أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - علي دريوسي - الأهمية البيئية للطاقة الهوائية















المزيد.....

الأهمية البيئية للطاقة الهوائية


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 1074 - 2005 / 1 / 10 - 10:01
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


يتم الحديث عن التنمية المستدامة في مجال الطاقة إذا ما تم ضمان وضع كافة المصادر الطاقية الممكنة تحت التصرف ومراقبتها بشكل دائم و في الوقت نفسه التقليل قدر الإمكان من الآثار السلبية الناجمة عن استثمارها و نقلها و استعمالها بهدف إرضاء رغبات و احتياجات أجيال اليوم دون الإضرار برغبات و احتياجات أجيال المستقبل.
تعتبر الرياح أحد أهم مصادر الحصول على الطاقات البديلة الرفيقة بالبيئة. استخدم الإنسان الرياح بدءاً من العصور القديمة لممارسة التجارة عبر البحار العالمية باستعمال السفن الشراعية و ذلك قبل اكتشاف الآلة البخارية، كما استخدم طواحين الهواء لطحن الحبوب و لتشغيل المضخات المائية بغية السقاية و تجفيف الأراضي و تصريف المياه. مع بدايات القرن التاسع عشر كان في الشمال من ألمانيا ما يزيد عن 30000 طاحونة هوائية قائمة. هذه الطواحين الهوائية لم تعد تشاهد اليوم منذ أن أصبحت الكهرباء تحت التصرف في كل مكان. المحاولات الأولى لإحياء هذه التقنية الرفيقة بالبيئة و الحامية للمصادر الطبيعية قام بها بعض الجنود الألمان اللذين عملوا في سلاح المهندسين و ذلك في بدايات عام 1950. أما الولادة الحقيقية لإعادة استخدام طاقة الهواء من جديد فقد ظهرت مع ظهور أزمات النفط مطلع السبعينيات من القرن العشرين و الذي ترافق مع تقدم و ازدياد الوعي البيئي في العالم و في ألمانيا على وجه الخصوص.
تعتمد منشآت الطاقة الهوائية الحديثة مبدأ الرفع بدلاً من مبدأ المقاومة. هذا يعني بأنه لا يتم وضع مقاومة في طريق الريح و إنما تقوم الريح عند جريانها بالقرب من أجنحة المنشأة (العنفة) الهوائية بتوليد قوة رفع مشابهة لما هو الحال عند الطائرات. تساهم هذه القوة في وضع جناح العنفة في حالة حركة دورانية. العنفات التي تعمل حسب مبدأ المقاومة تستطيع أن تسحب من الريح و بشكل أعظمي ليس أكثر من 15 % من الطاقة بينما تستطيع تلك العاملة حسب مبدأ قوة الرفع أن تسحب ما لا يقل عن 60 % من الطاقة. المردود الأعظمي الذي تستطيع بلوغه المنشآت الحديثة لهذا اليوم و في الظروف المثالية لا يتجاوز 50 % أما المردود الوسطي فهو يقع عند حدود 45 % .
هناك تصاميم مختلفة للعنفة الهوائية منها ما هو بمحور أفقي و منها ما هو أو بمحور شاقولي كما تباينت التصاميم بحسب عدد الشفرات أي الأجنحة المستخدمة و بحسب الشكل الهندسي للبرج الحامل للأجنحة بالأضافة إلى نوعية المولد المستخدم و إلى وجود أو عدم وجود علبة سرعة مسننية. التصميم الذي أثبت وجوده بالمعنى التقني هو ذاك الذي تم فيه تثبيت القسم الدوار بشكل أفقي و الحامل لثلاثة أجنحة. يتم تصنيع الأجنحة أغلب الأحيان من مواد لدائنية، هذا و يبلغ طول الجناح في بعض المنشآت حوالي 50 متراً. يدور القسم الدوار من 10 إلى ثلاثين دورة في الدقيقة و يحصد الرياح ضمن فضاء مساحته 5000 متراً مربعاً. من أجل التحكم بعدد دورات القسم الدوار و زيادتها إلى 1500 دورة بالدقيقة يتم استخدام علبة سرعة مسننية. لعلبة السرعة هذه مساوئها المتمثلة بالضجيج الناتج عن الحركة و كذلك بالضياعات في الطاقة. يبلغ طول البرج الحامل للأجنحة 90 متراً وبهذا يكون الطول الإجمالي للمنشأة مع الأجنحة أكثر من 130 متراً. و كلما كان ارتفاع المنشأة أعلى كان ذلك أفضل و ذلك للتغلب على الدوامات الهوائية الناجمة عن تضاريس الأرض كما إن السرعات المتوسطة للرياح تزداد بازدياد الارتفاع. يحتوي البرج في داخله على سلالم من أجل الصعود لإجراء عمليات الصيانة الدورية.
عندما تهب الرياح ضعيفة فإن الطاقة المحتواة فيها لا تكفي للتغلب على عزوم الاحتكاك و العطالة للعنفة ولذا تبقى العنفة في حالة توقف. تبدأ العنفة بالعمل عندما يكون معدل سرعة الريح بحدود 3 متراً في الثانية و بهذا تزداد الاستطاعة مع الأس الثالث لسرعة الريح، هذا يعني بأن مضاعفة سرعة الريح يقود إلى مضاعفة استطاعة العنفة ثمان مرات. و مع ازدياد سرعة الريح يبلغ المولد استطاعته الاسمية الأعظمية و بالتالي يتم بلوغ معدل الطاقة المراد أعظمياً. و مع استمرار ازدياد سرعة الريح يجب استخدام تقنيات خاصة من أجل تنظيم الاستطاعة الزائدة.
تركز التطور التقني للعنفات الهوائية في السنوات العشرة الأخيرة على تصميم منشآت ذات حجم كبير و ذلك لاستثمار الطاقة الهوائية بالشكل الأمثل. بلغت استطاعة المنشأة في عام 1987 حوالي 50 كيلو واط و في عام 2001 حوالي 1300 كيلو واط و اليوم تبلغ الاستطاعة أكثر من 4000 كيلو واط أي أصبحت أكبر بعشرات المرات و هذا ما يطابق تأمين احتياجات حوالي 1800 منزلاً من الكهرباء سنوياً. ما زال التطوير جارياً حتى الآن لدرجة أنه من الصعب التنبؤ بالاستطاعة التي سيتم بلوغها في المستقبل.
تبلغ تكاليف المنشأة و التي تتراوح استطاعتها بين 500 و 1500 كيلو واط حوالي 800 حتى 900 يورو لكل كيلو واط ساعي. تضاف إلى هذه التكاليف أيضاً التكاليف الثانوية الخاصة بالتأسيس و التخطيط و إيصال الكهرباء إلى الشبكة العامة و كذلك تكاليف أرض البناء. تبلغ قيمة التكاليف التانوية هذه حوالي 30 % من قيمة التكاليف الصافية للمنشأة. و عليه تبلغ التكاليف الإجمالية من أجل محطة هوائية باستطاعة 600 كيلو واط حوالي 500000 يورو و من أجل منشأة باستطاعة 1500 كيلو واط تصل التكاليف حتى 1800000 يورو. مع العلم أن التكاليف هذه كانت أعلى في عقد الثمانينات بنسبة 35 % عما هي اليوم.
و لأن أمكنة بناء المزارع الهوائية على اليابسة قد أصبح نوعاً ما محدوداً، بدأ التخطيط و التنفيذ لبنائها في البحار و على السواحل و حيث أن سرعة الرياح أعلى منها على اليابسة. تقوم مزارع حصاد الريح في البحار بتوليد تياراً كهربائياً أكبر بنسبة 40 % مما تستطيع توليده المزارع الهوائية على اليابسة. تقول التقديرات بأنه من الممكن في ألمانيا على المدى الطويل بلوغ استطاعة إجمالية تصل إلى حوالي 25000 ميغا واط و ذلك فقط عن طريق المزارع البحرية و هذا ما يطابق تغطية 15 % من استهلاك التيار الكهربائي في ألمانيا.
مع ازدياد استثمار طاقة الريح بدأت جمعيات حماية الطبيعة و الحيوان بالتساؤل عن مدى حساسية البيئة لاستثمار الطاقة الهوائية. استثمار الريح قد يسبب الإزعاج البيئي الناجم عن توليد الضجيج و تشويش النظام الحيواني وخاصة الطيور و إضافة إلى ذلك تشويه المنظر الطبيعي العام. في هذا الخصوص يتوجب إحصاء السلبيات و الإيجابيات الناجمة عن هذا الاستثمار واعتماد النتائج الراجحة ومحاولة تجنب الأضرار الناشئة عن بناء مزارع حصاد الريح. لقد تم تخفيض الضجيج الناشئ بشكل كبير بفعل التطور الهائل في مجال الهندسة الميكانيكية (علم الموائع و علم التصميم و علم الاهتزازات). يبلغ معدل الضجيج اليوم حوالي 100 ديتسيبيل و ذلك بالقرب من برج المنشأة و حوالي 50 ديتسيبيل على بعد 50 متراً من البرج وهذا ما يتناسب مع الضجيج الناجم عن جهاز راديو في غرفة ما. و على بعد حوالي 500 متراً و هو البعد الأدنى الذي يجب مراعاته أثناء بناء المنشآت بالقرب من مناطق السكن يتناقص معدل الضجيج إلى الدرجة التي بالكاد يتم سماعه عندها.
الملاحظة و المتابعة الممتدة لسنوات عديدة التي جرت على الطيور أثبتت بما لا مجال للشك فيه بأن الطيور تنحرف أثناء طيرانها نهاراً عن المنشآت و فقط في حالات نادرة تسببت المنشآت في قتل بعض الطيور و في الليالي الحالكة و في الضباب تصطدم الطيور أحياناً ليس فقط بالمنشآت الهوائية و إنما بكافة العوائق التي تعترضها. الطيور تمتلك القدرة عند طيرانها على تجنب المنشآت الهوائية و ذلك لأنها تتعرف على تغير جريان الهواء الناشئ عن القسم الدوّار و الأجنحة الدوّارة.
و بما يتعلق بفكرة تخريب المنظر الطبيعي العام فإن الأراء متناقضة حول ذلك فالبعض يرى بأن مزارع الريح قد أدت إلى تغيير سلبي في الطبيعة و البعض يرى و على العكس من ذلك بأن مزارع حصاد الريح قد ساهمت إيجابياً بإضفاء لمسة جمالية للطبيعة. يتم تصميم الأبراج بطريقة تكون فيها مقبولة بصرياً و بتأثيرات سلبية أقل على المنظر الطبيعي العام، يتم طلاء القسم السفلي للبرج و المسمى قدم البرج بلون مشابه للون الطبيعة المحيطة بالمنشأة و يتم طلاء القسم العلوي بألوان غير قابلة للانعكاس (رمادي ضوئي) حفاظاً على الناظرين. كما أن الضجيج الناشئ عن استخدام ثلاثة من الأجنحة هو أقل منه في حالة استخدام عدد أقل و ذلك لأن الحمولات الميكانيكية تكون أقل ما يمكن ، إضافة لذلك فإن دوران ثلاثة أجنحة يعطي الإنسان شعوراً بالراحة أفضل منه في حالة دوران جناحين أو أقل.
و لأن شروط البيئة البحرية معقدة نوعاً ما فإن اختيار أمكنة البناء يتم بدقة عالية و عناية فائقة بالتعاون مع وزارة البيئة و مع مراعاة وجهات نظر حماة البيئة البحرية بما يتعلق بأمكنة الصيد و طرق عبور السفن و أماكن تواجد الكنوز البحرية النباتية و الحيوانية و كذلك الأهمية العسكرية للمكان المراد استثماره بالإضافة إلى مراقبة و دراسة الانعكاسات السلبية للمنشآت التي تم بناؤها سابقاً. و في اليابسة يتم أيضاً مراعاة الشكل الجمالي لتوضع المنشآت و ذلك باعتماد أشكال هندسية محددة و ملفتة للنظر كما يتم مراعاة أمكنة تواجد و طرق طيران أسراب الطيور و تجنب البناء في المناطق المحمية طبيعياً و في كل الحالات يتوجب قبل البناء الحصول على ترخيص بذلك و مراقبة اختيار مكان البناء المرخّص له.
الأزمة ما زالت قائمة بين المعارضين للبناء و الراغبين بذلك إلا أن هذه الأزمة لن تطول لأن المعارضون سيقتنعون في نهاية المطاف بغلبة الإيجابيات البيئية للبناء على سلبياته التي يمكن إهمالها نوعاً ما. فعن طريق بناء منشأة واحدة باستطاعة 1500 ميغا واط و خلال مدة حياتها البالغة كحد أدنى 20 عاماً يمكن أن نتجنب ما مقداره 64000 طناً من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون.
في الوقت الذي تستخدم فيه طاقة الهواء في الكثير من أقاليم العالم من أجل التشغيل الميكانيكي للمضخات يتم استخدامها في ألمانيا فقط من أجل توليد التيار الكهربائي. ألمانيا هي البلد الأول في العالم الذي يستثمر طاقة الرياح بمعدل عالٍ و لديه من المنشآت في اليابسة و في السواحل ما يفوق عن 15000 عنفة هوائية باستطاعة إجمالية تفوق عن 11000 ميغا واط. هذا العدد ساهم في حماية البيئة بشكل مباشر و ذلك عن طريق منع تسرب حوالي أكثر من 12 مليون طناً من غاز ثاني أكسيد الكربون. بقي أن ننوه بأن الحديث عن التنمية المستدامة بالمعنى الطاقي لا يعني و لا في أي حال من الأحوال بأنه هدف قد تم تحقيقه أو في طوره الأخير لأنه ما تزال حتى هذا اليوم أكثر البلدان تقدماً بعيدة عن هذا المفهوم لكنها تسعى جاهدةً إلى تمهيد الطريق لتحقيقه.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالمية التأهيل الهندسي في عصر العولمة ـ الجامعة الألمانية نم ...
- حول التعليم العالي في ألمانيا
- السياسة البيئية ومهامها الأساسية
- الفوائد البيئية و الإقتصادية الناجمة عن معالجة المخلفات العض ...
- الفوائد البيئية و الإقتصادية الناجمة عن معالجة المخلفات العض ...


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - علي دريوسي - الأهمية البيئية للطاقة الهوائية