أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سارة في توراة السفح: الفصل الثالث/ 5














المزيد.....

سارة في توراة السفح: الفصل الثالث/ 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6432 - 2019 / 12 / 8 - 00:53
المحور: الادب والفن
    


العم عمر، شاء أن يلعب دورَه الشيطانيّ إلى النهاية. كان في أعماقه يكره النساء الصغيرات السن، مقتنعاً أن خصلة الخيانة متأصّلة فيهن؛ ينتظرن الفرصة المناسبة، لممارسة الإفك والزنا والفجور. برغم إخلاص امرأته الشابة وطيبتها، كان على استعداد أيضاً لاتهامها بمجرد أن تهب نسمة من الظن باتجاه مسلكها. لقد هزّه ما جرى لسيّده، رمضان آغا، وأن هذا غادر الدنيا مثلوم العرض. التزم أولاً جانبَ أرملته، فلم يدخر وسعاً لمساندتها ضد أديبة ورجلها. لكنه قلبَ ظهر المجن لسيّدته، مراعياً مصلحته الشخصية. مع علمه بتورط هذه الأخيرة في علاقة سرية، محرّمة، عادت شكوكه الراسخة تلح عليه: " لم لا تكون قد ختلت رمضان آغا مع وكيل أعماله الشاب، وذلك حين كانت متزوجة. ثم التفتَ هذا الآثم، فيما بعد، إلى ابنة الآغا فأغواها هيَ الأخرى؟ ". بقيَ منذئذٍ لا يستقر على حال، مغيّراً ولاءه في كلّ مرة.
حين دخل الشقاقُ بين العشيقين في ذلك اليوم، كان البستانيّ العجوز يحوم حولهما من بعيد. اتجه إلى كوخه بخطى مطمئنة، غبَّ رؤيته لحوريّة خارجة من منزل خليلها. لم تمض بضع دقائق، إلا وكان أحدهم يقرع بابَ الكوخ. فتحَ للسيّد سليم، وكان هذا بكامل قيافته وقد لف شالاً حول رقبته. لاحت علامات السخط تكسو سحنته، وكان بالوسع تفسيرها على خلفية تأنيب الضمير، لولا أنه بادر بالقول: " سيغدو كل شيء حطاماً، إذا لم نوقف الأرملة عند حدّها "
" هدئ من روعك، يا صاحبي. لكن تفضل واجلس أولاً "، قالها العجوز وهوَ يدفع كرسياً باتجاه ضيفه. أخرج السيّد منديلاً حريرياً من جيبه، ثم أخذ يمسح سطح الكرسيّ قبل أن يهمد عليه في تثاقل. كان الكوخ بارداً، مع أن الشمس أشرقت دافئة منذ الصباح. ظل واقفاً البستانيّ، يصيخ السمع بانتباه لما سيفوه به سيّده.

***
الخطة المرسومة، المقرر تنفيذها في صباح اليوم التالي، كانت تتفق مع رتابة الحياة في منزل الأسياد، الموزع على أسرتين فضلاً عن كوخ البستانيّ. هذا الأخير، هوَ من أقنع العاشقَ الملول بسهولة التخلص من الأرملة، التي تكاثفَ في داخلها الخنا واليأسُ معاً حدّ الاستهتار بالفضيحة والعار. إذ تأكّد للعجوز أن حوريّة لو نفذت تهديدها بفضح العلاقة السرية، ستتسبب ليسَ بتقويض المنزل حَسْب، بل وأيضاً بطرده إلى الشارع. كان من المفترض أن يُستهل تنفيذ الخطة، بعيدَ سير أديبة مع مربيتها إلى السوق: يُهرع سليم إلى منزل الأرملة، بحجة ضرورة مناقشتها لمحاولة ثنيها عن العدول عما في رأسها. بعد دقائق، يسمعان صوتَ البستانيّ آتٍ من التراس يُنادي لهما. يخرج العاشقان إلى الشرفة، لمعرفة جليّة الأمر. يُمسك ثمة أحدهما بالآخر، فيقذف به إلى أسفل، أينَ الصخور المسننة، المكتنفة المنحدر المؤدي إلى عمق الوادي. كون الشرفة يقطع فراغها حبلُ غسيل، سيبدو سقوط ربّة المنزل هنالك حادث قضاء وقدر؛ أي حينَ كانت هذه واقفة على كرسيّ كي تنزل الملابس المجففة. لمزيدٍ من إبعاد الشبهة عن نفسه، كان من المأمول أن يتجه سليم بعيد التيقن من موت الأرملة إلى بيت أبيه، الكائن في البلدة القديمة.
بينما كان السيّد سليم يقفُ بهيئة السكران بإزاء باب عليّة الأرملة، المحاذي لمدخل الدار، إذا به يسمع من خلفه صوتاً نسائياً ينده باسمه. التفتَ مُجفلاً، ليرى امرأته تتحرك عند المدخل مع مربيتها. سألته عابسة وهيَ تشير إلى الجهة المقصودة: " هل لكَ حاجة فوق؟ ". أفرخَ روعه؛ وكأنما هذا الظهور، المفاجئ على حين بغتة، قد أنقذه من ورطة لا راد لها. هكذا شدّ قامته، ليرد بنبرة حافلة بالكبرياء والثقة بالنفس: " سمعتُ صوتَ الطفل يبكي طوال دقائق، ويبدو أن والدته مشغولة عنه في شأنٍ ما "
" أراكَ في ثياب الخروج، فهل تنوي زيارة أحد؟ "
" نعم، شعرت بالضجر وقررت أن أتوجه إلى بيت أبي "، رد دون أن يزايله الضيق تماماً.
" لم يعُد يأتي صوتُ بكاء، ما يعني أن حوريّة انتبهت لابنها "، علّقت آمنة من وراء ظهر سيّدتها. لم تعجبه لهجة المربية، لكنه تجاهلها وقال يسأل امرأته، " لعلك نسيتِ شيئاً ما، وإلا ما عدتِ بسرعة للبيت؟ ". أجابت أديبة، مشيرةً بإصبع الإبهام إلى الخلف: " بلى، نسيتُ كيسَ مالي وكان هذا بسبب لجاجتها ". قالتها مطلقةً ضحكة صادقة وطبيعية، زادت من طمأنة الرجل.
بيد أنّ أديبة لم تخرج من المنزل في ذلك اليوم، ولا في خلال الأيام العشرة التالية. لقد دهمها الطلقُ، لحظة إمساكها كيسَ المال. وكان رجلها قد أمسى خارج المنزل، لما عاد مسرعاً بعدما لحقه البستانيّ. كونها الولادة الثانية، ما عانت أديبة كثيراً من الألم. كذلك لم تستغرق عملية خروج الابنة إلى نور الحياة سوى أربع ساعات؛ هيَ من مكثت في رحم الأم سبعة أشهر. مجيء " سارة "، جعل الهدوءُ والسلام يخيم على المنزل، المقسوم بين المرأتين الغريمتين، ولو كان ذلك بصورةٍ مؤقتة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارة في توراة السفح: الفصل الثالث/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الثالث/ 3
- سارة في توراة السفح: مستهل الفصل الثالث
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل الثاني
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني/ 1
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 1
- ليلى والذئاب: الخاتمة
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع عشر/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع عشر/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع عشر/ 3
- ليلى والذئاب: مستهل الفصل الرابع عشر
- ليلى والذئاب: بقية الفصل الثالث عشر
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث عشر/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث عشر/ 1


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سارة في توراة السفح: الفصل الثالث/ 5