكنه يَنكر إنتسابه اليهم بل ويَستعِر مِنهم ومِن تأريخهم المُتواضِع بهذه البلاد، والذي لايَخلو مِن مَحَطات مُضيئة هنا وهناك، وبَدلاً مِن أن يَقتنِع ويَتواضَع ويُقِر بذلك، نراه وبسَبَب مَرَض الإنتفاخ بالشخصية المُزمن لديه يَدّعي الإنتساب لتلك الأقوام، بل ويحاول ترهيم الأمر، مُستغلاً صدفة وجوده بنفس المناطق التي كانت فيها! أو تشابه بَعض مفرداته العامية الحالية مع لغاتها القديمة! رغم عَدم وجود سَند تأريخي مَنطقي يُثبت إنتسابه اليها أو إرتباطه بها، وهو يُصِر على ذلك ليَصنع لنفسه مَجداً وهمِيّاً كاذباً يقنع به وَعيه المَريض وشخصَيّته العاجزة عَن تقديم أي شيء مَلموس في عَصرنا الحالي يُثبت هذا الإدِعاء الزائِف بالإنتساب لأقوام إستِثنائية صَنعَت العَجلة قبل7 آلاف عام في حين يَعجَز هو عَن صُنعِها بَل وصَنع إبرة في القرن الواحد والعشرين، ويَستوردها مِن أقوام ربما تأريخها مُتواضِع ولكن حاضِرها مُشَرِّف، لكنه ما زال يَتفاخر عليها حَتى اليوم بتأريخه المُدّعى.
ولا يَكتفي الوَعي العراقي بهذه الإدِّعائات والأباطيل التي يَخدع بها نفسه مُنذ عُقود، بل إنه يَسعى للنيل مِن الشُعوب الأخرى الحَديثة العَهد كالامريكان والاستراليين والكنديين الذي صَنعوا الحَضارة الحديثة، وغالباً ما يَطعن في كونها دون تأريخ ولا حَضارة، بسَبب شُعوره بعقدة نقص تِجاهها وهو يَراها تصنع حاضِرها ومستقبلها وأقدارها بل وأحيانا مستقبله وقدره هو بعقل لا ينضب مَعينه، وهِمّة لا تلين عَزيمتها، وإخلاص لا حدود له لأوطانها وللبَشرية جَمعاء، في الوقت الذي مازال هو مُكتفياً لاهِياً بإجترار الماضي وإستِهلاك ما تنتِجه هذه الشُعوب. بَدئاً بالأفكار، كالفِكر القومي الذي أستورَده مِن المانيا ومصر، والفكر الإشتراكي الشيوعي الذي أستورَده مِن الإتحاد السوفيتي، والفِكر الرأسمالي والليبرالي الذي أستورده مِن الولايات المُتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية. وإنتهائاً بالعلوم والفنون والثقافة والأطعمة والألبسة والكماليات التي يَستوردها مِن أوروبا وآسيا والأمريكيتين وأستراليا.
بالتالي حَيّرتنا في أمرك يا أيها الوَعي العراقي الضائع التائه المُضطرب! إرسالك على بَر! فهَل الفتى هو مَن قال كان آبائي وأجدادي سومريون وأكديون وميديون وآشوريون وبابليون، وجلسَ ووَضَع رِجلاً على رِجل مكتفياً بالتغني بأمجاد الماضي! أم الفتى هو مَن قال ها أنا ذا بأفعاله وإبداعاته وإنجازاته كالأمريكان والأستراليين والكنديين والكثير غيرهم مِن شُعوب العالم التي تصنع اليوم الحَضارة الإنسانية الحديثة ولا تجترّها!!

مصطفى القرة داغي
[email protected]



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكسندر بورودين من كيمياء الطب الى كيمياء الموسيقى
- لولا العَم سام لما أزيح المالكي ولما أسقِط صدام!
- يا زهرة الألب.. باركي موطني الى الأبد
- هل كان الحَجّي خازن جهنم العراق ومَن بيَده مفاتيح أبوابها؟
- فريد الأطرش.. أمير النغم الجميل والطرب الأصيل
- الموسيقار الكوبي ارنستو ليكونا مُبدع المالاغوينا الأندلسية
- العراق.. بلاد الواق واق
- سِحر الطبيعة وأنغامُها في سمفونية بتهوفن السادسة
- المُجتمع العراقي بَين رَبع ما قبل 9 نيسان 2003 ورَبع ما بَعد ...
- قناة (mbc action) من التألق والريادة الى السطحية والإعادة!
- نواعم شوستاكوفتش.. الموسيقار الموسوعة
- دَولة العِراق الحَديثة وعَهد التأسيس الذي كان إعجازاً وحُلما ...
- شارلي شابلن.. وللموسيقى مِن عَبقريّته حُصّة
- ذهَب القائد المُناضِل الضَرورة وجائنا القادة المُجاهِدون الض ...
- جَنّة جَنّة جَنّة .. تمَنّينا تصير يا وَطَنّا
- جعفر باشا العسكري أبو الجيش العراقي.. سيرة عطرة
- الموسيقى الكلاسيكية اليونانية.. نغم راقص وعَبَق مِن سِحر أفر ...
- الإسلام السياسي وأحلام السُلطة
- آلوندرا دي لا بارا وآرتورو ماركيز.. قيثارتان مِن بلاد السِحر ...
- العراقيون و (جين) عبادة الفرد وتأليه الزعماء


المزيد.....




- روبرت ريدفورد.. أيقونة أسلوب الأزياء الأمريكي وإرثه المتجدد ...
- المفوضية الأوروبية تقترح فرض عقوبات تجارية على إسرائيل
- الأشد حرارة منذ 1961.. صيف 2025 يسجل متوسطًا قياسيًا في إسبا ...
- لماذا اختار الجيش الفرنسي الاهتمام مجددا بالظواهر الفضائية ا ...
- بريطانيا.. محتجون يستعرضون صورا لترامب مع جيفري إبستين أمام ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن إقامة -مسار انتقال مؤقت- لخروج السكان ...
- اقتراحات أوروبية لفرض قيود على التجارة مع إسرائيل
- زيارة ترامب لبريطانيا.. الاستقبال وجدول الأعمال وما يمكن توق ...
- محاولة اغتيال قادة حماس في الدوحة.. إسرائيل إذ توسّع ساحة ال ...
- روح -فريندز- تعود.. نيويورك تستعد لافتتاح مقهى -سنترال بيرك- ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - أزمة الوعي العراق.. (1) الوعي العراقي وإجترار الماضي