أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - كونشيرتو الكمان الأول لماكس بروخ.. أوبرا بلا كلمات















المزيد.....

كونشيرتو الكمان الأول لماكس بروخ.. أوبرا بلا كلمات


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 4903 - 2015 / 8 / 21 - 08:25
المحور: الادب والفن
    


قليلون هُم مَن ظهَرَت لديهم المَوهبة الموسيقية مُبَكرّة وفي سَنوات طفولتهم الأولى، والموسيقار الألماني ماكس بروخ هو بالتأكيد أحَد هؤلاء القلائِل، فقد قام بتاليف أول مَقطوعاته الموسيقية وهو في التاسعة مِن عمره كهَدية الى والدَته بمُناسبة عيد ميلادها، إستمِر بَعدها في دراسة الموسيقى والسفر بين المدن وشغل الوظائف وتأليف الأعمال الموسيقية التي جاوَزت المِئتين، وجعلته واحداً من أبرز الموسيقيين الألمان في القرن التاسع عشر. في أعمال بروخ تظهر سِمات رومانسية عَميقة وواضِحة، مَع المُحافظة على أسلوب البناء الرَصين الحازم للقطع الموسيقية الذي مَيّز المَدرسة الألمانية، لذا إعتُبِر أسلوبه أقرب الى مؤلفي المَدرسة الرومانسية الكلاسيكية مِثل مندلسون وبرامز، مِنه الى مُؤلفي المدرسة الرومانسية الحَديثة مثل شومان وليست، وإن كنت أراه يَجمع بَينهما وفي أعماله شَيء مِن روح المَدرستين.
يُعتبر كونشرتو الكمان الأول بسلمg الصغير مِن أكثر أعمال بروخ شعبية، وقد طافت شهرته الآفاق حتى خلال حياته، ويُصَنّف اليوم ضِمن أشهَر مؤلفات الكمان الأوركسترالية. بدأ به بروخ عام 1850 وهو لا يزال طالباً وأنجزه عام 1866، وعُزف لأول مَرة في الرابع والعشرين مِن أبريل لنفس العام بقيادة بروخ نفسه، وقام بعزف الكمان المنفرد (الصولو) صديقه عازف الكمان الهنغاري الشهير جوزيف يواخيم الذي كان معجباً بالعمل وبأسلوب بروخ في تأليفه وتوزيع أنغامه أوركسترالياً وشجعه عليه.
الحَركة الاولى من الكونشرتو التي أسماها بروخ "المَنطقة الصَخرية" تُعطي إنطباعا صارماً يَتخلله بعض الدفء والحوار العذب بين الأوركسترا والكمان المنفرد، صاغها على شكل مُقدمة موسيقية أشبه بمقدمات الأوبرا ترتبط بالحَركات التي تليها، لأن تصوره للعمل كان على شكل فنتازيا شعرية. فهي تبدأ بلحن أولي بَطيء يَعزفه الفلوت، بَعدها يَبدأ الكمان المُنفرد بالعَزف الحُر، ثم تعود الأوركسترا لعَزف اللحن الأول، ليَعود الكمان لعَزفه الحُر المتنوع لحنياً والمُتمَحور حَول لحن ثاني رومانسي، وبمُرافقة شاعِرية أحياناً وصارمة أحياناً مِن قبل الأوركسترا التي تنهي الحَركة كما بَدَأتها بقوة لتنقلنا الى الحَركة الثانية.
الحَركة الثانية "أضواء الغابة" بطيئة وتتميز بلحنها الرَصين الهاديء الرومانسي، وهي تعتبَر قلب العمل وحلقة الوَصل بَين حَرَكتيه الأولى التي تسبقها والثالثة التي تليها، بألحانها الغنية التي صاغتها مُخيّلة بروخ للكمان الذي يبدو في هذه الحركة وكأنه مطرب سبرانو في أوبرا يشدو بأغنية رومانسية عذبة، مَع الخلفية الناعِمة التي تؤدّيها الأوركسترا لكي تنقل المُستمِع بَين الألحان الساحرة.
الحَركة الثالثة التي تمَثل النهاية أسماها بروخ "كرنفال في قصر كونت هنغاري" وتبدأ بعَزف الأوركسترا بأكمَلها للحن أبدعته مخيلة بروخ من وحي الألحان الشعبية الهنغارية بأسلوب حيوي قلق مُتوَسّط السُرعة، ثم يَنقلنا الكمان المُنفرد مَع اللحن نفسه لأجواء مُفرحة سَريعة لتغطي القلق رُبّما، لتعود الأوركسترا لعَزف اللحن بقوة وعُنفوان بَين حين وآخر وَسط الحَركة بالتناوب مَع الكمان، مَع ظهور لمسة رومانسية في لحن قصير بَطيء يَتخللها بَين حين وآخر، وتنتهي الحَركة بصُعود شَديد يَعلو بالصوت لكامل الأوركسترا بمُرافقة الكمان.
لبروخ عمل أوركسترالي جميل وشهير آخر أعطى فيه أيضاً تفرد وخصوصية للكمان، وهو الفانتازيا الاسكوتلندية التي وضع فيها ألحانا ً شعبية اسكوتلندية صاغها بإطار أوركسترالي، والتي قام بتأليفها عام 1880، ونجد فيها بروز واضح لآلة الكمان منفردة بمواجهة الاوركسترا، وفي حوار معها يتطلب مهارة كبيرة من عازف الكمان. تتألف الفانتازيا من أربع حركات، تمثل كل واحدة منها لوحة موسيقية ترسم لنا جزئاً من اسكوتلندا التي لم يزرها بروخ لكنه أبدع في تصويرها بفانتازيا مخيلته الغنية بأعذب الألحان، فمَرة طبيعتها الخلابة الساحرة، ومَرة تراثها الموسيقي الغنائي، الأولى تبدأ بلحن حزين عاطفي لتنتهي بلحن أغنية "روبن موريس العجوز" التي تحمل إسمها، والثانية "الطاحونة المغبرة" ذات لحن سريع يتكون من ثلاث الحان راقصة متداخلة، والثالثة عبارة عن تنويعات بصيغة السوناتا على لحن أغنية "أنا أسف لذلك" و" أفتقد جوني"، والرابعة سريعة مبنية على لحن أغنية حرب شهيرة وتبدو قريبة لأجواء الحركة الثانية والرابعة من سمفونية مندلسون الاسكتلندية.
قبل الختام لا بد أن نعرج بعجالة على سمفونية بروخ الثالثة التي أراد لها إسم "على الراين" والتي جائت بعد سمفونيتين لم تنالا النجاح المرجو، وهي تتكون من أربع حركات، تبدو الأولى على نسق مقدمة أوبراه لوريلي في دخولها الهاديء الذي يعقبه لحن رومانسي أراد بروخ من خلاله الإيحاء بأجواء منطقة الراين مستعيناً بلحن شعبي، الحركة الثانية بطيئة وتمتاز بألحانها الرومانسية الساحرة التي تذكرنا بسمفونيات شومان، أما الحركة الثالثة فسريعة ذات لحن راقص ربما أراد بروخ من خلاله تصوير أجواء حياة منطقة الراين أيام الكرنفالات الشعبية التي تقام على ضفافه، الحركة الرابعة صاغها بروخ بمنتهى الروعة وأبدع لها لحن حماسي أخاذ لتعبر عن فكرة السمفونية التي وصفها بأنها "عمل للحياة... وللمتعة" والتي أرادها على ما يبدو رسالة محبة من وحي منطقة الراين التي ولد وعاش فيها.
كان الموسيقار برامز من أبرز معاصري بروخ، وكانت علاقته به خلافية بين مَد وجَزر، لكنهما التقيا معاً في معارضة المدرسة الألمانية الجديدة التي مثلها فاغنر. كان ذكياً ومتواضعاً، لذا رغم موهبته المُتمَيزة التي ترجمتها أعماله، فقد علم بأنه يملك موهبة أقل من برامز، وقال حينها متنبئاً بأنه "بعد خمسين عاما من الآن سيُنظَر الى برامز على أنه أحد أعظم مؤلفي الموسيقى بكل العصور، في حين سيتذكرني الناس لأني ألفت كونشرتو الكمان الأول في مقام صول الصغير".

Bruch - Violin Concerto No. 1
https://www.youtube.com/watch?v=gK3_K1C2lYc

Max Bruch - Schottische Phantasie Op.46
https://www.youtube.com/watch?v=HfaCAawDrC8

Max Bruch - Symphony No.3 in E-major, Op.51
https://www.youtube.com/watch?v=XfEE-GoJS2E

مصطفى القرة داغي
[email protected]



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليَسار العراقي.. الدَور الخطأ في الزمان الصَح، والدَور الصَ ...
- أزمة الوعي العراقي.. (3) الوعي العراقي ونصب اللاحرية
- الموسيقار التشيكي سميتانا.. قلب بوهيميا النابض
- العراق يَمضي الى زوال لولا نسيم الجبال!
- أزمة الوعي العراقي.. (2) الوعي العراقي وقطبيته المعكوسة في ت ...
- المالكي والعبادي بين شَخصية المُعارض وشَخصية رَجل الدولة
- لو كان المعتدلون أغلبية ما تأسست بغيدا وما حدثت شارلي
- جوزيف جونغن ساحر الأورغن وإيقونة بلجيكا الموسيقية الأبرز
- هيكل.. سكت دهراً عن المالكي ونطق ظلماً عن العبادي!!
- أزمة الوعي العراق.. (1) الوعي العراقي وإجترار الماضي
- الكسندر بورودين من كيمياء الطب الى كيمياء الموسيقى
- لولا العَم سام لما أزيح المالكي ولما أسقِط صدام!
- يا زهرة الألب.. باركي موطني الى الأبد
- هل كان الحَجّي خازن جهنم العراق ومَن بيَده مفاتيح أبوابها؟
- فريد الأطرش.. أمير النغم الجميل والطرب الأصيل
- الموسيقار الكوبي ارنستو ليكونا مُبدع المالاغوينا الأندلسية
- العراق.. بلاد الواق واق
- سِحر الطبيعة وأنغامُها في سمفونية بتهوفن السادسة
- المُجتمع العراقي بَين رَبع ما قبل 9 نيسان 2003 ورَبع ما بَعد ...
- قناة (mbc action) من التألق والريادة الى السطحية والإعادة!


المزيد.....




- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - كونشيرتو الكمان الأول لماكس بروخ.. أوبرا بلا كلمات