أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - علي دريوسي - حول التعليم العالي في ألمانيا















المزيد.....

حول التعليم العالي في ألمانيا


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 959 - 2004 / 9 / 17 - 09:20
المحور: الطب , والعلوم
    


يرجعُ تأسيس العديد من الجامعات والمعاهد العالية في ألمانيا إلى مئات السنين ، ممّا يُوضّحُ جليّاً عراقةَ وأصالة العلم والتعليم العالي ومن ثمّ البحث العلميّ فيها. وقد طُرح شعار وحدة العلم والبحث العلميّ منذ حوالى مئتي عام ومازال موضع التنفيذ ليؤكّد أن الجامعات الألمانيّة ليست مراكز للتعلّم فقط ، بل مراكز للبحث العلميّ، هذا وتتوزّع الجامعات والمعاهد و بارتباط وثيق وتشجيع مباشر من الحكومة والشركات الصناعيّة، على امتداد الأراضي الألمانيّة وفق التالي:

/ 350 / جامعة ومعهد عالٍ قطّاع حكوميّ ، بالإضافة إلى / 50 / جامعة ومعهد عالٍ قطّاع خاصّ تمّ الاعتراف بها من الحكومة الألمانيّة، وهذا يعني بشكل تقريبي أن هناك جامعة لكل
/200000/ مواطن.
وفيما يلي إحصائيّة عدد الدارسين في كلٍّ من الجامعات والمعاهد بشكلَيها الحكوميّ والخاصّ:

العدد الإجمالي للطلبة المسجلين يبلغ / 1908911 / طالب وطالبة منهم / 32816 / في المعاهد العليا للفنّ والموسيقا،/ 487246 / في المعاهد العالية الاختصاصيّة ، والباقي / 1388849 / في الجامعات باختصاصاتها المتعدّدة ، من هذا العدد الإجمالي هناك فقط / 34538 / طالب وطالبة في الجامعات والمعاهد الخاصّة وحوالى/ 24388 / من الطلاّب يدرسون في المعاهد الكنائسيّة والمعترف بها حكوميّاً. ومن خلال هذه الإحصائيّة يتّضح أنّ عدد الطلبة في الجامعات يفوق بكثير عددهم في المعاهد الاختصاصيّة العالية، وعدد الطلبة في الجامعات الخاصّة والمعاهد اللاهوتيّة قليلٌ جدّاً مقارنة مع العدد الإجمالي للطلاّب. و يمكن للراغبين الحصول على المزيد حول هذه الإحصائيّات بالرّجوع إلى الموقع التالي :
www.higher-education-compass.de

و عن التكاليف والمصاريف:

فإنّ الدراسة في المعاهد والجامعات التقنيّة و المعاهد الخاصّة تتطلّب أقساطاً سنويّةً مرتفعة جدّاً تتراوح بين 12000 إلى 16000 يورو أمّا في الجامعات والمعاهد الحكوميّة فلا يوجد بشكلٍ عام رسومٌ دراسيّة وإنّما هناك ما يُسمّى بالرسم الفصلي والذي لا يتجاوز 150 يورو منها حوالى 80 يورو يحصل من خلالها الطالب على بطاقة المواصلات تمكّنه من استخدام المواصلات ضمن المدينة التي يدرس فيها ، أمّا القسم المتبقّي من رسوم الفصل فيتمّ استخدامه لأغراض أخرى مثل دعم المقصف الطلاّبي ودعم إدارة وحدات السكن الطلاّبي. و منذ حوالى سنتين ارتفعت بعض الأصوات السياسيّة تطالب برفع قيمة رسوم الفصل الدراسي ممّا أدّى إلى زيادتها فعلاً ، وقد جرى تحصيل الرسوم الجديدة في بعض الجامعات اعتباراً من العام الدراسي2004/2005 ،بحيث يبلغ الرسم الفصلي الجديد حوالى 500 يورو.
إنّ أبواب الدراسة الجامعيّة في ألمانيا مفتوحةٌ على مصراعيها لكلّ الراغبين ومن شتّى أنحاء العالم، و فيما يلي الوثائق وغير المعقّدة المطلوبة من الطالب ليتمكّن من دخول الأراضي الألمانيّة و من ثَمَّ الدراسة في جامعاتها:
 قبول دراسة في إحدى الجامعات أو قبول للاختصاص بعد الدراسة الجامعيّة.
 وثيقة إنهاء المرحلة الأولى من تعلّم اللغة الألمانيّة.
 جواز سفر نظامي مع فيزا نظاميّة لأغراض الدراسة.
أمّا الحصول على الفيزا الطلاّبيّة فإنّه يتطلّب تأمين الكفالة الماليّة وهناك وسيلتان لذلك:
 أن يقوم شخص منتج في ألمانيا بكفالة الطالب القادم .
 أن يقوم الطالب بتحويل مبلغ من المال قدره 6600 يورو وذلك إلى أحد البنوك الألمانيّة.
ويُصار إلى استرداد المبلغ ثانيةً لدى الدخول إلى ألمانيا ولكن على دفعات شهريّة ، بحيث لا تتجاوز الدفعة الواحدة /550 /يورو شهريّاً ،وبذلك تكون السلطات الألمانيّة قد ضمنت أنّ الطالب لديه من المال ما يكفيه مدّة سنة كاملة كحدٍّ أدنى، و ليتمكّن بعد ذلك الاعتماد على ذاته في تأمين مصاريفه الحياتيّة وبالتالي الدراسيّة. واستكمالاً ، عليه تقديم ما يلي:
 وثيقة تأمين صحّي.
 إيصال تسديد رسوم الفصل الدراسي.
ويمكن تفصيل جزئيّات مصاريف الطالب في ألمانيا والتي يمكن ألاّ تتجاوز مبلغ 400 يورو شهريّاً موزّعة وفق التالي:
مصاريف طعام وشراب 125 يورو
تأمين صحّي 40-50 يورو
أ- السكن في غرفة لشخصين ـ سكن جامعي 100 يورو
ب- السكن في غرفة لشخص واحد 180 يورو
نثريّات 50 يورو
رسوم الفصل الدراسي وبطاقة المواصلات 20 يورو

كما وتجدر الإشارة إلى أنّه يحقّ للطالب العمل في ألمانيا لمدّة ثلاثة أشهر سنويّاً . وفرص العمل متوفّرة والدليل الأوضح هو عشرات آلاف الطلاّب الأجانب الذين يعملون في ألمانيا وبالتالي يمكنهم متابعة الحياة فيها، وإذا ما تحلّى الطالب بالصبر والجدّيّة حصل على فرصة العمل تلك ، وبدخلٍ إجمالي يتراوح بين 3000 & 4000 يورو . وأمّا الطالب المتفوّق فيمكنه الحصول على عمل داخل الجامعة / أعمال طلابيّة متفرّقة ضمن المكتبة أو في القسم الذي يدرس فيه والعمل كمساعد باحث أو ما شابه ذلك/ بمعدّل 10 إلى 16 ساعة عمل أسبوعيّاً و على مدار السنة، وبدخلٍ شهريٍّ قدره وسطيّاً 400-700 يورو.

تمنح الجامعات الألمانيّة شهاداتٍ أكاديميّةً تُعرف باسم /الديبلوم الألماني / والتي تُقَارَن وبتفوّق مع الشهادات الممنوحة باسم / ماستر/ كما في الولايات المتّحدة الأميركيّة مثلاً ، كما تَمنح هذه الجامعات شهاداتٍ عاليةً بدرجة الدكتوراه ودرجة الأُستاذيّة وبموجبها يتمّ تأهيل حامليها للتدريس في الجامعة .

في السنوات الخمس الأخيرة تمّ إحداث مسارٍ دراسيٍّ جديدٍ / وذلك في بعض الاختصاصات التي مازالت نوعاً ما قليلةً/ بغية اختصار سنوات الدراسة ، فتصبح ثلاث أو أربع سنوات يُحدّدها الاختصاص و يُمنَح المتخرّج شهادة البكالوريوس والتي تُخَوّله إن رغب بمتابعة الدراسة لاحقاً مدّة سنتين والحصول على شهادة ماجيستير أو ما يُسمّى ماستر، و يُعتَبر هذا الاتّجاه جديداً بمعيارين : الأوّل هو منحه شهادة جديدة في ألمانيا و الثاني: هو محتواه الاختصاصي .
ومع هذا مازالت هناك أصوات علميّة كثيرة تطالب بالحدّ من هذا النموذج الدراسيّ وعدم توسيعه في الجامعات الألمانية ، والحجّة في ذلك أنّه مازال الديبلوم الألماني أرفع مستوىً وأكثر أكاديميةً من شهادة الماستر.

وقد كان نشوء هذه البرامج التعليميّة حاجةً اقتصاديّةً تسدُّ النقص بالخبرات العلميّة والتي تحتاج إليها الشركات الصناعيّة ، ومن جهة أخرى كان له هدفه السياسي والمتمثّل بمزيد من الانسجام العلميّ مع بلدان الاتّحاد الأوروبي .إن المحتوى الاختصاصي العلميّ لهذه البرامج يستمدّ حداثته من كونه نتاج تهجين ـ إن صحّ التعبير ـ مجموعةٍ من الاختصاصات بهدف الوصول إلى اختصاصٍ شاملٍ ودقيقٍ بآنٍ معاً كما هو الحال مثلاً بالاختصاص المسمّى ميكاترونيكا والذي هو نتاج دمج ثلاثة اختصاصات هي الهندسة الميكانيكيّة والكهربائيّة والمعلوماتيّة ، أيضاً كمثال اختصاص تحليل المعطيات والناتج عن دمج اختصاصاتٍ ثلاثة وهي الرياضيات ، علوم الإحصاء ، علوم الحاسوب. أو مثلاً اختصاص البيونيك وهو نتاج لكل من العلوم البيولوجية والهندسية.

من عمليّات الدمج هذه تستمد ألمانيا وجامعاتها استمراريتها و قدرتها على المنافسة، وتبقى بذلك المراكز العلمية الأكثر جذباً وعليه فلدى الدارس خيارات عدّة باختصاصات مختلفة، حتّى في أعمق الأمور النظرية وأكثرها دقّة ، ناهيك عن خيار انتقاء الدراسة بمعناها الجغرافي، فحيث يطيب له يكون !!
يجد الطالب في كلّ جامعة تقريبا كليّات الطبّ والعلوم الأساسيّة والهندسية والقانونيّة والزراعيّة والفنيّة الإنسانيّة، لكلّ جامعة اختصاص علميّ تتميّز به عن غيرها وهذا التوجّه يمثّل المحورالأساس في البحث العلميّ في الجامعة وبه تنطبع كافّة الاتجاهات الأكاديميّة الأخرى المتواجدة في الجامعة متكاملةً مع بعضها البعض، فعلى سبيل المثال :
إذا ما تميّزت جامعة تاريخيّا باختصاصها وتوجّهها البيئيّ ، تصبح مادّة البيئة القاسم المشترك بين معظم كليّات الجامعة رغم التباين الظاهري لتوجّهاتها العلمية ، وهنا ينبغي شرح ذلك بالمثال الإيضاحيّ التالي:

تتميّز كليّة الهندسة الميكانيكيّة في جامعة ما في ألمانيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تاريخيّاً وعلى امتداد عقود من الزمن ببحوثها العلميّة في مجال تصميم معدّات وأجهزة قياس بيئيّة وتطوير وسائل إنتاج بيئيّة وأدوات رفيقة للبيئة ، نتيجة هذا التميّز العلميّ وعلى التوازي يُفتتح قسم للدراسة في كليّة الاقتصاد باسم اقتصاد بيئيّ وعلى الأرجح قد يهتمّ هذا القسم بدراسة نظريات اقتصاد بيئيّة مثلاً ، وعلى التوالي سيكون هناك في الجامعة نفسها وفي كليّة العلوم السياسيّة قسم السياسة البيئيّة ، وفي كليّة التربية سيكون قسم التربية البيئيّة وبدورها كليّة الزراعة سوف تدعم هذا المحور الاختصاصي بقسم الزراعة البيئيّة، والهندسة الغذائيّة عبر قسم هندسة الغذاء البيئيّ ، والهندسة المدنيّة من خلال قسم التلوّث البيئيّ أو البيئة والتراث الحضاري ، وكليّة الطبّ من خلال قسم الصحّة والبيئة، والهندسة الكهربائيّة من خلال قسم البيئة والطاقات المتجدّدة ، وكليّة الحقوق عن طريق قسم القانون البيئيّ ، كليّة العلوم الطبيعيّة من خلال البيئة النهريّة أو البحريّة أو من خلال اهتمامها بالطبيعة والحيوان والنبات ، وهكذا تتناغم وتتكامل كافّة الكليّات ببحوثها وتوجّهاتها محقّقة بذلك شعار العلم والبحث العلميّ والتنمية المستدامة والذي هو الضمانة الأولى لمواصلة الارتقاء بمستوى الجامعات عن طريق ضمان الجودة الشاملة للعملية العلميّة والتعليميّة وتهيئتها للمنافسة في ساحة التعليم والبحث العلميّ ، وتمكينها من تصدير منتجات ثورتها العلميّة.

هذا ويجب التمييز في ألمانيا بين المراكز التعليميّة التالية:

1) الجامعات ـ الجامعات التقنيّة ـ الجامعات المشتركة.
2) المعاهد العليا الاختصاصيّة ـ التقنيّة ـ العامّة.
3) المعاهد العليا للفنّ والموسيقا و صناعة الفيلم.
4) المعاهد العليا للتربية.

في البدايات كانت الجامعات التقنيّة و المعاهد العالية التقنيّة تقتصر على تدريس الاختصاصات والموادّ التقنيّة ، ولمّا واكبتِ التطوّر والتقدّم شملت كافّة الاختصاصات مع حفاظها على كونها تقنيّة ، و يمكن أن نجد عروضاً دراسيّةً لدراسة العلوم الأدبيّة في هذه الجامعات التقنيّة شريطة أن تعمل هذه الكليّات بالتناغم والتوافق التقني السائد أي أنّه ينبغي على الكليّات التي أعلنت انضمامها أن تعلن أيضاً احترامها الاختصاصي التاريخي السائد وتعلن استعدادها للمشاركة والتقاطع والانسجام مع التوجّه التقني.
وكنتيجة حتميّة للتطوّر نشأت جامعات جديدة نسبيّاً عُرفت باسم الجامعات المشتركة كما هي مثلا جامعة / دويسبورغ- إيسن / وهذا التوجّه العلميّ جاء ليؤدّي أهدافاً مختلفة ، منها تغطيّة النقص في الكادر العلميّ والذي سيؤهّل الجامعة للمنافسة ، ولوقوع كلا الجامعتين على خطّ سفر واحد يفصل بينهما مدّة لا تتجاوز 15 دقيقة ، كما كان لهذا الاتّحاد أسبابه الاقتصاديّة أيضاً.

أمّا الدراسة في المعاهد الاختصاصيّة العالية فلا زالت حتّى اليوم غير واضحة المعالم لدى الطلبة الأجانب والذين يعلمون فقط عن الجامعات والجامعات التقنيّة، ذلك أنّ هذا الاتجاه الدراسي والذي هو تجربة وخصوصيّة ألمانيّة في التعليم العالي ذو عمرٍ حديثٍ نسبيّاً ، هذه الخصوصيّة كانت ثمرة النقاشات العلميّة والسياسيّة التي جرت أواخر الستينات ، فكان إنشاؤها خطوةً وضرورةً لا بدَّ منها ليتمكّن الاقتصاد الألماني من المنافسة في السوق العالميّة. وكان أعلن الاقتصاد المعمليّ ـ و مايزال ـ عن حاجته للرفد المستمرِّ بالمتخرجين والمهيّئين علميّا وعمليّاً والقادرين على حلّ المشاكل المصنعيّة بنجاحٍ وسرعةٍ بناءً على معارفَ أكاديميّةٍ. بموجب قانون التعليم العالي في ألمانيا عام 1976 تمّ ترقية هذه المعاهد الاختصاصيّة العالية إلى مستوى الجامعات من الناحية الإداريّة كما ضمن استقلاليّة هذه المعاهد ، ومنحها حريّة البحث العلميّ والتعليم. يوجد اليوم حوالى 150 معهد عال للاختصاص بالإضافة إلى حوالى 30 معهد خاصّ باعتراف حكومي.

حوالى أكثر من 485000 طالب وطالبة بينهم أكثر من 30000 من الطلاب الأجانب يدرسون في هذه المعاهد الاختصاصيّة دراساتٍ مختلفةً تبدأ بالعلوم الهندسيّة ولا تنتهي بالعلوم السياحيّة والفندقيّة. الشهادة الأكاديميّة التي يحصل عليها الطالب بعد دراسة ناجحة مدّة سبعة أو ثمانية فصول دراسيّة هي شهادة الديبلوم الألماني من الدرجة الثانية .
أكثر من ربع الطلاّب المبتدئين في الدراسة العليا يختارون الدراسة في المعاهد الاختصاصيّة
العالية حتّى أنّنا نجد أكثر من الثلث من حملة الشهادات في ألمانيا هم من خرّيجي هذه المعاهد العالية، وفي بعض الاختصاصات كما هو الحال في المهن الهندسيّة فإنّ أكثر من نصف عدد المتخرّجين كانوا أنهوا دراستهم في هذه المعاهد.
إنّ ما يعطي المعاهد الاختصاصيّة العليا جاذبيتها هو ضمان الوصول السريع نسبيّاً بخبرات عمليّة عالية المستوى إلى مواقع العمل في الاقتصاد الصناعي بشتّى مؤسّساته ، بالإضافة إلى تعميق الخبرات العمليّة أثناء الدراسة هناك أيضا إيجابيّات أخرى للدراسة كالتعلّم في مجموعات صغيرة نسبيّاً، كما أن النظام الامتحاني هو نظامٌ مرافقٌ للدراسة ، و المواد التدريسيّة بحدّ ذاتها مهيّأةٌ بالضروريات الأساسيّة لممارسة العمل المهنيّ ، ولكن هذا لا يعني في حال من الأحوال التخلّي عن الدقّة العلميّة ومتابعة آخر ما تمّ التوصّل إليه علميّاً على صعيدَي النظريّة والتطبيق، هذه الأسباب مجتمعة تساهم بتقليص مدّة الدراسة مقارنة مع الدراسة الأكاديميّة في الجامعات وفي الاختصاص ذاته، بجانب العمليّة التدريسيّة تساهم المعاهد الاختصاصيّة العالية بدورٍ كبيرٍ في عمليّة البحث العلميّ الموجّه مهنياً وتطبيقيّا ًو بما يتناسب والاحتياجات المصنعيّة .
مشاريع التخرّج في هذه المعاهد الاختصاصيّة هي في أغلب الأحيان حصيلة إشراف مشترك بين أكاديمييّ المعهد وخبراء الصناعة حيث أن كلّ مشروع هو إسهامٌ مباشرٌ في تطوير منتجٍ ما أو حلٍّ جزئيٍّ لمشكلةٍ اقتصاديّةٍ أو صناعيّةٍ أو إداريّةٍ .

تطرح هذه المعاهد أشكالاً متعدّدة للتعاون العلميّ مع جامعات البلدان الأخرى بالإضافة إلى تبادل الخبرات والطلاّب ، الطالب يملك الخيار والفرصة للدراسة مدّةَ فصلٍ أو إثنين في جامعة دولة أخرى مثلاً فرنسا، وبالتالي يحصل على ما يسمّى شهادة الديبلوم المضاعف أو وثيقة إضافيّة معتَرف بها في كلا البلدين ، رغم أنّ هذه المعاهد هي العمود الحامل لهيكليّة التعليم العالي في ألـمانيا إلاّ أنّ المتخّرجين لا يملكون الحقّ في الوصول مباشرة إلى دراسة الدكتوراه وعليهم بغية ذلك أن يدرسوا ثانية في الجامعة الألمانيّة ولمدّة أقلّها أربعة فصول دراسيّة يستكملون ما ينقصهم من معارفَ نظريّةٍ تؤهّلهم للبدء بالبحث العلميّ.

أخيراً آمل أن تُسهم هذه الشروحات المختصرة حول بعض قضايا التعليم العالي في ألـمانيا في السعي لنعيد النظر و بإمعان بمستقبلنا العلميّ. و لنتوجّه نحو جامعاتنا ومعاهدنا لإنقاذها من الضعف العلميّ والإداري الذي يعتريها والتركيز على أهميّة البحث العلميّ والتعليم العالي لنتمكّن بواسطتهما من الارتقاء العلميّ والفهم الصحيح والتعامل المنطقي مع الثورة العلميّة العالميّة و منجزاتها ولنتمكّن من فهم الفلسفة السياسيّة الاقتصاديّة الاجتماعيّة التربويّة الكامنة وراءها .
كما آمل أنّي استطعت ـ بما تقدّم حول التعليم العالي في ألـمانياـ توضيحَ وإن جزئيّاً بعضِ المحاورِ الهامّة في عمليّة العلم والتعلّم والتي يمكن تلخيصها وفق التالي:

 إبراز التطوّر الإداري الهائل للعمليّة العلميّة في ألـمانيا من خلال التناغم العلميّ الاقتصادي السياسي.
 إبراز أوجه التنسيق الداخلي ضمن الجامعة الواحدة.
 إبراز أهميّة علاقة الجامعة والمعهد العالي كمركز للعلم والبحث العلميّ بالمجتمع، وهو يعني بشكلٍ ما ربط الجامعة بالمجتمع وأود أن أشير أنّ هذا الشعار مطروح في سوريا إلاّ أنّه غير مفعّل بالشكل الصحيح .
 انخفاض عدد الجامعات الخاصّة والإقلال من أهميّة التعليم الخاصّ والذي لا يمكن مقارنته بالتعليم العامّ والمدعوم مباشرةً من المؤسّسات الحكوميّة .
 إعطاء فكرة أولية حول تكاليف الدراسة والاختصاص وكذلك تكاليف العيش في ألـمانيا .
 إعطاء معلومات وتوضيح قضايا إداريّة للطلاّب القادمين للدراسة في الجامعات الألمانيّة مّما قد يخفّف عنهم وطأة الارتباك والقلق المتزامن مع الدخول في تجربة جديدة ومختلفة بمعايير عدّة.

واللّه وليّ التوفيق



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة البيئية ومهامها الأساسية
- الفوائد البيئية و الإقتصادية الناجمة عن معالجة المخلفات العض ...
- الفوائد البيئية و الإقتصادية الناجمة عن معالجة المخلفات العض ...


المزيد.....




- ضحك الأطفال بكرتون القط والفأر..استقبال تردد قناة توم وجيري ...
- دراسة: ارتفاع عدد المصابين بمرض الزهري.. وأعراضهم غير مألوفة ...
- بسبب تدمير الاحتلال محطات التحلية.. معاناة الحصول على المياه ...
- الحزب الحاكم في تركيا يلقي باللوم في خسارته على مواقع التواص ...
- فرنسا مستعدة لـ-تمويل البنية التحتية- لنقل الطاقة النظيفة من ...
- رسميًّا.. بأي عمر يعتبر الشخص -كبيرا بالسن-؟
- الإمارات تستقبل 25 من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرط ...
- فرحهم بمشاهدة أحلى كرتون للأطفال..حدث تردد قناة تنة ورنة على ...
- في تشيلي.. صحراء أتاكاما مكب نفايات للملابس العالمية!!
- خطر فضائي .. العثور على بكتيريا متحورة في محطة الفضاء الدولي ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - علي دريوسي - حول التعليم العالي في ألمانيا