الخضر الألماني و تحالف التسعين

علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 1331 - 2005 / 9 / 28 - 08:06
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

شهد العالم في في السنوات العشرين الماضية ـ و نتيجةً لتفاقم الكوارث البيئية عالمياً و ضرورة إيجاد الحلول المناسبة ـ ظهوراً و تطوراً ملحوظاً لأحزاب الخضر (البيئة). لقد أصبح لأحزاب الخضرفي بلدان أوروبا الغربية (ألمانيا ، النمسا ، فرنسا ، البرتغال ، بلغاريا ، السويد....) و في وقت قصير نسبياً ممثليها في المجالس البرلمانية و كذلك في البرلمان الأوروبي (حزب الخضر الأوروبي يضم 32 حزباً للخضر من 29 بلداً أوروبياً و الذي تأسس في 22 شباط /فبراير/ عام 2004 في مدينة روما الإيطالية )، حتى أن بعضها أصبح مشاركاً فعلياً في حكومات الائتلاف كما هو الحال في ألمانيا و فرنسا .
إلا أن ظهور أحزاب الخضر لم يكن فقط حصراً على البلدان الأوروبية الغربية بل انتشرت في بلدان أخرى كثيرة (البرازيل ، تركيا....) وكذلك بدأت أيضاً في البلدان العريبة بالظهور (حزب البيئة اللبناني ، حزب الخضر العراقي ، حزب الخضر المصري....) إلا أنها مازالت في طور البداية و التعلم.
لا بد من الإشارة إلى أنه من الخطأ الفادح وضع جميع أحزاب الخضر في سلة واحدة ، حيث أنه لكل منها صفاته الخاصة و ذلك حسب ظروف نشأته و مدى تطور المجتمع المدني في البلد المعني و خواص البلد السياسية و الاقتصادية و الحضارية . كما ينبغي التنويه بأن أحزاب الخضر لا تقتصر فقط على البرامج الموجهة لحماية البيئة / و إن كانت قد بدأت منها / بل تمتد لتشمل أيضاً الصعد السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية . إن أحزاب الخضر تتخذ من الفلسفة الإيكولوجية و من نظرية التنمية المستدامة منهجاً لتطوير و تجديد الفكر و النظام الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي .
و في هذا السياق سوف نقدم و على سبيل المثال لمحة مقتضبة عن تاريخية نشوء حزب الخضر الألماني و تحالف التسعين :
يُعتبر حزب الخضر الالماني و تحالف التسعين حزباً جديداً نسبياً تم تأسيسه بشكل رسمي عام 1993 في ألمانيا الاتحادية و ذلك عن طريق اندماج حزب الخضر الألماني الشرقي و خضر ألمانيا الغربية و أقليات نخبوية لا حكومية ذات اتجاهات و مشارب سياسية و اجتماعية متباينة و التي لم تجد في أحزاب ذاك الوقت البديل السياسي المعبّر عن طموحاتها و أحلامها السياسية و الاجتماعية و الإنسانية. النقاط الأساسية لبرامج و رؤى تلك الأقليات كانت و مازالت بعد توحدها تدور حول السياسة البيئية و حماية البيئة من أجل المدنية الإنسانية ، حول بيئة المدن و حماية الطبيعة و مصادرها الأولية، حول السلام , حول حقوق المواطنين ، حول شؤون المرأة و مساواتها مع حليفها المذكر ، و كذلك تلك التجمعات المناهضة حتى للاستثمار المدني للطاقة النووية و جماعات اليساريين الشباب الجدد اللذين تطوروا بمفاهيمهم الماركسلينينية و خصوصاً بعد الحركات الطلابية لعام 1968 و أيضاً الحركات الاجتماعية التي طالبت بضرورات الاعتراف بحرية الإنسان في تحديد و جوده و حقه في تقرير مصيره و حقوقه في ميوله الجنسية . مجمل هذه الحركات ناضلت ضد الشكل الشيوعي الدكتاتوري البيروقراطي الذي ساد لعقود طويلة في ألمانيا الشرقية. بأفكارهم و برامجهم الداعية للعدالة و السلام و الديمقراطية ساهموا في انتصار الثورة السلمية التي تم بموجبها انهيار الشكل الدكتاتوري الشرقي لأجهزة الحكومة الألمانية الشرقية و رجالات مخابراتها .
نشأ حزب الخضر الألماني الغربي في مدينة كارل سرويّ عام 1980 و مع بدايات ذاك العام بدأ حملته الموسّعة و التي استهدفت الإشكالية البيئية و إشكالية الديمقراطية المباشرة و قضايا تحرر النساء و كذلك موضوعة السلام و تأمين حياة اجتماعية آمنة. أما نشأة حزب الخضر الألماني الشرقي فقد جاءت متأخرة بعض الشيء و ذلك في عام 1989 و قد تمثّل الجوهر النضالي لهذا الحزب بالنضال من أجل سياسة بيئية ديمقراطية تحررية ملتزمة بالإنسان و السلام.
في عام 1990 و كنتيجة للتقارب الفكري الاستراتيجي على صعيدي النظرية و الممارسة و كنتيجة للضرورة الموضوعية بغية بناء حزب موحد للخضر في كافة الأراضي الألمانية تم الاتفاق على توحيد الحزبين تحت يافطة حزب موحد متجانس. مع العلم أن تحالفاً آخر كان قد ظهر للحياة السياسية قبل التحالف المذكور و ذلك في مقاطعة ساكسونيا في ألمانيا الشرقية بين حزب الخضر الشرقي و حركات الدفاع عن حقوق المواطنين و لجان إحياء المجتمع المدني و قد أُطلق على ذاك التحالف اسم الخضر و تحالف التسعين.
لقد استطاع حزب الخضر واتحاد التسعين و بسرعة هائلة احراز مواقع متقدمة في المجتمع الألماني و تمثيله في المستوى الحكومي و البرلماني و كذلك على المستوى البرلماني الأوروبي. برنامجه السياسي يتجسد في النضال من أجل بناء مجتمع إيكولوجي قائم على التضامن كما يتمثل في الدفاع عن حقوق الإنسان و عن النظام الإيكولوجي و عن دمقرطة الدولة و دمقرطة المجتمع و رفض العنف النووي و أسلحة التدمير . يناضل الحزب أيضاً من أجل محاربة الفقر و البطالة و تحقيق العدالة الاجتماعية و الدفاع عن خيارات السلام و رفض العنف النفسي و المادي ضد الإنسان و الحيوان و النبات و المصادر الطبيعية و كذلك من أجل حماية الطفل و حقوق الأجنبي على الأراضي الألمانية.

#علي_دريوسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات