علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 1143 - 2005 / 3 / 21 - 12:44
المحور:
الطب , والعلوم
بعد أن تم التعريف بماهية التكنولوجيا النانوية (1) سنحاول في هذا المقال إتمام ما بدأناه و ذلك من خلال استعراض بعضاً من الحقول التي يتم فيها دراسة إمكانيات تطبيقها .
لقد نجح الباحثون في مركز البحث العلمي (فراونهوفر) في مدينة فورتسبورغ الألمانية باكتشاف وسيلة نانوية لدائنية لمعالجة السطوح شديدة القذارة والتي لا يمكن تنظيفها بالوسائل المتاحة و هذا ما يفتح آفاقاً جديدة في تقنيات تنظيف الحمامات و دورات المياه العامة و الخاصة و بهذا يكون قد أصاب الهدف من تنبأ بأن كل أشكال العمل في المجتمع العلمي المتقدم بما فيها تنظيف دورات المياه ستكون ذات قيمة وسيتم الإقبال على ممارستها بمرح حقيقي و دون تذمر و ذلك لأن التطورالعلمي الهائل سيوفر إمكانيات تقنية عالية لممارسة الأعمال الروتينية . و على التوازي نجح اليابانيون بإنتاج مسحوق نانوي عبارة عن ذرات ذهبية دقيقة للغاية و ذلك لأجل تنظيف دورات المياه دون تقديم جهد إضافي .
في معهد تطوير المواد الجديدة في مدينة ساربروكن الألمانية تم اكتشاف و سيلة نانوية جديدة بغية حفظ المخطوطات القديمة و حمايتها من التلف و تأثير العوامل الخارجية . و في معاهد أخرى تم تطوير مراهم و قائية جديدة بالاعتماد على الجزيئات النانوية و ذلك لاستخدامها للجسد و الوجه و اليدين و التي تضمن حماية البشرة على النحو الأفضل من تأثيرات المحيط الخارجي . و في المجال الغذائي يتم تطوير مساحيق غذائية نانوية لإضافتها إلى المادة الغذائية الأساسية بغية تحسين خواصها و مذاقها و لونها .
في عالم المادة النانوية سيكون للمواد المنتجة خواصها الجديدة مثل خواص التجدد الذاتي و خواص الترابط الجزيئي بين مواد نانوية متباينة . مادة الكيراميك قد تسلك سلوك المادة الزجاجية لتصبح شفافة و قد يصبح الزجاج لدناً مثل مادة لاصقة ، و سيصبح للمعادن القدرة على فقدان و استعادة خواصها المغناطيسية بشكل ذاتي .
و في عالم الميكانيك الهندسي حقق الباحثون نتائج مذهلة في مجال السيطرة على عمليات الاهتراء و الصدأ و التآكل الميكانيكي و الكيميائي و كذلك في مجال التغلب على ضياعات الاحتكاك الميكانيكي و بالتالي الاستغناء عن مواد التزييت و التشحيم ، و هذا ما يساعد على إطالة عمر العنصر الآلي و زيادة مردودية الميكانيزمات العاملة .
في شركات صناعة السيارات و بالتعاون مع الجامعات تتم دراسة استخدام طرق و مواد نانوية جديدة في مجالات الطلاء و التغليف و العزل و الذي له تأثيراته الإيجابية في حماية الركاب من الإشعاعات و كذلك المساهمة في تخفيف وزن العربات و زيادة صلادتها و بالتالي تخفيض مصروفها من الوقود . هناك العديد من الأبحاث في مجال تطوير و تصنيع عجلات السيارات و التي ستكون لها خاصية التلاؤم الأتوماتيكي مع ظررف الطقس و طبيعة الأرض و العوامل الخارجية الأخرى .
بواسطة الليزر النانوي و الحساسات النانوية يتم دراسة تشغيل المواد المعدنية و التحكم في البنية البلورية للمادة المراد تشغيلها و بأماكن توضع الذرات بهدف تغيير الطبقات السطحية للمواد .
بمساعدة التكنولوجيا النانوية يتم تحسين خلايا مواد الاحتراق و خلايا تخزين الطاقة الشمسية و البطاريات و هذا ما ينعكس بشكل إيجابي على مردود الطاقات البديلة و اكتشاف إمكانيات طاقية بديلة جديدة والتي ستكون في المستقبل القريب البديل الحقيقي للطاقة الاحفورية .
الكثير من المشاكل الرياضياتية المستعصية و التي لم يمكن حلها حتى اليوم ستجد الحل المناسب مع التطور النانوي نظراً للتطور السريع في مجال الأجهزة الحاسوبية ذات المعالجات النانوية و وسائط التخزين ذات القدرات الفائقة و الوسائط المساعدة على إيجاد و تطوير الحلول . لقد كان الباحثون الألمان في مدينة هامبورغ الأوائل اللذين استطاعوا تخزين المعلومات في ذرات قليلة و قراءتها ، و إذا ما استمر النجاح في هذا الاتجاه فإنه سيصبح قريباً من الممكن تخزين كل ما تم إنتاجه من الأدب العالمي على رقاقة بحجم الطابع البريدي .
لقد فتحت التكنولوجيا النانوية آفاقاً جديدة في المجال الطبي و الجراحي ، هناك دراسات عديدة من أجل تطوير روبوتات نانوية والتي يمكن إرسالها إلى الجسد للتعرف على الخلايا المريضة و ترميمها و كذلك للتعرف على محرضات الأمراض و معالجة الأمراض المستعصية والأورام الخبيثة . و في عالم الأدوية سيكون للروبوت النانوي مساهمته عن طريق إيصال الحقنة الدوائية إلى المكان المراد معالجته تماماً و بالتركيز الدوائي المطلوب دون ضياعات .
أما في المجال العسكري فإن الدعم المالي للأبحاث النانوية أصبح أمراً بديهياً ، قبل حوالي عامين تم في الولايات المتحدة الأمريكية و بمبلغ تم تقديره بأكثر من 50 مليون دولار أمريكي تأسيس معهد البحوث التكنونانوية العسكرية
(Institute for soldier Nanotechnologies) (ISN)
جندي المستقبل سوف يرتدي بذة عسكرية ذكية مصنوعة من مواد تكنونانوية و مجهزة كومبيوترياً و التي ستقيه من الحرارة و البرودة و الإشعاع و موجات الضغط و في الوقت نفسه خفيفة الوزن و مريحة في التنقل . هناك تجارب و دراسات حول إمكانية تلاؤم الجنود مع المحيط الذي يتعاملون معه مثل إمكانيات القفز عبر جدران عالية و إمكانية المعالجة الذاتية للجروح .
إن الأمثلة التي تم طرحها فيما سبق لا تشكل سوى غيض من فيض تطبيقات التكنولوجيا النانوية و التي بدأت برسم ملامح المستقبل القادم ، و كما هو الحال في كافة التقنيات الجديدة يجب الاهتمام بمتابعة التطور التكنونانوي و تأثيراته الخطرة الممكنة والتي مازالت مجهولة على البيئة و صحة الإنسان ، و في هذا السياق بدأت تظهر منذ سنوات قليلة محاولات لتأسيس معاهد جديدة بمحاور بحث رئيسية مثل علوم هندسة دراسة الأخطار في مجال المواد النانوية و علم التحليل النانوي و الذي يهتم بدراسة هياكل و شبكات ذات مقاييس ذرية و قياس الخواص الميكانيكية و التركيب الكيميائي للجزيئات النانوية .
انتهى القسم الثاني......
في المقطع الثالث و الآخير سوف تتم مناقشة الأخطار البيئية للتكنولوجيا النانوية .
شكراُ للقراءة....
(1) تم نشر المقال الأول بعنوان الكوسموس التكنونانوي ـ1ـ
الحوار المتمدن - العدد: 1130 - 2005 / 3 / 7
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟