الفضلات الكومبيوترية وحماية البيئة

علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 1555 - 2006 / 5 / 19 - 09:59
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

تجاوز عدد الكومبيوترات الشخصية المنتجة حتى أبريل للعام 2002 حدود المليار. بحسب تقديرات الرابطة المركزية الألمانية للصناعة الكهربائية والإلكترونية ينشأ في ألمانيا حوالي 1.5 مليون طناً من الفضلات الإلكترونية . من هذه الكمية هناك حوالي 120000 طناً من فضلات تقنيات المعلوماتية ( أجهزة فاكس – طابعات – ناسخات – هواتف – شاشات كومبيوترية – كومبيوترات ... الخ ). إن التخلص من الفضلات الكومبيوترية ما زال حتى يومنا هذا من المشاكل الكبرى التي تواجه النظام البيئي الذي نعيش ضمنه . إن الطرق المستخدمة للتخلص من الأجهزة القديمة ( مثل طريقة الحرق أو الطمر ) غير مجدية حيث تبقى المواد الرصاصية متواجدة. إن حوالي 40 حتى 50 % من مادة الرصاص المتواجدة في المطامر هي نتاج الأجهزة الإلكترونية .
يتم في الزمن الحاضر وبتواتر سريع استبدال الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر الشخصي المستعملة بأجهزة جديدة ذات استطاعات أكبر وموديلات أكثر تلاؤماً مع إيقاع التطور الاجتماعي والاقتصادي. إنتاج الأجهزة الجديدة يتطلب مواداً أولية والتي تحتاج بدورها إلى تكاليف عالية بغية الحصول عليها ومعالجتها . يتطلب بناء وإنتاج الكمبيوتر الشخصي مع شاشته وسطياً حوالي 240 كغ من الوقود الأحفوري وحوالي 22 كغ من المواد الكيميائية وحوالي 1500 ليتراً من الماء. يحتاج الإنسان من أجل تصنيع وحدة ( شريحة ) تخزين معطيات بوزن حوالي غرامين إلى حوالي 1.3 كغ من الوقود. هذا يعني أن إنتاج الكمبيوتر الواحد يحتاج من الوقود ما يعادل عشرة أضعاف وزنه ، وهذا هو استهلاك عال بالمقارنة مع إنتاج أجهزة أو آليات أخرى مثل السيارات أو البرادات والتي تستهلك عملية إنتاجها من الوقود ما يعادل تقريباً وزنها الإجمالي وهكذا فإن عملية إنتاج الكمبيوترات هي عملية ذات احتياجات طاقية كبيرة. فعلى سبيل المثال بلغ الاستهلاك الطاقي اللازم لتشغيل الكمبيوترات في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1999 ما مقداره 1% من إجمالي استهلاك التيار الكهربائي .
في مجال صناعة الحواسيب ما زال حتى هذا اليوم استخدام مادة الرصاص ومواد أخرى غير نظيفة قائماً . تتم عمليات الوصل اللحامي لشرائح التخزين الميكروية وللعناصر الإلكترونية الأخرى بواسطة عمليات اللحام الحاوية على نسبة عالية من مادة الرصاص . كما يتم استخدام مادة الكروم وهي مركب سام بحسب درجة الأكسدة ومحرضة للسرطان ومخربة للمورثات . بالإضافة إلى ذلك يدخل في عملية التصنيع مواد أخرى مثل النحاس والتوتياء والنيكل والذهب والأمونيوم والسيليسيوم والإسترنشيوم والزرنيخ والأنتيمون والمنغنيز والجرمانيوم والبزموت . وأيضاً حوالي أكثر من 40 مادة لدائنية منها على سبيل المثال : راتنجات الإيبوكسيد والفينول والبولي آميد والبوليستر . بالإضافة إلى العديد من الغازات والأحماض منها : غاز النتروجين ( الآزوت ) وغاز الهيدروجين وغاز الهيدروجين الفوسفوري وهيدروجين السيليسيوم وحمض الهيدروليك وحمض الفلور ... الخ. بشكل عام يتألف جهاز الكمبيوتر من حوالي 1000 مادة مختلفة. تحتوي شريحة الذاكرة لوحدها على أكثر من 350 من المواد التي لبعضها تأثيرات سامة .
بحسب إحدى دراسات الحكومة الأمريكية أصبح حوالي 6.4 % من العاملين في قطاع إنتاج وحدات الذاكرة مرضى نتيجة لتعاطيهم اليومي مع المواد الكيميائية السامة والمستخدمة لأغراض الإنتاج. كما لوحظ زيادة نسبة الإجهاضات عند الحوامل من العاملات في هذا المجال بالمقارنة مع الحوامل في قطاعات إنتاجية أخرى .
نظرياً يستطيع الإنسان تجنب ، بل حل معظم المشاكل البيئية الناتجة عن الصناعة الكومبيوترية و إعادة تصنيع و استعمال حوالي97 % من مكونات المواد المستخدمة في صناعة الكومبيوتر. بشكل عام ومختصر يستطيع الإنسان أن يعتمد على التحديدات العامة التالية والقائلة بأنه : حوالي 83% من مكونات الكومبيوتر قابلة لإعادة التصنيع ، وحوالي 7% قابلة لإعادة الاستخدام ، وحوالي 10% من المكونات قابلة للطمر والتخزين النهائي . إن عملية إعادة استثمار الشاشات الكومبيوترية تطرح نفسها على أنها عملية غاية في التعقيد والصعوبة نظراً لطريقة تصميمها ولطبيعة المواد المختلفة والداخلة في تصنيعها .
إن إعادة التصنيع هي عملية إنتاجية ذات قيمة كبرى فعن طريقها يستطيع الإنسان أن يتجنب ضرورة الإنتاج الجديد للمواد المختلفة ، وكذلك يتم تقليل استهلاك الطاقة والمصادر الطبيعية إلى حدها الأدنى . إلا أنه لا توجد حتى هذا اليوم الإمكانيات العملية والتقنية وكذلك القدرات التمويلية من أجل القيام بهذه المهمة . بالإضافة إلى ذلك هناك ثمة مشاكل إيكولوجية قد تنشأ عن هذه المصانع في حال وجودها ( انطلاق كميات هائلة من المواد الضارة إلى الغلاف الجوي ) . تفتقر معظم الدول الأوروبية إلى الوسائل والمخططات الناجعة الهادفة إلى المعالجات الأولية للفضلات الإلكترونية قبل التخلص منها أو قبل تثقيل بلدان العالم الثالث بها . ينبغي معالجة البقايا الإلكترونية والفضلات الكومبيوترية في مراكز خاصة من أجل تفكيكها إلى مكوناتها وفصل أجزاءها عن بعضها البعض ليصار إلى إعادة استخدام بعضها ، أما المكونات الحاوية على مواد ضارة فيجب التخلص منها بشكل مدروس بيئياً بغية عدم إلحاق الضرر بالنظام البيئي .
لقد بدأت بعض الشركات في تنفيذ برامجها بغية الوصول إلى عمليات الإنتاج الإلكترونية الرفيقة بالبيئة . لقد أصبحت إمكانية الاستغناء عن أساليب اللحام بالرصاص في متناول اليد ، وكذلك أصبح بالإمكان إنتاج الحاسب الرفيق بالاستهلاك الطاقي . في هذا السياق يمكن الإشارة إلى أنه أصبح في ألمانيا ممكناً اقتناء الحواسيب الحاملة للرمز البيئي الألماني ( الملاك الأزرق ) . ومنذ مطلع آذار لعام 2006 يلتزم كل منتج للأجهزة الكهربائية والإلكترونية بعدم عرض أياًُ من منتجاته في السوق والتي تتضمن في تركيبها مواداً ضارة للنظام البيئي . كما يلتزم المنتجون للأجهزة الكومبيوترية والإلكترونية بالترحيل والتخلص البيئي السليم من الأجهزة المستعملة والتي يتم جمعها من قبل المواطنين في أمكان خاصة محددة سلفاً .
من أجل التغلب على جبال النفايات الإلكترونية - التي تزداد حجومها من عام إلى آخر – يطرح نفسه علم التصميم الهندسي بمراعاة فن إعادة التصنيع على أنه أحد أهم الحلول الممكنة . وهنا نطرح بشكل مقتضب بعضاً من الخطوات المنهجية التي يتم ويجب اتباعها عند تصميم وتصنيع الكومبيوتر :
- التفكير بطريقة منهجية من أجل ملائمة المعالجات الكومبيوترية وأجيال المعالجات الجديدة التي يتم تطويرها.
- إيجاد المنهجية التصميمية الصحيحة بغية توفير إمكانية توسيع وحدات الذاكرة والتخزين .
- توسيع القدرات الوظائفية عن طريق زيادة عدد وحدات الدخل ( المنافذ ) .
- استخدام تقنيات الربط والوصل الميكانيكية بدلاً من عمليات الوصل اللحامي أو الوصلات بالضغط أو الوصلات اللاصقة لأنها غير قابلة للفك وإعادة الاستخدام دون إلحاق أضراراً تؤدي إلى تشويه العناصر المرتبطة .
- رفع مدة دورة حياة الكومبيوتر عن طريق استخدام تصاميم قابلة للصيانة والإصلاح ، إن مضاعفة العمر الحياتي لجهاز كومبيوتري يعني تقليل درجة التثقيل البيئي خلال عمليات الإنتاج والترحيل إلى النصف .
- تقليص وتقليل عدد وتنوع المواد الداخلة في تصنيع الكومبيوتر وبشكل خاص أنواع المواد اللدائنية .
- الاستغناء التام عن المواد المحرضة للسرطانات .
- تزويد الكومبيوتر بتجهيزات توفير الاستهلاك الطاقي .
- تزويد المستثمر بقواعد الاستعمال الأمثل .

#علي_دريوسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات